الله أكبر،الله أكبر،لا إله إلا الله ، والله أكبر، والحمدلله رب العالمين ، اللهم لك الشرف
على كل شرف ، ثم تقول : خرجت بحول الله وقوته ، بغير حول مني ولا قوة، لكن بحول
الله وقوته ، برئت اليك يا رب من الحول والقوة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا
وبركة أهله ، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع ، رزقاً حلالاً طيباً تسوقه إلي وأنا
خافض في عافية بقوتك وقدرتك ، اللهم سرت في سفري هذا بلا ثقة مني لغيرك ، ولا
رجاء لسواك ، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ، ووفقني لطاعتك وعبادتك ، حتى
ترضى وبعد الرضا
(1).
الفصل الثاني : فيما نذكره من العبور على القناطر والجسور، وما في ذلك من
الامور.

إعلم أن الإنسان على نفسه بصيرة، ونفسه لله ـ جل جلاله - وهي في يد العبد
أمانة يجب حفظها لمالكها من الأخطار الكثيرة واليسيرة، فإذا وصل إلى قنطرة أو جسر
مخوف ، فينزل إن كان راكباً عن دابته ، ويستظهر في سلامته ، ولا يمتنع من النزول إما
للكسل أو للرياء والسمعة، حتى لا يراه أحد قد نزل ، أو لئلا يقال : إنه ذليل أو ضعيف
أو جبان ، فإن الاحتياط للسلامة والأمان اليق بالعاقل الكامل ، من أن يرضى بركوب
الخطر من النقصان والتفريط بنفسه ، التي هي أمانة لمولاه ، وإنه - جل جلاله - مسائله
عن حفظها يوم يلقاه .

وأما ما يقول المسافر من الأذكار، فقد روي أن على كل قنطرة شيطاناً للعبث
بالإنسان ، فيقول : بسم الله ، اللهم ادحر عني الشيطان .

هذا لفظ ما رويناه ، وإن شاء أن يقول زيادة على ماذكرناه : اللهم إن
الشياطين والأشرارمن الجن الروحانيين ، يروني وأنا لا أراهم ، وأنت تراهم ولا يصح
أن يروك ، وقد جعلت - يا الله - في مقابلة رؤيتهم لي وأنا لا أراهم، رؤيتك لهم ولا
يرونك ، فامنعهم بعلمك بهم ورؤيتك لهم عن أذيتنا، وبقدرتك عن تغيير ما وهبتنا من
نعمتك ، برحمتك وعنايتك ، وخفف عنا
(2)بذلك عقاب معصيتك ، وأن يشغلونا عن
____________
(1) البحار 76 : 254|49.
(2) في «د» و«ط»: عنهم .
( 114 )
طاعتك ، وتول عبورنا على هذه القناطر بأمرك ونصرك الباهرالقاهر، وعفوك
الشامل
(1) الغامر، وإحسانك في الباطن والظاهر، إنك أرحم الراحمين وأكرم الاكرمين .
الفصل الثالث : فيما نذكره مما يتفاءل به المسافر، ويخاف الخطر منه ، وما يدفع
ذلك عنه .

روينا من كتاب (من لايحضره الفقيه) بإسناده إلى أبي الحسن مولانا موسى بن
جعفرعليه السلام قال : «الشؤم للمسافر في طريقه في خمسة : الغراب الناعق عن يمينه
الناشر لذنبه ، والمذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل ، وهومقع
(2) على ذنبه يعوي
ثم يرتفع ثم ينخفض - ثلاثا - والظبي السانح من يمين إلى شمال ، والبومة الصارخة،
والمرأة الشمطاء تلقى
(3) فرجها ، والأتان العضباء - يعني الجدعاء ، وفي رواية (كتاب
المحاسن): والأتان الجدعاء يعني العضباء- فن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل :
اعتصمت بك - يا رب - من شر ما أحذر
(4)في نفسي فاعصمني من ذلك . قال :
فيعصمه
(5)من ذلك » وزاد في كتاب المحاسن إن شاء الله.

وكذا وجدنا في الروايتين (خمسة) وهي ستة، فلعله من غلط الناسخ أو
الرواة
(6) .
*
*
*
____________
(1) في «ش» زيادة : الكامل .
(2) أقعى الكلب وغيره : إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصباً يديه . «الصحاح - قعا - 6: 2465».
(3) لعل صحته (تلقاء) كما في المحاسن ، والمعنى ما فسره به المجلسي الأول رحمه الله في روضة المتقين 4 : 199،
أي تجئ إليك أو تذهب إليها. يعني تقابلك عينا بعين .
(4) في «ش» : ما أجد.
(5) في «ش» زيادة : الله .
(6) الفقيه 2 : 175|780 ، المحاسن : 348|21 .
( 115 )
الباب التاسع :

فيما نذكره إذا كان سفره في سفينة أو عبوره فيها، وما يفتح علينا من
مهماتها ، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيها نذكره عند نزوله في السفينة .

روينا أنه إذا ركب في سفينة فيكبر الله - جل جلاله - مائة تكبيرة، ويصلي على
محمد وآل محمد- صلوات الله عليه وعليهم - مائة مرة ، ويلعن ظالمي آل محمد
- عليهم السلام - مائة مرة، ويقول : بسم الله وبالله ، والصلاة على رسول الله صلى الله
عليه وآله وعلى الصادقين ، اللهم أحسن مسيرنا، وعظم أجورنا، اللهم بك انتشرنا،
وإليك توجهنا، وبك امنا، وبحبلك
(1)اعتصمنا، وعليك توكلنا. اللهم أنت ثقتنا
ورجاؤنا وناصرنا، لا تحل بنا ما لا نحب ، اللهم بك نحل وبك نسير، اللهم خل سبيلنا،
وأعظم عافيتنا، أنت الخليفة في الأهل والمال ، وأنت الحامل في
(2) الماء وعلى الظهر،
وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ، وما قدروا الله حق قدره
والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما
يشركون ، اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، فأنت سيدي أكرم
مزور، وأكرم مقصود، وقد جعلت لكل زائر كرامة، ولكل وافد تحفة، فأسألك أن تجعل
تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار، واشكرسعيي ، وارحم مسيري من أهلي ، بغير من
مني عليك ، بل لك المنة علي ، إذ جعلت لي سبيلا إلى زيارة وليك ، وعرفتني فضله ،
وحفظتني في ليلي ونهاري حتى بلغتني هذا المكان ، وقد رجوتك فلا تقطع رجائي ،
وأملتك فلا تخيب أملي ، واجعل مسيري هذا كفارة لذنوبي، يا أرحم الراحمين
(3).

أقول : وإن كان قصده بركوب السفينة غير الزيارة، فيغير اللفظ بما يليق بسفره
من العبارة .
____________
(1) في «ش»: وبحلمك .
(2) في «ش»: على .
(3) البحار 76: 255|50
( 116 )
الفصل الثاني : فيما نذكره من الانشاء، عند ركوب السفينة والسفر في الماء.

يقول : اللهم إنك قلت :(
هو الذي يسيركم في البر والبحر)
(1) وحيث كنت
- يا أرحم الراحمين ، وأكرم الأكرمين - المتولي لتسييرنا، فكن اللهم المتولي لحسن
تدبيرنا ، وكمال سرورنا ، ودفع محذورنا ، والرحمة لنا ، والعناية بنا في جميع أمورنا ، ومدنا
في تسييرك في
(2) البحر، في السر والجهر، بالنصر وجبر الكسر وشد الأزر، وصلاح
الأمر، والبر واليسر، برحمتك يا أرحم الراحمين .

أقول : ورأيت في (أخبار الأخيارعند ركوب البحار) أن الريح عصفت بهم
حتى أشرفوا على الهلاك ، وعجزوا عن الاستدراك ، فقالوا لواحد منهم يثقون بدينه
ويعرفون قوة يقينه : ادع لنا بالسلامة، فقال : أنا لا اعارض الله تعالى في ملكه وفلكه .
فقالوا : إن لم تتداركنا بأدعيتك وشفاعتك ، وإلا ذهبت أدياننا وأبداننا . فنظر إلى البحر
وقال : اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك . فسكن البحر.

فقال له بعض أصحابه : كيف وصلتم إلى هذا الحال من تعجيل إجابة
السؤال ؟ قال : إنا تركنا لله - جل جلاله - ما نريد نحن ، لأجل ما يريد هو- جل جلاله -
فصار إذا عرضت إليه حاجة - جل جلاله - ترك ما يريد هو لأجل ما نريد نحن .

أقول : وحدثني أبوالفخر بن قرة - رحمه الله - وكان رجلا صالحاً، أنه ركب في
بعض مراكب البحار، فأشرف أهل المركب على الأخطار لقوة الرياح ، وكان معهم
رجل معروف بالصلاح ، فاستغاثوا به ، فكتب في رقعة لطيفة شيئا ورماه في الجحر،
فسكن الهواء وزال الابتلاء، فاجتهدنا أن يعرفنا ما كتب فامتنع من ذلك ، وخرجنا من
المركب ، وتبعته من بلد إلى بلد ليعرفني ما كتب ، فلما الححت عليه قال : والله ما كتبت
غيرسورة(
قل هو الله احد).

أقول أنا : ولا ريب أنه كتبها بالاخلاص فكانت سبب الخلاص ، ولو كتب
اسم الله الأعظم الأرحم الاكرم ، لكفى في النجاة والظفر بالعز والجاه .
____________
(1) يونس 10 : 22 .
(2) في «ش» زيا دة : البرو.
( 117 )
الفصل الثالث : في النجاة في السفينة بآيات من القران ، نذكرها ليقتدي بها أهل
الإيمان .

ورأيت في المجلد السابع من (معجم البلدان) للحموي ، في ترجمة محمد بن
السائب الكلبي ، ما هذا لفظه : وحدث هشام عن أبيه محمد بن السائب قال : كنت يوماً
بالحيرة، فوثب الي رجل فقال : أنت الكلبي ؟ قلت : نعم ، قال : مفسر القرآن ؟ قلت :
نعم ، قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل (
واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين
لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا)
(1)ماذلك القران الذي كان رسول الله صلى الله عليه
وآله إذا قرأه حجب عن عدوه من الجن والإنس ؟

قال ، قلت : لا أدري ، قال : فتفسر القران وأنت لا تعلمه .

قلت : أخبرني ، قال : اية من الكهف ، وآية من الجاثية، وآية في النحل . قلت :
الآيات في هذه السور كثيرة، فقال : قوله تعالى (
افرايت من آتخذ الهه هواه واضله
آلله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله
افلا تذكرون )
(2) و قوله عزوجل : (
ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسي
ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقراً وان تدعهم
الى الهدى فلن يهتدوا اذا أبدا)
(3) و قوله تعالى : (
أولئك الذين طبع الله على قلوبهم
وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون )
(4).

ثم التفت فلم أره ، فكأنما ابتلعته الأرض ، فصرت إلى مجلس من مجالسي
فتحدثت بهذا الحديث .

فلما كان بعد مدة صار إلي رجل ممن حضر مجلسي ، فقال لي : خرجت من
الكوفة أريد بغداد وخرجت معي سفائن ست ، وكانت سفينتي السابعة، فقرأت هذه
____________
(1) الإسراء 17 : 45 .
(2) الجاثية 45 : 23 .
(3) الكهف 57:18.
(4) النحل 16 : 108 .
( 118 )
الآيات في سفينتي فنجوت وقطع الست .

قال وضرب ألدهرضربانه
(1)، وأتاني رجل بعد سنين كثيرة فسلم علي وقال :
أنا عتيقك ومولاك ، قال ، قلت : كيف يكون ذلك وأنت رجل من العرب ؟ قال :
غزوت الديلم فاسرت فكنت فيهم عشر سنين ، فذكرت الآيات فقرأتها، فخرجت
أرسف في قيودي ، ومررت على الموكلة بنا من السجانين وغيرهم ، فما عرض لي أحد منهم
حتى صرت إلى بلاد الإسلام ، فأنا عتيقك ومولاك
(2).
الفصل الرابع : فيما نذكره مما يمكن أن يكون سبباً لما قدمناه ، من الصلاة على
محمد واله - صلوات الله عليهم - عند ركوب السفينة للسلامة، واللعن لأعدائهم من أهل
الندامة .

رويت عن شيخي محمد بن النجار، متقدم أهل الحديث بالمدرسة المستنصرية،
وكان محافظاً على مقتضى عقيدته ، فيما رواه لنا من الأخبار النبوية، من كتابه الذي
جعله تذييلا على (تاريخ الخطيب) فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي - أبي محمد
العلوي - ماهذا لفظه : حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد
الرامهرمزي ، وأبي عبدالله الغالبي ، وبكر بن أحمد بن مخلد. روى عنه أبوعبدالله
الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي ، أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن
بختيار الواسطي قال : كتب إلي أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الهمداني قال : أخبرنا
السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي - بقراءتي عليه بجرجان - قال :
حدثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي - ببغداد في شهر رمضان من سنة
خمس وعشرين وأربعمائة - قال : حدثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن
خلاد، وبكر بن أحمد بن مخلد، وأبو عبدالله الغالبي قالوا: حدثنا محمد بن هارون
المنصوري العباسي ، حدثنا أحمد بن شاكر، حدثنا يحيى بن أكثم القاضي ، حدثنا
المأمون ، عن عطية العوفي ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله
عليه وآله أنه قال : «لما أراد الله - عز وجل - أن يهلك قوم نوح عليه السلام أوحى الله
____________
(1) ضرب الدهر ضربانه : مضى «القاموس المحيط - ضرب - 1 : 95».
(2) البحار 76 :255 .
( 119 )
إليه ، أن شق ألواح الساج ، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها، فهبط جبرئيل عليه السلام
فأراه هيئة السفينة، ومعه تابوت فيه مائة الف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار،
فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير، فضرب بيده إلى مسمار منها
فأشرق في يده وأضاء، كما يضيء الكوكب الدري في افق السماء، فتحير من ذلك نوح ،
فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق فقال : على اسم خير الأنبياء محمد بن عبدالله ،
فهبط عليه جبرئيل فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمارالذي ما رأيت مثله ؟ قال : هذا
باسم خير الأولين والاخرين محمد بن عبدالله، أسمره في أولها على جانب السفينة اليمين .
ثم ضرب بيده على مسمار ثان ، فأشرق وأنار، فقال نوح : وما هذا المسمار؟
قال : مسمار آخيه وابن عمه علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة اليسار في
أولها .

ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث ، فزهر وأشرق وأنار، فقال : (هذا مسمار)
(1)
فاطمة، فأسمره إلى جانب مسمار أبيها .

ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع ، فزهر وأنار فقال : (هذا مسمار)
(2) الحسن ، فأسمره
إلى جانب مسمار أبيه .

ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس ، فأشرق وأنار وبكى ، فقال : يا جبرئيل ما
هذه النداوة ؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء، فأسمره إلى جانب
مسمار أخيه .

ثم قال النبي صلى الله عليه واله : (
وحملناه على ذات الواح ودسر)
(3)قال النيي
صلى الله عليه واله : الألواح خشب السفينة، ونحن الدسر، لولانا ما سارت السفينة
بأهلها»
(4).

يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس ، مصنف
____________
(1) في «ش»: ما هذا المسمار، فقال جبرئيل : هذا مسمار باسم .
(2) في «ش»: ما هذا المسمار، قال : هذا باسم .
(3) القمر 54: 13 .
(4) البحار 26 : 332|14 .
( 120 )
هذا الكتاب : وإنما ذكرت هذا الحديث ، لأنه برواية محمد بن النجار، الذي هو من
أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم ، وممن لايتهم فيما يرويه من فضائل
أهل البيت عليهم السلام وعلو مقاماتهم ، وما رأيته ولا رويته من طريق شيعتهم إلى
الآن .

وإذا كان نجاة سفينة نوح بأهلها، وهم أصل كل من بقى من ولد آدم
- صلوات الله عليه - فلا عجب إذا صلى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة، شكرا
لعلو مقاماتهم ، وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم ، وإن اختار كل من ركب في سفينة
وخاف من أخطارها ومعاطبها، أن يكتب على جوانبها ، في المواضع التي كانت أسماؤهم
في سفينة نوح - سلام الله عليه - توسلاً وتوصلاً في الظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح
إليه ، أو يكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه ، فلا يبعد من فضل الله
- جل جلاله - أن يظفره بمطلوبه ، و إدراك محبوبه ، إن شاء الله تعالى .
الفصل الخامس : فيما نذكره من دعاء دعا به من سقط من مركب في البحار،
فنجاه الله تعالى من تلك الأخطار.

وجدت في كتاب (المستغيثين) بإسناده أن رجلاً كان في مركب فسقط في
البحر، فقال ثلاث مرات : يا حي لا إله إلا أنت . فسمع أهل المركب مناديا
ينادي : لبيك لبيك ، نعم الرب ناديت . ثم اختطف من البحر.

فصل : وقد عرفت أن يونس بن متى عليه السلام لما قال في البحر(
لا اله الا
انت سبحانك اني كنت من الظالمين )
(1)نجاه الله برحمته إنه أرحم الراحمين ، فقل كما
قال فإنه - جل جلاله - قال (
وكذلك ننجي المؤمنين )
(3).
الفصل السادس : فيما نذكره من دعاء ذكر في تاريخ ، أن المسلمين دعوا به ،
فجازوا على بحر وظفروا بالمحاربين .

وهو: يا أرحم الراحمين ، يا كريم يا حليم ، يا أحد يا صمد، يا حي يا محيي
الموتى، يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، يا ربنا.
____________
(1) الأنبياء 21: 87.
(2) الأنبياء 21: 88.
( 121 )
الفصل السابع : فيما نذكره عن مولانا علي- صلوات الله عليه - عند خوف الغرق ،
فيسلم مما يخاف عليه .

يقرأ: (
الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى آلصالحين )
(1) (
وما قدروا الله حق
قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوبات بيمينه سبحانه
وتعالى عما يشركون )
(2)(3).

أقول : وقد ذكر الله - جل جلاله - في حال الخائفين من الغرق في البحار، وأن
الإخلاص في الدعاء كان سبب نجاتهم من الماء والهواء، فقال جل جلاله : (
فاذا ركبوا
في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون )
(4)
فالمهم الإخلاص في الدعاء لمن يقول للشيء كن فيكون
(5).
الفصل الثامن : فيما نذكره عند الضلال في الطرقات بمقتضى الروايات .

روينا عن أحمد بن محمد البرقي من (كتاب المحاسن) في باب دعاء الضال عن
الطريق ، بإسناده عن [علي بن]
(6) أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : «إذا ضللت في الطريق فناد : يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى الطريق
رحمكم الله».

قال عبيد بن الحسين الزرندي : فأصابنا ذلك ، فأمرنا بعض من معنا أن يتنحى
وينادي ، قال : فتنحى ونادى ثم أتانا فأخبرنا أنه سمع صوتا دقيقاً يقول : الطريق يمنة
____________
(1) الأعراف 7 : 196 .
(2) الزمر 39 : 67 .
(3) الكافي 2 : 457|21 .
(4) العنكبوت 29: 65 .
(5) في «ش» زيادة: ويكتب لكل هم ومحنة هذه الرقعة، وترسل في الماء الجاري ، وإن كان في يوم الجمعة بعد
ألصلاة فهو أبلغ وأنجح ، وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من العبد الضعيف الذليل ، إلى المولى القوي
الجليل ، ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، واكشف عني ضر ما أنا فيه واكشف عني همي . وفرج
غمي ، بحق محمد وآل محمد، الطيبين الطاهرين .
(6) أثبتناه من المصدر
( 122 )
- أو قال يسرة - فوجدناه كما قال
(1).

كذا وجدنا الحديث (يا صالح أويا أبا صالح) ويكون السهو من الراوي ،
وكذا قوله (الطريق يمنة أو يسرة) ويكون الشك ممن رواه .

ومن الكتاب قال : حدثني أبي : أنهم حادوا عن الطريق بالبادية، ففعلنا ذلك
فأرشدونا وقال صاحبنا : سمعت صوتاً دقيقا يقول : الطريق إلى يمنة، فأخبرني ولم يخبر
الجماعة، فقلت : خذوا يمنة، فأخذنا يمنة فما سرنا إلا قليلا حتى عارضنا الطريق
(2)(3).

ومن ذلك بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «من
نفرت به دابة فقال هذه الكلمات : يا عباد الله
(4) الصالحين أمسكوا علي رحمكم الله ، يا
نارفي ع ح ويا ه ا ه ح ».

قال : ثم قال أبو جعفرعليه السلام : «إن البر موكل به ارع ح والبحر موكل به ه
و م ح».

قال : قال عمر بن عبدالعزيز- أحد رواة الحديث - فقلت : أنا فعلت ذلك في
بغال ضلت فجمعها لي
(5) .

ومن ذلك بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنت مع أبي جعفرعليه السلام
فضل بعيري ، فقال : «صل ركعتين ، وقل كما أقول : اللهم راد الضالة، هادياً من
الضلالة، رد علي ضالتي ، فإنها من فضل الله وعطائه» ثم إن أبا جعفر عليه السلام أمر
غلامه فشد على بعير من إبله محمله ثم قال : «يا أبا عبيدة، تعال اركب» فركبت مع
أبي جعفر فلما سرنا فإذا سواد على الطريق فقال : «يا أبا عبيدة هذا بعيرك» فإذا هو
____________
(1) المحاسن : 362|98 .
(2) المحاسن : 363 .
(3) في «ش» زيادة : وينبغي أن يقول هذه الكلمات المتحير في الطرقات والمبتلى ببلاء ولا قبل له به : يا فارس
الحجاز أدركني أدركني ، يا أبا صالح المهدي أدركني أدركني، يا أبا الحسن أدركني أدركني ، فيأمر عليه السلام
بخلاصك من ذلك البلاء ، ويهديك الى سواء السبيل.
(4) في «ش» زيادة : المخلصين .
(5) المحاسن : 363|99 .
( 123 )
بعيري
(1).

أقول : وروي عن الصادق عليه السلام : «إن البر موكل به صالح ، والبحر
موكل به حمزة»
(2).

وروى البرقي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : «إذا أخطأتم الطريق
فتيامنوا»
(3).

أقول : وإن احتاج إلى القرعة أو الاست خارة في معرفة الطريق ، فإنه من
التوفيق.
الفصل التاسع : فيما نذكره من تصديق صاحب الرسالة، أن في الأرض من الجن
من يدل على الطريق عند الضلالة .

روينا ذلك من (كتاب المحاسن ) بإسناده عن عمر بن يزيد قال : ضللنا سنة
من السنين - ونحن في طريق مكة- فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده ، فلما أن
كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا، فتحنطنا وتكفنا بازرنا - ازر إحرامنا - فقام
رجل منا فنادى : يا صالح يا أبا الحسن ، فأجابه مجيب من بعد، فقلنا : من أنت يرحمك
الله ؟ فقال : أنا من النفر الذين قال الله تعالى في كتابه :(
واذ صرفنا اليك نفراً من الجن
يستمعون القرآن )
(4) إلى آخر الآيات ، ولم يبق منهم غيري ، وأنا مرشد الضلال من
الطريق، قال : فلم نزل نتبع الصوت حتى خرجنا إلى الطريق
(5) .

أقول : ورأيت بخط جدي المسعود ورام بن أبي فراس - قدس الله جل جلاله
روحه ونور ضريحه - في المعنى الذي ذكرناه ، ما هذا لفظ ما وجدناه : وروي عن محمد بن
علي الباقر عليهما السلام أن قوما خرجوا في سفر، فتوسطوا مفازة في يوم قائظ ، فهجر
(6)
____________
(1) المحاسن : 363|101.
(2) الفقيه 2 : 195|886 .
(3) المحاسن : 362|97 .
(4) الأحقاف 46 : 29 .
(5) المحاسن : 379|158 .
(6) الهجير والهاجرة: شدة الحر وسط النهار. «الصحاح هجر 3 : 851».
( 124 )
عليهم النهار وقد نفد الماء والزاد، فأشرفوا على الهلكة عطشاً، فتلقوا
(1)اصول الشجر، فإذا
رجل عليه (بياض الثياب وقف )
(2)عليهم فقال : سلام ، فقالوا: سلام ، قال : ما
حالكم ؟ قالوا : ما ترى، قال : أبشروا بالسلامة، فإني رجل من الجن ، أسلمت على
يدأبي القاسم محمد - صلوات الله عليه وآله - فسمعته يقول : المؤمن أخو المؤمن ، عينه
ودليله ، فما كنتم لتهلكوا بحضرتي اتلوني ، قال : فتلوناه
(3)فأوردنا على ماء وكلاً، فأخذنا
حاجتنا ومضينا.

أقول أنا : وهذا من معجزاته عليه السلام وكراماته
(4) .
الفصل العاشر: فيما نذكره إذا خاف في طريقه من الأعداء واللصوص ، وهومن
أدعية السر المنصوص .

يا آخذاً بنواصي خلقه ، والسافع
(5) بها إلى قدرته ، والمنفذ فيها حكمه ، وخالقها
وجاعل قضائه لها غالبا، إني مكيد لضعفي ، ولقوتك على من كادني ، تعرضت [ لك]
(6)
فإن حلت بيني وبينهم فذلك ما أرجو، وإن أسلمتني إليهم غيروا ما بي من نعمتك ،
يا خير المنعمين لا تجعل أحدا مغيرا نعمك التي أنعمت بها علي سواك ، ولا تغيرها، أنت
ربي، وقد ترى الذي نزل بيني ، فحل بيني وبين شرهم ، بحق ما به تستجيب الدعاء ، يا الله
رب العالمين»
(7).
____________
(1) كذا في «د»، وفوقها بخط أدق «فاقوا»، والمعنى واحد ، فإن في اصول الشجر نداوة وظلاً يهون عليهم حر
العطش شيئاً ما .
تلقى اصول الشجر: واجهها بوجهه .
أم اصول الشجر: قصدها. وقد وردت في «ش» و «ط»: فبلغوا.
(2) في «ش»: ثياب بيض فوقف .
(3) كذا في «ش»، و في «د» فتليناه .
(4) البحار 76: 257|51.
(5) في «د» و «ش» و «ط»: السائق ، وما أثبتناه من البحار، وسفع بناصبته : جره بها. «الصحاح - سفع -
3 : 1230» .
(6) أثبتناه من المصدر.
(7) أدعية السر للراوندي : 22 ، الجواهر السنية : 177 ، البحار 76 : 257|52 .
( 125 )

ويقول أيضا: «بسم الله وبالله ، ومن الله ، وإلى الله، وفي سبيل الله ، اللهم
إليك أسلمت نفسي ، وإليك وجهت وجهي ، (وإليك الجأت ظهري)
(1)، وإليك
فوضت أمري ، فاحفظني بحفظ الايمان ، من بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن
شمالي ، ومن فوقي ، ومن تحتي ، وادفع عني بحولك وقوتك ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم».

فقد روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال : «ما ابالي إذا قلت هذه
الكلمات لو اجتمع علي الجن والانس »
(2).

ذكر آيات يحتجب الإنسان بها من أهل العداوات .

تومئ بيدك اليمنى إلى من تخاف شره ، وتقول : (
وجعلنا من بين ايديهم سداً
ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون)
(3)(
انا جعلنا على قلوبهم أكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا وان تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا اذاً ابداً)
(4) (
اولئك
الذين طبع آلله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون)
(5)
(
افرايت من آتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على
بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون)
(6) (
واذا قرأت القرآن جعلنا
بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً * وجعلنا على قلوبهم اكنة
ان يفقهوه وفي اذانهم وقراً واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم
نفورا)
(7)(8).
____________
(1) ليس في «د» و«ش ».
(2) الكافي 2 : 406|10 و 410|23.
(3) يس 36: 9.
(4) الكهف 18 : 57.
(5) النحل 16: 108.
(6) الجاثية 45 : 23 .
(7) الاسراء 17 : 45 - 46 .
(8)البحار 76 : 258 .
( 126 )
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره مما يكون أماناً من (اللص إذا ظفر)
(1) به ،
ويتخلص من عطبه .

رأيت في (كتاب المستغيثين) بإسناده إلى رجل من الأنصار- وهو أبو مغلق -
لقيه لص فأراد أخذه ، فسأله أن يصلي أربع ركعات ، فتركه فصلاها وسجد وقال في
سجوده : يا ودود ياذا العرش المجيد، يا فعالاً لما يريد، اسألك بعزتك التي لا ترام ،
وملكك الذي لا يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك ، أن تكفيني شر هذا اللص ،
يا مغيث أغثني . وكرر هذا الدعاء ثلاث مرات ، فإذا بفارس قد أقبل بيده حربة، فقتل
اللص وقال له : أنا ملك من السماء الرابعة، وإن من صنع كما صنعت أستجيب له
مكروباً كان أو غير مكروب .

ومن الكتاب المذكور بإسناده عن زيد بن حارثة، أنه ظفر به لص وأراد قتله ،
فقال له : دعني اصلي ركعتين فخلاه ، فلما فرغ منهما قال : يا أرحم الراحمين ، فسمع
اللص قائلا يقول له : لا تقتله ، فعاد فقال : يا أرحم الراحمين ، فسمع اللص قائلاً يقول
له : لا تقتله ، فقال مرة ثالثة : يا أرحم الراحمين ، فاذا بفارس في يده حربة في رأسها
شعلة من نار فقتل بها اللص ، ثم قال للمأخوذ : لما قلت : يا أرحم الراحمين ، كنت في
السماء السابعة، فلما قلت ثانية كنت في السماء الدنيا، فلما قلت مرة ثالثة : يا أرحم
الراحمين ، أتيتك
(2) .
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من دعاء قاله مولانا علي عليه السلام عند كيد
الأعداء، فظفر بدفع ذلك الابتلاء.

رأيت في الجزء الرابع من كتاب (دفع الهموم والأحزان) تأليف أحمد بن داود
النعماني ، قال ابن عباس : قلت لأمير المؤمنين عليه السلام ليلة صفين : أما ترى
الأعداء قد أحدقوا بنا ؟ فقال : «وقد راعك هذا؟» قلت : نعم ، فقال : «اللهم إني أعوذ
بك أن اضام في سلطانك ، اللهم إني أعوذ بك أن أضل في هداك ، اللهم إني أعوذ بك
____________
(1) في «ش» : اللصوص إذا ظفروا .
(2) البحار 76 : 258 .
( 127 )
أن افتقر في غناك ، اللهم إني أعوذ بك أن اضيع في سلامتك ، اللهم إني أعوذ بك أن
اغلب
(1) والأمر لك» .

أقول أنا : فكفاه الله - جل جلاله - أمرهم
(2) .
الفصل الثالث عشر: فيما نذكره من أن المؤمن إذا كان مخلصاً، أخاف الله منه
كل شيء .

روينا ذلك بإسنادنا إلى البرقي من كتابه «كتاب المحاسن» عن صفوان
الجمال قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إن المؤمن يخشع له كل شيء ، ويهابه كل
شيء ، ثم قال : إذا كان مخلصا لله ، أخاف الله منه كل شيء ، حتى هوام الأرض
وسباعها، وطير السماء، وحيتان البحر».

فمن ذلك ما رويناه من (كتاب الرجال) للكشي ، وقد ذكرناه في كتاب
(الكرامات) ولم يحضرنا لفظه ، فنذكرالآن معناه : ان بعض خواص مولانا علي
عليه السلام من شيعته ، كان قد سجد فتطوق أفعى على حلقه ، فلم يتغيرعن حال
سجوده ومراقبة معبوده ، حتى انفصل الأفعى من رقبته بغير حيلة منه ، بل بفضل الله
جل جلاله ورحمته .

ومن ذلك ما رأيناه مرويا عن علي الزاهد بن الحسن بن الحسن بن الحسن
السبط عليهم السلام ، انه كان قائما في الصلاة فانحدر أفعى من رأس جبل ، فصعد على
ثيابه ودخل من زيقه
(3) وخرج من تحت ثيابه ، فلم يتغير عن حال صلاته ومراقبته
لمالك حياته
(4).

ومن ذلك ما رأيناه في (كتاب السفراء) وقد نقلناه بلفظه في (كتاب
الكرامات) ونذكر ها هنا بعض معناه ، أن علياً بن عاصم الزاهد كان يزور الحسين
عليه السلام قبل عمارة مشهده بالناس ، فدخل سبع إليه فلم يهرب منه ، ورأى كف
____________
(1) في «ش»، زيادة : في ملكك .
(2) البحار 76 : 259 .
(3) زيق القميص : ما أحاط بالعنق منه . «القاموس المحيط - زيق - 3 : 243».
(4) مقاتل الطالبيين : 191 باختلاف في الفاظه .
( 128 )
السبع منتفخة بقصبة قد دخلت فيها، فأخرج القصبة منه وعصر كف السبع وشده
ببعض عمامته ، ولم يقف من الزوار لذلك سواه .

ومن ذلك ما عرفناه نحن ، وهوأن بعض الجوار والعيال جاؤني ليلة وهم
منزعجون - وكنت إذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا علي عليه السلام - فقالوا: قد رأينا مسلخ
الحمام تطوى الحصر الذي فيه وتنشر، وما نبصر من يفعل ذلك . فحضرت عند باب
المسلخ وقلت : سلام عليكم ، قد بلغني عنكم ما قد فعلتم ، ونحن جيران مولانا علي
عليه السلام وأولاده وضيفانه وما أسأنا مجاورتكم ، فلا تكدروا علينا مجاورته ، ومتى فعلتم
شيئا من ذلك شكوناكم إليه . فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمام بعد ذلك أبداً.
ومن ذلك أن ابنتي الحافظة الكاتبة (شرف الأشراف) كمل الله تعالى لها
تحف الألطاف ، عرفتني أنها تسمع سلاما عليها ممن لا تراه ، فوقفت في الموضع فقلت :
سلام عليكم أيها الروحانيون ، فقد عرفتني ابنتي (شرف الأشراف) بالتعرض لها
بالسلام ، وهذا الإنعام مكدرعلينا، ونحن نخاف منه ، أن ينفر بعض العيال منه ، ونسأل
أن لا تتعرضوا لنا بشيء من المكدرات ، وتكونوا معنا على جميل العادات . فلم يتعرض
لها أحد بعد ذلك بكلام .

ومن ذلك أنني كنت اصلي المغرب بداري - بالحلة- فجاءت حية فدخلت تحت
خرقة كانت عند موضع سجودي ، فتممت الصلاة ولم تتعرض لي بسوء وقتلتها بعد فراغي
من الصلاة، وهذا أمر معلوم يعرفه من رآه أو رواه .
الفصل الرابع عشر: فيما نذكره إذا خاف من المطر في سفره ، وكيف يسلم من
ضرره ، وإذا عطش كيف يغاث ويأمن من خطره .

وروينا بإسنادنا إلى عبدالله بن جعفر الحميري ، في كتاب (دلائل الرضا)
عليه السلام بإسناد الحميري إلى سليمان الجعفري ، إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله
عليه قال : كنت معه وهو يريد بعض أمواله ، فأمر غلاماً له يحمل له قباء، فعجبت من
ذلك وقلت : ما يصنع به ! فلما صرنا في بعض الطريق ، نزلنا إلى الصلاة وأقبلت السماء،
فألقوا القباء علي وعليه ، وخرساجداً فسجدت معه ، ثم رفعت رأسي وبقي ساجداً،
فسمعته يقول : «يا رسول الله ، يارسول الله » فكف المطر.