الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من روايات في صفة القرعة الشرعية، كنا ذكرناها في كتاب (فتح الأبواب بين ذوي الألباب ورب الأرباب).
منها ما رويناه بإسنادنا إلى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبدالرحمن بن سيابة قال : خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا، فقال بعض أصحابنا : أبعث به إلى اليمن ، فذكرت ذلك لأبي عبدالله عليه السلام فقال لي : «ساهم بين مصرواليمن ، ثم فوض أمرك إلى الله ، فأي البلدين خرج اسمه في السهم ، فابعث إليه متاعك » فقلت : كيف أساهم ؟ فقال : «أكتب في رقعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنه لا إله إلآ أنت عالم الغيب والشهادة، أنت العالم وأنا المتعلم ، فانظر في أي الأمرين خيرا لي ، حتى أتوكل عليك وأعمل به . ثم اكتب : مصر إن شاء الله ، ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب : اليمن إن شاء الله ، ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب : يحبس إن شاء الله ولا يبعث به إلى بلدة منهما، ثم اجمع الرقاع فادفعها الى من يسترها عنك ، ثم أدخل يدك فخذ رقعة من الثلاث رقاع ، فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله ، واعمل بما فيها إن شاء الله »(1) .
أقول : ورويت صفة مساهمة برواية أخرى بإسنادنا إلى عمرو بن أبي المقدام ، عن أحدهما عليهما السلام في المساهمة تكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، أسألك بحق محمد وال محمد، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تخرج لي خير السهمين في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله ، إنك على كل شيء قدير، ما شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، صلى الله على محمد واله وسلم . ثم تكتب ما تريد في رقعتين ، ويكون الثالث غفلا(2) ، ثم تجيل السهام ، فأيها خرج عملت عليه ، ولا تخالف فمن خالف لم يصنع له ، وإن خرج الغفل رميت به »(3) .
____________
(1) فتح الأبواب : 52.
(2) الغفل : مالا علامة فيه . «القاموس المحيط -غفل - 4 : 25».
(3) فتح الأبواب : 53 .

(98)
أقول : صفة رواية أخرى في القرعة ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : «من أراد أن يستخير الله - تعالى - فليقرأ الحمد - عشر مرات - وإنا أنزلناه - عشر مرات - ثم يقول : اللهم إني أستخيرك لعلمك بعواقب الأمور، وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمون (1) والمحذور، اللهم إن كان أمري هذا مما قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه ، وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي فيه بخيرة ترد شموسه ذلولا، وتقعض (2) ، أيامه سروراً، يا الله إما أمر فأ أتمر، وإما نهي فأنتهي ، اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية - ثلاث مرات - ثم تأخذ كفاً من الحصى أو سبحتك »(3) .
أقول : لعل معناه أن يجعل الكف من الحصى - أو السبحة - في مقام رجل اخر يقارع معه ، ويعزم على ما وقعت القرعة فيعمل عليه .
وفي رواية اخرى: يقرأ الحمد - مرة- وإنا أنزلناه - إحدى عشرة مرة - ، ثم يدعو الدعاء الذي ذكرناه ويقارع هو وآخر، ويكون قصده أنني متى وقعت القرعة على أحدهما أعمل عليه(4).
فصل : فيما جربناه وفيه دلالة على القبلة .
كان قد وصف لنا صورة سمكة لطيفة من حديد، قد عملت في الابتداء على استقبال حجرالمغناطيس ، وهوفي تلك الحال في جهة القبلة، وكنا إذا جعلنا ماء في طاسة أوآنية، وجعلنا السمكة الحديد على الماء استقبلت السمكة القبلة، ولوأدرناها عن القبلة عادت إليها، وعرفنا ذلك على اليقين ، فيكون صحبة من له اهتمام بمعرفة القبلة في الأسفارمثل هذه السمكة فيستغني بها عن الخيرة، وعن اختلاف الأخبار.
وعندنا سمكة منها، وقد أمرنا أن يقال للصانع يعمل عوض صورة السمكة صورة سفينة صغيرة، لأجل نهي النبي صلى الله عليه وآله عن عمل الصور التي تشبه الحيوان ، وليكون عملها سفينة مأذونا فيه للصانع ولمن يحتاج إليها عند معرفة القبلة، وما
____________
(1) ورد في هامش «د»: الأصل المأمول .
(2) قعضه : عطفه . «الصحاح - قعض -3 : 1103».
(3) فتح الأبواب : 53.
(4) فتح الأبواب : 53 .

( 99 )
عرفنا أنّ أحداً سبقنا إلى التماسها أن يكون صورة سفينة أو ما يجري مجراها من الصور التي ليست محرمة في شريعة الإسلام.
الفصل الثالث عشر: فيما نذكره من آداب الأسفارعن الصادق ابن الصادقين الأبرار عليهم السلام ، حدث بها عن لقمان ، نذكر منها ما يحتاج إليه الآن .
روينا من كتاب (المحاسن) بإسناده الى حماد بن عثمان أوابن عيسى(1)عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «قال لقمان لابنه - رضي الله عنه - إذا سافرت مع قوم فأ كثر استشارتهم في أمرك وامورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريماً على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واغلبهم بثلاث : طول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابة أومال أوزاد.
وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تتثبت وتتوطن ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي ، وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورتك ، فإن من لم يمحض النصيحة في مشورته ، سلبه الله رأيه ، ونزع عنه الأمانة .
وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدقوا وأعطوا فاعط معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك (2) ، وإذا أمروا بأمر وسألوا فتبرع ثم قل : نعم ، ولاتقل : لا، فإن لاعي ولؤم .
وإذا تحيرتم في الطريق فقفوا وتآمروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعله أن يكون عينا للصوص ، أوأن يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .
يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء ، صلها واسترح منها فإنها
____________
(1) في «د»: حماد بن عثمان أبي عيسى، وفي «ش» : حماد بن عثمان عن أبي عيسى، وما أثبتناه من المصدر، والظاهر هو الصواب .
(2) في المصدر زيادة: سناً.

(100)
دين(1) .
ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(2) ، وليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل .
وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدأ بعلفها قبل نفسك ، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الأرض بأحسنها لونا، والينها تربة، وأكثرها عشباً، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الأرض ، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها، وسلم عليها وعلى أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة.
وإن استطعت ألا تأكل طعاماً حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل .
وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً. عملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً.
وإياك والسير في أول الليل ، وعليك بالتعريس (3) ، والدلجة(4) من لدن نصف الليل إلى اخره . وإياك ورفع الصوت في مسيرك»(5).
هذا آخر لفظها، نقلناه كما وجدناه .

* * *

____________
(1) في المصدر زيادة : وصل في جماعة ولوعلى رأس زج .
(2) الدبرة: قرحة في ظهر الدابة «لسان العرب - دبر- 4 : 273» .
(3) التعريس : نزول المسافرونومه ليلا. «القاموس المحيط - عرس - 2 : 230،».
(4) الدلجة : سير المسافر بعد نزوله في الليل . «القاموس المحيط - دلج - 1 : 189«.
(5) المحاسن : 375|145 ، الكافي 8 : 348|547، الفقيه 2 : 194|884 » .

(101)
الباب السابع:
فيما نذكره إذا شبع الانسان في خروجه من الدار للأسفار، وما يعمله عند الباب وعند ركوب الدواب ، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره من تعيين الساعة التي يخرج فيها في ذلك النهار إلى الأسفار.
إعلم: أننا قد ذكرنا فيما قدمناه ، الأيام التي تصلح لابتداء السفر بحسب مارويناه ، وبقي وقت الساعة التي يختارها من نهاره للتوجه في أسفاره ، فإنه لاريب أن الساعات تختلف حالها في السعود والنحوس بحسب ما اقتضته الرحمة والحكمة الإلهية في تدبير الأفلاك والنفوس ، وكنا روينا في كتاب (فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم) قول مولانا علي صلوات الله عليه في سعود النجوم ونحوسها، وأوردنا أحاديث الأئمة - صلوات الله عليهم - في أن النجوم دلالات على الحادثات وأوقات السعادات والمحذورات ، فاقتضى ذلك تعيين وقت الساعة التي يتوجه الإنسان فيها من داره ، ليكون فاتحة لأبواب مساره ، ومصونة عن أكداره وأخطاره .
فأقول : إن كان الذي يريد هذا السفر ممن أقبل الله - جل جلاله - عليه ، وارتضاه لكشف الساعة السعيدة التي يتوجه فيها به - جل جلاله - إليه ، ويجد ذلك في سريرته ، فياسعادة هذا العبد الذي قد بلغ حاله إلى مكاشفة الله - جل جلاله - بأوقات سعادته .
أقول : وإن لم يكن بلغ إنعام الله - جل جلاله - عليه إلى هذه الحال ، فقد ذكرنا في كتاب (الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار) أن كل ساعة من النهار، يختص بها واحد من الأئمة الأطهار، ولها دعاءان : أحدهما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي - رضوان الله عليه - والاخر من خط ابن مقلة المنسوب إليه ، وكل واحد منهم - عليهم أفضل الصلوات - كالخفير والحامي لساعته بمقتضى الروايات .
فالساعة الاولى لمولانا علي صلوات الله عليه ، والساعة الثانية لمولانا الحسن عليه السلام ، والساعة الثالثة لمولانا الحسين عليه السلام ، والساعة الرابعة لمولانا علي بن
( 102 )
الحسين عليه السلام ، والساعة الخامسة لمولانا محمد بن علي الباقر عليه السلام ، والساعة السادسة لمولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، والساعة السابعة لمولانا موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ، والساعة الثامنة لمولانا علي بن موسى الرضا عليه السلام ، والساعة التاسعة لمولانا محمد بن علي الجواد عليه السلام ، والساعة العاشرة لمولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام ، والساعة الحادية عشرة لمولانا الحسن بن علي العسكري عليه السلام ، والساعة الثانية عشرة لمولانا المهدي صلوات الله عليهم .
أقول : وهذه الساعات يدعو الإنسان في كل ساعة منها بما يخصها من الدعوات ، سواء كان نهارالصيف الكامل الساعات ، أو نهار الشتاء القصير الأوقات ، لأن الدعوات تنقسم اثني عشر قسما، كيف كان مقدار ذلك النهار، بمقتضى الأخبار.
أقول : فإذا اتفق خروجك للسفر في ساعة يختص بها أحد الأئمة الحماة، الذين جعلهم الله - جل جلاله - سببا للنجاة، فقل مامعناه ، اللهم بلغ مولانا - فلانا صلوات الله عليه - أنني اسلم عليه ، وأنني أتوجه إليه بإقبالك عليه ، في أن يكون خفارتي وحمايتي وسلامتي وكمال سعادتي ضمانها بك عليه ، حيث قد توجهت في الساعة التي جعلته كالخفير فيها وحديثها في ذلك إليه .
أقول : وتقول إذا نزلت منزلاً في ساعة تختص بواحد منهم أو رحلت منه ، فتسلم على ذلك الإمام بما يقربك منه ، وتخاطبه في ضمان مايتجدد في ساعته ، فلولا أن الله - جل جلاله - أراد ذلك منك ما دلك عليه ، وإذا عملت بهذا هداك الله - جل جلاله - إليه صارت حركاتك وسكناتك في أسفارك ، عبادة وسعادة لدار قرارك .
الفصل الثاني : فيما نذكره من التحنك للعمامة عند تحقيق عزمك على السفر، لتسلم من الخطر
روينا ذلك من كتاب (الآداب الدينية) عن الطبرسي - رضوان الله عليه - فيما رواه عن مولانا موسى بن جعفر صلوات الله عليه أنه قال : «أنا ضامن ثلاثاً لمن خرج يريد سفراً معتماً تحت حنكه : أن لا يصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق »(1). ورويناه
____________
(1) الآداب الدينية : 49 .

(103)
ـ أيضا ـ عن البرقي من كتاب (المحاسن) بإسناده إلى أبي الحسن عليه السلام (1) .
أقول : وقد روينا في العمامة عند التوجه للمهمات ، روايات عن أبي العباس أحمد بن عقدة في كتابه الذي سماه (كتاب الولاية) وروى فيه حديث نص مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه واله على مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في يوم الغدير بالخلافة ودلالته عليه ، فذكر بإسناده المذكور في ذلك المكان ، وهو من ذخائر أهل الايمان ، في ترجمة عبدالله بن بسر(2) المازني ، ورواه من طريقين ، فقال بعد إسناده المتصل المشار إليه : عن عبدالله بن بسر- صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله - قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم إلى علي فعمّمه وأسدل العمامة بين كتفيه ، وقال : «هكذا أيدني ربي يوم حنين بالملائكة معممين قد أسدلوا العمائم ، وذلك حجر(3) بين المسلمين وبين المشركين » ورسول الله صلى الله عليه وآله معتمد على قوس له عربية، فبصر برجل في آخر القوم وبيده قوس فارسية، فقال : «ملعون حاملها، عليكم بالقسي العربية ورماح القنا(4)، فإنها بها أيد ألله لكم دينكم ، ويمكن لكم في البلاد » .
وقال في الحديث الاخر: عمم رسول الله علياً يوم غدير خم عمامة سدلها بين كتفيه ، وقال : «هكذا أيدني ربي بالملائكة» ثم أخذ بيده فقال : «أيها الناس ، من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، والى الله من والاه ، وعاد الله من عاداه ».
أقول : هذا لفظ ما رويناه ، أردنا أن نذكره ليعلم وصف العمائم ، في السفر الذي يخشاه .
الفصل الثالث : في التحنك بالعمامة البيضاء عند السفر يوم السبت .
ورأيت بخط جدي لامي ورام بن أبي فرأس - قدس الله روحه - على آخر
____________
(1) المحاسن : 373|137 .
(2) في «د» و «ط» : بشر، وفي «ش»: بشير، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه ، ترجم له ابن الأثير الجزري وضبطه قائلا : وبسر بالباء الموحدة المضمومة والسين المهملة، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة، انظر «اسد الغابة 3 : 123 ، ميزان الإعتدال 2: 396 ، تهذيب التهذيب 5: 158 » .
(3) الحجر: الحاجز. انظر «الصحاح - حجر- 2: 623».
(4) القنامن الرماح ما كان أجوف القصبة . «لسان العرب - قنا - 15 : 204».

(104)
كتاب (المنبئ عن زهد النبي صلى الله عليه وآله )- وليس من الكتاب - ما هذا لفظه : عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : «قال رسول الله صلى الله عليه واله : لوأن رجلا خرج من منزله يوم السبت معتماً بعمامة بيضاء قد حنكها تحت حنكه ، ثم أتى إلى جبل ليزيله عن مكانه لأزاله عن مكانه ».
الفصل الرابع : فيما نذكره مما يدعى به عند ساعة التوجه ، وعند الوقوف على الباب ، لفتح أبواب المحاب .
ينبغي أن تستحضر ما ذكرناه في الفصل الثالث من الباب الأول ، من كيفية النية، لتكون ذاكرا لما حررناه من معاملتك بالسفر للمراضي الالهية، وتخرج بسكينة ووقار، كما تمشي لو كنت تمشي بين يدي سلطان عظيم المقدار، وقلبك ملآن من جلاله ، ويدك متمسكة بمقدس حباله ، وعينك ناظرة إلى عوائد إطلاق نواله وإفضاله ، وعقلك محافظ على إقباله . وقل ما معناه أو ما رويناه ثلاث مرات : بالله أخرج ، وبالله أدخل ، وعلى الله أتوكل ، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير، واختم لي بخير، وقني شر كل دابة أنت اخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم . فإنه من قاله بالاخلاص ، يوشك أن يكون من أهل الإختصاص ، وهو داخل في ضمان السلامة من الندامة .
فإذا وصلت إلى باب دارك ، فقل ما رويناه بإسنادنا إلى صباح الحذاء قال : سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول : «لو كان الرجل منكم إذا أراد سفراً، قام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه ، فقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ، ثم قال : اللهم احفظني واحفظ مامعي ، وسلمني وسلم ما معي ، وبلغني وبلغ مامعي ، ببلاغك الحسن ، لحفظه الله وحفظ مامعه ، وسلمه وسلم مامعه ، وبلغه الله وبلغ ما معه » ثم قال : «يا صباح ، أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ مامعه ، ويسلم ولا يسلم ما معه ، ويبلغ ولا يبلغ ما معه ؟« قلت : بلى، جعلت فداك (1) .
____________
(1) الكافي 2: 395|11 و 4 : 283|1 ، الفقيه 2 : 177|790 ، التهذيب 5: 49|153، المحاسن : 350|31 .

(105)
أقول : وروينا بإسنادنا إلى علي بن أسباط ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال ، قال : «إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : بسم الله ، امنت بالله ، توكلت على الله ، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله (1) . فتلقاه الشياطين (فتضرب الملائكة وجوهها)(2) وتقول : ما سبيلكم عليه ؟ وقد سمى الله ، وآمن به ، وتوكل عليه ، وقال : ما شاء الله لاقوة إلا بالله »(3) .
أقول : وروينا بإسنادنا عن عبدالرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة قال : كان أبو عبدالله عليه السلام إذا خرج يقول : «اللهم خرجت إليك ، ولك أسلمت ، وبك آمنت، وعليك توكلت ، اللهم بارك لي في يومي هذا، وارزقني قوّته ونصره وفتحه وطهوره وهداه وبركته ، واصرف عني شره وشر ما فيه ، بسم الله ، والله أكبر، والحمد لله رب العالمين ، اللهم إني خرجت فبارك لي في خروجي ، وانفعني به » وإذا دخل منزله قال مثل ذلك (4) .
أقول : وروينا بإسنادنا عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «من قال حين يخرج من باب داره : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ، من شر هذا اليوم الجديد، الذي إذا غابت شمسه لم يعد، من شرنفسي ، ومن شر غيري ، ومن شر الشياطين ، ومن شرمن نصب لأولياء الله ، ومن شرالجن والانس ، وشر السباع والهوام ، ومن شر ركوب المحارم كلها، أجير نفسي بالله من كل سوء، إلا غفر الله له ، وتاب عليه ، وكفاه المهم ، وحجزه عن السوء، أو عصمه من الشر«(5).
أقول : وروينا بإسنادنا إلى معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إذا خرجت من منزلك فقل : بسم الله ، توكلت على الله ، لاحول، ولا قوة إلابالله (6) اللهم إني أسألك خيرماخرجت له ، وأعوذ بك من شرماخرجت له ، اللهم أوسع علي
____________
(1) في «ش» زيادة : العلي العظيم .
(2) في « ش »: فيضرب الملائكة وجوههم .
(3) الفقيه 2 : 177|792، المحاسن : 350|33.
(4) الكافي 2 : 394|6 ، المحاسن : 351|35 .
(5) الكافي 2 : 393|4 ، الفقيه 2 : 178|793، المحاسن : 351|37 .
(6) في «ش» زيادة : العظيم .

(106)
من فضلك ، واتمم علي نعمتك ، واستعملني في طاعتك ، واجعل رغبتي فيما عندك ، وتوفني على ملتك وملة رسولك صلى الله عليه وآله »(1) .
أقول : وفي حديث آخر عن الثمالي ، عن أبي جعفر الباقرعليه السلام : «من قال حين يخرج من منزله : بسم الله ، حسبي الله، توكلت على الله ، اللهم إني أسألك خير اموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الاخرة . كفاه الله ما أهمه ، من أمر دنياه وآخرته» (2) .
أقول : وروي أنه إذا وقف على باب داره سبح تسبيح الزهراء عليها السلام ، وقرأ الحمد، واية الكرسي - كما قدمناه - وقال : اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي وما خولتني ، قد وثقت بك فلا تخيبني ، يا من لا يخيب من أراده ، ولا يضيع من حفظه . اللهم صل على محمد واله ، واحفظني فيما غبت عنه ، ولا تكلني إلى نفسي ، يا أرحم الراحمين . اللهم بلغني ماتوجهت له ، وسبب لي المراد، وسخر لي عبادك وبلادك وارزقني زيارة نبيك ووليك -أميرالمؤمنين - والأئمة من ولده ، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام ، ومدني منك بالمعونة في جميع أحوالي ، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري فأكل وأعطب ، وزودني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى . اللهم اجعلني أوجه من توجه إليك .
وتقول أيضا : بسم الله وبالله ، وتوكلت على الله ، واستعنت بالله ، والجأت ظهري إلى الله ، وفوضت أمري إلى الله ، رب امنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت ، لأنه لا يأتي بالخير- إلهي - إلا أنت ، ولا يصرف السوء إلا أنت ، عز جارك ، وجل ثناؤك ، وتقدست أسماؤك ، وعظمت آلاؤك ، ولا إله غيرك .
فقد روي أن من خرج من منزله مصبحاً ودعا بهذا الدعاء ، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله ، وكذلك من خرج في المساء ودعا به ، لم يطرقه بلاء حتى يصبح أو يؤوب إلى منزله .
أقول : وقد أقتصرنا على بعض ما رويناه في هذه الحال ، فقل منه ما يحتمله
____________
(1) الكافي 2 : 394| 5، المحاسن : 351| 8.
(2) الكافي 2 : 393| 3، المحاسن : 351| 37.

( 107 )
حالك ووقتك ، فالناس يختلف حالهم في الاهتمام والإهمال .
الفصل الخامس : في ذكر ما نختاره من الاداب ، والدعاء عند ركوب الدواب .
إعلم أنني رأيت أن إنعام الله - جل جلاله - بالدواب ، وتسخيرها لذوي الألباب ، قد وقع الغفول عنه ، حتى كأنها ليست منه ، ووجدت السائس للدابة يعرف له حق سياسته ، ويكون له في القلب موضع بمقدار شفقته والركيبدار يعرف له حق معرفته ، وحرمة إسراج الدابة وتحميلها وتقديمها لركوب صاحبها في حاجته ، وليس في القلب ولا في شكراللسان مكان لمعرفة حق منشئها وجالبها وواهبها ومسخرها وميسرها، وهذه العفلة من الإنسان مخاطرة هائلة بغضب الله - جل جلاله - وبكل ما وهبه للعبد من الاحسان .
أقول : وينبغي للعبد إذا أكرمه مولاه ، أن يراعي حق إكرامه وحق ما أولاه ، ومتى غفل وأهمل شكر ما أنعم به عليه ، كان العبد مستحقاً لاستعادة كل ما وصل إليه .
أقول : ويكشف هذا بمثال نذكره ومقال نسطره ، فنقول : لو أن الله - جل جلاله - ما أعطى أحداً من الخلائق ، في المغارب والمشارق ، دابة إلا أنت ، وكان الناس كلهم عزيزهم وذليلهم وغنيهم وفقيرهم ، إذا سافروا مشوا في أسفارهم على أقدامهم ، وحملوا قماشهم على ظهورهم وظهور غلمانهم ، وأنت معك دابة تركب عليها، وتحمل قماشك للسفر عليها، كيف كنت تكون في سرورك بها، وتعظيم الواهب لها!
فالأمر الان على هذه الحال ، لأنك تعلم أن خلقا كثيرا ما لهم دابة في الأسفار ويمشون على أقدامهم ، ويحملون قماش سفرهم على ظهورهم ، وأما من حصل له منهم شيء من الدواب كما حصل لك ، فلا يجوز في عقل ولا نقل يليق بالصواب ، أن يكون إنعام الله - جل جلاله -على غيرك بدابة مثل دابتك ، أن يسقط عنك حق الدابة التي وهبك إياها وجعلها من جملة نعمتك ، فكيف ساغ في المعقول والمنقول أن يكون لسائسك ، والذي يسرج دابتك ، موضع من خاطرك ، وذكرفي سرائرك أو ظواهرك ، والله - جل جلاله - المنشئ لها والمنعم بها والمسخر لها، قلبك خال منه ، ومن هديتها لك ومسيرها بك . هذا لا يليق بالتوفيق ، وأنت مخاطر في ركوبها في الطريق .
أقول : ولقد كنت قد خرجت في بعض الأسفار، ومعنا جماعة من ذوي
( 108 )
الألباب ، قد تبادروا إلى ركوب الدواب ، ولسان حالهم يشهد عليهم أنهم غافلون عن رب الأرباب . فقلت لهم : لو أن هذه الدواب تكلمت وقالت لكم : إنما سخرت لكم لأجل ما وهبكم الله تعالى من العقول ، وشرفكم به من التكليف المقبول ، فإذا كنتم قد اطرحتم في ركوبي حكم العقل وأدب النقل ، وركبتم بالطبع والغفلات ، فقد صرتم مثلي في سلوك الطرقات ، فينبغي في العدل والانصاف ، أن تجروا أنفسكم مجرى الدواب ، وتركبوني تارة وأركب عليكم تارة، وإلا فأنا ماسخرت لأمثالكم ممن قد عزل الله - جل جلاله - عن ربوبيته ، وأسقط حق نعمته . وعرفتهم ما حضرني من كيفية السفر الذي يكون طاعة للمراضي الالهية.
فصل : وحيث قد ذكرنا حديث الدواب ، فلنذكر بعض ما روي في ابتداء وجودها:
فذكر محمد بن صالح - مولى جعفر بن سليمان - في كتاب ( نسب الخيل) في حديث عن ابن عباس : أن إسماعيل عليه السلام لما بلغ أخرج الله له من البحر مائة فرس ، فأقامت ترعى بمكة ماشاء الله ، ثم أصبحت على بابه (فرسنها وانتتجها)(1) وركبها .
وروي في حديث اخرعن مسلم بن جندب : أن أول من ركب الخيل اسماعيل عليه السلام (2).
وأما الدعاء عند ركوب الدواب ، فإنه كثير في كتب الآداب ، لكنا نذكر منه ما يسهل حفظه أو ما لا يحسن الغفول عنه ، فنقول : روينا من كتاب (المحاسن) المشار إليه ، بإسناده عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة - رحمه الله - قال : أمسكت لأمير المؤمنين عليه السلام بالركاب ، وهو يريد أن يركب ، فرفع رأسه ثم تبسم ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، رأيتك قد رفعت رأسك وتبسمت (3). فقال : «نعم يا أصبغ ، أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله كما أمسكت لي ، فرفع رأسه وتبسم ، ثم سألته كما
____________
(1) في «ش»: وسرجها والجمها.
(2) أخرجه في البحار 64: 153|3 و 4 ، من «فذكر محمد بن صالح . . . ».
(3) في «ش» زيادة : ففيم ذلك.

( 109 )
سألتني ، وسأخبرك كما أخبرني ، فقلت : يا رسول الله (1)، رفعت رأسك ثم تبسمت . فقال : يا علي ، إنه ليس من أحد يركب فيذكر ما أنعم الله به عليه ، ثم يقرأ آية السخرة، تم يقول : أستغفرالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . إلا قال الله السيد الكريم (2): ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري ، اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه ».
أقول أنا : أفلا نراه عليه السلام قد قال عند ركوب الدابة فذكر ما أنعم الله به عليه ، وأما آية السخرة فإنها مذكرة للعبد بما سخر الله - جل جلاله - له ، وأحسن به إليه ، وهي (انّ ربكم الله آلذي خلق السموات والآرض في ستة ايام ثم استوى على العرش يغشي آلليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات با مره الا له الخلق والآمر تبارك الله رب العالمين * ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لايحب المعتدين * ولاتفسدوا في الارض بعد اصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً ان رحمة الله قريب من المحسنين )(3).
أقول : وروي أن الصادق عليه السلام كان يقول إذا وضع رجله في الركاب . سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . ويسبح الله سبعاً، ويحمد الله سبعاً، ويهلل الله سبعاً.
وفي رواية صفوان بن مهران الجمال : أنه عليه السلام لما ركب الجمل قال : «بسم الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الى ربنا لمنقلبون (4)»(5).
أقول : فإذا استويت على الدابة فقل : الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى
____________
(1) في «ش» زيادة : أراك .
(2) في «ش» زيادة : اللطيف .
(3) الأعراف 7 : 54 - 56.
(4) في «ش» زيادة : والحمد لله رب العالمين .
(5) البحار 76 : 298|34 .

( 110 )
ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ، اللهم أنت الحامل على الظهر، والمستعان (1)على الأمر، اللهم بلغنا بلاغا نبلغ به إلى خير، بلاغا يبلغ إلى رحمتك ورضوانك ومغفرتك ، اللهم لا ضير إلا ضيرك ، ولا خير إلا خيرك ، ولا حافظ غيرك .
ذكرما نقوله نحن زيادة على هذه العبارة، عند ركوب الدابة .
إعلم أن النبي والأئمة - عليهم السلام - سلكوا الناس إلى السعادات والدعوات ، على قدر ما تحتمله حالهم في ضيق الأوقات ، والتخفيف في العبادات ، ونحن نقول بحسب ما يحتاج إليه ، للإذن منهم - عليهم السلام - للانسان في الدعاء بمهما أفاض الله تعالى عليه ، فنقول وبعضه من المنقول : الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم احفظ علينا دوابنا، ووطئ لنا ركابنا، وسهل لنا محابنا، وأنجح لنا طلابنا، وسيرنا في بلادك وبين عبادك ، بإسعادك وإنجادك ، واتباع مرادك . اللهم اطو لنا البعيد، وسهل لنا كل صعب شديد، واكفنا شر كل قريب وبعيد، وضعيف ومريد، وكمل لنا تحف المزيد، والعمر المديد، والعيش الرغيد، واجعلنا من خيار العبيد، المسعودين في الدنيا ويوم الوعيد.
ثم أقول : اللهم إنك ابتدأتنا بخلق ما نحتاج إليه من منافع الأرض والسماء، وابتدأتنا بالإنشاء والنعماء، وسيرتنا(2) من لدن ادم عليه السلام وإلى هذه الغايات ، في ظهور الآباء وبطون الامهات ، وأقمت لهم بالأقوات والكسوات والمهمات ، ووقيتهم ووقيتنا من الافات والعاهات ، ولم أكن ممن شرفتني بمعرفتك ، ولا ارتضيتني لعبادتك ، اللهم وحيث قد شرفتني لمعرفتك ، وارتضيتني لخدمتك ، فلا يكن تسييري دون ذلك التسيير، ولا تدبيري دون ذلك التدبير، وسيرني في سفري هذا وما بعده بالسلامة والكرامة، والعناية التامة، والرعاية العامة، والأمن من الندامة، في الدنيا ويوم القيامة. واجعل اللهم حركاتنا وسكناتنا صادرة عن المعاملة بالاخلاص لك ، والاختصاص بك ، واجعل قلوبنا وعقولنا وقفا على طاعتك ، وملهمة بمراقبتك واتباع إرادتك ، والهمنا كل قول أو فعل يكون فيه رضاك ، والدخول في حماك ، والأمان في الدنيا ويوم
____________
(1) في «ش»: والمعين .
(2) في «ش»:وسترتنا.

( 111 )
نلقاك ، برحمتك يا أرحم الراحمين (1).

* * *

____________
(1) ورد في هامش «د» وبخط مغاير لخط النسخة ما نصه : وإذا ركبتم الفلك فقولوا ما أمر به : الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ، رب أنزلني منزلا مباركاً وأنت خير المنزلين ؛ فانه يقول جل جلاله ان في ذلك لآية .
( 112 )
الباب الثامن :
فيما نذكره عند المسير والطريق ، ومهمات حسن التوفيق ، والأمان من الخطر والتعويق ، وفيه فصول :

الفصل الاول: (فيما نذكره)(1)عند المسير، من القول وحسن التدبير.
روينا من كتاب (المحاسن) قال : كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد سفرا قال : «اللهم خل سبيلنا، وأحسن تسييرنا - أو قال : مسيرنا - وأعظم عافيتنا(2) »(3).
وروينا من كتاب (من لايحضره الفقيه) عن العلاء، عن أبي عبيدة، عن أحدهما عليهما السلام قال : قال : «إذا كنت في سفر فقل : اللهم اجعل مسيري عبراً، وصمتي تفكراً ، وكلامي ذكراً »(4).
أقول : وينبغي للمسافرإذا هبط أن يسبح ، وإذا صعد أن يكبر، فقد روى بن بابويه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله في سفره إذا هبط سبح ، وإذا صعد كبر»(5).
وقال رسول الله صلى الله عليه واله : «والذي نفس أبي القاسم بيده ، ما هلل مهلل ولا كبر مكبر على شرف (6) من الأشراف ، إلا هلل ما خلفه وكبر ما بين يديه بتهليله وتكبيره ، حتى يبلغ مقطع التراب »(7).
وروي في لفظ التكبير: إذا علوت تلعة(8) أو أكمة(9) أو قنطرة فقل : الله أكبر،
____________
(1) ليس في «د» و«ش ».
(2) في «ش»: عاقبتنا .
(3) المحاسن : 350|32.
(4) الفقيه2 : 179|797 .
(5) الفقيه 2 : 179|796 .
(6) الشرف : المكان العالي . «الصحاح - شرف - 4 : 1379 ».
(7) الفقيه2 : 179|798 .
(8) التلعة : ما ارتفع من الأرض . «الصحاح - تلع -3 : 1192».
(9) الأكمة: التل أو الموضع الذي يكون أشد ارتفاعاً مما حول . «القاموس المحيط - أكم - 4 :75».