قلت أنا: وكنت مرة قد توجهت من بغداد إلى الحلة على طريق المدائن ، فلما حصلنا في موضع بعيد من القرايا جاءت الغيوم والرعود، واستوى الغمام للمطر، وعجزنا عن احتماله ، فألهمني الله - جل جلاله - أنني أقول : يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا، أمسك عنا مطره وخطره وكدره وضرره ، بقدرتك القاهرة، وقوتك الباهرة . وكررت ذلك وأمثاله كثيراً، وهو متماسك بالله - جل جلاله - حتى وصلنا إلى قرية فيها مسجد فدخلته ، وجاء الغيث شيئاً عظيماً في اللحظة التي دخلت فيها المسجد وسلمنا منه ، وكان ذلك قبل أن أقف على هذا الحديث (1).
أقول : وتوجهت مرة في الشتاء بعيالي من مشهد الحسين - صلوات الله عليه - إلى بغداد في السفن ، فتغيمت الدنيا وأرعدت وبدأ المطر، فألهمت أنني قلت ما معناه : اللهم إن هذا المطر تنزله لمصلحة العباد، وما يحتاجون إليه من عمارة البلاد، فهو كالعبد في خدمتنا ومصلحتنا، ونحن الآن قد سافرنا بأمرك ، راجين لإحسانك وبرك ، فلا تسلط علينا ما هو كالعبد لنا أن يضربنا، وأجرنا على عوائد العناية الإلهية، والرعاية الربانية، وأجر المطر على عوائد العبودية، واصرفه عنا إلى المواضع النافعة لعبادك وعمارة بلادك ، برحمتك يا أرحم الراحمين . فسكن في الحال (2).
أقول : وهذا من تصديق الآيات المعظمات ، في إجابة الدعوات ، ولمحمد صلى الله عليه واله من جملة المعجزات ، ولذريته من جملة العنايات ، فإنه - جل جلاله - استجاب من المحسنين ومن المسيئين .
الفصل الخامس عشر: فيما نذكره إذا تعذر على المسافر الماء .
وجدت في حديث ، حذفت إسناده لأن المراد العمل بمقتضاه : أن الحاج تعذر عليهم وجود الماء، حتى أشرفوا على الموت والفناء، فغشي على أحدهم فسقط إلى الارض مغشيا عليه ، فرأى في حال غشيته مولانا علياً - صلوات الله عليه - يقول : «ما أغفلك عن كلمة النجاة!» فقال له : وما كلمة النجاة؟ فقال عليه السلام : «تقول :(3) أدم ملكك
____________
(1) البحار 76 : 259|53 .
(2) البحار 76 : 260|53.
(3) في «ش» : اللهم .

( 130 )
على ملكك بلطفك الخفي ، وأنا علي بن أبي طالب» فجلس من غشيته ودعا بها، فأنشأ الله - جل جلاله - غماماً في غير زمانه (1)، ورمى غيثا عاش به الحاج على عوائد عفوه وجوده وإحسانه (2).
الفصل السادس عشر: فيما نذكره إذا خاف شيطاناً أو ساحراً.
روينا من كتاب (منية الداعي وغنية الواعي) تأليف علي بن محمد بن عبد الصمد التميمي باسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : «يا علي ، من خاف شيطاناً أو ساحراً فليقرأ» (ان ربكم الله الذي خلق السماوات والآرض في ستة ايام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والآمر تبارك الله رب العالمين)(3) » وكان في الأصل بعض الاية، وقال : يقرأ الآية، فأتممناها ليحتاج إليها من لا يحفظها(4).
الفصل السابع عشر: فيما نذكره لدفع ضرر السباع .
قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه من خاف في سفره من السباع ، ونذكر حديثاً آخر من كتاب (غنية الداعي) زيادة في الإنتفاع ، بإسناده إلى مولانا جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه السلام : من تخوف سبعاً على نفسه أو على غنمه فليقل : اللهم رب دانيال ، ورب الجب ، ورب كل أسد مستأسد، احفظني واحفظ علي غنمي».
الفصل الثامن عشر: في حديث اخر للسلامة من السباع .
رويناه من (كتاب المحاسن) بإسناده عن ابن أبي فاخته ، عن أبيه قال : بعثني جعدة بن هبيرة إلى سوراء ، فذكرت ذلك لعلي عليه السلام فقال : «سأعلمك ما إذا قلته لم يضرك الأسد، قل : أعوذ برب دانيال والجب من شر الأسد - ثلاث مرات -» قال : فخرجت فإذا هو باسط ذراعية عند الجسر، فقلتها فلم يتعرض لي ، ومرت بقرات
____________
(1) في «ش»: وقته .
(2) البحار 76 : 260|53.
(3) الأعراف 7: 54.
(4) البحار 95 : 132|11.

( 131 )
فتعرض لهن وضرب منهن بقرة(1).
الفصل التاسع عشر: في دفع خطرالأسد، ويمكن أن يدفع به ضرر كل أحد.
وجدته في كتاب (الدلائل للنعماني) بإسناده عن الصادق عليه السلام لدفع الأسد إذا عرض للأنسان : «يقرأ آية الكرسي ويقول : عزمت عليك بعزيمة الله - جل جلاله - وعزيمة محمد رسول الله صلى الله عليه واله وعزيمة سليمان بن داود عليهما السلام وعزيمة علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده ، إلا تنحيت عن طريقنا ولا تؤذينا . فإنه لا يؤذيك» قال : فجرب ذلك فصح ، والحديث مختصر(2).
الفصل العشرون : فيما نذكره إذا خاف من السرق .
من كتاب (منية الداعي) بإسناده قال رسول الله صلى الله عليه واله : «يا علي ، أمان لأمتي من السرق (قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن أياماً تدعو فله الاسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً * وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له لشريك في الملك ولم يكن له ولي من الدل وكبره تكبيرا)(3). وكان في الحديث : إلى آخر السورة، فأتممناها لمن يحتاج إليها(4).
الفصل الحادي والعشرون : فيما نذكره لاستصعاب الدابة.
من كتاب (منية الداعي) بإسناده قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «يا علي ، من استصعبت عليه دابته فليقرأ في اذنها الأيسر(وله اسلم من في السماوات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون)(5)» .
الفصل الثاني والعشرون : فيما نذكره إذا حصلت الملعونة في عين دابته ، يقرؤها ويمر يده على عينها ووجهها ، أو يكتبها ويمر الكتابة عليها بإخلاص نيته .
بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله الشافي ، بسم الله الكافي ، بسم الله المعافي ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ،
____________
(1) المحاسن : 368|119 .
(2) البحار95 : 142|5.
(3) الإسراء 17: 110-111.
(4) البحار 76 : 260|53 و95 : 124|5.
(5) ال عمران 3 : 83 .

( 132 )
وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ، واردد العين الحابس ، والحجر اليابس ، وماء فارس ، وشهاب ثاقب ، من العين إلى العين ، واردد العين إلى العين فقال جبرئيل وميكائيل عليهما السلام : إلى أين تذهب يا عين السوء ؟ قالت : أذهب إلى الثور في نيره ، والجمل في قطاره ، والدابة في رباطها، فقالا لها عليهما السلام : عزمنا عليك بتسعة وتسعين اسماً أن تلقي الثور في نيره ، والجمل في قطاره ، والدابة في رباطها، كذلك يطفئ الله الوجع من العين ، بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، بسم الله ، سلام سلام من الله الذي لا إله إلا هو، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون (1).
الفصل الثالث والعشرون : فيما نذكره من الدعاء الفاضل ، إذا أشرف على بلد أو قرية أو بعض المنازل .
روينا من عدة طرق ، ونذكر لفظ ما نقلناه في كتاب (مصباح الزائر وجناح المسافر) فليقل : اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين السبع وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلت ، ورب الرياح وما ذرت ، ورب البحار وما جرت ، اني أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم يسر لي ما كان فيها من يسر، وأعني على قضاء حاجتي ، يا قاضي الحاجات ، ويا مجيب الدعوات ، أدخلني مدخل صدق ، وأخرجني مخرج صدق ، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيراً(2).
وإن شئت فقل ما نقوله من الإنشاء بعد هذا الدعاء: اللهم ارزقني خير هذا المكان وخير أهله ، وخير من دخل إليه أو يدخل إليه ، وخير من قرب منه أو أقام به أو خرج عنه ، واكفني شره وشرأهله وشرمن دخل إليه أو يدخل إليه ، وشر من قرب منه أو أقام به أو خرج عنه ، اللهم وألهمهم حفظ حرمتك ، والعمل بشريعتك ، في ترك الأذى لأنفسهم بظلمهم لنا والغيبة لنا والتعرض بنا، واختم على جوارحهم أن تقع منها مخالفة لإرادتك أو معارضة لحكمك (3)، بشيء يغير علينا عوائد (رحمتك وفوائد
____________
(1) البحار95 : 42|2 .
(2) مصباح الزائر: 11 ، البحار 76 : 260|54 عن الأمان .
(3) في «ش» : لكلمتك .

( 133 )
نعمتك)(1) وادفع عنا نحوس هذا المكان وضره وبؤسه وأكداره وأخطاره ، وكمل (2) لنا سعوده وخلوده ومساره ومباره ، وأدخلنا إليه مدخل صدق ، وأقمنا به مقام صدق ، وأخرجنا منه مخرج صدق ، واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا، وكن لنا على الدهر ظهيراً، ومن كل سوء مجيراً، وهب لنا في الدنيا إنعاماً كثيراً، وفي الاخرة نعيماً وملكاً كبيراً، وابدأ في هذا الدعاء وهذا الرجاء ، بمن يرضيك البدأة به من أهل الاصطفاء والاجتباء، واجعلهم من الوسائل لنا إليك ، في كل ما عرضناه أو نعرضه عليك ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
الفصل الرابع والعشرون : فيما نذكره من اختيار مواضع النزول ، وما يفتح علينا من المعقول والمنقول .
إعلم أن اختيار موضع النزول ينبغي أن يكون في موضع قريب من الماء للطهارات ، والشرب والضرورات ، وفيه ما يحتاج إليه الأصحاب والدواب من المهمات ، وأن يكون في وسط القوم الذين صحبتهم لخفارتك وحفظ حرمتك ، وتجعل الليل إن كان الوقت ليلاً مقسماً بينهم يحفظ كل منهم بقدر حصته من ليلته، وليس ذلك مخالفاً للتوكل على الله - جل جلاله - وعلى حفظه وحراسته .
فصل : فقد روينا أن النبي صلى الله عليه وآله كان له من صحابته من يحفظه في سفره من أهل عداوته ، إلى أن نزل قوله جل جلاله (وآلله يعصمك من الناس)(3) فترك الاحتراس بالناس .
فمن الرواية في تحفظه عليه السلام في سفره ما نذكر معناه ، لأن الغرض من ذلك الاقتداء به صلوات الله عليه واله والتعريف بأفعاله .
رأينا وروينا من بعض تواريخ أسفاره - عليه أفضل الصلوات - أنه كان قد قصد قوماً من أهل الكتاب قبل دخولهم في الذمة، فظفر منهم بامرأة قريبة العرس
____________
(1) في «ش»: نعمتك وفوائد رحمتك.
(2) في «ش» : وأكمل .
(3) المائدة 5: 67 .

( 134 )
بزوجها، وعاد من سفره فبات في طريقه ، وأشار إلى عمار بن ياسر وعباد بن بشر أن يحرساه ، فاقتسما الليلة فكان لعباد بن بشر النصف الأول ، ولعمار بن ياسر النصف الثاني ، فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلي ، وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته ، ويغتنم إهمالاً من التحفظ فيفتك بالنبي صلى الله عليه واله فنظراليهودي إلى عباد بن بشريصلي في موضع العبور، فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة أو أكمة أو دابة أو أنسان ، فرماه بسهم فأثبته فيه ، فلم يقطع عباد بن بشرالصلاة، فرماه بآخر فأثبته فيه ، فلم يقطع الصلاة، فرماه باخر فخفف الصلاة وأيقظ عمار بن ياسر، فرأى السهام في جسده فعاتبه وقال : هلا أيقظتني في أول سهم !؟ فقال : كنت قد بدأت بسورة الكهف فكرهت أن أقطعها، ولولا خوفي أن يأتي العدو على نفسي ويصل إلى رسول الله صلى الله عليه واله وأكون قد ضيعت ثغراً من ثغور المسلمين ، ما خففت من صلاتي ولو أتى على نفسي ، فدفعا العدو عما أراده .
أقول : وذكر أبونعيم الحافظ في الجزء الثاني من كتاب (حلية الأولياء) بإسناده في حديث أبي ريحانة، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة : فأوينا ذات ليلة إلى شرف (1)، فأصابنا فيه برد شديد، حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة فيدخل فيها ويكفأ عليه بحجفته (2)، فلما رأى ذلك منهم ، قال : «من يحرسنا في هذه الليلة؟ فأدعوله بدعاء يصيب به فضله» فقام رجل فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : «من أنت ؟» فقال : فلان بن فلان الأنصاري ، فقال : «ادنه» فدنا منه ، فأخذ ببعض ثيابه ، ثم استفتح بدعاء له ، قال أبو ريحانة : فلما سمعت ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه واله للأنصاري فقمت فقلت : أنا رجل ، فسألني كما سأله وقال : «ادنه» كما قال له ، ودعا بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ، ثم قال : «حرمت النارعلى عين سهرت في سبيل الله ، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله » وقال الثالثة أنسيتها.
قال أبو شريح بعد ذلك : «وحرمت النارعلى عين غضت عن محارم الله »(3).
____________
(1) الشرف : المكان العالي .«الصحاح - شرف - 4 : 1379».
(2) الحجفة : الترس إذا كان من جلود. «الصحاح - حجف - 4 : 1341 ».
(3) حلية الأولياء 2 : 28.

( 135 )
الفصل الخامس والعشرون : فيما نذكره من أن اختيارالمنازل ، منها ما يعرفت صوابه بالنظرالظاهر، ومنها ما يعرفه الله ـ جل جلاله - لمن يشاء بنوره الباهر
أقول : اما اختيار المنازل بالنظر الظاهر، فأن يكون كما ذكرناه في أرض ومكان فيه ما يحتاج الإنسان إليه له ولأصحابه ولدوابه ، ويأمن فيه من ضرر يتوجه عليه . وأما تعريف الله - جل جلاله - لمن يشاء بنوره الباهر، كما رويناه من كتاب محمد بن جرير بن رستم الطبري من كتاب «دلائل الإمامة» عند ذكر كرامات علي بن الحسين صلوات الله عليه بإسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال : «خرج أبو محمد علي بن الحسين عليه السلام إلى مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم ، فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها، فلما دنا علي بن الحسين عليهما السلام من ذلك الموضع قال لمواليه : كيف ضربتم في هذا الموضع ، وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة، وذلك يضرّ بهم ويضيق عليهم .
فقلنا : ماعلمنا ذلك ، (وعملوا على)(1)قلع الفساطيط ، وإذا هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه ، وهو يقول : يا ابن رسول الله ، لاتحول فسطاطك من موضعه ، فإنا نحتمل لك ذلك ، وهذا اللطف قد أهديناه إليك ، ونحب أن تنال (2)منه لنسر(3)بذلك . فإذا في جانب الفسطاط طبق عظيم ، وأطباق معه فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة ، فدعا أبو محمد عليه السلام من كان معه فأكل وأكلوا معه من تلك الفاكهة»(4).

* * *

____________
(1) في «ش» : وعمدوا إلى .
(2) فى «ش» : تنناول .
(3) فى «ش»: لتسرنا.
(4) دلائل الأمامة : 93، والبحار 46 : 45|45 و 63 : 90|44 .

( 136 )
الباب العاشر
فيما نذكره مما نقوله عند النزول ، من المروي المنقول ، وما يفتح علينا من زيادة في القبول ، وما نتحصن به من المخوفات من الدعوات ، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره مما يقوله إذا نزل ببعض المنازل .
روينا في كتاب (مصباح الزائر وجناح المسافر) وغيره من النقل الظاهر أن المسافر إذا نزل ببعض المنازل يقول : اللهم أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ، ويصلي ركعتين بالحمد وما يشاء من السورالقصار، ويقول : اللهم ارزقنا خير هذه البقعة وأعذنا من شرها ، اللهم أطعمنا من جناها ، وأعذنا من وباها ، وحببنا الى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا، ويقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن علياً أمير المؤمنين والأئمة من ولده أئمة أتولاهم وأبرأ من أعدائهم ، اللهم إني أسألك خير هذه البقعة وأعوذ بك من شرها، اللهم اجعل أول دخولنا هذا صلاحاً ، وأوسطه فلاحاً ، واخره نجاحاً(1).
الفصل الثاني : فيما نذكره من زيادة الاستظهار، للظفر بالمسار ودفع الأخطار
وإن شاء فيقول : السلام على من بهذا المنزل من الروحانيين ، من الملائكة الحافظين ، والجن المؤمنين ، قد نزلنا في هذا المقام واخترناكم لمقام إكرام الضيفان والجيران ، ونحن نتوجه إليكم بالله - جل جلاله - المنعم علينا وعليكم ، أن تكونوا لنا على قدم الضيافة، والحماية من كل آفة ومخافة .
ذكرما فتح علينا من دعوات ، تحصن من المخافات :
وإن شئت فقل زيادة على ما أوردناه ورويناه : اللهم صل على محمد وال محمد، واجعل هذا المنزل لنا من منازل المسعودين المجدودين (2)، المحفوظين الملحوظين ، المسرورين المنصورين ، الظافرين بسعادة الدنيا والدين ، المحميين من أذى الظالمين والباغين والمغتابين والحاسدين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
____________
(1) مصباح الزائر: 11 ، والبحار 76: 261|56.
(2) في «ش» و «ط» : المحمودين . والمجدود : المحظوظ . « الصحاح - جدد - 2 : 452 » .

( 137 )
الفصل الثالث : فيما نذكره من الأدعية المنقولات ، لدفع محذورات مسميات .
إذا خفت في منزلك شيئا من هوام الأرض ، فقل في المكان الذي تخاف ذلك فيه - وهو من أدعية السر- يا ذارئ ما في الأرض كلها لعلمك بما يكون مما ذرأت ، لك السلطان على كل من دونك ، إني أعوذ بقدرتك على كل شيء من الضر في بدني ، من سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب ، يا خالقها (بقدرته وفاطرها)(1) بفطرته ، ادرأها عني واحجزها عني ولا تسلطها علي ، وعافني من شرها وبأسها، يا الله العلي العظيم (حطني بحياطتك واحمني بحمايتك واكفني بكفايتك و)(2)احفظني بحفظك ، واجنبني (3)بسترك الواقي من مخاوفي ، يا رحيم (4).
الفصل الرابع : فيما نذكره مما يحفظه الله - جل جلاله - به إذا أراد النوم في منازل أسفاره .
رويناه من (كتاب المحاسن) للبرقي بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : «أتى أخوان إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقالا: نريد الشام في تجارة، فعلمنا ما نقول . فقال : نعم ، إذا أويتما إلى المنزل فصليا العشاء الآخرة، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة، فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ثم ليقرأ اية الكرسي فإنه محفوظ من كل شيء حتى يصبح ، وان لصوصاً تبعوهما حتى إذا نزلوا بعثوا غلاماً لهم ينظركيف حالتهما ناما(5)أم مستيقظان . فانتهى الغلام إليهما وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه ، وقرأ اية الكرسي وسبح تسبيح فاطمة عليها السلام .
قال : فإذا عليهما حائطان مبنيان ، فجاء الغلام فطاف بهما، فكلما دار لم ير إلا
____________
(1) ليس في «ش» و «ط» والمصدر والبحار.
(2) ليس في «ش» و «ط» والمصدر والبحار.
(3) في «ش» : واسترني .
(4) أدعية السر للراوندي : 23 ، والبحار 76: 261|56.
(5) في «ش»: أنائمان.

( 138 )
حائطين مبنيين ، (فرجع إلى أصحابه فقال : لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين )(1)، فقالوا له : أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت ، فقاموا فنظروا (فلم يروا إلا حائطين مبنيين ، فداروا بالحائطين )(2) فلم يروا إنسانا ، فانصرفوا إلى منزلهم .
فلما كان من الغد جاؤوا إليهم فقالوا: أين كنتم ؟ فقالوا: ما كنا إلا هاهنا وما برحنا، قالوا: والله ، لقد جئنا وما رأينا إلا حائطين مبنيين ، فحدثونا ماقصتكم ؟ فقالوا: إنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسألناه أن يعلمنا، فعلمنا آية الكرسي وتسبيح فاطمة عليها السلام ، فقلنا ذلك . قالوا: انطلقوا، لا والله لانتبعكم أبداً، ولا يقدر عليكم لص بعد هذا الكلام »(3).
الفصل الخامس : فيما نذكره مما يقوله المسافر لزوال وحشته ، والأمان عند نومه من مضرته.
روينا من (كتاب المحاسن) بإسناده عن الجعفري ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «من خرج وحده في سفر فليقل : ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم انس وحشتي ، وأعني على وحدتي ، وأد غربتي .
قال : ومن بات في بيت وحده ، أوفي دار أو في قرية وحده ، فليقل : اللهم آنس وحشتي ، وأعني على وحدتي».
قال : وقال له قائل : إني صاحب صيد، فربما يعرض لي سبع أو أبيت بالليل (في الخرابات والمكان الموحش)(4)،فقال : «إذا دخلت فقل : بسم الله ، وأدخل رجلك اليمنى، وإذا خرجت فأخرج اليسرى، (وسم الله )(5)، فإنك لاترى مكروها، إن شاء الله تعالى»(6).
____________
(1) ما بين القوسين ليس في «د» و«ش» والمصدر.
(2) ما بين القوسين ليس في «د» و «ش».
(3) المحاسن : 368|120 .
(4) في «ش» : في بعض الأماكن والخرابات الموحشة .
(5) في «ش» والمصدر: وقل : بسم الله .
(6) المحاسن : 370|122 .

( 139 )
الفصل السادس : فيما نذكره من زيادة السعادة والسلامة، بما يقوله عند النوم في سفره ليظفر بالعناية التامة .
حيث قد ذكرنا نوم المسافر، وأنه يبقى هو وما(1)معه محتاجاً إلى حافظ لا ينام قادر قاهر، فلنذكر ما يحضرنا في ذلك إن شاء الله تعالى، فنذكر بعض ما ذكرناه في كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل) عند النوم ، فنقول : إن النوم موت اليقظة، ووفاة الجوارح عن حياة الاستقامة، قال الله جل جلاله : (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهارثم يبعثكم فيه)(2) فجعل - جل جلاله - النوم وفاة، واليقظة بعثاً وحياة، وقد عرفت أن النائم يصير كالأعمى والأصم والأخرس والزمن (3) والمرطوب (4)، ويضيع منه الانتفاع بعقله فيما يقربه إلى علام الغيوب ، وكأنه إذا نام قد ضيع عياله وأمواله وحوائجه ومهماته وضروراته، وما بقي له قدرة على حفظ شيء مما كان يحفظه باليقظة من مطلوباته ومراداته، ولو أحرزها بالأقفال وما يجري مجراها من الاحتيال ، فإنه إذا نام أمكن فيها وقوع ما لا يريد على كل حال ، فكان الإنسان إذا نام قد اصيب مصائب هائلة، ووقع تحت أخطار ذاهلة ، وما بقي يقدر على جمع شمله باليقظة على السلامة، وبجوارحه على الاستقامة، ويحفظ له مهماته على الإرادة التامة، إلا الله جل جلاله(5).
أقول : فينبغي أن يتوب من كل مايقتضي غضبه عليه ، فإن لم توافقه نفسه على التوبة، وكان مصراً قد غلبت القساوة عليه ، فيسأل الله - جل جلاله - العفو عنه ، فإن مصانعته لله - جل جلاله - عند نومه أمر لا بد منه ، فإنه إذا كان الله - جل جلاله - غضباناً عليه ، وهو مهون بغضبه وغير ملتفت إليه ، فقد أعان على هلاك مهجته ، وكل ما يعز عليه
____________
(1) في «ش»: ومن .
(2) الأنعام 6 :60 .
(3) الزمن : المريض الدائم المرض . أنظر «الصحاح - زمن - 5 : 2131».
(4) المرطوب : صاحب الرطوبة . «مجمع البحرين - رطب - 2: 70».
(5) فلاح السائل : 271 باختلاف في ألفاظه .

( 140 )
وصار في حال ينبغي أن يبكي منه ويبكى عليه ، وإن لم يصح منه طلب العفو والغفران ، بذل الجناة وأهل العصيان ، فيستسلم لله - جل جلاله - استسلام من يسترحم لمن يأخذ القود منه ، فعسى من رحمته وسعت كل شيء - جل جلاله - أن يرحمه ويعفو عنه ، ويحفظه في نومته ، ويعيده إلى فوائد يقظته . ويودع نفسه وكل من يعز عليه وما يعز عليه ، لله - جل جلاله - الذي أمر بحفظ الودائع والأمانات ، وجعل ذلك من الوصف الكامل ، وهو أجل وأقدر عليه .
أقول : ولقد رأيت في كتاب (الياقوت الأحمر) تأليف أحمد بن الحسن الأهوازي ، ما هذا لفظه ، قال : وسمعت أن بعض وصفاء الاكاسرة قالت : ما نام كسرى قط إلا وقبل نومه يسجد لله - عز وجل - ويسأله أن يحييه بعد ما يميته . يعني بالموت : النوم ، وبالحياة : الانتباه .
الفصل السابع : فيما نذكره مما كان رسول الله يقوله إذا غزا أو سافر فأدركه الليل .
رويت ذلك بإسنادي من (كتاب التذييل) لمحمد بن النجار في ترجمة حمزة بن علي بن عثمان القرشي المخزومي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إذا غزا أو سافرفدركه الليل ، قال : «يا أرض ، لم ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك ، وشر ما خلق فيك ، وشر مادب عليك ، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب ، ومن ساكن البلد، ومن شر والد وما ولد»(1).
الفصل الثامن : فيما نذكره إذا استيقظ من نومه .
قد ذكرنا في كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل) وكتاب (الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار) ما يحتاج الإنسان إليه ، في مثل هذه الحال التي تتهيأ عليه . ونقول هاهنا : إنه إذا استيقظ - ليلاً كان أو نهاراً - يسجد عقيب يقظته ، شكرا لله - جل جلاله - على سلامته ، وتمام عافيته . فقد روينا أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام كان يسجد لله - جل جلاله - عقيب اليقظة والمنام .
____________
(1) البحار 76: 261|55.

( 141 )
الفصل التاسع : فيما نذكره مما يقوله ويفعله عند رحيله من المنزل الأول .
قد قدمنا في أوائل هذا الكتاب ، عند وداعه لمنزله وعياله ، من دعائه وابتهاله ، ما يغني عن تكراره . ونحن نذكر ما يحضرنا من غير ذلك اللفظ ، لئلا نحوجه أن يرجع إلى تصفح الكتاب واعتباره ، فنقول :
ذكر الطبرسي فى كتاب (الآداب الدينية) ما رواه عن العترة النبوية، من العمل عند الرحيل من منازل الأسفار، فقال ما هذا لفظه : وإذا أردت الرحيل فصل ركعتين ، وادع الله بالحفظ والكلاءة، وودع الموضع وأهله ، فإن لكل موضع أهلاً من الملائكة، وقل : السلام على ملائكة الله الحافظين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ورحمة الله وبركاته (1).
الفصل العاشر: فيما نذكره في وداع المنزل الأول من الإنشاء.
السلام على من بهذا المنزل من أهله ، سلاماً يزيدكم الله - جل جلاله - به من فضله ، ونستودعكم الله - جل جلاله - والحفظة من ملائكته وخاصته ، ونسألكم أن تستودعونا الله - جل جلاله - وجميع حفظته ، وأن تذكرونا في خلواتكم ومناجاتكم ، بما يليق بمروءاتكم وعناياتكم ، وتشركونا في دعواتكم ، وأن تسألوا الله - جل جلاله - لنا تمام السلامة، ودوام الاستقامة، وإن كان قد وقع منا في هذا المنزل شيء يقتضي سوء مجاورتكم ، أو إهمال لحق صحبتكم ، أو مخالفة لله - جل جلاله - في مراعاة أهل المنازل ، أو تضييع لبعض الآداب والفضائل ، فنسألكم العفو عما يخصكم ، وطلب العفو عنا من الله - جل جلاله - فيما يختصّ ، بإهمال أمره ، وتعظيم قدره ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره من وداع الأرض التي عبدنا الله - جل جلاله - عند النزول عليها في المنزل الأول .
فنقول : اللهم إنا روينا في الأخبار النبوية، والآثار المرضية، أن كل أرض تشهد يوم القيامة لمن قصد إليها وعبدك عليها، اللهم فاجعل هذه الأرض من جملة شهودنا
____________
(1) الآداب الدينية : 52، البحار 76 : 261|56عن الإمان .

( 142 )
يوم موعودنا، إنك ارتضيتنا فيها لعبادتك ، وأهلتنا للتشريف بطاعتك ، ووفقتنا للشكر لنعمتك ، واغننا في اليوم الموعود عن شهادة الشهود، بما أنت أهله من الرحمة والجود، واجعل العناية التي دلتنا على هذا التعريف والتشريف ، سببا لحفظنا في طريقنا، وزيادة توفيقنا ، وزوال الأمور المقتضية لتعويقنا، برحمتك يا أرحم الراحمين . وأشرك في كل ما دعوناه ورجوناه ، من صحبنا من صديقنا ورفيقنا، ومن كان مسافراً من إخواننا الصالحين ، يا أكرم الأكرمين .
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من القول عند ركوب الدواب من المنزل الثاني ، عوضا عما ذكرناه في أوائل الكتاب .
إذا ركبت الدابة من المنزل الثاني ، فإن شئت فقل ما قدمنا ذكره عند ركوب الدواب ، ففيه كفاية وهداية إلى الصواب ، وإن لم ترد تصفح الأوراق ، وكرهت الرجوع بنظرك له إلى ما قدمناه لسرعة التوجه وعجلة الرفاق ، فقل : اللهم إنك خلقت لنا هذه الدواب ، وسخرتها لنا لنسير عليها إلى طلب المحاب ، والظفر بسعادة يوم الحساب ، ونعيم دار الثواب ، وجعلت ما تحتاج إليه من العلف والماء ناشئاً عن قدرتك وسعة رحمتك ، ولم يكن ذلك عن سؤال منا، ولا عمل صالح سابق صدرعنا، فيامن ابتدأنا بالنوال قبل السؤال ، وسخر لنا المطايا قبل أن نتعرض للعطايا، ولم يعاجلنا بالعقوبة عند الخطايا، صل على محمد وآل محمد، وعرفنا قدررحمتك ونعمتك ، وأوزعنا شكرها بعنايتك ، وهبنا قوة ربانية للقيام بحقوق عطيتك ، وذللها لنا تذليل العناية بنا، والرحمة لنا، والهمنا أن يكون مسيرنا وتدبيرنا موافقا لإرادتك ، وتابعا لحكمتك في تدبير خليقتك ، وإذا غفلنا عن تصريفها في تسييرها بحسب سلامتنا وسعادتنا ، فألهمها أن تسير كما أنت أهله من حفظنا وحراستنا، وما يقتضي ظفرنا بسعادة دنيانا وآخرتنا، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا شرعت في المسير فقل : اللهم تسلم منا ما وهبت لنا من الاختيار، واجعل اختيارنا في مسيرنا وليلنا ونهارنا، صادراً عن الإلهام الواقي من أخطارنا وأكدارنا، وحل بيننا وبين من يمكن أن يؤذينا في طريقنا، بما تمدنا به من حسن توفيقنا وصلاح رقيقنا، واجعل حولنا حجاباً من أستارك ، وحصنا من كفايتك ومبارك ، وألبسنا دروع حمايتك
( 143 )
وانتصارك ، واملأ قلوبنا من كنوز التوكل والتقوى الواقية من البلوى، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا أشرفت على قرية أو منزل تريد النزول فيه بعد المسير الثاني ، فقل : اللهم قد أريتنا من حفظك وحياطتك ، وعوائد رحمتك ، وظاهر إجابتك ، ما أطمعنا في زيادة الدعاء والابتهال ، والظفر بإجابة السؤال وبلوغ الآمال ، وقد وصلنا إلى المنزل الثالث من حيث خرجنا من منازل العيال ، فاجعله اللهم من منازل البشارات ، ومناهل العنايات ، ، وموارد السعادات، وضاعف لنا فيه عند نزوله وعند الإقامة به وعند الرحيل منه ، مواهب الكرامات والبركات والخيرات ، واصرف عنا فيه جميع المكروهات والمحذورات ، واحفظ علينا ما صحبناه وما خلفناه ، وما نحتاج إلى حفظه مما ذكرناه أو أهملناه ، وأصلح قلوب أهله لنا، والهمهم العناية بنا، واجعل ما ننتفع منه من الغذاء وغيره من الأشياء في مقام الدواء والشفاء، وطهره من الأدناس والأقذاء، وسلمنا من كيد الأعداء، وسائر أنواع البلاء والابتلاء، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا نزلت في المنزل الثالث فقل : اللهم اجعل نزولنا في هذا المنزل الثالث ، محروساً من خطر الحوادث ، ونزهه من الأكدار وأخطار الأسفار، واملأه من المسار وأنوار الأسرار، واجعلنا فيه ومن صحبنا ممن يعز علينا، وجميع ما أحسنت به إلينا، من المحفوظين بعينك التي لاتنام ، والمحروسين بركنك الذي لا يرام ، والمحميين بدرعك الذي لا يضام ، ووفقنا فيه لما تريد منا وترضى به عنا على الكمال والتمام ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإن شئت فاسجد سجدة الشكرعلى السلامة والعافية وقل فيها : اللهم إنك جعلت السجود محلا للقرب بمنطق قرآنك ، وأنا أسألك دوام ما أعطيتنا(1) من إحسانك وأمانك ، ومكاشفتنا بجلالة سلطانك ، وثبوتنا على مرادك إلى أن تكمل لنا ما أنت أهله من دوام رضوانك ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا أردت أكل الطعام في المنزل الثالث فقل : اللهم قد كنت تضيفت على موائد رحمتك ، وتوليت يا رب تسييره في اعضائي على جميل عادتك ، ولم تعاجلني بعقوبة
____________
(1) في «ش»: اعطيناه .

( 144 )
على إهمال لشكرنعمتك ، ولا تهوين بمراقبتك ، فأنا أحمدك كما تستحقه مني وترضى به عني ، وقد جلست الآن على هذه المائدة الصادرة عن عواطفك وعوارفك، متضيفاً ومسترحما ومستعطفاً ، فاجعلها ضيافة مقرونة بما أوصيت به من إكرام الضيوف ، والأمان من كل أمر مخوف ، فقد رأينا في مناقب عبيدك الذين تعلموا الفضائل منك ، أن الضيف إذا أكل من طعامهم أمن منهم ، وصدر بالسلامة عنهم ، وأنت أحق بما علمتهم من صفات الكمال ، فنسألك أن تضيفنا بضيافة مائدتك ، أفضل ما بلغ إليه ضيف من الإقبال والآمان ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا أردت النوم في المنزل الثالث فقل : اللهم قد أريتنا من قدرتك وعنايتك ، في هذا السفر المقترن بحفظك وحياطتك (1)، ما بسط أكف سؤالنا، ورجونا به بلوغ آمالنا، اللهم فكما حفظتنا فيما مضى من حركتنا، في نومنا ويقظتنا، ولم تكلنا إلى ضعف قوتنا، ولا عجز حيلتنا، فصل على محمد وال محمد، واحفظنا في هذا المنزل الثالث عند المنام واليقظة، واجعل لنا من لطفك وعطفك حفظة، وأيقظنا فيه لعبادتك ، وشرفنا باتباع إرادتك وآداب شريعتك ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا استيقظت من النوم في هذا المنزل الثالث ، فقل بعد(2)سجدة الشكر على سلامتك في نومك ويقظتك : اللهم قد حفظت ووقيت ، وعفوت وعافيت ، وأريتنا في هذه المنازل ، من فضلك الكامل وظلك الشامل ، ما يحمدك عليه بيان مقالي ولسان حالي ، ونسألك تمام ماعودتنا من رحمتك ، وجميل عائدتك ، وجليل معونتك ، وحفظك وحياطتك ونصرتك ، وتدبيرنا في مسيرنا، بأفضل ما دبرت أحداً من أهل الأسفار، من السلامة والمسار، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وإذا أردت وداع الروحانيين في هذا المنزل الثالث فقل : السلام عليكم أيها الروحانيون ، والحافظون والمجاورون ، قد عزمنا على الرحيل من جهتكم ، ونحن شاكرون لحسن مجاورتكم ، وسائلون الله - جل جلاله - أن يجازيكم عنا بما يليق بفضله ، وسائلون لكم أن تسألوه أن يشملنا بظله ، وأن يصحبنا منكم فيما بقي من أسفارنا، من يعيننا على
____________
(1) في «ش»: وعنايتك .
(2) في «ش» : في .