
وتَمُرُّ الاَعوامُ متعاقبةً.. حتّى جاءَ ذلِكَ اليومُ الموْعودُ.. ويا لَهُ مِنْ يومٍ.. كانَ
الجوُّ شديدَ الحرارةِ في ظهيرَةِ ذلِكَ اليومِ.. وكانَتْ آلافُ القوافِلِ عائدةً مِنَ الحَجِ
مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وكانَتْ أقْدامُهُمْ تكتوَي مِنْ شدَّةِ حرارةِ الرّمالِ.. وتَلفَحُ
وجُوهَهُمْ سمومُ الصحراءِ تحتَ لهبِ الشمسِ.. والاَكثرُ منْ هذا هوَ ما كانَ يَختَلِجُ

في صدورِهِم.. فقدْ لَمَّحَ لَهُمْ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أثناءَ مناسكِ الحَجِّ بما جَعَلَهُمْ يشعرُونَ
بأنَّ هذهِ الحَجَّةُ هيَ آخرَ حَجّةٍ لهُ صلى الله عليه وآله وسلم .. وواصَلَتِ القَوافِلُ سيرَها حتّى وَصَلَتْ
إلى مكانٍ تَتفرَّعُ منهُ طُرُقُ بُلدانِ الحُجّاجِ.. والّذي يُسمّى بغَديرِ خُمٍّ.. سَمِعَ الناسُ
صَوتاً يُناديهِم ويدعُوهُم إلى التَوَقُّفِ.. فَنَظَرُوا خَلْفَهُم مُتسائِلينَ عَمّا يجري : ـ مَا
الّذي حَصَلَ في هذا الوقتِ وفي هذهِ الظُروفِ.. ؟!