طباعة

علي (عليه السلام) شهيد المحراب (دفن وتأبين الإمام (عليه السلام))

نهض الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام) بتجهيز أمير المؤمنين وما يترتّب عليهما من إجراءات الدفن من غسل وتكفين، ثمّ صلى الإمام الحسن (عليه السلام) على أبيه ومعه ثلّة من أهل بيته وأصحابه ثمّ حملوا الجثمان الطاهر الى مثواه الأخير، فدفن في النجف قريباً من الكوفة وتمّت كلّ الإجراءات ليلاً[6] ثمّ وقف صعصعة بن صوحان يؤبّن الإمام (عليه السلام) فقال: هنيئاً لك يا أبا الحسن! فلقد طاب مولدك، وقوي صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقدمتَ على خالقك فتلقّاك الله ببشارته وحفّتك ملائكته واستقررتَ في جوار المصطفى فأكرمك الله بجواره، ولحقتَ بدرجة أخيك المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى، فأسأل الله أن يمنَّ علينا بإقتفائنا أثرك، والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك، والمعاداة لأعدائك وأن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلتَ ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يُدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربّك بين يدي أخيك المصطفى حقّ جهاده، وقمت بدين الله حقّ القيام، حتى أقمتَ السنن وأبرتَ الفتن واستقام الإسلام وانتظم الإيمان، فعليك منّي أفضل الصلاة والسلام. ثمّ قال: لقد شرّف الله مقامك، وكنت أقرب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نسباً، وأوّلهم إسلاماً، وأوفاهم يقيناً، وأشدّهم قلباً، وأبذلهم لنفسه مجاهداً، وأعظمهم في الخير نصيباً، فلا حرمنا أجرك، ولا أذلّنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح الخير ومغالق الشر، وإنّ يومك هذا مفتاح كلّ شر ومغلاق كلّ خير، ولو أنّ الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنّهم آثروا الدنيا على الآخرة[7].

*****************
[6] بحار الأنوار: 42 / 290.
[7] بحار الأنوار: 42 / 295.