• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نص المنشور

نص المنشور

«بويع يزيد للخلافة سنة ستين للهجرة، وكان له من العمر أربع وثلاثون سنة، ولم يبايع الحسين بن علي ولا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
ذكر ابن كثير عن عبد الله بن مطيع وأصحابه أنهم مشوا إلى محمد ابن الحنفية (محمد بن علي بن أبي طالب أخو الحسن والحسين) فراودوه على خلع يزيد فأبى عليهم، قال: ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمرة ويترك الصلاة. فقال محمد بن الحنفية: لقد لزمت يزيد فوجدته متحرياً للسنة غير تارك للصلاة.
وبلغ الخبر أهل العراق أن الحسين لم يبايع ليزيد، فأرسلوا إليه الرسل والكتب أنّا قد بايعناك ولا نريد إلا أنت، حتى بلغت أكثر من خمسمائة كتاب كلها جاءت من الكوفة.
فأرسل الحسين رضي الله عنه ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليتقصى الأمور ويعرف حقيقة الأمر.
فلما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة جاء الناس أرتالاً يبايعون مسلماً على بيعة الحسين رضي الله عنه، فتمت البيعة عند أهل الكوفة للحسين.
فما كان من يزيد إلا أن أرسل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ليمنع مسألة الحسين أن يأخذ الكوفة لكي لا تعود الأمور كما كانت قبل عام الجماعة فيرجع القتال بين أهل العراق وأهل الشام، ولم يأمر عبيد الله بن زياد بقتل الحسين.
وبعد أن استقرت الأحوال وبايع الناس لمسلم بن عقيل، أرسل إلى الحسين رضي الله عنه أن أقدم وأن الجو قد تهيأ.
فخرج الحسين رضي الله عنه من مكة في يوم التروية قاصداً الكوفة.
فلما علم عبيد الله بن زياد بذلك أمر بقتل مسلم بن عقيل، فما كان من الأخير إلا أن خرج مع أربعة آلاف من أهل الكوفة وحاصر قصر بن زياد، إلا أن أهل الكوفة ما زالوا يتخاذلون عن مسلم بن عقيل حتى بقي معه ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف، فقتل رحمه الله يوم عرفة.
وكان الحسين رضي الله عنه قد خرج قاصداً العراق يوم التروية، وكان كثير من الصحابة نهوا الحسين عن الخروج، منهم أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وكذلك أخوه محمد بن الحنفية، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
قال الشعبي: «كان ابن عمر بمكة، فلما علم أنه توجه إلى العراق لحق به إلى العراق على مسيرة ثلاثة أميال فقال: أين تريد؟
فقال: العراق، وأخرج له الكتب التي أرسلت له من العراق وأنهم معه.
فقال له: هذه كتبهم وبيعتهم.
فقال ابن عمر: لا تأتيهم، فأبى الحسين إلا أن يذهب.
فقال ابن عمر: إني محدثك حديثاً: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والأخرة فاختار الأخرة ولن يريد الدنيا وأنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبداً ولا صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، أبى أن يرجع، فاعتنقه ابن عمر فبكى وقال: استودعك الله من قتيل.
وكلمه أبو سعيد الخدري، قال: «يا أبا عبد الله إني ناصح لك وإني عليكم مشفق وقد بلغنا أن قوماً من شيعتكم قد كاتبوكم من الكوفة فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول:
«والله إني مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني».
ولما علم عبيد الله بن زياد بقرب وصول الحسين أمر الحر بن يزيد التميمي أن يخرج بألف رجل ليلقى الحسين في الطريق، فلقيه قريباً من القادسية، وأخبره بخبر مسلم بن عقيل وأن أهل الكوفة قد خدعوك وخذلوك، فهم الحسين رضي الله عنه أن يرجع، فتكلم أبناء مسلم بن عقيل قالوا: «لا والله لن نرجع حتى نأخذ بثأر أبينا. عند ذلك رفض الحسين رضي الله عنه الرجوع.
وأراد أن يتقدم فجاء الحر بن يزيد فسايره وقال: إلى أين تذهب يا بن بنت رسول الله؟
قال: إلى العراق.
قال: ارجع من حيث أتيت أو اذهب إلى الشام حيث يزيد بن معاوية ولكن لا ترجع إلى الكوفة.
فأبى الحسين، ثم سار إلى العراق والحر بن يزيد يمنعه، فقال الحسين: ابتعد عني ثكلتك أمك، فقال الحر بن يزيد: والله لو غيرك قالها من العرب لاقتصصت منه ولكن ماذا أقول وأمك سيدة نساء العرب.
فعند ذلك امتنع الحسين عن الذهاب.
ثم جاءت مؤخرة الجيش وكان مقدارها أربعة آلاف بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وواجهوا الحسين في مكان يقال له كربلاء.
ولما رأى الحسين رضي الله عنه أن الأمر جد قال لعمر بن سعد إني أخيرك بين ثلاث فاختر منها ما تشاء، قال: ما هي؟
قال الحسين: أن تدعني أرجع أو تتركني إلى ثغر من ثغور المسلمين أو تتركني أذهب إلى يزيد.
وأرسل عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد بالخبر، فرضي عبيد الله بأي واحدة يختارها الحسين، وكان عند عبيد الله بن زياد رجل يقال له شمر بن ذي الجوشن، قال: لا حتى ينزل على حكمك، فقال ابن زياد: نعم حتى ينزل على حكمي بأن يأتي إلى الكوفة وأنا أسيره إلى الشام أو إلى الثغور أو أرجعه إلى المدينة، وأرسل عبيد الله شمر بن ذي الجوشن إلى الحسين، إلا أن الحسين أبى أن ينزل على حكم ابن زياد.
فتوافق الفريقين وكان مع الحسين اثنان وسبعون فارساً قال الحسين لجيش بن زياد: راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل ينفعكم مثل هذا القتال وأنا ابن بنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري؟
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولأخي: «سيدا شباب أهل الجنة».
فانضم الحر بن يزيد إلى الحسين، فقيل له: كيف جئت معنا أمير المقدمة والآن تذهب إلى الحسين؟
قال: ويحكم والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار والله لأختار الجنة على النار لو قطعت وأحرقت.
وبات الحسين تلك الليلة يصلي ويدعو الله ويستغفر هو ومن معه، وكان جيش بن زياد بقيادة الشمر بن ذي الجوشن يحاصره ومن معه فلما أصبح الصبح شب القتال بين الفريقين، وذلك لأن الحسين رفض أن يستأثر عبيد الله بن زياد.
ولما رأى الحسين بأنه لا طاقة لهم بمقاتلة هذا الجيش، أصبح همهم الوحيد الموت بين يدي الحسين رضي الله عنه، فأصبحوا يموتون الواحد تلو الآخر، حتى فنوا جميعاً، لم يبق منهم أحد إلا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وبقي بعد ذلك نهاراً طويلاً لا يقدم عليه أحد حتى يرجع، لأنه لا يريد أن يبتلي بالحسين، فعند ذلك صاح الشمر بن ذي الجوشن: ويحكم ما حل بكم أقدموا نحو الحسين فقتلوه، كان ذلك في العاشر من محرم سنة 61 هجرية، والذي باشر بقتله أنس بن سنان النخعي، وقيل أنه الشمر بن ذي الجوشن.
قتل مع الحسين كثير من أهل بيته وممن قتل من أولاد علي بن أبي طالب: الحسين وجعفر بن علي والعباس وأبو بكر وعثمان ومحمد ثمانية عشر رجلاً كلهم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما بلغ يزيد قتل الحسين ظهر التوجع عليه وظهر البكاء في داره، ولم يسب لهم حريماً أصلاً، بل أكرم أهل البيت وأجازهم حتى ردهم إلى ديارهم.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: «لم يكن في خروج الحسين لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، أي أن خروجه ما كان سليماً، لذلك نهاه كبار الصحابة عن ذلك، يقول: بل يمكن أولئك الطغاة من سبط النبي صلى الله عليه وسلم وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن ليحصل لو بقي في بلده، ولكنه أمر من الله تعالى وقدر الله كان ولو لم يشأ الناس.
وطبعاً مقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء، وقد قدم رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام لبغي ونشر زكريا وأرادوا قتل موسى (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وهؤلاء كلهم أفضل من الحسين، ولذلك لا يجوز إذا جاء ذكرى الحسين اللطم والشطم وما شابه ذلك، بل هذا منهي عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب» والواجب على الإنسان المسلم أمثال هذه المصائب أن يقول كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
اللهم ارحم شهداء آل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر شهداء وموتى المسلمين واحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن واجمعنا على كتابك المنزل وعلى سنة نبيك المرسل صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.».
انتهى نص الكتيب.
هذا النص أضعه بين يديكم الكريمة، وبإذن الله ترون كيف تردون عليهم، ولكم الأجر والثواب.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page