الضمان الاجتماعي:
نص الإعلان في مادته الثانية والعشرين على: "لكل شخص، باعتباره عضوا في المجتمع، الحق في التأمين الاجتماعي، وله الحق في تحقيق، عن طريق جهد وطني وتعاون دولي، ووفقا لتنظيم وموارد كل دولة، الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته، والنمو الحر لشخصيته".
سبقت الإشارة إلى أن الإنسان كائن اجتماعي بالطبع، وإنه لا يستطيع العيش خارج إطار الجماعة. بالإضافة لذلك لا يمكن للإنسان أن يعيش بمعزل عن تجارب الآخرين، وما المسيرة البشرية التكاملية سوى نتاج لتلاقح الأفكار بين بني البشر، هذا العيش الجماعي يفرض على البشر ضرورة التكافل فيما بينهم لحاجة كل منهم للآخر، كما إنه يقع على عاتق الدولة باعتبارها القائمة على تسيير شؤون جماعة معينة وضع الموارد التي تتمتع بها الدولة في خدمة أبناء الشعب، وتأمين الحاجات الضرورية لهم تمهيدا لتفتق مواهبهم، ومساهمتهم في بناء الدولة، ودفع عجلة تنميتها إلى الأمام.
إن هذا التكافل، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية إنما هي حقوق للإنسان تفرض على الدولة والأفراد مراعاتها، وصيانتها، لذا تجد الإمام الحسين (عليه السلام) يشارك أهله في ممارسة هذا الدور، وإيثار المسكين، واليتيم، والأسير على نفسه في القصة المعروفة التي نذرت فيها السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ـ عليهما السلام ـ صوما لشفاء الحسنين، فكان الإمام الحسين (عليه السلام) مصداقا لقوله تعالى في هذا التضامن، والتكافل الاجتماعي: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا)(41).
أما الحق الثقافي فإن الدين الذي ارتقى بالعلم إلى مرتبة الواجب أحرى أن يحث على الحق الثقافي كحق من الحقوق المتاحة للإنسان دون أن يكون هناك حاجز ما يحول بينه وبينها، اللهم إلا أن يكون ذلك الحاجز من صنع الإنسان نفسه.
_______________________________________
41- الإنسان/ 3- 5.