• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أحكام الهوية والانتماء

أحكام الهوية والانتماء:

يعد الإنسان كائنا مدنيا بالطبع، أي أن الله أودع في فطرته الميل نحو العيش في مجموعة، وينفر من العزلة، وليس هناك من بني البشر من يميل إلى العزلة غير أولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية تملي عليهم الانعزال عن بني جلدتهم من بني البشر الآخرين.
فالإنسان لا يحس بالأمن والاطمئنان ما لم يعيش في كنف جماعة معينة، لذا كان الانتماء إلى جماعة معينة من حقوق الإنسان التي كفلتها الشرائع، والسنن، والقوانين تلبية لنداء الفطرة الإنسانية الذي يلح في طلب الانتماء، والهوية. ثم إن تعقد أمور الحياة البشرية، وزرع الحدود الجغرافية بين البلدان دعا إلى أن تسن القوانين، والنظم الخاصة بهذا الحق فكانت قوانين الجنسية، التي أشارت إليها المادة الخامسة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان موضوع البحث. فلقد نصت المادة المذكورة على التالي:
"1ـ لكل شخص الحق في جنسية.
2ـ يجب ألا يحرم أي شخص من جنسيته بشكل تعسفي، أو ينكر حقه في تغيير جنسيته".
لقد كلف هذا الحق الإمام الحسين (عليه السلام) غاليا في دعوته إليه في حركته الإصلاحية التي قدم فيها نفسه، فضلا عن أهل بيته، وأصحابه. لقد تمثل الثمن الذي قدمه الإمام الحسين (عليه السلام) من أجل إثبات هذا الحق مسير أخته، وأهله سبايا من بلد إلى آخر، ودخولهم مجالس الطغاة في كل من الكوفة والشام، إلا أن الإمام (عليه السلام) آثر التضحية ما دام الهدف كبيرا.
لقد أدرك الإمام الحسين (عليه السلام) بأنه، وبعد أن يستشهد في حركته سوف يعمل الطغاة على سلب انتمائه، وأصحابه، كيما يشوهوا الهدف الذي من أجله خرج.
وفعلا حدث ذلك حين بدأت السلطات الطاغية آنذاك تبث بين الناس أن هؤلاء ـ الحسين، وأهل بيته، وأصحابه ـ إنما هم أناس خوارج، خرجوا عن الإسلام، وخرجوا على الأمير فمكن الله الأمير منهم، وهذا يعد في الاصطلاح القانوني، والسياسي الحديثين بمثابة سحب الجنسية التي هي حق من حقوق الإنسان الأساسية التي لا يجب سحبها عن الإنسان بحال، أو تجريدها منه.
لذلك آثر الإمام الحسين (عليه السلام) اصطحاب أهله معه على الرغم من المعارضات التي واجهها من قبل الآخرين، والتي طالبته بعدم اصطحابهم معه، ولكنه أصر على ذلك فأصاب بذلك هدفين اثنين هما:
1ـ إعلان أهمية هذا الحق ـ حق الانتماء، والهوية ـ أمام المسلمين والذي لا يفترض بالإنسان التخلي عنه، إذ أن حقوق الإنسان كان الإسلام قد ارتقى بها إلى درجة الفرائض، والتكاليف الإلهية التي لا يحق للإنسان التخلي، والتنازل عنها، مهما كانت الظروف، ولو كان ذلك التخلي بمحض إرادة الإنسان، واختياره.
2ـ كشف الإمام (عليه السلام) عن طريق أخته السيدة زينب (عليها السلام)، وأهل بيته الآخرين زيف السلطة الأموية التي كانت تتستر بالإسلام في حين كانت ـ من خلال ممارساتها، وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان ـ بعيدة كل البعد عما تتستر به، بحيث كانت تتعامل مع الشعب على أنه رق لها، وأنه لا رأي إلا الرأي الحاكم، ولا هامش للحرية في سياستها، فمن لم يكن من أبناء الشعب مع السلطة، ومؤيد لها فهو عدو لها بالضرورة، لذا يستباح دمه، ويصفى جسديا، أو فكريا. وهذا ما تنبه له الإمام الحسين، ففوت الفرصة على النظام الحاكم في بلوغ ذلك الهدف، من خلال اصطحاب عائلته معه إلى كربلاء، حيث أوكل لأخته السيدة زينب (عليها السلام) مهمة إكمال ما بدأه من حركة إصلاحية، وإجهاض المؤامرة الحكومية لتجريد الثورة، وأصحابها من مبادئها الأساسية، الإنسانية التي من أجلها نهض الإمام الحسين (عليه السلام)، وقتل.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page