• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الحرية والإخوة والمساواة

الحرية والإخوة والمساواة:

يعد المجتمع الدولي هذه المبادئ الثلاثة التي تناولتها المادة (1) من إنجازات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تجد جذورها في الثورة الفرنسية ـ 1789 ـ التي رفعت هذه الشعارات الثلاثة، وكأن المبادئ الإنسانية في مجال حقوق الإنسان كانت قد بدأت مع الإعلان المذكور الذي أقر عام 1948.
لقد بلغ هذا الإجحاف حدا إلى درجة أن المستشرق المعروف الأستاذ روزنتال يزعم بأن "المسلمين في العصر الوسيط ما كانوا يملكون مفهوما للحرية الإنسانية وما شابهها للمفهوم الإغريقي"(16).
إن هذا القول مرفوض ليس بالرد من خلال السبق الزمني للإسلام في ميدان حقوق الإنسان مما لا سبيل إلى إنكاره فقط، وإنما يرد بالتميز الذي تناول خلاله الإسلام لمفاهيم كهذه.
فالدين الإسلامي ارتفع بهذه الحقوق من مرتبة التنظير إلى صبها في خانة الواجبات والضرورات التي عنى بها الدول والإنسان نفسه بحيث لا يحق له التنازل عن حقوقه لمكان وجوبها.
"فهذا الذي عرفته فكرية الحضارة الغربية، حديثا في باب حقوق الإنسان، قد عرفته الحضارة الإسلامية، بل ومارسته ـ قديما ـ لا كمجرد حقوق للإنسان، وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية، لا يجوز لصاحبها ـ الإنسان ـ أن يتنازل عنها أو يفرط فيها، أو يهمل لها حتى بمحض اختياره إن هو أراد"(17).
من هذا المنطلق تجد الإمام الحسين (عليه السلام) يؤكد على هذه المبادئ لا من خلال القول فقط، وإنما يدعو إليها، ويؤكد عليها، ويستشهد في سبيلها.
أما الحرية فقد تقدم الحديث عنها، وكيف كان الإمام الحسين (عليه السلام) يؤكد عليها، وينظر إليها. أما المساواة فتجدها في تعامل الحسين (عليه السلام) مع الناس على قدم المساواة بغض النظر عن الدين، أو المذهب، أو المهنة، أو غير ذلك. فقد أعتق غلاما له جنى جناية توجب الضرب، وأعتق جارية حيته بطاقة ريحان.
لقد كان يضع خده الشريف على خد جون مولى أبي ذر الغفاري حين استشهد بين يديه في واقعة كربلاء الدامية داعيا له "اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرِّف بينه وبين محمد وآل محمد" (18)، ويضع خده الآخر على خد ولده علي الأكبر الذي قدمه كأول مقاتل بين يديه من أهل بيته الشريف، واستشهد بين يديه كذلك.
وأما الأخوة فتجدها في عدم ترفعه على الآخرين، وذم التكبر على الناس والغرور. لقد تناول الإمام الحسين (عليه السلام) مبدأ الأخوة بالتفصيل في قوله التالي: "الأخوان أربعة: فأخ لك وله، وأخ لك، وأخ عليك، وأخ لا لك ولا له.
فسأل عن معنى ذلك فقال: الأخ الذي هو لك وله فهو الأخ الذي يطلب بإخائه بقاء الإخاء ولا يطلب بإخاءه موت الإخاء، فهذا لك وله، لأنه إذا تم الإخاء طابت حياتهما جميعا، وإذا دخل الإخاء في حال التناقض بطل جميعا. والأخ الذي هو لك: فهو الأخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة، فلم يطمع في الدنيا إذا رغب في الإخاء، فهذا موفر عليك بكليته. والأخ الذي هو عليك: فهو الأخ الذي يتربص بك الدوائر، ويغشى السرائر، ويكذب عليك بين العشائر، وينظر في وجهك نظر الحاسد، فعليه لعنة الواحد. والأخ الذي لا لك ولا له فهو الذي قد ملأه الله حمقا فأبعده سحقا، فتراه يؤثر نفسه عليك، ويطلب شحا ما لديك"(19).

____________________________________________
16- نخبة من الكتاب، رؤى إسلامية معاصرة، مجلة العربي، الكويت، ط1، 2001، من مقالة للدكتور رضوان السيد بعنوان: حقوق الإنسان والفكر الإسلامي المعاصر، ص154.
17- د. محمد عمارة، الإسلام والأمن الاجتماعي، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1418هـ، ص 83- 84.
18- عبد الله بن نور الله البحراني، العوالم، منشورات مدرسة الإمام المهدي، قم، 1407هـ، ج17، ص265.
19- محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، المكتبة الإسلامية، طهران، ج78، ص 119.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page