• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مآتم عاشوراء

الشيخ يعقوب سلطان
في يوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة، كان الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) على موعد مع الشهادة، حيث جرت مواقف مأساوية على الحسين (عليه السلام) وأصحابه، وكل من قرأ عن هذه المأساة ينبض بالحياة والأحاسيس لا يملك إلا أن يبكي لما جرى، ويتحسر على قتل الأطفال والشباب وهتك حرمات النساء، خصوصاً وان الضحية في هذا اليوم هو احد سيدي شباب أهل الجنة كما ذكر ذلك أبو سعيد الخدري في الترمذي.
إن يوم عاشوراء عبر التاريخ لم يكن يوماً طبيعيا، فقد جرت فيه الكثير من الأحداث، والتي منها دخول هولاكو مدينة بغداد الذي على يده انقرضت الدولة العباسية في سنة 656 للهجرة.
لكن تبقى أحداث كربلاء هي خاتمة هذه الأحداث المهمة في التاريخ منذ ذلك الوقت. فهي مصيبة عظيمة حلت بالإسلام، ومنعطف قلب موازين ومواقف الكثير من المسلمين حتى يومنا هذا. صحيح إن ما جرى هو مأساة جليلة وفي المصائب يجب على الإنسان أن يحتسب لله تعالى، لكن في يوم عاشوراء اختلفت الموازين ولم يعد كافيا مجرد الاسترجاع والصبر، حيث يذكر التاريخ كيف إن أهل البيت (عليهم السلام) شجعوا على عقد المآتم والنياحة وإظهار الحزن، وعلى هذا الخطى سار الموالين لهم إلى هذا اليوم بإحياء هذه الشعائر إذ لا ريب في جواز رثاء المؤمنين وخاصة الصالحين منهم لاصالة الإباحة وعدم الدليل على الحرمة.
وينقل لنا التاريخ كيف انه لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) تنافس الصحابة في رثائه، حيث ينقل القسطلاني في (إرشاد الساري) في باب رثي النبي (صلى الله عليه وآله) إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) رثت أباها بأبيات تهيج الأحزان، ذكر منها هذين البيتين:

ماذا على من شم تربة أحمد***أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت عليّ مصائب لو أنهــا***صبّت على الأيام صرن لياليـــا

وينقل أيضاً إن متمم بن نويرة أكثر من تهيج الحزن على أخيه مالك في مراثيه كما ذكر ذلك في (وفيات ابن خلكان) و(العقد الفريد) في ترجمة وثيمة بن موسى بن الفرات. فينقل إن متمم وقف مرة في المسجد وهو غاص بالصحابة، واتكأ على طرفي قوسه أمام أبي بكر بعد صلاة الصبح فأنشد:

نعم القتيل إذ الرياح تناوحت***خلف البيوت قتلت يا بن الأزور

وبكى حتى انحط من طرف قوسه، قالوا: فمازال يبكي حتى دمعت عينه العوراء، فما أنكر عليه في بكائه أحد، بل قال له عمر: لوددت أنك رثيت زيدا أخي بمثل ما رثيت به مالكا أخاك! واستحسن الصحابة والتابعون ومن بعدهم مراثيه في مالك، فكانوا يتمثلون بها إذا اقتضى الأمر ذلك، كما فعلته عائشة إذ وقفت على قبر أخيها عبد الرحمن فبكت عليه وتمثلت بأبيات متمّم.
ومما ينقل عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) انه كان في مجلس مع جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان فقربه جعفر الصادق (عليه السلام) وأدناه، ثم قال: يا جعفر بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيد؟ قال: نعم جعلت فداك. قال: قل. فأنشده:

ليبك على الإسلام من كان باكيا***فقد ضيعت أحكامه واستحلـــت
غداة حسين للرماح دريئـــــــــة***وقد نهلت منه ا لسيوف وعلت

فبكى الإمام الصادق (عليه السلام) ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدك الملائكة المقربون وإنهم لها هنا يسمعون قولك في الحسين، ولقد بكوا كما بكينا وأكثر.
وينقل لنا التاريخ أيضا أنه في يوم عاشوراء أمر معز الدولة الديلمي أهالي بغداد بإغلاق المحلات والأسواق وإقامة مجالس العزاء على الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وذلك في سنة 352 للهجرة.
وبهذا يتبين إن إقامة المآتم عموما وبالأخص مآتم عاشوراء كان أمرا معروفا عبر التاريخ، خصوصا إذا عرفنا إن الغرض من إقامتها هو التعرف على الإسلام ونشر التدين بين الناس.
إن السبب في إقامة هذه المآتم في بقاع العالم المختلفة هو من أجل تذكير المسلمين والعالم بأهداف هذا الحدث التاريخي الإسلامي المهم.
إن الديانة المسيحية تحاول أن تنشر مأساة السيد المسيح وكيف انه صلب على عمود حسب اعتقادهم، لان في نشر هذه المأساة اثر في النفوس واجترار لعاطفة الناس إليهم.
وكذلك يسعى اليهود لنشر مآسي الهولوكوست وأفران النار النازية كما يدعون، وقد أقاموا المتاحف في أنحاء العالم لهذا الغرض، لعلمهم إنهم يستطيعون بذلك أن يكسبوا تعاطف الناس لهم، ونحن المسلمين نملك أكبر زخم عاطفي بين أيدينا من أحداث عاشوراء نستطيع من خلاله أن نكسب العالم لنا، ففي كربلاء تجسدت أروع معاني التضحية وأقسى صور المأساة، فالأحداث تصور بالدموع مآسي الأطفال والنساء والرجال، والشباب والشيوخ، وكل علاقة إنسانية كالأبوة، الأمومة، والإخوة، والصداقة جميعها تجسدت في شخصيات كربلاء.
إن من يدرك هذا الكنز العاطفي المليء بالقيم السامية، لديه القدرة على بعث النفوس إلى الخير والإسلام، فهل نستفيد من معطيات عاشوراء الخيرة؟
رجل دين كويتي: الشيخ يعقوب سلطان، جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 24 / 3 / 2002. 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page