• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

صدقـاته

صدقـاته

وكان من أعظم ما يصبو إليه الامام زين العابدين(عليه السلام) في حياته الصدقة على الفقراء لإنعاشهم ورفع البؤس عنهم، وكان(عليه السلام) يحثّ على الصدقة; وذلك لما يترتّب عليها من الأجر الجزيل، فقد قال: «ما من رجل تصدّق على مسكين مستضعف فدعا له المسكين بشيء في تلك الساعة إلاّ استجيب له»[1].
ونشير إلى بعض ألوان صدقاته وجميل خصاله :
أ ـ التصدّق بثيابه: كان(عليه السلام) يلبس في الشتاء الخزّ، فإذا جاء الصيف تصدّق به أو باعه وتصدّق بثمنه، وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر ويتصدّق بهما إذا جاء الشتاء[2]، وكان يقول: «إني لأستحي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه»[3].
ب ـ التصدّق بما يحبّ: كان يتصدّق باللوز والسكَّر، فسئل عن ذلك فتلا قوله تعالى: (لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون)[4].
وروي أنّه كان يعجبه العنب، وكان صائماً فقدّمت له جاريته عنقوداً من العنب وقت الإفطار، فجاء سائل فأمر بدفعه إليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدّمته إلى الامام، فطرق سائل آخر الباب، فأمر(عليه السلام) بدفع العنقود إليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه وقدّمته للإمام، فطرق سائل ثالث الباب فدفعه الإمام إليه[5].
ج ـ مقاسمة أمواله : وقاسم الإمام أمواله مرّتين فأخذ قسماً له، وتصدّق بالقسم الآخر على الفقراء والمساكين[6].
د ـ صدقاته في السرّ : وكان أحبّ شيء عند الإمام(عليه السلام) الصدقة في السر، لئلاّ يعرفه أحد، وقد أراد أن يربط نفسه ومن يعطيهم من الفقراء برباط الحبّ في الله تعالى، وتوثيقاً لصلته بإخوانه الفقراء بالإسلام، وكان يحثّ على صدقة السرّ ويقول: «إنّها تطفئ غضب الربّ»[7].
وقد اعتاد الفقراء على صلة لهم في الليل، فكانوا يقفون على أبوابهم ينتظرونه، فإذا رأوه تباشروا وقالوا: جاء صاحب الجراب[8].
وكان له ابن عم يأتيه بالليل فيناوله شيئاً من الدنانير فيقول له العلوي: إنّ عليّ بن الحسين لا يوصلني، ويدعو عليه، فيسمع الإمام ذلك ويغضي عنه، ولا يُعرّفه بنفسه، ولمّا توفّي(عليه السلام) فقد الصلة، فعلم أنّ الذي كان يوصله هو الإمام عليّ بن الحسين(عليه السلام) فكان يأتي قبره باكياً ومعتذراً منه[9].
وقال ابن عائشة: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتى مات عليّ بن الحسين[10].
وكان(عليه السلام) شديد التكتّم في صلاته وهباته، فكان إذا ناول أحداً شيئاً غطّى وجهه لئلاّ يعرفه[11].
وقال الذهبي : إنّه كان كثير الصدقة في السرّ[12].
وكان(عليه السلام) يجعل الطعام الذي يوزّعه على الفقراء في جراب ويحمله على ظهره، وقد ترك أثراً عليه[13].
هـ ـ ابتغـاؤه مرضاة الله: ولم يكن الإمام(عليه السلام) يبتغي في برّه وإحسانه إلى الفقراء إلاّ وجه الله عزّوجلّ والدار الآخرة، ولم تكن عطاياه وصدقاته(عليه السلام) مشوبة بأيّ غرض من أغراض الدنيا.
قال الزهري: رأيت عليّ بن الحسين في ليلة باردة وهو يحمل على ظهره دقيقاً، فقلت له: يابن رسول الله! ما هذا؟ فأجابه(عليه السلام): «اُريد سفراً، اُعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز». فقال: هذا غلامي يحمله عنك، فامتنع الإمام من إجابته، وتضرّع الزهري إليه أن يحمله هو بنفسه عنه، إلاّ ان الإمام أصرّ على ما ذهب إليه، وقال له: «ولكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجيني في سفري، ويحسّن ورودي على ما أردُ عليه، أسألك بحق الله لمّا مضيت لحاجتك».
وانصرف الزهري عن الإمام، وبعد أيام التقى به، وقد ظنّ أنّه كان على جناح سفر ولم يعِ مراده فقال له: يابن رسول الله، لست أرى لذلك السفر الذي تركته أثراً.
فأجابه الإمام(عليه السلام): «يا زهري، ليس ما ظننت، ولكنّه الموت وله أستعدُّ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام وبذل الندى في الخير»[14].

العزّة والإباء

ومن صفات الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) العزّة والإباء، فقد ورثها من أبيه الحسين سيّد الشهداء(عليه السلام) الذي تحدّى طغاة عصره قائلاً: «والله لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد»[15].
وقد تمثّلت هذه الظاهرة الكريمة في شخصيّة الإمام زين العابدين(عليه السلام) في قوله: «ما أحبّ أنّ لي بذلّ نفسي حمر النعم»[16].
وقال في عزة النفس: «من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا»[17].
ويقول المؤرخون: إنّ أحدهم أخذ منه بعض حقوقه بغير حق، وكان الإمام(عليه السلام) بمكّة، وكان الوليد بن عبد الملك حينئذ متربّعاً على كرسي الخلافة وقد حضر موسم الحج، فقيل له: لو سألت الوليد أن يردّ عليك حقّك؟ فقال لهم كلمته الخالدة في دنيا العزّ والإباء: «ويحك أفي حرم الله عزّوجلّ أسأل غير الله عزّوجلّ؟! إنّي آنف أن أسأل الدنيا من خالقها، فكيف أسألها مخلوقاً مثلي؟!»[18].
ومن عزّته : أنّه ما أكل بقرابته من رسول الله(صلى الله عليه وآله) درهماً قطّ[19].
________________________________

[1] وسائل الشيعة : 6 / 296.
[2] تأريخ دمشق : 36 / 161.
[3] مناقب آل أبي طالب : 4/167 عن حلية الأولياء : 3/136 ـ 140 .
[4] مناقب آل أبي طالب: 4/167 .
[5] المحاسن: 2/361 طبعة المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)، وفروع الكافي : 6 / 350.
[6] مناقب آل أبي طالب : 4/167 عن حلية الأولياء : 3 / 140 ، وجمهرة الأولياء : 2 / 71، وخلاصة تهذيب الكمال: 231
[7] مناقب آل أبي طالب : 4/165 عن الثمالي والثوري، وفي تذكرة الحفاظ : 1 / 75 واخبار الدول: 110 ونهاية الإرب : 21 / 326، وكشف الغمة : 2/289 عن مطالب السؤول عن حلية الأولياء. وفي الكشف : 2/312 عن الجنابذي عن الثوري عنه(عليه السلام) كان يقول: إنّ الصدقة تطفئ غضب الرب. بدون قيد السّر.
[8] مناقب آل أبي طالب : 4/166 .
[9] كشف الغمة : 2/319 عن نثر الدرر للآبي.
[10] حلية الأولياء وعنه في مناقب آل أبي طالب : 4/166 وكشف الغمة : 2/290 عن مطالب السؤول عن الحلية: 4/136 وفي البداية والنهاية لابن كثير : 9/114، وصفة الصفوة : 2 / 54، الإتحاف بحب الأشراف: 49 والأغاني : 15 / 326.
[11] مناقب آل أبي طالب : 4/166 عن الباقر(عليه السلام) .
[12] تذكرة الحفّاظ : 1 / 75.
[13] تأريخ اليعقوبي : 2/303 ط بيروت.
[14] علل الشرائع: 1 / 27 وعنه في بحار الأنوار : 46 / 65 ـ 66.
[15] وقعة الطف: 209 .
[16] الكافي : 2/109 و 111 والخصال : 1/23 وعن الكافي في بحار الأنوار : 71/406 ومعه بيان المؤلف في صفحة كاملة.
[17] بحار الأنوار : 78 / 135.
[18] بحار الأنوار : 46 / 64 عن علل الشرائع : 1/270 ط بيروت.
[19] مجالس ثعلب 2 : 462 ، وعنه في حياة الإمام زين العابدين للقرشي: 1/81. وفي مناقب آل أبي طالب: 4/175 عن نافع: شيئاً، بدل: درهماً.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page