طباعة

مشاهير الثقات من رواته من الشيعة (زرارة)

مشاهير الثقات من رواته من الشيعة
زرارة

زرارة بن أعين الشيباني مولاهم، روى عن الباقر والصادق عليهما السلام، ومات عام 150، فأدرك من أيام الكاظم عليه السلام سنتين.
وماذا يقول القائل في زرارة ؟ وهل يستطيع ذو براعة ويراعة أن يأتي بكلمة تجمع فضل زرارة ؟ وكفى عن بيان مقامه، ورفيع شأنه، ما جاء فيه عن أئمة الهدى عليهم السلام، وكفى منه ما سبق ذكره في بريد العجلي، بيد أننا نذكر ههنا شيئاًلم يسبق ذكره هناك، فإن الصادق عليه السلام قال له مرّة : «يا زرارة إِن اسمك في اسامي أهل الجنّة بغير ألف» قال : «نعم جعلت فداك اسمي عبد ربه ولكني لقّبت زرارة» وقال : «لولا زرارة لظننت أن أحاديث أبي ستذهب» وقال للفيض بن المختار(1) : «فاذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس واومأ بيده الى زرارة» وقال في حديث آخر : «رحم اللّه زرارة(2) لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي» وقال الرضا عليه السلام : «أترى أن أحداً أصدع بحقّ من زرارة» الى أمثال هذه الأحاديث، وهذه الأحاديث تغنيك عن قول كلّ فصيح يريد أن يترجم زرارة معرباً عمّا له من فضل وعلم ومقام لدى أهل البيت.
وما كان زرارة فقيهاً فحسب بل كان يجمع عدّة فضائل حتّى قال ابن النديم في الفهرست في شأنه : زرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثاً ومعرفة بالكلام والتشيّع.
وقال النجاشي : شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم، وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، وقال أبو غالب الزراري كما حكي عنه : روي أن زرارة كان وسيماً جسيماً أبيض، فكان يخرج الى الجمعة وعلى رأسه برنس أسود وبين عينيه سجادة وفي يده عصاً فيقوم الناس سماطين ينظرون اليه لحسن هيئته فربما رجع من طريقه، وكان خصماً جدلاً لا يقوم أحد بحجّته صاحب إلزام وحجّة قاطعة إِلا أن العبادة أشغلته عن الكلام، والمتكلّمون من الشيعة تلاميذه.
فزرارة قد جمع الفضل كلّه ولكن شهرته في الفقه غلبت على فضائله الاُخر، ومن غاض في بحر الفقه عرف ما لهذا الرجل من حديث، حتّى لتكاد لا تجد باباً من أبواب الفقه إِلا وله فيه حديث أو أحاديث، وهو أحد الستة الاُول أصحاب أبي جعفر عليه السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، والإقرار لهم بالفقه، ولا غرو لو عدّ زرارة أفقههم.
وكان زرارة معروفاً بالعلم والفضيلة والقرب من أهل البيت وهذا اكبر جرم عند أعدائهم، فما زال في خطر من جراء ذلك، فكان الإمام ينال منه أحياناً ليدفع بذلك عنه الخطر، ومن ثمّ جاءت أحاديث تطعن فيه، وقد كشف عن سبب ذلك القدح الصادق نفسه، فقال في حديث طويل رواه الكشي ص 91 : إِني أنا أعيبك دفاعاً مني عنك فإن الناس والعدوّ يسارعون الى من قرّبناه وحمدنا مكانه لإدخال الأذى في من نحبّه ونقرّبه - الى أن قال - فأحببت ان أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منّا دافع شرّهم عنك، الحديث، فمن ههنا نعرف مكانة زرارة لديهم وشأن تلك الأحاديث القادحة.

______________________________
(1) الجعفي الكوفي، روى عن الباقر والصادق عليهما السلام وهو من ثقات رواتهم.
(2) ظاهر هذا الحديث أن زرارة مات أيام الصادق عليه السلام، إِلا أن يكون الصادق ترحّم عليه وهو حي.