• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما وراء الخيال


ما وراء الخيال

التقيت به في إحدى شوارع قم المقدّسة بعد ما يقارب خمساً و عشرين عاماً ، و دلّتني عليه وجناته الإيمانية ، فهو كما كان في مدرسة الصدر القديمة في النجف الأشرف . فسلّمت عليه بحرارة ، و رحَب بي مثلما سلّمت عليه . قلت هل تذكرني ؟ أنا عبدالعظيم البحراني تلميذك الذي كان يدرس عندك في كتاب المنطق و يستفيد من توجيهاتك التربوية ؟
قال : بدأت الآن أتذكّر شيئاً و لكن وجهك متغيّر .
قلت : انّه مشاكل الزمان يفعل الشيب في الشباب قبل الأوان .
قال : كيف عرفتني فأنا أيضاً متغيّرٌ أكثر منك ؟
قلت : الملامح نفسها و القلب يهدي .
تواعدنا على موعد في مكتبه ، و أعطاني رقم هاتفه ( 725228 ) و قال إنّك قد لاتستطيع الحصول على الخطّ ، قلت : و لماذا ؟ قال : يتصلُ بي الناس من هنا و من الخارج طلباً للاستخارة القرآنية و الاستفسارات الدينيّة .
فعرفت انّ السيّد الاصفهاني المشهور بين المؤمنين عالميّاً بالاستخارة المجرّبة هو اُستاذي الجليل هذا فازددت شوقاً للقاء به . و هكذا جئته حسب الموعد و جلست بين يديه كما كنت أجلس قبل خمس و عشرين عاماً ، فأخذنا في أطراف الحديث عن حوادث الأيّام و ذكريات الأعوام . ثمّ بعد ساعة طلبت من سماحته أن يذكر لي قصةً أو خاطرة تقوّي في القرّاء روح الاعتقاد بالمعنويات و نحن ـ كما تعلم أخي القارئ ـ في عصر الجفاف و الجفاء .
فقال انّها كثيرة جدّاً و لكنّي الآن ذكرت قصة تاجر سجّاد ايراني يعيش في كندا إسمه ( محمّد السالاري ) و قد نشرت الصحف الكندية عن قصته بإعجاب و إنبهار . قام سماحته و ناولني تلك الصحيفة المؤرّة ( 9/3/1997 م ) و عليها صورة الرجل المبتسم مكتوبٌ عندها بخطّ عريض ( ما وراء الخيال ) ، ثمّ أضاف آية الله الاصفهاني قائلا : كان هذا الرجل مصاباً بسرطان الكبد ، فراجع أشهر أطباء امريكا و اوروبا و أُجريتْ له عملية جراحية و أعطوه العديد من الوصفات الطبية على مدار أربع سنوات و لكن دون فائدة ، فخُيِّر بين زرع كبد له مكان كبده المصاب و بين إنتظار ساعة الموت المخيف . فأصبح حائراً لايدري ماذا يفعل لأنّ الخيار الأوّل ليس مضمون النجاح ، فاقترح عليه صديق له في امريكا اسمه الدكتور أبومهدي الغروي و هو من أحفاد المرجع الراحل الميرزا النائيني (رحمه الله) أن يتصل بي و يطلب استخارةٌ لحسم آمره : فهل يوافق على اجراء هذه العملية غير المضمونة و هي أمله البشري الأخير أم يستسلم لشبح الموت الوشيك كما أخبروه به الأطباء ؟
و كان لمّا طلب منّي الاستخارة لم أكن أعرف الموضوع الذي من أجله يريد أن يستخير فقلت له : انّ الاستخارة تقول بانّك لاتحصل على سلامتك من هذا الطريق ، إنّما هناك طرِ اُخرى . ( و لمّا كانت تلك الأيّام من شهر رمضان المبارك قرب استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) أرشدتُه إلى التوسل به (عليه السلام) و طلب الشفاء منه ) .
فرغم أنّ الرجل لم يكن من المهتمين بالشؤون الدينيّة طول حياته ـ على ما يبدو ـ فانّه حينما وجد الأبواب كلّها مغلقة أمامه ، طرِ باب الله بكلّ وجوده المهدّد ، فأصبح لايرى سوى الله مَن يخلص إليه النيّة ، و كان مثال الإخلاص أمام عينيه هو الإمام علي (عليه السلام) ، لذا شدّ إليه رَحْلَ التوسّل و جعله الوسيلة الشفيعة إلى الله تعالى لتحصيل الشفاء . و ما خابه ربّ العزّة و العطاء ، إذ حقّق له أُمنيّته في الشفاء فوراً ، و انتشر نبأُ هذه الكرامة و المعجزة العلوية في تلك المدينة ممّا دفع الذين كانوا حوله في سنوات الغفلة إلى اليقظة و التعجّب من آيات الله ، جعلهم هذا الحدث المعجز الملموس يتوجهون إلى الله و يتوبون عمّا كانوا به يظلمون أنفسهم ، تناقل الناس ( المسلمون و المسيحيون ) هذا النبأ العجيب مذهولين حتّى بلغ الأطباء الغربيين و زادهم ذهولا و دهشة لمّا فحصوا على الرجل فلم يجدوا في كبده أثراً من ذلك المرض الخبيث . فكتبت الصحف و عملت مع الرجل المشافى مقابلة في مدينة ( ونكوور ) الكندية : أنّ ( سالاري ) الذي اعترف أطبّاؤه بالعجز في إنقاذه من الموت قد سمع عبر الهاتف من ايران صوت العارف بالقرآن ، أنّ القرآن يقول له : إنّك لاتحصل سلامتك من هذا الطريق بل هناك طرِ اُخرى ، اُطرقها بالدعاء ! و هو الآن كما يعترف الأطباء أيضاً ليس ذلك المريض المُقْبِلْ على الوفاة .
و هنا اُترجم لك أخي النبيه نصّ ما قاله الرجل بصوته المسجّل في شريط كاسيت الذي أعطاني سماحة آية الله السيّد مرتضى الموسوي الاصفهاني لمزيد توثيق هذه القصّة .
يقول محمّد السالاري : في نهاية عام ( 1991 م ) ظهر مرض السرطان في كبدي ، و في سنة ( 1992 م ) اُجريت لي عملية جراحية ، و في سنة ( 1994 م ) عاد المرض ، و في بداية ( 1995 م ) بدأت في المستشفى العلاج الكيمياوي لمكافحة هذا المرض الخبيث ، فقال لي الطبيب انّ نسبة ( الهيدروفين ) عالية فيك و خطر الموت على الأبواب ، ماذا تريد أن تفعل ؟ قلت أمهلني لأستشير أصدقائي . فاتصلت بهم في امريكا و اوروبا و ايران فقالوا برأي واحد انّنا لانعلم بماذا نشير لك ، فأنت أعلم بأمرك . كنتُ حائراً لاأدري بأي الطريقين أتجه ، حتّى حسمت أمري باقتراح قدّمه إليّ الدكتور الغروي ، حيث قال لي : انّ أفضل شيء هو الحسم بالاستخارة . قلت سمعاً و طاعة . فأعطاني رقم هاتف و قمت بالاتصال عليه بمدينة قم المقدسة . فقال لي السيّد بلطف و حنان : إنتظر على الخطّ كي اُجيبك بنتيجة الاستخارة . و جاء الجواب : إنّك من هذا الطريق ـ أي العلاج بالوسائل البشرية ـ لاتحصل على سلامتك ، إنّما هناك طرِ اُخرى ، توسّل بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) و خذ منه شفاءك .

في الصباح الساعة السادسة جاءني طبيبي و هو أحد الجرّاحين الثلاثة المعروفين في العالم فقال : سالاري استعدّ للعملية و لاتنسى وصيّتك !
و حيث كنت خائفاً و متردّداً للغاية . . قلت له : في الحقيقة أنا لم أتهيّأ و لازلت لم أكتب وصيتي و لم اُرتّب اُموري ، انّ الخطر كبير يادكتور ، أمهلني إلى يومين . جلسنا ساعةٌ و لم نتحدّث بشيء في هذا الخصوص . ثمّ ذهب و جاء الأطباء المساعدون يستفسرون قراري النهائي ، قلت لهم : لا . قالوا : ثلاثة أشهر احتمال بقائك . و لكن أملي كان متعلّقاً بمكان آخر ، ذلك الغيب الذي بشّرني به السيّد الاصفهاني ، قمت عائداً إلى المنزل ، و كلّكم رأيتموني في تلك الأيّام كيف كنت مصفرَّ اللون من شدّة المرض ، حتّى سافرت إلى عدّة دول اوربية بحثاً عن ضمان أفضل للعلاج ، فتعرّفت على طبيب الماني معروف عالميّاً فوافق أن أنقل إليه ملفّي و يعيّن لي موعداً لإجراء عملية زرع كبد جديد . حتّى أنّي عطّلت جميع أنشطتي التجارية و رتبت اُموري كلّها استعداداً لهذه العملية الخطيرة التي صرتُ أنتظر موعدها بحذر و تخوّف . و بالفعل قد اتّصلوا بابني و قالوا له : أين أبوك ( سالاري ) فليأت لإجراء العملية .
نعم يا اخوتي هذه القصّة لها جزئيات سوف اُحدّثكم بها في الليالي القادمة ، و ما اُريد أن أقوله الليلة هو أنّ العملية لم تحصل بينما الشفاء قد حصل و كان الله وحده هو الذي شافاني عند ما طلبت ذلك من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)( هنا يبكي الرجل المشافى ) و يواصل قائلا للحضّار : إنّكم سمعتم أشعاراً كثيرة في مدح الإمام علي (عليه السلام) و أنا أقرأ بيتاً منها : ( إرحل أيّها المسكين و اطرِ باب بيت علي أمير المؤمنين فهو المانح للمساكين من كرمه منحة الحاكمين ) .
و لم يكتف السالاري ( أيّده الله ) بحكاية شفائه المعجز للحاضرين بل أخذ ينادي فيهم بكلّ حماس : ( حيّ على خير العمل ) فاقترح ـ كما في الشريط و كما نقلته الصحيفه الكندية ـ قائلا : إنّني أيّها الاُخوة أقترح بناء مسجد لنا في هذا البلد ( كندا ) لعبادة الله و هداية شبابنا هذا النشئ الجديد و نعمل لهم أنشطة مناسبة لطموحاتهم الشبابيّة كتأسيس مكتبة و مكان للأفلام الدينيّة و الأعمال اليدويّة ، لقد منّ الله عليّ عمراً ثانياً فأنا مدين لله تعالى . اللهمّ اقبلنا خدّاماً لك و شافِ جميع مرضانا بحقّ أمير المؤمنين و أهدنا إلى صراطك المستقيم .
و للدكتور أبي مهدي الغروي ( حفظه الله ) تعقيبٌ لكلمة محمّد السالاري نوجزه لإكمال الفائدة : اُريد أن أقول للأخ سالاري انّه ببركة أمير المؤمنين و الأئمّة (عليهم السلام) قد شافاك الله و يشفي كلّ المرضى إن شاء الله ، و لكن هناك نقطة هامّة تمنحني العبرة و تلزمني وقفة و هي : انّ هذا الباب مفتوح ، فان طرقه الإنسان بشكل صحيح فالإستجابة له حتميةٌ من الطرف الآخر ، هذا أنا العبد الذي يجب أن أعرف كيف أتعامل مع ربّي و أوليائي ، قرأنا البارحه في دعاء الافتتاح و إذا وفّقنا سوف نقرأ هذه الليلة أيضاً ( الحمد لله الذي لايُغْلَقُ بَابُهُ و لايُرَدُّ سائِلُهُ ) قلت لكم في البارحة و هذه عقيدتي الشيعيّة التي أتمنّى أن لاأموت إلاّ معها : بأنّ الله لايمحي سيّئات عبده فقط بل يبدّلها إلى حسنات إن تاب و أصلح عمله . و هذا له شرطان الأوّل : أن يكون قصده خالصاً لوجه الله . الثاني : أن يعرف من أين يدخل الى حصن الله . يقول الأخ سالاري أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد شافاه ! و نتساءل : انّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد مات قبل أكثر من ألف و ثلاثمائة سنة كيف استطاع أن يشفيك ؟ ! أليس الله يقول : ( و المدبّرات أمراً ) و هذه الكلمة مفهومة جداً : ( أبى الله أن يجري الاُمور إلاّ بأسبابها ) إنّ كلّ شيء يحدث في الحياة إنّما بسبب قانون العلّية ، فالطفل يولد من أبوين . هذا هو القانون الذي أمضاه الله الخالق . و لكنّي أقول هل هذا القانون فوِ الخالق ؟ ! و بعبارة اُخرى هل الله محكومٌ بقانون العلّية ؟ ! الجواب : كلاّ إنّه قادر على خرِ هذا القانون فيولد آدم من غير أب و لااُم و يولد عيسى من غير أب ، إذن ما المانع أن يجعل في التوسّل بأمير المؤمنين سبباً للشفاء ؟ أبداً لامانع في ذلك . . و هذا يعني المعجزة الإلهيّة التي تأتي لتعجيز البشر أمام قدرة الله كي ينبهّه بها فيؤمن أو يزداد إيماناً .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page