طباعة

الدوافع السياسية وراء نشوء المذاهب والفرق(الغلو في عقيدة المرجئة)

أشار ابن حزم الأندلسي الى غلاة المرجئة وانحرافاتهم العقائدية المخالفة لما جاء به الإسلام قائلاً:
«غلاة المرجئة طائفتان: إحداهما الطائفة القائلة بأن الإيمان قول باللسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله عزّ وجل وليٌّ له عزوجل من أهل الجنة».
وهذا قول محمد بن كرام السجستاني وهو بخراسان وبيت المقدس .
الثانية: الطائفة القائلة أن الإيمان عقدٌ بالقلب وإن أعلن الكفر بلسانه بلاتقيّة وعبد الأوثان ولزم اليهودية والنصرانية في دار الإسلام وعبدَ الصليب وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عزّ وجل وليٌّ لله عزّ وجل من أهل الجنة»(1).
ثم يضيف ابن حزم قائلاً: إن هذا خلاف القرآن والثابت عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وخلاف إجماع أهل الإسلام المتيقن(2).
وفي الحقيقة والواقع إن هذه الأفكار تقطر كفراً وضلالاً، والذي يبدو
أن هذه الفكرة لها علاقة واشتراك بما يطرحه الفكر اليهودي الذي يتبنى مبدأ تقويم وتسطيح قانون العقوبات الإلهية، فاليهود كانوا أسبق الناس الى الدعوة باسقاط قانون العقوبات الإلهية، فأشار القرآن الكريم الى مبدأ اليهود هذا بقوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا لن تمسّنا النار إلاّ أياما ً معدودات وغرّهم في دينهم ماكانوا يفترون)(3).
اذن المسألة مسألة افتراء وتغرير في الدين وادعاءات كاذبة، فهذه العقائد تعطي اجازة مفتوحة للمتسلطين وأهل الجور والمتنفذين بأن يعيثوا في الأرض فساداً ولا شيء عليهم فهم من أهل الإيمان وأهل الجنة وإن أعلنوا النصرانية والتثليث ولازموا اليهودية وأشركوا بالله!! انظر
الى مدى الخطورة والجرأة على الله وعلى الإسلام فكيف رعى
الاُمويون والعباسيون مثل هذه الأفكار وتبنّوها في مقابل مدرسة أهل البيت
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) الفصل بين الملل والاهواء والنحل 2: 112، لابن حزم الأندلسي.
(2) المصدر السابق.
(3) آل عمران: 24.