• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الدوافع السياسية وراء نشوء المذاهب والفرق( اُسلوب صناعة المذاهب والفِرق المعادية للإسلام)

وهو من أخطر الأساليب الذي واجهته الرسالة الإسلامية وأبناؤها، فتعرضت الاُمة ورسالتها الى انتكاسات خطيرة بفعل هذه الأساليب، وهو الاُسلوب الذي يستهدف ضرب البنى التحتية للفكر الإسلامي، فاستهدف معاوية الاطار الفكري والعقائدي للإسلام محطماً بذلك الحالة الروحية والمقدساتية التي تربى عليها جيل الصحابة والتابعين بعد النبي(صلّى الله عليه وآله). ونعني بهذا الاُسلوب: مواجهة الخصم بنفس المبادئ الفكرية والعقائدية التي يحملها وبنفس الشعارات التي يرفعها ليكون الصراع في داخل الاطار والنظرية، ويسمى هذا النوع بسياسة «الضد النوعي»، وهو من المصطلحات السياسية الحديثة، ومن معالم هذا الاسلوب الذي اعتمده معاوية ما يلي:
أ ـ اختلاق ووضع الاحاديث ونشر الأكاذيب المنسوبة الى رسول الله(صلّى الله عليه وآله) محاولاً قلب الحقائق والمفاهيم المقدسة. وكان ذلك على مستويين، الأول: يستهدف ضرب آل بيت الرسول(صلّى الله عليه وآله) وبالخصوص علي ابن أبي طالب وأهل بيته:. والثاني: يستهدف ايجاد الشرعية والتمكين له من خلال مدحه هو وبني اُمية في هذه الأحاديث الموضوعة وهم الأعداء التقليديون للإسلام.
فعلى المستوى الأوّل حاول معاوية تدمير الحالة المقدسة التي أرساها نبي الإسلام والقرآن الكريم في حق علي بن أبي طالب وأهل بيته: الكرام، ذكر المرحوم محمد مهدي شمس الدين في كتابه: (ثورة الحسين): «كتب معاوية الى ولاته بعد عام الجماعة: أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته. فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ويبرءون منه»(1).
وأكد ذلك صاحب كتاب الحركات السرية في الإسلام قال: «إنّ هذه السياسة حققت نجاحاً في صورة تسليم تام وخضوع أعمى للحكم الاُموي»(2).
ب ـ اختلاق مذاهب وفِرق اسلامية في مقابل مدرسة أهل البيت:، وتستهدف هذه الخطوة ايجاد المبررات الشرعيه للحكم الاُموي لاضفاء الشرعية لما يمارسه معاوية من ارهاب وارعاب وتضليل وتزييف، فنراه قد تبنى ورعى فِرق ومذاهب تحمل عناوين اسلامية تمّ صياغتها في اطار عقائدي يتحدث عن الإمامة والمعاد والجنة والنار والشفاعة والحساب. ومن أهداف هذه الخطوة هو تحطيم البناء الروحي والعقائدي والفكري للدين الإسلامي بحيث يأخذ الوعي الإسلامي بالانحسار ليصبح الإسلام في وجدان الاُمة شيئاً هامشياً في حياة المسلمين يمكن التخلي عنه وعن مبادئه، يقول صاحب كتاب اليمين واليسار: «فمعاوية أول من قال بالجبر، ودافع عنه ليظهر أن ما يأتيه بقضاء الله ليجعله عُذراً فيما يأتيه ويُوهم أنه مصيبٌ فيه وأن الله جعله إماماً وولاّه أمره»(3).
وقد كان معاوية يردد كثيراً الآية القرآنية: (تؤتي الملك من تشاء)(4) وبناءً على ذلك فكل سلوك معاوية يستمد شرعيته من هذا الاختيار.
أما الأشعري فقد ذكر: «أما المرجئة فكانوا عوناً وسنداً لحكم معاوية جاءت آراؤهم ومعتقداتهم تبريراً لخلافته واقناعاً للمسلمين بوجوب طاعته، ويرى المرجئة في مرتكب الكبيرة التوقف في الحكم وارجاء الأمر له سبحانه وتعالى»(5).
فمعاوية بن أبي سفيان تبنى القول بالارجاء الذي يبرر الجرائم الكبيرة التي يرتكبها في حق الإسلام والمسلمين، وهذا الاُسلوب الذي اعتمده معاوية أدى الى نشوء فرق ومذاهب واتجاهات مدعومة من السلطة الحاكمة وبدوافع سياسيه بحتة تهدف الى اضفاء الشرعية للحكم الاُموي في مقابل مدرسة أهل البيت: ، وكان من نتائج الصراع الذي خاضه معاوية مع علي بن أبي طالب(عليه السلام) ظهور مدارس اُخرى كالخوارج والمعتزلة، فترك معاوية ـ نتيجة هذا الاُسلوب ـ الباب مفتوحاً أمام الطامعين والناهبين والماكرين لكي يجتهدوا حسب الأهواء والاطماع التي تفرضها السلطات الجائرة.
------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) ثورة الحسين، محمد مهدي شمس الدين: 164 .
(2) الحركات السرية في الإسلام، محمد اسماعيل: 93.
(3) اليمين واليسار فى الإسلام: 158.
(4) آل عمران: 26 .
(5) مقالات الإسلاميين للأشعري: 141.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page