• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لمحات من قيادة الاٍمام الصادق عليه السلام للأمة(الأئمة وتربية الخواص من أبناء الاُمة)

ينبغي أن نشير أن التربية عند الأئمة أخذت بعداً معمقاً مع الخواص من أبناء الاُمة الاسلامية فقد بذل الأئمة جهداً مضاعفاً مع شيعتهم لجعلهم نماذج فى جانب التدين والالتزام بالاسلام.
كان الأئمة يطلبون من شيعتهم باعتبارهم الطليعة الواعية من أبناء الاُمة الاسلامية أن يكونوا القادة الى الله بسلوكهم وعملهم الصالح.
قال أمير المؤمنين(عليه السلام) :
«شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون فى إحياء أمرنا، الذين إذا غضبوا لم يظلموا وإن رضو لم يسرفوا، بركة على من جاورهم، سلم لمن خالطوا».
وفي كلمة للإمام الباقر يظهر منها القوة المطلوبة فى بناء الانسان المؤمن وربطه بالخط الصحيح، فقد خاطب جابر بن يزيد الجعفي فقال له:
«واعلم بأنك لا تكون لنا وليّاً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا إنك رجل صالح لم يسرك ذلك، ولكن اعرض نفسك على كتاب الله فإن كنت سالكاً سبيله زاهداً في تزهيده راغباً فى ترغيبه خائفاً من تخويفه فاثبت وابشر فإنه لا يضرك ما قيل فيك[1]
«يا ابن جندب بلّغ معاشر شيعتنا وقل لهم لا تذهبن بكم المذاهب فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد في الدنيا ومواساة الاخوان في الله، وليس من شيعتنا من يظلم الناس[2]
ومن كلمات الإمام الصادق(عليه السلام) التي تعكس خصوصية اهتمام الأئمة بالطليعة الواعية من أبناء الاُمة ما نذكره أدنا[3]
«شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى وأهل الايمان وأهل الفتح والظفر».
«إياك والسفلة فإنما شيعة علي من عفّ بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه، فإذا رأيت اُولئك فأولئك شيعة جعفر».
«إن شيعة علي كانوا خمص البطون ذبل الشفاه، أهل رأفة وعلم وحلم، يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد».
لقد اهتم الإمام الصادق ببناء العناصر الواعية القادرة على الدفاع عن العقيدة الصحيحة، وقد قام اُولئك الرواد بدورهم فى حفظ الكيان ومواجهة الشبهات التي يبثها الاعداء ومن أمثلة ذلك مما روي عن يونس ابن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك، فقال له أبو عبد الله: كلامك هذا من كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو من عندك؟
فقال: من كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعضه ومن عندي بعضه.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): فأنت إذن شريك رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا.
قال: فسمعت الوحي عن الله؟
قال: لا.
قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
قال: لا.
فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إليّ وقال: يا يونس بن يعقوب هذا رجل قد خصم نفسه قبل أن يتكلم، ثم قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلّمته.
قال يونس: فيا لها من حسرة، فقلت: جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام وتقول ويل لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما قلت ويل لقوم تركوا قولي وذهبوا إلى ما يريدون، ثم قال: أخرج الى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله.
قال: فخرجت فوجدت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ومحمد ابن النعمان الأحول وكان متكلماً، وهشام بن سالم وقيس الماصر، وكانا متكلمين فأدخلتهم عليه فلما استقرّ بنا المجلس وكنا فى خيمة لأبي عبدالله (عليه السلام) على طرف جبل بالحرم وذلك قبل أيام الحج بأيام، أخرج أبوعبد الله رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام وربّ الكعبة، قال: فظننا أن هشاماً رجل من ولد عقيل شديد المحبة لأبي عبد الله (عليه السلام)، فإذا هشام بن الحكم قد ورد وهو أول ما اختطت لحيت[4]
ومن ملامح عمل الإمام الصادق في صفوف الاُمة هو الموازنة الدقيقة بين التحرك على العناصر الشعبية وبناء النخبة الخاصة الصالحة.
ففي موقفين يرتبطان بالامام الصادق والمفضل بن عمر الجعفي والقواعد الشعبية والنخبة الواعية يتضح لنا النهج الحركي الذي كان يتبعه الإمام الصادق في تعامله مع العناصر الشعبية والعناصر القيادية ضمن جماعة الشيعة، الجماعة الاسلامية الصالحة.
الموقف الأول:
عن محمد بن سنان، أن عدة من أهل الكوفة كتبوا إلى الصادق (عليه السلام)فقالوا:
إن المفضل يجالس الشطّار وأصحاب الحمام وقوماً يشربون الشراب فينبغي أن تكتب إليه وتأمره ألا يجالسهم، فكتب إلى المفضل كتاباً وختم ودفع إليهم وأمرهم أن يدفعوا الكتاب من أيديهم إلى يد المفضل.
فجاؤا بالكتاب إلى المفضل،منهم زرارة وعبد الله بن بكير ومحمد بن مسلم وأبو بصير وحجر بن زائدة، ودفعوا الكتاب الى المفضل ففكه وقرأه فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم: اشتر كذا وكذا واشتر كذا، ولم يذكر قليلا ولا كثيراً مما قالوا فيه، فلما قرأ الكتاب دفعه إلى زرارة ودفعه زرارة إلى محمد بن مسلم حتى أرى الكتاب إلى الكل.
فقال المفضل: ما تقولون؟
قالوا: هذا مال عظيم حتى ننظر ونجمع إليك لم ندرك إلا نراك بعد ننظر في ذلك.
وأرادوا الانصراف فقال المفضل: حتى تغدوا عندي، فحبسهم لغدائه ووجه المفضل إلى أصحابه الذين سعوا بهم فجاؤا فقرأ عليهم كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) فرجعوا من عنده، وحبس المفضل هؤلاء ليتغدوا عنده، فرجع الفتيان وحمل كل واحد منهم على قدر قوته ألفاً وألفين وأقل وأكثر، فحضروا أو أحضروا ألفي دينار وعشرة آلاف درهم قبل أن يفرغ هؤلاء من الغداء.
فقال لهم المفضل: تأمروني أن أطرد هؤلاء من عندي، تظنون أن الله تعالى يحتاج الى صلاتكم وصومكم[5]
الموقف الثاني
في هذا الموقف تكاد تنقلب الصورة، فقد روي عن المفضل أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال مرة وأنا معه:
يا مفضل كم أصحابك؟
فقلت: قليل
فلما انصرفت إلى الكوفة أقبلت على الشيعة فمزقوني كل ممزق يأكلون لحمي ويشتمون عرضي حتى أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي وبعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي، ورموني بكل بهتان حتى بلغ ذلك أبا عبد الله (عليه السلام)، فلما رجعت إليه في السنة الثانية كان أول ما استقبلني به بعد تسليمه عليّ أن قال: يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك وفيك؟
قلت: وما عليّ من قولهم.
قال: أجل بل ذلك عليهم، أيغضبون بؤس لهم، إنك قلت إن أصحابك قليل، لا والله ما هم لنا شيعة ولو كانوا شيعة ما غضبوا من قولك وما اشمأزوا منه، لقد وصف الله شيعتنا بغير ما هم عليه، وما شيعة جعفر إلا من كفّ لسانه، وعمل لخالقه، ورجا سيده، وخاف الله حق خيفته، ويحهم أفيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة، أو قد صار كالتائه من شدة الخوف، أو كالضرير من الخشوع، أو كالضني من الصيام أو كالاخرس من طول الصمت والسكوت، أو هل فيهم من قد أذاب ليله من طول القيام وأذاب نهاره من الصيام، أو منع نفسه لذات الدنيا ونعيمها خوفاً من الله وشوقاً إلينا أهل البيت، أنّى يكونون لنا شيعة وأنهم ليخاصمون عدوناً فينا حتى يزيدوهم عداوة وأنهم ليهرّون هرير الكلب، ويطمعون طمع الغراب، وأما إني لولا أنني أتخوّف عليهم أن أغريهم بك لأمرتك أن تدخل بيتك وتغلق بابك ثم لا تنظر إليهم ما بقيت ولكن إن جاؤوك فاقبل   الأئمة مثال صالح لأبناء الاُمة       
منهم، فإن الله جعلهم حجة على أنفسهم احتج بهم على غيرهم[6]
ففي الموقف الاول يعبّر الإمام الصادق وممثله في الكوفة لقيادة الشيعة عن ضرورة الانفتاح على القطاعات الشعبية لأنها تستطيع القيام بأدوار مهمة لخدمة القضية يعجز عنها الكادر القيادي الواعي.
لكن هذا الموقف لا يجعل القيادة الإسلامية غافلة عن تقييمها للأفراد وتحديدها للمستويات كما يظهر ذلك واضحاً في الموقف الثاني.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] للشيخ أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني: تحف العقول، طبع مؤسسة الاعلمي، 1974، ص 223.
[2] تحف العقول: 206.
[3] أصول الكافي 2 / 186.
[4] الشيخ أبو الحسن الاربلي: كشف الغمة في معرفة الأئمة، دار الكتاب الاسلامي بيروت، 2 / 385 - 386.
[5] كشف الغمة: 2 / 385 - 386.
[6] تحف العقول ص 385.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page