• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مشاهد من عمق التاريخ والإنسان (المشهد السادس)

 

المدينة المنورة عام 137 هـ
وأصبحت المدينة خائفة تترقب. سيأتي اليها ملك جبّار يبحث عن رجل حسني، يحمل اسم النبي وقلب الوحي، اختفى منذ سنين. الملك الجبار يخشى الذي غاب عن الأنظار، وسرت الهمسات في ليالي البرد الطويل، تتحدث عن محمّد بن عبدالله من ذريّة الحسن السبط، الذي غاب ليظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، كانت المدينة خائفة تترقب; فالجبار قادم اليها وشيكاً، ولم يكن حجّه هذا العام إلاّ «مكاءً وتصدية».
الذين يعرفون ابن البربرية في الأيام الخوالي سيدهشون اذا رأوه في حلّة الملك العباسي السوداء لكأنه فرعون هذه الاُمة. وقيل للفقراء:
إنهم يرون النمرود جاء يبحث عن أخ لإبراهيم(1).
وجاء الملك العباسي وحل في المدينة ليغمر الخوف منازلها..
وتساءل البعض: من أين حصل ابن البربرية على كل هذا الجبروت في الأرض؟!
منذ الأزمنة السحيقة والجبابرة يولدون في النفوس الخائرة.. النفوس التي تسكنها جرذان مذعورة.
لكأنهم على ميعاد مع الشعوب في لحظات الرعب; عندما يستكين الإنسان الى حب الحياة حتى مع الذل، عندما يتنازل المرء عن كرامته من أجل أن يبقى حيّاً.
ووجد ابن البربرية نفسه أمام الحشود الخائفة الذليلة، لقد عرف كيف يؤسّس لسلطانه في النفوس الخائفة.. وغمغم في نفسه وهو يرى العيون الخائفة:
ـ جوّع كلبك يتبعك.
وأردف بسخرية:
ـ وربّما يعبدك
وتمرّ أيام، وما تزال الحشود تزور الخليفة العباسي الثاني، تبارك له انتصاراته السابقة واللاحقة، تساءل بغيظ:
ـ مالي لا أرى الصادق؟!
نظر الى وزيره، فقال الوزير بخضوع:
ـ أنا آتيك به.
بلع الجبّار ريقه بمرارة، فأمرّ شيء على الجبابرة أن يجدوا بين الناس من لا يأبه بهم ولا يرهبه جبروتهم.
وجاء رجل من أقصى المدينة أو جيء به، فسلّم وجلس، كان ربعة وفي وجهه المضيء خال، ونبع من الطمأنينة يتدفّق في روحه وقد غمرته حالة من السلام.
وكان حرس الجبّار قد أخذتهم الرهبة من رجل لا يرهب الملك، رجل أعزل إلاّ من عصا يتوكأ عليها.
قال ابن البربرية في عتب مصطنع:
ـ لم لا تغشانا كمايغشانا الناس؟!
وانقلبت الغين خاءً في آذان المذعورين، فخيّل اليهم أنهم سمعوا النمرود يقول: لا لم تخشانا كما يخشانا الناس؟
قال الرجل الذي يحمل ميراث الأنبياء:
ـ ليس لنا من أمر الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوه منك... ولا أنت في نعمة فنهنيك، ولا في نقمة فنعزّيك.
ردّ مراوغاً:
ـ تصحبنا لتنصحنا.
قال الصادق وقد تفجّرت الحكمة من جوانبه:
ـ من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك .
وساد الوجوم، وبذل العباسي جهداً جبّاراً في دفن حقده القديم، وقد نهض حفيد إبراهيم الخليل عائداً من حيث أتى بعد أن حطّم الوثن البشري.
-------------------------------------------------------------
(1) إبراهيم وأخوه محمد النفس الزكية.
    
نماذج من الفهم الخاطئ
اعلام أهل السنّة الذين اُخذ عنه(عليه السلام)
من مواعظه (عليه السلام)
كرمه (عليه السلام)
دور الإمام الصادق (عليه السلام) في بناء الجماعة الصالحة


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page