• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مشاهد من عمق التاريخ والإنسان (المشهد الخامس)

قال الصادق لغلامه مصادف:
ان عيالي قد كثروا، فخذ ألف دينار واتّجر الى مصر مع إخوانك.
وانطلق مصادف في رحلة تجارية الى مصر استغرقت أسابيع.
وتعود القافلة الى الحجاز تحمل الربح الوفير، كان مصادف يشعر بالفرح، فقد ربحت تجارته ونجح في مهمته، دخل مصادف منزل سيّده ووجهه يطفح بشراً، كان يحمل كيسين ملئا ذهباً، قال وهو يناولهما الى سيّده:
ـ هذا رأس المال وهذا ربحه.. لقد ربحت تجارتنا يا سيّدي.
ردّ الإمام مستفهماً:
ـ وكم هما؟
ـ ألفا دينار.
ـ إنّ هذا الربح لكثير!! ماذا صنعت حتى ربحت هذا الربح؟
وشرع مصادف يحدّث سيّده عن تفاصيل رحلته الى مصر:
ـ اشترينا متاعنا من سوق المدينة، وكان فيه ما حمله تجّار اليمن ومكّة، وانطلقنا الى مصر; حتى اذا وصلنا قريباً منها، اذا بقافلة من تجارها تستقبلنا في الطريق، وكان المكان محطّاً للقوافل، فأناخت النوق تلتقط أنفاسها من رحلة مضنية. غابت الشمس وتوارت خلف التلال، وحلّ الظلام واشتعلت مواقد النار هنا وهناك في تلك الأرض، تساءل تجار مصر عمّا تحمل قوافلنا من المتاع، حتى اذا عرفوا ما فيه; برقت عيونهم دهشة وقال أحدهم:
ـ إنه متاع العامة وليس في مصر منه شيء.
وقال آخر:
ـ ما أسعد حظوظكم؟!
وفي الصباح راح بعضنا ينظر في عيون البعض، وقال قائل:
ـ لا تبيعوا بضاعتكم حتى يربح الدينار ديناراً.
وبرقت عيون الجميع امراراً وطمعاً.
شعر الإمام الصادق بقلبه يعصره الألم، واعتصم بصمت حزين، فيما ظلّ مصادف يروي حكايته:
ـ وهكذا دخلنا مصر فاهتزّ سوقها من أقصاه الى أقصاه وأحاطنا التجار من كل صوب، فلم نكن نساوم على قيمة المتاع، فكانوا ينصرفون ثم يعودون فلا يجدون سوى الإصرار، وكانت مقاومتهم تتضاءل حتى سلّموا لنا، وهكذا ربح الدينار ديناراً، فهذه ألف دينار رأس المال، وهذا ألف دينار اُخرى هي الربح.
طافت غيمة حزينة فوق جبين وارث النبي، قال بأسى:
ـ سبحان الله! تتحالفون على قوم مسلمين ألاّ تبيعوهم إلاّ أن يربح الدينار ديناراً؟! أخذ الإمام كيساً واحداً وقال بحزم:
ـ هذا مالنا، «ولا حاجة لي بالربح».
أطرق مصادف حائراً وسمع سيّده يقول:
ـ يا مصادف، مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال.
واشتعلت في أعماق مصادف تفاصيل الرحلة، ومارأى هناك ممّا يموج في اعماق البشر، تذكر وميض العيون وهي تبرق طمعاً في الربح الوفير، وتذكر همسات التجار لكأنهم يتآمرون في قلب الظلام، وتذكر توسلات الناس في سوق مصر وقد آلمهم ارتفاع السعر.. تذكر كل تفاصيل رحلته، ورأى أنه لم يربح سوى لوم سيّده، فألقى نظرة ازدراء على كيس فيه ألف دينار ذهبي يخطف الأبصار، ودوّن في أعماقه كلمات قالها سيّده ذات يوم:
ـ كم من طالب للدنيا لم يدركها، ومدرك لها قد فارقها.. ما الدنيا؟ هل الدنيا إلاّ أكل أكلته أو ثوب لبسته؟
ونهض مصادف ينفض عن ثوبه غبار الرحلة، ويغسل عن نفسه أدران تجارته، وأدرك أنه لم يخسر شيئاً ذا قيمة، بعد أن ربح نفسه التي بين جنبيه. أما الألف دينار فقد تناثرت فوق بيوت الفقراء والبائسين ممن أضرّ بهم القحط والجفاف.
    
الأطباء في عصر الامام عليه السلام
الصادق عليه السلام والطب الروحي
من كلماته الخالدة في الطب
أقواله «ع» في بعض الفواكه والخضر
الأدواء التي جاء العلاج لها مرويا عن الإمام الصادق «ع»


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page