• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمام الكاظم (عليه السلام) وثورة حسين فخ

الإمام الكاظم (عليه السلام) وثورة حسين فخ

 

فَخّ: بئر بينه وبين مكة فرسخ تقريباً، والحسين: هو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، خرج أيام موسى الهادي، وخرج معه كثير من العلويين. وكان خروجه بالمدينة في ذي القعدة سنة 169هـ .

وروى أبو فرج الاصفهاني في كتابه مقاتل الطالبيين أنّ سبب خروج الحسين أنّ الهادي ولّى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي، فاستخلف عليها رجلاً من ولد عمر بن الخطاب يُعرف بعبد العزيز، فحمل على الطالبيين وأساء إليهم وطالبهم بالعرض كلّ يوم في المقصورة، ووافى أوائل الحاج، وقدم من الشيعة نحو من سبعين رجلاً ولقوا حسيناً وغيره، فبلغ ذلك العمري ، واغلظ أمر العرض، وألجأهم إلى الخروج. فجمع الحسين يحيى وسليمان وإدريس بني عبد الله بن الحسن وعبد الله بن الحسن الأفطس وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا وعمر بن الحسن بن علي بن الحسن المثلث وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن المثنى وعبد الله بن جعفر الصادق (عليه السلام) ووجّهوا  إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم، فاجتمعوا ستة وعشرين رجلاً من ولد علي (عليه السلام) وعشرة من الحاج وجماعة من الموالي. فلمّا أذّن المؤذِّن الصبح دخلوا المسجد ونادوا: أجد أجد. وصعد الأفطس المنارة وجبر المؤذِّن على قول حيَّ على خير العمل. فلمّا سمعه العمري أحسّ بالشر ودهش ومضى هارباً على وجهه. وصلّى الحسين بالناس الصبح، ولم يتخلّف عنه أحد من الطالبيين إلاّ الحسن بن جعفر بن الحسن وموسى بن جعفر (عليه السلام).

ثم خطب بالناس ودعاهم إلى نصرته، وجاءت فوج من جيش الخليفة فقُتل رئيسهم وتفرّق الآخرون، وسيطر الحسين على المدينة. وحجّ في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة فتصدّى له ثلّة من أصحاب الحسين ليلاً وهزموهم.

ثم قال ابو الفرج: وخرج الحسين قاصداً مكة ومعه من تبعه من أهله ومواليه وأصحابه، وهم زهاء ثلاثمائة ، واستخلف رجلاً على المدينة. فلمّا صاروا بفخ تلقّتهم الجيوش ووقعت المعركة بينهما يوم التروية وقت صلاة الصبح. فكان أوّل من بدأهم موسى فحملوا عليه ، فاستطرد لهم شيئاً حتى انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطحنهم طحنة واحدة حتّى قُتل أكثر أصحاب الحسين، وجعلت المسودّة تصيح بالحسين: يا حسين لك الأمان فيقول: لا أمان اُريد، ويحمل عليهم حتى قُتل.. وجاء الجند بالرؤوس إلى موسى والعباس وعندهما جماعة من ولد الحسن والحسين فلم يسألا أحداً منهم إلاّ موسى بن جعفر (عليه السلام) فقالا: هذا رأس الحسين؟ فقال: نعم، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله مسلماً صالحاً صوّاماً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله. فلم يجيبوه بشيء، وحُملت الأسرى إلى الهادي فأمر بقتلهم ، ومات في ذلك اليوم... وروي في عمدة الطالب ومعجم البلدان عن أبي نصر البخاري عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام) أنّه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ [1].

واشتدّ موسى الهادي على الإمام الكاظم (عليه السلام) بعد ثوره فخ واعتبره المحرّك الأول لهذه الثورة، فقد روى السيّد ابن طاووس في «مهج الدعوات» عن أبي الوضّاح عن أبيه أنّه لمّا قُتل الحسين بن علي صاحب فخ وحمل رأسه والأسرى إلى موسى بن المهدي... إلى أن ذكر موسى بن جعفر صلوات الله عليه فنال منه وقال: والله ما خرج حسين إلاّ عن أمره، ولا اتّبع إلاّ محبّته؛ لأنّه صاحب الوصيّة في أهل هذا البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه.

قال: وكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) بصورة الأمر... فتبسّم موسى (عليه السلام) ثم تمثّل ببيت كعب بن مالك:

زعمت سخينة ان ستغلب ربّها

فليغلبنّ مغالب الغلابِ

ثم أقبل على من حضره من مواليه وأهل بيته فقال: ليفرج روعكم إنّه لا يرد أوّل كتاب من العراق إلاّ بموت موسى بن المهدي وهلاكه... [2] .

وكان حسين فخ قد دعا الإمام الكاظم (عليه السلام) لبيعته حين استولى على المدينة، فأتاه وقال له: يا ابن عمِّ لا تكلّفني ما كلّف ابن عمّك عمّك ابا عبد الله (عليه السلام) فيخرج منّي ما لا اُريد كما خرج من ابي عبد الله (عليه السلام) ما لم يكن يريد. فقال الحسين: إنما عرضتُ عليك أمراً فإن أردته دخلتَ فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه، والله المستعان، ثم ودّعه. فقال له ابو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) حين ودّعه: يابن عمّ إنّك مقتول فأجد الضراب ، فإنّ القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويسرّون شركاً، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، احتسبكم عند الله من عصبة [3].

ولقد كانت لمأساة فخ وقع عظيم في نفوس النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) قبل وقوعها وبعد وقوعها، وكما كانت مأساة الطف في كربلاء سبباً في نقمة شعبية كبرى على الحكم الاُموي فكذلك كانت مأساة فخ سبباً في نقمة شعبية كبيرة على الحكم العباسي لما لقي فيها ذراري آل محمد من التقتيل والتشريد أدّت إلى إشعال نار الثورات المتلاحقة على هذا النظام الظالم.

فقد روى أبو الفرج الاصفهاني في كتابه مقاتل الطالبيين عن ابي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: مرَّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بفخ فنزل فصلّى ركعة ، فلمّا صلّى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلمّا رأى الناس النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يبكي بكوا، فلمّا انصرف قال: مايبكيكم؟ قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يارسول الله. قال: نزل عليَّ جبرئيل لمّا صلّيت الركعة الاُولى فقال لي: يا محمد إنّ رجلاً من ولدك يُقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين [4].

وكذلك روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه نزل فخ أيضاً وصلّى ركعتين وقال: «يُقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنّة» [5].


 

[1] بحار الأنوار 48: 163ـ 165/6، مقاتل الطالبيين: 443.

[2] بحار الأنوار 48: 150ـ 152/25، مهج الدعوات: 217.

[3] بحار الأنوار 48: 160/6.

[4] بحار الأنوار 48: 170، مقاتل الطالبيين: 436.

[5] بحار الأنوار 48: 170، مقاتل الطالبيين: 437.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page