الإمام الكاظم (عليه السلام) وإمامة إسماعيل
لقد كان من المشاكل الكبرى في إمامة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) هي الفرقة الإسماعيلية، وهم القائلون بإمامة إسماعيل الابن الأكبر للإمام جعفر الصادق (عليه السلام).
وأمّا جذور القول بإمامة إسماعيل فهو يمتدّ في حياة الإمام الصادق (عليه السلام)، فقد كان إسماعيل يحظى باهتمام بالغ من أبيه الصادق (عليه السلام) بنحو كان يوحي هذا الإهتمام بأنّ إسماعيل هو الإمام بعد أبيه ، مع أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) كان يصرّح بإمامة ولده موسى (عليه السلام) وهو غلام وفي زمن حياة أخيه إسماعيل الذي توفي قبل والده ولكن مع ذلك فقد ظهرت فرقة من الشيعة كانوا يقولون بإمامة إسماعيل وعُرفت باسم الإسماعيلية، ولا زالت هذه الفئة موجودة إلى اليوم.
يقول الشيخ المفيد: «وكان إسماعيل أكبر إخوته، وكان ابوه (عليه السلام) شديد المحبة له والبرّ به والإشفاق عليه، وكان قوم من الشيعة يظنّون أنّه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده؛ إذ كان أكبر إخوته سنّاً ولميل أبيه إليه وإكرامه له، فمات في حياة أبيه بالعُريض، وحُمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دُفن في البقيع.
وروي أنّ أبا عبد الله (عليه السلام) جزع عليه جزعاً شديداً، وحزن عليه حزناً عظيماً، وتقدّم سريره بلا حذاء ولا رداء ، وأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مراراً كثيرة، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانّين خلافته له من بعده وإزالة الشبهة عنهم في حياته.
ولمّا مات إسماعيل رضي الله عنه انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظنّ ذلك فيعتقد إمامته من أصحاب أبيه (عليه السلام)، وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصّة أبيه ولا من الرواة عنه، وكانوا من الأباعد والأطراف.
فلما توفّي الإمام الصادق (عليه السلام) انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر (عليه السلام) بعد أبيه، وافترق الباقون فريقين: فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنّهم أنّ الإمامة كانت في أبيه وأنّ الابن أحقّ بمقام الإمامة من الأخ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل.
وهذان الفريقان يسمّيان بالإسماعيلية، والمعروف منهم الآن من يزعم أنّ الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان» [1].