• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التربة الحسينيّة

الخُــلاصــة:
كانت البشرية في كل زمان ومكان تقدِّس المَواطن التيتسكنها،و تدافع عنها، وتعتبر التراب الذي تضحّي من أجله مقدّساً، وقدكنّي' رسول الله صل الله عليه و آله و سلم علياً بأبي تراب؛ لقداسة التراب وشرفه وعظيم خيراته.

واتخذ قداسة التراب منحي آخر بسقوط الحسين(ع) شهيداً مضرّجاًبدمه علي' أرض كربلاء، فأصبح هذا التراب الطاهر رمزاً للحياة الحرّةالكريمة، ومحرّكاً قويّاً لدماء أبناء الاءسلام من أجل الدفاع عن دينهم، ثمصار شفاءً للمؤمنين وأمناً ونجاة لهم من أي مكروه، وفي ذلك روايا تعديدة نعرضها لاحقاً.

وصارت التربة الحسينة مركز سجود جبهة المؤمنين من أتباع أهلالبيت: بدل التراب العادي أو بدائله ممّا سمح به الشارع المقدَّس؛لتبقي' ذكري' شهادة الاءمام الحسين(ع) باقية في كل وقت تهيّج المشاعر اءناعتدي علي' الدين أحد، أو حاول مَن حاول اءفراغ الاءسلام من محتواهالحقيقي.المقدِّمة:

كانت الارض ولا زالت مركز الحياة البشرية منذ أن هبط آدم(ع)وحوّاء عليها، وتكاثر نسلهما، فأصبحوا شعوباً وقبائل بعد ذاك،فاستعمرت ونمت علي' سطحها الحضارات والمدنيات علي' مرِّ التاريخ البشري.

اءن لذرّات التراب المكوِّن لهذه الارض قداسة خاصة، فآدم(ع) خُلقمن طينه، ونُفخ فيه باءذن الله تعالي، فكان البشر بآدميته التي نراها.

اءن الارض التي دحاها الله تعالي' هي أُم الخير والرزق والطعام، وقدوهبها الله تعالي' طبيعة الحياة في هذا الكون الرحب، وحدّد السنن الكونيةالتي تجري علي' كل من جلس وجري'، فمن استنصح وعقل فقد فازباستثمار مواردها، وهنيء العيش له بأمن واطمئنان، وعكس ذلك كانخراب الديار.

فأرسل الله تعالي' الرسل والانبياء : مبشرين ومنذرين، وخاتمهمنبينا محمد6 الذي قال: جُعلت لي الارض مسجداً وطَهور.

فالحديث عن الارض طويل ومتشعِّب؛ ولا اُريد أن أخوض فيه النبهذه العجالة، وهذه مقدمة متواضعة لموضوع بحثنا حول التربة الحسينيةوقدسيتها وخاصيتها الشفائية، والتي هي جزء من هذه الارض التيتحدّثنا عنها آنفاً.أوّل من كُنِّي بأبي تراب:

نعود اءلي' التراب ولكن بحال آخر، فلقد كُنّي علي(ع) بأبي تراب نسبة الي' قول رسول الله صلی الله علیه و اله.

ففي غزوة العشيرة في السنة الثانية للهجرة المباركة وجد النبي صلی الله علیه و اله علياً نائماً علي' الارض والتراب يعلو بدنه الطاهر، فأيقظه قائلاً له: قم ياأبا تراب. ولعل من أجل شرف التراب وقداسته وعظيم خيراتهوبركاته ما كنّي' به رسول الله6 وصيَّه وأحب الخلق اءليه علياً(ع) بأبيتراب، وكانت هذه أحب الكني' اءلي' أمير المؤمنين(ع).

وذكر صاحب الغدير في الجزء السادس قائلاً: وأخرج الطبراني فيالاوسط والكبير باءسناده عن أبي الطفيل قال: جاء النبي صلی الله علیه و اله و علي(ع) نائم في التراب فقال: ]اءن أحق أسمائك أبو تراب، أنت أبو تراب[، وذكرهالهيثمي في مجمع الزوائد (9/100) فقال: رجاله ثُقات.أئمة أهل البيت: والتربة الطاهرة:

باشر الائمة الاطهار : توجيه شيعتهم اءلي' التربة الحسينية بعداستشهاد سيد الشهداء(ع) حيث أخذ الاءمام زين العابدين(ع) قبضة منتراب مقتل أبيه(ع) وصرّها في قطعة قماش وأخذها معه.
ولَفت النظر الي' شرف هذه التربة وميزتها الاءمام الباقر(ع) من بعده.

وباتساع دائرة مدرسة الامام الصادق(ع) وانتشار طلبته أكَّد الاءمام(ع)علي' أهمّية هذه التربة وقدسيتها، واءذا كان من حق الارض السجود عليها و عدم السجود علي' غيرها، أفليس من الافضل والاحري' أن يكون السجود علي' أفضل وأطهرِ تربة من الارض وهي التربة الحسينة؟

قال الصادق(ع): السجود علي' طين قبر الحسين(ع) ينوِّر الي' الارض السابعة.

وعن الحسن بن محمد الديلمي في الاءرشاد قال: كان الصادق(ع) لايسجد الاّ علي' تربة الحسين تذلّلاً لله واستكانة اليه.

وعن محمد بن الحسن في (المصباح) باسناده عن معاوية بنعمار قال: كان لابي عبدالله(ع) خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله(ع)، فكان اءذا حضرته الصلاة صبّه علي' سجّادته وسجد عليها، ثمقال(ع): ان السجود علي' تربة أبي عبدالله(ع) يخرق الحُجُب السبعة.

أمّا الامام الرضا(ع) فكان يعرف تربة جدّه الحسين(ع) بشمِّها فقط،و هي تحرّك فيه الاشجان والاحزان، وتذّكره بمصابه وأهل بيته، و هتك حرمته، وحرق خيام عماته، وفرارهن في البراري ثم ما جري' عليهم منذل وسبي موجع.

عن حكيم بن داود، عن سلمة، عن أحمد بن اءسحاق القزويني عنأبي بكار قال: أخذت من التربة التي عند رأس قبر الحسين بن علي (ع)فانّها طينة حمراء، فدخلت علي' الرضا(ع) فعرضتها عليه، فأخذها في كفّهثم شمّها ثم بكي' حتي جرت دموعه، ثم قال: هذه تربة جدّي.

بصريح العبارة قال الاءمام الرضا(ع): هذه تربة جدّي، أي أن لها خاصيتها الفريدة، وأنّها للحسين(ع) فقط، وأنّها تراب كربلاء الشهادة و الاءيثار، وأنّها رمز لانتصار الحق علي' الظلم والعبودية.

اءن هذه التربة لها أسرار اءلهية، و كرامات ربانية، فهي تجعل الساجدعليها في صلاته يتذكر عظمة فداء الحسين(ع) ودمه الطاهر الذي سال عليها.

فأيّة قدسية عظيمة تحملها تلك الطينة الطبيعية والتي يقول الصادق(ع) بحقها: السجود علي' طين قبر الحسين(ع) ينوِّر الي' الارضين السبع،ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين(ع) كتب مسبِّحاً واءن لم يسبّح به؟الاعتقاد:
هناك ملاحظة لابدّ من الاءشارة اليها بشأن مسألة الشفاء بالتربة الحسينية، فكل شيءٍ حاصل في ذلك مع الاعتقاد أولاً، والاّ فلا يكون هناك أمرٌ ما اءلاّ خلافه.
فهذه التربة الشافية هي كرامة من الله جل شأنه للاءمام الحسين(ع)،وكذلك موضع قدسيتها، فقد روي عن ابن أبي يعفور قال: قلت لابي عبدالله(ع): يأخذ الاءنسان من طين قبر الحسين(ع) فينتفع به ويأخذ غيرهفلا ينتفع به! فقال: واللهِ الذي لا اله الاّ هو ما يأخذه أحد وهو يري' أن الله ينفعه بهاءلاّ نفعه الله به.

اءذن فالانتفاع بها لا يكون الاّ مع الايمان بأن الله جل شأنه سوف يشفيه ببركة الحسين(ع) ودمائه الزكية تراب القارورة والدم العبيط:
ذكرت الروايات الواردة في كتبنا المعتبرة وغيرها أن جبرئيل جاء اءلي'النبيِّ6 بالتربة الّتي يقتل عليها الحسين(ع)، قال أبو جعفر(ع): فهي عندن.
وحسب ما وصلنا أن هذه التربة وضعها رسول الله6 في قارورةخاصة و أودعها عند اُم سلمة (علیها السلام)، فقد ورد عن ابن عباس قوله: بينا أناراقد في منزلي اءذ سمعت صُراخاً عظيماً عالياً من بيت اُم سلمة زوج النبي صلی الله علیه و اله فخرجت يتوجّه بي قائدي الي' منزلها، وأقبل أهل المدينة اليهامن الرِّجال والنساء.

فلمّا انتهيت اليها قلت: يا اُم المؤمنين، مالَك تصرخين و تستغيثين؟فلم تجبني، وأقبلت علي' النسوة الهاشميّات وقالت: يا بنات عبدالمطّلب،اسعدين وابكين معي؛ فقد قُتل واللهِ سيّدُ كُن و سيد شباب أهل الجنة، قدوالله قتل سبط رسول الله وريحانته الحسين، فقلت: يا اُم المؤمنين، ومنأين علمت ذلك؟ قالت: رأيت رسول الله صلی الله علیه و اله في المنام السّاعة شَعثاً مذعوراً فسألته عن شأنه ذلك؟ فقال: قتل ابني الحسين(ع) وأهل بيته اليوم، فدفنتهم، والسّاعة فرغت من دفنهم.
قالت: فقمت حتّي' دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أغفل، فنظرت فاءذا بتربة الحسين الّتي أتي' بها جبرئيل من كربلاء فقال: اءذا صارت هذه التربةدماً فقد قتل ابنك وأعطانيها النبي فقال: اجعلي هذه التربة في زجاجة، أوقال في قارورة ولتكن عندك، فاءذا صارت دماً عبيطاً فقد قتل الحسين،فرأيت القارورة الن وقد صارت دماً عبيطاً تفور.
قال: فأخذت اُم سلمة من ذلك الدَّم فلطخت به وجهها، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة علي' الحسين(ع)، فجاءت الركبان بخبره وأنّه قتل فيذلك اليوم.
وفي اُسد الغابة جاءت الرواية بصورة مختلفة عن الاولي'، حيث وردعن ابن عباس قوله: رأيت رسول الله فيما يري' النائم نصف النهار وهوقائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت واُمّي يا رسول الله،ما هذا الدم؟ قال: هذا دم الحسين، لم أَزل أَلتقطه منذ اليوم، فَوُجدِ قد قتلفي ذلك اليوم.

علي أي حال كيفما كانت الرواية ـ رغم اعتقادنا بصحة الاُولي' ـحيث جاء في الادعية الواردة عن الائمة الاطهار : التي ذكروا أنّها تُقرأمع طلب الاستشفاء بالتربة الطاهرة، عبارة ]وبحق الملك الذي أخذها[ أوفي عبارة اُخري ]بحق الملك الذي قبضها[، والملك المقصود هو جبرائيل.
فالثابت هنا أن هناك قارورة أودعها النبي صلی الله علیه و اله عند اُم سلمة، فيه اتراب من كربلاء، والحقيقة أن التراب هو جزء من التراب الذي ذبح عليهالحسين الشهيد(ع)، وقد جلبه جبرائيل للرسول الكريم صلی الله علیه و اله، وأخبره عنالله سبحانه وتعالي بماهيته ومقتل الامام الحسين(ع) عليه.
والشيء الملفت للنظر والمحيّر للعقل هو الارتباط بين تراب كربلاءوالدم.
والمثير هنا لماذا تحوّل ما في القارورة الي دم يفور بعد أن كان تراباًبخصائصه الطبيعية؟

الحقيقة أن الارض هي مصدر الحياة الاساسية؛ حيث أودع الله تعالي فيها من خزائنه المتنوّعة ما لا يُعدّ ولا يُحصي'.
أمّا الدم فهو الاصل الذي يُديم حياة الاءنسان، فالاءثنان يرتبطان فيمابينهما بخصوصية اءدامة الحياة، اءن لم يُصبْهما شيء ما يغير من تكوينتهماالخاصة.
فكثيراً ما سالت الدماء علي الارض دفاعاً عنها ضد معتدٍ أثيم

يريد أن يعبث بها، أو يستثمرها بطريق غير مشروع، أو يستعبد ساكنيها.
فالحرية والكرامة والمبادي لا تصان اءلاّ بالتضحية، وهذه التضحيةمهما كانت صورتها فهي لا تصل الي الجود بالنفس، وما أكثر الارواح التي اُزهقت من أجل الحفاظ علي الارض وما عليها!

فاكتسبت الارض بذلك قدسية ممّيزة في نفوس الكثير، فأصبح الانسان
يجاهد وتسيل دماؤه ويموت وهو مرتاح الضمير، لكي تبقي أرضه منيعة بوجه المعتدي الغادر، ولا يسمح لاي معتدٍ أن يُسيء الي قدسيةأرضه في نظره.

فهو يشم رائحتها، ويرويها اءن ظمئت، ويقلّب تُرابها لزيادةخصوبتها، وتهيئتها للزرع، و يجني ثمارها و ينتفع به فينفع به.
وتفتخر التربة التي تروي' بالدماء علي غيرها؛ بأنّها اكتسبت شرفاًرفيعاً وقيمة معنوية لا تقدَّر بثمن، فما بالك بالتربة التي تروي' بدم الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد رسول الله صلوات الله عليهم، وهو أبو عبدالله ريحانة النبي صلی الله علیه و اله، وشبْهُه من الصدر الي' ماأسفل منه؟ فاءنّه و لمّا ولد أَذّن النبي في اُذنه، وهو سيّد شباب أهل الجنّة،وخامس أهل الكساء، ورافع راية الاسلام الحقيقي، والمضحِّي بكل شيءٍ حتي طفله الرضيع من أجل أن تبقي كلمة الله هي العليا، والاسلام محفوظاً من التحريف الاُموي البغيض، مستقيماً في نهجه.

لكل هذا وغيره جعل الله لتربة كربلاء المروية بدم الحسين(ع) وأهلبيته كرامة عظيمة، وقدسية كريمة، ولتبقي' هذه التربة الطاهرة رمزاً حيّاً لقُوي الحق والعدل من المسلمين وغيرهم أمام قُوي الظلم والشرِّ والانحراف، ولتكون أيضاً محرّكاً عملاقاً لدماء أبناء الاسلام عامة،وأتباع أهل البيت: خاصة، ورموز الخير في العالم ضد كل بغي و استعباد، ومن يحاول دَرْس هذا الدين علي مدي التاريخ.الشفاء والتبرّك عند المسلمين:
كان المسلمون ولا يزالون يتبرّكون بتراب قبور الانبياء والائمةوالاولياء الصالحين والشهداء، وهذا الامر ليس محصوراً لدي المسلمين دون غيرهم.
فلا يزال محل قدم ابراهيم الخليل النبي(ع) في مقامه ببيت الله الحرام موضع تقديس المسلمين كافّة.
والحجر الاسود في ركن الكعبة المشرَّفة يتزاحم عليه الحُجّاج لتقبيله و شمّه، بل و تتعلّق أيادي الحجّاج بأستار الكعبة ويتمسّح الخرون بحجرالبيت الحرام رغبة بالرحمة الاءلهية والاستشفاء، وكيف لا وهو بيت الله الحرام، وبما خصّه الله بالكرامة والقدسية؟

أمّا ماء زمزم فليس هناك من زائرٍ للبيت العتيق اءلاّ ويأخذ منه شيئاً يشربه او يغتسل ليستشفي و يتبرّك به رغم أنّه ماء لا يختلف في خواصّه الكيمياوية عن المياه الاُخري، اءلاّ أن الله جل شأنه أودع فيه البركة و الخير و الاستشفاء.
ولا يغرب عن بالنا البصاق الطاهر لرسول الله6، وكيف أن الله ـعظمت قدرته ـ قد جعل فيه الشفاء والبركة، فبصاقه6 عولج فيه كثيرمن المسلمين، وأوَّلهم اءمام المتقين علي بن أبي طالب(ع) حينما كانأرمد في معركة فتح خيبر، وأمر الله سبحانه وتعالي نبيه الكريم6 بأنيعطي الراية في اليوم التالي لعلي(ع) بعد أن نكس بعض الصحابة عنتقدمهم، وأدركوا أنّهم غير قادرين علي الفتح.
فاستدعي علياً(ع) فجاءه أرمد العينين، فبصق في عينيه فشُفي باءذنالله سبحانه وتعالي كأن لم يكن فيهما شيء، وسلّمه الراية وفتح الله ـ جلشأنه ـ علي يديه، وهذه الحادثة مثبّتة في أغلب كتب الحديث والسيرةوالتاريخ؛ فقد ورد في صحيح البخاري في باب مناقب علي(ع) عدّةأحاديث بشأنها وبأسانيد مختلفة، مع اختلاف يسيرٍ بالالفاظ نقتطف بعضاً منها:

سأل رسول الله صلی الله علیه و اله قائلاً: أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه، فبصق فيعينيه، ودَعَا لَه فَبَرأ كأن لم يكن به وَجَع.
وحديث آخر: ... فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يَشْتَكيعَينيه يا رسول الله، قال: (فأرسلوا اءليه فاتوني به) فَلَمّا جاء بصق في عينيهودعا له فبري حتي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الرّاية...
وعن علي(ع) أنّه قال: قال رسول الله6 بعد فتح خيبر: لولا أن تقولفيك طوائف من أُمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت اليوم فيك مقالاً لاتمرّ علي ملاٍ من المسلمين الاّ أخذوا من تراب رجليك وفضل طَهورك يستشفون به،ولكن حسبك أنَّك منّي وأنا منك.
وعن اءسماعيل: أن ابن المنكدر يصيبه الصمَّات، فكان يقومويضع خَدَّه علي قبر النبي صلی الله علیه و اله فعُوتب في ذلك، فقال: يستشفي' بقبرالنبي صلی الله علیه و اله والاستشفاء اعظم من التبرك.
ناهيك عما يقوم به المسلمون من التبرك و الاستشفاء بما يفضل منوضوء النبي المتساقط من وجهه الكريم ويديه المباركتين.
بل الاقوي من هذا وذاك فاءن لباس النبي وجسده الشريف يحفظان من الفات والاهوال، فقد لف جسد فاطمة بنت أسد (اُم الاءمام علي(ع))حينما توفّيت بقميصه حماية لها من أهوال ما بعد الموت، ووفاءً لها لِماقامت به من تربيته في طفولته، بل أكثر من ذلك نزل في قبرها حتي يوَسَّع عليها ولا تضغط في لحدها.

و تبرَّك المسلمون بتراب قبر حمزة سيد الشهداء(ع) عم النبي صلی الله علیه و اله فقد قال ابن جبير في رحلته (ص153): وحول الشهداء بجبل اُحدٍ تربةحمراء، وهي التربة التي تنسب الي حمزة، ويتبرّك الناس به.
أردت من هذا العرض المختصر أن اُوضّح منزلة وعظمة النبي وآله الاطهار صلوات الله عليهم، وحجم الكرامات التي خصّهم الله سبحانهوتعالي بها كمقدّمة بسيطة للحديث عن التربة الحسينية وقُدسيّتهاو اهمّيتها في شفاء المؤمنين.التربة الطاهرة بين الشفاء والامان:
ورد عن أئمتنا: أن تربة سيد الشهداء الحسين(ع) هي شفاء منكل داءٍ وأمان من كل خوف.
لقد شاع بين أتباع مذهب أهل البيت : وغيرهم: أن لهذه التربةمفعولاً عظيماً في علاج الامراض والاسقام، وكذلك فهي تُضفي الامنوالامان من كل رعب باءذن الله سبحانه وتعالي.
لقد حث الامام الصادق(ع) تلاميذه وأتباعه من شيعته علي أهمّية التداوي بهذه التربة، ففي رواية ابن قولويه قال: حدّثني محمد بن عبدالله،عن أبيه، عن عبدالله البرقي، عن بعض أصحابنا، قال: دفعت الي امرأةغزلاً وقالت: ادفعه الي حَجَبة مكة ليخاط به كسوة للكعبة، قال: فكرهتأن ادفعه الي الحجبة و أنا أعرفهم، فلما أن صرنا الي المدينة دخلت عليأبي جعفر(ع) وقلت له: جعلت فداك، ان امرأة أعطتني غزلاً فقالت: ادفعه الي حجبة مكة ليخاط به كسوة للكعبة، فقال: اشترِ به عسلاً و زعفراناً، وخُذْ منطين قبر الحسين(ع) واعجنه بماء السماء، واجعل فيه شيئاً من العسل والزعفران وفرّقه علي الشيعة ليداووا به مرضاهم.

وعن محمد بن مسلم ـ في حديث ـ أنّه كان مريضاً فبعث اليه أبوعبدالله(ع) بشراب فشربه فكأنّما نشط من عقال، فدخل عليه فقال: كيف وجدت الشراب؟ فقال: كنت آيساً من نفسي فشربته فأقبلت اليك كأنّما نشطت من عقال، فقال: يا محمّد، اءن الشراب الذي شربته كان فيه منطين قبور آبائي، وهو أفضل ما نستشفي به، فلا تعدل به فاءنّا نسقيه صبياننا ونساءنا فنري منه كل خير.
وفي رواية أبي بكر الحضرمي عن الصادق(ع) قال: لو أن مريضاً منالمؤمنين يعرف حق أبي عبدالله(ع) وحرمته، أخذ له من طين قبر الحسين(ع) مثلرأس الانملة كان له دواءً وشفاء.
وقال الصادق(ع): في قبر الحسين(ع) شفاء من كل داء، وهو الدَّواءالاكبر.
وعنه(ع) قال: من أصابته علّة فبدأ بطين قبر الحسين(ع) أشفاه الله من تلك العلة، اءلاّ أن تكون علّة السام.تربة الاءمام الحسين(ع) والامن من الخوف:

اءن أغلب الروايات التي طالعناها في كتبنا المعتبرة ربطت ظاهرةالشِفائية مع الامان في أحاديث الائمة:، وقد ازدادت اعتقاداتالمسلمين بتربة الحسين(ع) ؛ حتي أصبح أتباع أهل البيت: يوصون قبل موتهم بأن يدفن معهم عند الموت تربة الاءمام الحسين(ع)، اعتقاداًمنهم بالامن من أهوال تلك الحفرة الضيقة وضغطة القبر، فالرجل الذي يسأل الاءمام الصادق(ع) عن دواءٍ، وأشار عليه بالتربة الحسينية، قال:قلت: قد عرفت الشفاء من كل داء، فكيف الامان من كل خوف؟
قال: اءذا خفت سلطاناً أو غير ذلك فلا تخرج من منزلك اءلاّ ومعك منطين قبر الحسين(ع)، وقل اءذا أخذته: (اللهم اءن هذه طينة قبر الحسينوليّك وابن وليّك، اتخذتها حرزاً لِمَا أخاف ولِمَا لا أخاف) فاءنّه يرد عليكما لا تخاف.
قال الرجل: فأخذتها كما قال لي فأصح الله بدني، وكانت لي أماناً منكل ما خفت وما لم أخف كما قال، فما رأيت بحمد الله بعدهامكروه.
وورد في نصوص بعض الادعية عن الاءمام الصادق(ع) التي تُقرأ معالتربة حيث قال: ..ونجاة من كل آفة، وحرزاً ممّا أخاف وأحذر.
وعن الحسين ابن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله(ع) يقول: حنِّكواأولادكم بتربة الحسين(ع) فاءنّها أمان.آداب الاستشفاء:

ان التداوي بتراب قبر الاءمام الحسين(ع) يتلازم مع أدعية خاصّة بها،و قد أرشدنا الائمة الاطهار: اءلي الدعاء و اليك بعضاً من هذه الادعية:
جاء رجل الي الامام الصادق(ع) وقال له: اءنّي رجل كثير العلل و الامراض، وما تركت دواءً اءلاّ وتداويت به، فقال لي: فأين أنت عنتربة الحسين(ع)؟ فاءن فيها الشفاء من كل داء، والامن من كل خوف وقل اذا أخذته:
اللّهم انّي أسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي أخذها، وبحقبيته، اجعل لي فيها شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف.
قال: ثم قال: ان الملك الذي أخذها جبرئيل، وأراها النبي صلی الله علیه و اله فقال:هذه تربة ابنك ـ هذا ـ تقتله اُمتك من بعدك، والنبي الذي قبضها فهو محمدصلی الله علیه و اله، وأمّا الوصي الذي حل بها فهو الحسين بن علي سيدالشهداء.
و قال الصادق(ع): اءذا أكلته ـ أي طين قبر الحسين(ع) ـ فقل: اللهم رب التربة المباركة، و رب الوصي الّذي وارته صل علي محمدٍ وآل محمد، واجعله عاماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء.
و عن الحسن بن محمّد الطوسي في الاَمالي، عن أبيه، عن خُنَيسن،عن محمّد بن عبدالله، عن محمّد بن محمّد بن مفضل، عن اءبراهيم بناء سحاق الاَحمري، عن عبدالله بن حماد، عن زيد الشحّام، عن الصادق(ع)قال: اءن الله جعل تربة الحسين شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف،فاذا أخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها علي عينه، وليمرّها علي سائر جسده،وليقل: اللّهم بحق هذه التربة، وبحق من حل بها وثوي' فيها، و بحق أبيه و اُمه و أخيه و الائمة من ولده، وبحق الملائكة الحافّين به الاّ جعلتها شفاءً من كل داء، وبرءاً من كل مرض، ونجاة من كل آفة، و حرزاً ممّا أخاف و أحذر، ثم يستعملها، قال أبو اُسامة: فانّي استعملها من دهري الاطول كما قال و وصف أبو عبدالله(ع) فما رأيت بحمد الله مكروه.

ورُوي: أن رجلاً سأل الصادق(ع) فقال: اءنّي سمعتك تقول: ان تربةالحسين(ع) من الادوية المفردة، و انّها لا تمرّ بداءٍ الاّ هضمته، فقال: قدكان (أو قد قلت ذلك) فما بالك؟ فقال: انّي تناولتها فما انتفعت بها، قال:أما ان لها دعاءً فمن تناولها و لم يَدع به و استعملها لم يكد ينتفع بها: قال:فقال له: ما يقول اذا تناولها؟ قال: تُقبِّلها قبل كل شيءٍ و تضعها علي عينيك، ولا تناوَل منها أكثر من حُمّصة، فاءن من تناول منها أكثر فكأنّما أكل من لحومنا ودمائنا. فاءذا تناولت، فقل: ]اللَّهُم اءِنِّي أسْأَلُك بِحَق المَلَك الَّذِي قَبَضَهَا و بحق الملك الَّذي خَزَنها، وأَسْأَلُك بِحَق الوَصِي الذي حَلفيها أن تُصَلِّي علي محمدٍ وآل محمد، وأن تجعلها شِفاءً مِن كُل داء،و أماناً من كل خوف، وحفظاً من كل سوء. فاءذا قلت ذلك فاشدُدْها فيشيءٍ واقرأ عليها انَّا أنزلناه في ليلة القدرِ، فاءن الدّعاء الّذي تقدم لاخذها هو الاستئذان عليها، واقرأ اءنّا أنزلناه ختمها).

حرمة أكل الطين الاّ طينة الاءمام الحسين(ع):

وقد وصلتنا روايات عديدة من طريق أهل البيت: تؤكّد حرمةأكل الطين ما عدا تربة سيد الشهداء الحسين(ع)، وقد أوردنا الرواياتالتي تؤكّد ذلك.
أمّا الروايات التي تحرّم أكل الطين: فمنها: ما ذكره الشيخ الطوسي،عن حنان بن سدير، عن الصادق قال: من أكل من طين قبر الحسين(ع)، غيرمستشف به فكأنّما أكل من لحومنا، فاءذا احتاج أحدكم للاكل منه ليستشفي به، فليقل:بِسْم الله وَبالله، اللَّهُم رَب ه'ذِه التُرْبَة المُبارَكَة الطَّاهَرِة، وَرَب النُّورِ الَّذي أُنْزِل فيه وَرَبالجَسَدِ الَّذي سَكَن فيه وَرّب المَلائِكَة المُوكَّلين به اجعَلْه لي شفَاءً مِن داءِ كذا وكذا،واجرَع من الماء جرعة خلفه، وقل: اللَّهُم اجْعَلْه رِزْقاً واسعاً وَعِلْماً نافعاً وشِفَاءً مِن كُلداءٍ وَسُقْم. فاءن الله تعالي' يدفع عنك بها كل ما تجدُ من السّقم والهم والغم اءن شاء الله تعالي'.

وبسندٍ أيضاً عن الرضا(ع) قال: كل طين كالميتة وما أهِل لغير الله به، ماخلا طين قبر الحسين(ع) فاءنّه شفاء من كل داء.حدود حريم قبر الحسين(ع):
اختلفت الروايات في تحديد حريم القبر الطاهر، فقد وردت أبعادمتباينة بعض الشيء، كما جاء ذلك في مستدرك الوسائل: 10/320، وقدورد في كتاب من لا يحضره الفقيه: أن الصادق(ع) قال: حريم قبرالحسين(ع) خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر.

وروي عن ابي عبدالله(ع) أنّه قال: يؤخذ طين قبر الحسين(ع) علي سبعين ذراعاً من عند القبر.
وهناك من قال أكثر أو أقل من ذلك حسب الروايات الواردة اءلينا، بلاءن بعض علمائنا ـ أعلي الله مقامهم ـ أكّدوا علي أن طين التداوي يجب أنيؤخذ من عند الرأس الشريف، نقل ابن قولويه عن أبي عبدالله(ع) قال:اءن عند رأس الحسين بن علي(ع) لتربة حمراء فيها شفاء من كل داءٍ اءلاّ السام.مصادر البحث

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ـ الارض والتربة الحسينية، للمجتهد الاكبر الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، قم، اءيران.
ـ اُسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الاثير، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الاُولي، 1417ه، 1996م.
ـ أمالي الشيخ الطوسي ـ مؤسسة البعثة، الطبعة الاولي 1414 ه، قمـ اءيران.
ـ بحار الانوار، الشيخ محمد باقر المجلسي، الطبعة الثانيةالمصحَّحة، دار اءحياء التراث العربي ومؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان،1403 ه، 1983م.
ـ بحار الانوار الشيخ محمد باقر المجلسي الطبعة الثالثة المصححة ـدار احياء التراث العربي ـ 1403ه ـ 1983 ـ بيروت لبنان.
ـ تفصيل وسائل الشيعة اءلي تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمدبن الحسن الحر العاملي، مؤسسة آل البيت لاءحياء التراث، قم المشرفة،الطبعة الثانية، 1414ه.
ـ تهذيب الاحكام، الشيخ الطوسي، دار التعارف، بيروت، لبنان،1412 ـ 1992م.
ـ تهذيب الاحكام، الشيخ الطوسي، تحقيق الشيخ محمد جوادالفقيه، فهرسة و تصحيح د. يوسف البقاعي، دار الاضواء، ط2، بيروت لبنان، 1413ه، 1992م.
ـ صحيح البخاري، الاءمام البخاري، تحقيق محمود محمد محمودحسن نصّار، منشورات محمد علي بيضون ودار الكتب العلمية، الطبعةالثانية، بيروت، لبنان، 1423ه ـ 2002م.
ـ الغدير في الكتاب والسنّة والادب، الشيخ عبدالحسين الاميني النجفي، الطبعة الاُولي المحققة، مركز الغدير للدراسات الاءسلامية، قم،اءيران، 1416ه، 1995م.
ـ كامل الزيارات، للشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه القمي،تحقيق الشيخ جواد القيّومي، مؤسسة نشر الفقاهة.
ـ مصباح المتهجّد، لشيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تصحيح الشيخ حسين الاعلمي، الطبعة الاُولي المصححة،مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1418ه، 1998م.
ـ من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق، تحقيق العلاّمة الشيخمحمد جواد الفقية، فهرست و تصحيح الدكتور يوسف البقاعي، دارالاضواء، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1413ه، 1992م.
ـ من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق، تصحيح وتعليق علي أكبرالغفاري، منشورات جماعة المدرسين التابعة للحوزة العلمية في قم المقدسة.

عبدالرضا الزبيدي


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page