فركب الحسين (عليه السلام) ناقته و قيل فرسه فاستنصتهم فانصتوا فحمد الله و أثنى عليه و ذكره بما هو أهله و صلى على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و على الملائكة و الأنبياء و الرسل و أبلغ في المقال ثم قال تبا لكم أيتها الجماعة و ترحا حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم و حششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا و عدوكم فأصبحتم ألبا لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم و لا أمل أصبح لكم فيهم فهلا لكم الويلات تركتمونا و السيف مشيم و الجأش طأمن و الرامي لما يستحصف و لكن أسرعتم إليها كطيرة الدبى و تداعيتم إليها كتهافت الفراش فسحقا لكم يا عبيد الأمة و شذاذ الأحزاب و نبذة الكتاب و محرفي الكلم و عصبة الآثام و نفثة الشيطان و مطفئ السنن أ هؤلاء تعضدون و عنا تتخاذلون أجل و الله غدر فيكم قديم و شجت إليه أصولكم و تأزرت عليه فروعكم فكنتم أخبث ثمر شجا للناظر و أكلة للغاصب ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة يأبى الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ألا و إني زاحف بهذا الأسرة مع قلة العدد و خذلة الناصر ثم أوصل كلامه بأبيات فروة بن مسيك المرادي :
فإن نهزم فهزامون قدما *** و إن نغلب فغير مغلبينا
و ما إن طبنا جبن و لكن *** منايانا و دولة آخرينا
إذا ما الموت رفع عن أناس *** كلاكله أناخ بآخرينا
فأفنى ذلكم سرواة قومي *** كما أفنى القرون الأولينا
فلو خلد الملوك إذا خلدنا *** و لو بقي الكرام إذا بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا
ثم ايم الله لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى و تقلق بكم قلق المحور عهد عهده إلى أبي عن جدي فاجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و لا تنظرون إني توكلت على الله ربي و ربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم اللهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سنين كسنى يوسف و سلط عليهم غلام ثقيف فيسومهم كأسا مصبرة فإنهم كذبونا و خذلونا و أنت ربنا عليك توكلنا و إليك أنبنا و إليك المصير ثم نزل (عليه السلام) و دعا بفرس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المرتجز فركبه و عبى أصحابه للقتال .
خطبة الامام الحسين(علیه السلام) أمام معسكر ابن سعد
- الزيارات: 8840