• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ليلة عاشوراء

فقالوا له: ما تريد؟ فقال لهم: أنتم يا بني اُختي آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين و الزموا طاعة يزيد، فقالوا له: لعنك الله و لعن أمانك أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمانَ له؟!
و ناداه العبّاس ابن أمير المؤمنين(عليه السلام): تبّت يداك و لَعَن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله أتأمرنا أن نترك أخانا و سيّدنا الحسين بن فاطمة و ندخل في طاعة اللعناء و أولاد اللعناء؟![1]

ثمّ نادى عمر بن سعد يا خيل الله اركبي و بالجنّة أبشري فركب الناس ثمّ زحف نحوهم بعد العصر و الحسين(عليه السلام) جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه فسمعت اُخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين(عليه السلام) رأسه فقال: إنّي رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الساعة في المنام فقال إنّك تروح إلينا، فلطمت اُخته وجهها و نادت بالويل فقال لها الحسين(عليه السلام): ليس لكِ الويل يا اُخيّة اسكتي رحمك الله.[2]

و قال له العبّاس: يا أخي أتاك القوم فنهض ثمّ قال: يا عباس اركب أنت حتّى تلقاهم و تقول لهم: ما بالكم و ما بدا لكم؟ و تسألهم عمّا جاء بهم، فأتاهم في نحو عشرين فارساً فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر فسألهم فقالوا: قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم، قال: فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا و رجع العباس إليه بالخبر و وقف أصحابه يخاطبون القوم و يعظونهم و يكفّونهم عن قتال الحسين(عليه السلام).

فلمّا أخبره العبّاس بقولهم قال له: ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة و تدفعهم عنّا العشيّة لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة و ندعوه و نستغفره فهو يعلم أنّي كنت أحبّ الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار. فسألهم العبّاس ذلك، فتوقّف ابن سعد، فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي سبحان الله و الله لو أنّهم من الترك أو الديلم و سألونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف و هم آل محمّد؟! و قال له قيس ابن الأشعث بن قيس: أجبهم لعمري ليصبحنّك بالقتال. فأجابوهم إلى ذلك.

فجمع الحسين(عليه السلام) أصحابه عند قرب المساء. قال زين العابدين(عليه السلام): فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم و أنا إذ ذاك مرييض فسمعت أبي يقول لأصحابه: اُثني على الله أحسن الثناء و أحمده على السرّاء و الضرّاء اللّهمّ إنّي أحمدك على أن أكرّمتنا بالنبوّة و علّمتنا القرآن و فقّهتنا في الدين و جعلت لنا أسماعاً و أبصاراً و أفئدة فاجعلنا لك من الشاكرين. أمّا بعد فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى و لا خيراً من أصحابي و لا أهل بيت أبرّ و لا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عنّي خيراً ألا و إنّي لأظنّ يوماً لنا من هؤلاء ألا و أنّي قد أذنت لكم انطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم منّي ذمام، و هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً و ليأخذ كلّ واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي و تفرّقوا في سواد هذا الليل و ذروني و هؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري.

فقال له إخوته و أبناؤه و بنو أخيه و أبناء عبدالله بن جعفر: و لِمَ نفعل ذلك لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً، بدأهم بهذا القول أخوه العبّاس بن أمير المؤمنين و اتّبعه الجماعة عليه فتكلّموا بمثله و نحوه.

ثمّ نظر إلى بني عقيل فقال: حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم، إذهبوا قد أذنت لكم، قالوا: سبحان الله فما يقول الناس لنا؟! و ما نقول لهم؟ إنّا تركنا شيخنا و سيّدنا و بني عمومتنا خير الأعمام و لم نرمِ معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح و لم نضرِب معهم بسيف و لا ندري ما صنعوا! لا و الله ما نفعل ذلك، و لكنّنا نفديك بأنفسنا و أموالنا و أهلينا و نقاتل معك حتّى نردَ موردك، فقبّح الله العيش بعدك.

و قام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال: أنحن نخلّي عنك و قد أحاط بك هذا العدوّ؟ و بمَ نعتذر إلى الله في أداء حقّك؟ لا و الله لا يراني الله أبداً و أنا أفعل ذلك حتّى أكسر في صدورهم رمحي و أضاربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي، و لو لم يكن معي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة و لم اُفارقك أو أموت معك.
و قام سعيد بن عبدالله الحنفي فقال: لا و الله يا ابن رسول الله لا نخلّيك أبداً حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصيّة رسوله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) و الله لو علمت أنّي اُقتل فيك ثمّ اُحيا ثمّ اُحرق ثمّ اُذرى يُفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حِمامي دونَك، و كيف لا أفعل ذلك و إنّما هي قتلة واحدة ثمّ أنال الكرامة الّتي لا انقضاء لها أبداً.

و قام زهير بن القين و قال: و الله يا ابن رسول لوددت أنّي قُتلت ثمّ نُشِرت ألف مرّة و أنّ الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن نفس هؤلاء الفتيان من إخوانك و ولدك و أهل بيتك.
و تكلّم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً و قالوا: أنفسنا لك الفداك نقيك بأيدينا و وجوهنا، فإذا نحن قُتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا و قضينا ما علينا.[3]
و أمر الحسين(عليه السلام) أصحابه أن يقرّبوا بين بيوتهم و يدخلوا الأطناب بعضها في بعض و يكونوا بين يدي البيوت فيستقبلون القوم من وجه واحد و البيوت من ورائهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم قد حفّت بهم إلاّ الوجه الّذي يأتيهم منه عدوّهم.
و قام الحسين و أصحابه الليل كلّه يصلّون و يستغفرون و يدعون و باتوا و لهم دويّ كدويّ النحل ما بين ركاع و ساجد و قائم و قاعد، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان و ثلاثون رجلاً.

قال بعض أصحاب الحسين(عليه السلام) : مرّت بنا خيل لابن سعد تحرسنا و كان الحسين(عليه السلام) يقرأ (و لا يحسبنّ الذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نُملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين. ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب).

فسمعها رجل من تلك الخيل يقال له عبدالله بن سمير فقال: نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم، فقال له بربر بن خضير: يافاسق أنت يجعلك الله من الطيّبين؟! فقال له: مَن أنت ويلك؟ قال: أنا برير بن خضير فتسابّا، فلمّا كان وقت السحر خفق الحسين عليه السلام برأسه خفقة ثم استيقظ فقال: رأيت كأنّ كلاباً قد جهدت لتنهشني وفيها كلب أبقع رأيته أشدّهاعليّ وأظنّ أنّ الذي يتولّى قتلي رجل أبرص.
-----------------------------------------------------------------------------------------------
[1]. فرجع الشمر إلى عسكره مغضباً، و كان ابن خالهم عبدالله بن أبي المحل بن حزام و قيل جرير بن عبدالله بن مخلّد الكلابي قد أخذ لهم أمانا من ابن زياد و أرسله إليهم مع مولى له و ذلك أنّ أمّهم اُمّ البنين بنت حزام زوجة عليّ(ع) هي عمّة عبدالله هذا، فلمّا رأوا الكتاب، قالوا: لا حاجة لنا في أمانكم أمان الله خير من أمان ابن سميّة.
[2]. و في رواية أنّه(ع) جلس فرقد ثمّ استيقظ و قال: يا اُختاه رأيت الساعة جدّي محمّداً و أبي عليّاً و اُمّي فاطمة و أخي الحسن و هم يقولون يا حسين إنّك رائح إلينا عن قريب.
[3]. و وصل الخبر إلى محمّد بن بشير الحضرمي في تلك الحال بأنّ ابنه قد اُسر بثغر الريّ فقال: عند الله أحتسبه و نفسي ما كنت أحبّ أن يؤسر و أبقى بعده، فسمع الحسين(ع) قوله فقال: رحمك الله أنت في حلٍّ من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك، فقال: أكلتني السباع حيّاً إن فارقتك ، قال: فأعط ابنك هذا هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه فأعطاه خمسة أثواب برود قيمتها ألف دينار فحملها مع ولده.
و نهض عمر بن سعد إلى الحسين(عليه السلام) عشيّة يوم الخميس لتسع مضين من المحرّم، و جاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسين(عليه السلام) فقال: أين بنو اُختنا ـ يعني العبّاس و جعفراً و عبدالله و عثمان أبناء عليّ(عليه السلام) ـ فقال الحسين(عليه السلام): أجيبوه و إن كان فاسقاً، فإنّه بعض أخوالكم، و ذلك أنّ اُمّهم أمّ البنين كانت من بني كلاب و شمر من بني كلاب.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page