طباعة

علامات النبوة

علامات النبوة

سمعت خديجة بنت خويلد، وهي من أشراف قريش، سمعت بما يتمتع به محمد بن عبد الله، من الصدق والأمانة والأخلاق العالية، فأعجبت به، وودّت لو يبادلها محمد هذا الشعور، فدعته إلى الذهاب في تجارتها إلى الشام. لقاء أجر يعادل ضعفي ماكانت تعطيه للآخرين، فقبل محمد واتّجر لها، فنجحت الرحلة نجاحاً باهراً، وانتهى الأمر بعدها بزواج محمد من خديجة.
ورغم أن خديجة بنت خويلد كانت على أبواب الأربعين من عمرها، فيما كان محمد في ريعان الشباب، فإن زواجهما حقّق أروح تلاحم عاطفي أساسه الحب والاحترام المتبادل، وأثمر عدداً من الأولاد، ذكوراً وإناثاً، إذ ولد لهما القاسم، وبه كان محمد يكنى، ثم إبراهيم، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وعبد الله وفاطمة. ولكن مشيئة الله سبحانه قضت أن لايبقى منهم على قيد الحياة سوى فاطمة.
بعد أن تزوج محمد تركزت شخصيته الاجتماعية، وتعززت وتجلّت يوم اختلاف القبائل في وضع الحجر الأسود، بعد إعادة بناء الكعبة المشرفة، إثر السيل الجارف والحريق اللذين تعرضت لهما.. فما أن طلع عليهم محمد حتى قالوا: هذا الأمين رضينا به حكماً بيننا.. وقصوا عليه ماهم فيه من الخلاف، فما كان منه إلا أن وضع الحجر في ثوب، ثم أمرهم أن تأخذ كل قبيلة منهم بطرف، ليرفعوا الحجر ويضعوه في مكانه فيكون الجميع مشتركين في وضعه.
وبدأت علامات النبوة تظهر على محمد. فها هو ينقطع في غار حراء، شهراً كاملاً، من كل عام، يقضيه في التأمل والتفكر، بعيداً عن الصراعات القبلية والفساد. ولما بلغ الأربعين من العمر، أنزل الله سبحانه جبرائيل(ع) ليتلو على محمد(ص) أول بيان من الرسالة الخاتمة: {إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. إقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الانسان مالم يعلم}.
كان لهذا البيان العظيم أثره في قلب حبيب الله وفيه نفسه، وهو الذي لم يتعلّم القراءة ولا الكتابة، فعاد إلى بيته، وتدثر في فراشه، فأنزل الله عليه البيان الثاني: {ياأيها المدثّر قم فأنذر وربك فكبّر وثيابك فطهر والرجز فاهجر}.
وهكذا كان الأمر الالهي للنبي محمد (ص) واضحاً بحمل الرسالة، والقيام بأعباء الدعوة إلى الله.