بن عليّ»([1]) يقول في الإمام(عليه السلام): كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أشدّ الناس استمساكاً بالحقّ والعدل، فكان أوّل ما فكّر فيه بعد أن عقد له لواء الخلافة أن يعزل الولاة الجائرين الذين ولاّهم عثمان وشكا الناس منهم، وأن يردّ الإقطاعات التي منحها لخاصّته إلى بيت المال.
فكان الصدّيق يستشيره في مهامِّ الاُمور وكان الفاروق يستشيره في أكثر اُموره لما يعهد فيه من رجاحة العقل، واستقامة الرأي والتفقّه في الدين .
ثمّ قال الاُستاذ لطفي: فلمّا علم عليّ بالنبأ (الحادث في السقيفة المؤدّي إلى ترشيح عمر أبابكر للخلافة وقبول أبي بكر ذلك) عظم عليه أن يتجاهل أبوبكر ومن بايعه مكانته وحقّه، لما له من السابقة في الإسلام، ولأنّه كان أقرب الناس إلى الرسول فهو ابن عمّه، وصهره، وهو رفيقه وربيبه وكاتبه، وخليفته على المدينة يوم ذهب لغزوة تبوك، بل إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) على ما رواه كثيرون لمّا جمع أعمامه واُسرته لينذرهم قال لهم: «أيُّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟».
فأحجم الجميع إلاّ عليّ وكان أصغرهم، فقال: «أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه» فأخذ الرسول(صلى الله عليه وآله)برقبته ثم قال: «هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا»([2]).
فمن البديهي أن يمتنع الإمام عليّ عن مبايعة الصدّيق، ويشايعه في امتناعه أشخاص أفذاذ من السابقين في الإسلام، كالعباس وطلحة والزبير، تؤيّدهم في عملهم ابنة الرسول فاطمة الزهراء([3]).
***************
[1] ـ طبع في مصر عام 1947 دار الهلال .
[2] ـ الرضوي: كل ذلك لم يغب عن أبي بكر علمه، ولكن حبّ الزعامة والسلطة حالت دون ذلك.
[3] ـ الشهيد الخالد الحسين بن علي: ص9 و10 و 13، ط مصر فبراير (عام 1947 م)، دارالهلال.