الحسن البصري([1]) يقول: كان عليّ والله سهماً صائباً من مرامي الله عزّ وجلّ على عدوّه، وربّانيَّ هذه الاُمّة، وذا فضلها وذا سابقتها([2]) وذا قرابتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لم يكن متراخياً عن أمر الله، ولا باللَومة في دين الله، ولا بالسَروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة([3]) ذاك عليّ بن أبي طالب([4]) كان لا يجهل، وإن جُهِل عليه حَلِم، ولا يظلم، وإن ظُلِمَ غَفَر، ولا يبخل، وإن بخلت الدنيا عليه صبر([5]).
ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع: ائتمانه على براءة، وما قاله في غزاة تبوك فلو كان غير النبوّة شيء يفوته لاستثناه، وقول النبيّ صلّى الله عليه وسلم : «الثقلان: كتاب الله، وعترتي» وأنّه لم يؤمَر عليه أمير قطّ، وقد أَمَرَت الاُمراء على غيره([6]).
ما أقول فيمن كانت له السابقة والفضل والعلم والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة.
إنّ عليّاً كان في أمره عليّاً، رحم الله عليّاً وصلّى عليه.
ولم يجرِ عليه اسم شرك ولا شِربُ خمر، وقد قال رسول اللهصلّى الله عليه وسلم لفاطمة(عليها السلام): «زوّجتك خير اُمّتي» فلو كان في اُمّته خيرٌ منه لاستثناه ولقد آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أصحابه، فآخى بين عليٍّ ونفسه، فرسول الله صلّى الله عليه وسلمخير الناس نفساً وخيرهم أخاً ([7]).
ابن عمّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم وختنه على ابنته، وأحب الناس إليه، وصاحب سوابق مباركات سبقت له من الله([8]).
وعن هشام بن حسّان قال: بينا نحن عند الحسن البصري(رحمه الله) إذ أقبل رجل من الأزارقة، فقال له: يا أبا سعيد، ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟ فاحمرّت وجنتا الحسن وقال: رحم الله عليّاً، إنّ عليّاً كان سهماً لله صائباً في أعدائه، وكان في محلّة العلم أشرفها وأقربها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان رهبانيّ هذه الاُمّة، لم يكن لمال بالسَروقة، ولا في أمر الله بالنَوامة، أعطى القرآن عزيمة علمه فكان منه في رياض مونقة، وأعلام بيّنة، ذاك واللهِ عليّ بن أبي طالب(رحمه الله)([9]).
****************
[1] ـ قال ابن أبي الحديد: رووا عنه أنّه كان من المخذِلين عن نصرته (أي عن عليّ) وروي عنه: أنّ عليّاً(عليه السلام) رآه وهو يتوضّأ للصلاة، وكان ذا وسوسة، فصبّ على أعضائه ماءً كثيراً، فقال له: «أرقت ماءً كثيراً يا حسن»! فقال: ما أراق أميرالمؤمنين من دماء المسلمين أكثر! قال: «أوساءكَ ذلك؟»، قال: نعم، قال: «فلا زلتَ مَسوءاً» قالوا: فما زال الحسن عابساً قاطباً مهموماً إلى أن مات. شرح نهج البلاغة: ج1 ص368.
[2] ـ وذا قرابة قريبة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وزوج فاطمة الزهراء، وأبا الحسن والحسين. سجع الحمام: ص10.
[3] ـ الإمام عليّ بن أبي طالب، للدكتور محمّد بيومي مهران: ص19، طبع عام 1419 هـ . ق.
[4] ـ الفتوحات الإسلامية: ج2 ص516. شرح نهج البلاغة: ج1 ص369، وبمعناه في نظم درر السمطين: 118.
[5] ـ شرح نهج البلاغة: ج1 ص107.
[6] ـ شرح نهج البلاغة: ج1 ص369 .
[7] ـ شرح نهج البلاغة: ج1 ص369 .
[8] ـ إحياء علوم الدين: ج2 ص276، الطبعة الثانية عام (1316هـ).
[9] ـ من أمالي الحافظ عليّ بن الحسن الشافعي: ص33.