الدكتورة سعاد ماهر تقول في الإمام(عليه السلام): أمّا جهاده في سبيل الله وتفوّقه على غيره فالكلام عنه مفروغ منه، فقد اشتهر ذكره، واستفاض خبره وتحدّث به المؤرخون وكتّاب السير، كتاريخ الأشراف لأحمد بن يحيى البلاذري، ومغازي محمّد بن عمر الواقدي، وغيرها بما لا يدع زيادةً لمستزيد، وحسبك أن تعلم أنّه أقام مع النبيّ عليه الصلاة والسلام ثلاثاً وعشرين سنةً بمكّة قبل الهجرة تحمّل معه عبء الدعوة، وعشر سنين بالمدينة بعد الهجرة، شهد معه الغزوات كلّها، إلاّ غزوة تبوك استخلفه فيها الرسول على المدينة، وكان صاحب راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبلى في نصرته ما لم يبلِهِ أحد، فكان جهاده في سبيل الله بيده ولسانه وقلبه، وذلك كلّ ما يملك، وليس وراء ذلك فيما نعلم من سبيل للجهاد([1]).
وما كان الحقّ عنده لمن يرضاه دون من يقلاه، ولكنّه كان الحقّ لكلِّ من استحقّه، وإن بَهَتَه وآذاه.
وكان بعلمه وفقهه مرجعاً للخلفاء والصحابة في عهود أبي بكر وعمر وعثمان، وكان صاحب الفتوى في كلّ ما يُشكل أمره من مسائل الشريعة التي تقع في الحياة العمليّة وكان عمر كثيراً ما يرجع إليه ويقول: «لولا عليّ لهلك عمر» وصرّح ابن عباس وهو يعدّ ترجمان القرآن بأنّ كلَّ علمه في التفسير أخذه من عليّ([2]) أجمع المؤرخون وكتّاب السير على أنّ عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه كان ممتازاً بمميّزات كبرى لم تكن لغيره، فقد اُوتي من العلم والفضل ومن القوّة والبأس والشجاعة والإقدام، ومن مكارم الأخلاق ومحمود الصفات، وشرف الحسب والنسب ما لم يجتمع لغيره، فهو اُمّة في رجل، هذا إلى قرابته القريبة من النبيّ الكريم، ونشأته في بيته وزواجه بابنته، وسابقته في الإسلام، وجهاده في سبيله([3]).
فكان إمام الفقهاء وعلماء الشريعة، وأقدرهم على استنباط الأحكام الدينيّة، وإليه رجع الخلفاء من قبله في مشكلات الحكم والقضاء([4]) فكان أقضى أهل زمانه، وأعلمهم بالفقه والشريعة، وأقدرهم على تطبيقها واستنباط الأحكام الدينيّة([5]).
**************
[1] ـ مشهد الإمام عليّ في النجف: ص43، ط مصر.
[2] ـ مشهد الإمام عليّ في النجف: ص38.
[3] ـ مشهد الإمام عليّ في النجف: ص12 ط مصر.
[4] ـ المصدر السابق : ص6.
[5] ـ المصدر السابق : ص51.