طباعة

الغزوات والسرايا

الغزوات والسرايا

 

 

لقد بدأ النبي الأعظم (ص) بتشكيل قوّة عسكريّة بعد دخوله المدينة بعدّة أشهر، وذلك لنشر الإسلام والدعوة إليه، وهو يقتضي استعمال القوّة المسلـّحة لتحطيم قوى الكفر وإعلاء كلمة الحقّ. وقد ذكر المؤرّخون أنّ مجموع غزوات الرسول (ص) وسراياه ثمانون غزوة وبعثة وسريّة.

وابتدأ (ص) عمله العسكري بتشكيل السرايا التي كانت مهمّتها استطلاع أوضاع قريش وتتعرّض لرأس المال التجاري لهم. فأوّل سريّة شكـّلها النبيّ (ص) بعد إقامته في المدينة بسبعة أشهر؛ إذ عقد (ص) لحمزة بن عبد المطلب على ثلاثين من المهاجرين ليلقوا أبا جهل، فلقوه وهو على ثلاثمائة من المشركين، ولكن لم يقع بينهم قتال. ثمّ على رأس ثمانية أشهر من مهاجره الشريف عقد لعبيدة بن الحارث بن عبد المطـّلب على ستين رجلا ً؛ لقوا أبا سفيان في بطن رابغ وكان في مائتين.

وبعدها كانت سرية سعد بن أبي وقـّاص، ثم كانت غزوة الأبواء، وبعدها غزوة بواط، إذ خرج (ص) في مائتين من المهاجرين يعترض عِيرَ بني ضمرة، وبعدها بأيّام قلائل كانت غزوة العشيرة، وكانت بقيادته (ص) أيضا ً، ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثمّ رجع إلى المدينة، ولم يلق كيدا ً، وفيها كنّي عليّ (ع) بأبي تراب. ثم كانت سرية عبد الله بن جحش في السنة الثانية من الهجرة، في ثمانية أو اثني عشر رجلا ً من المهاجرين، حيث قتل مشركا ً وأسر آخر وغنموا قافلة ً.

وكان من نتائج هذه السرايا عقد مهادنات وموادعات وتحالفات بين المسلمين وكثير من القبائل المتواجدة في المنطقة، وأنتجت تلك التحالفات رعبا ً في قلوب سائر القبائل القريبة من المدينة، بل كانت تلك التحالفات بمثابة ضربات قويّة ومؤلمة لقريش وأتباعها، بل أصبحت قريش لم تملك حريّة الحركة في المنطقة بعد أن كانت سيّدة الموقف، فقوافلها التجارية مهدّدة، فكانت ترسل أعدادا ً ضخمة لحماية تلك القوافل، وكانت أكبر قافلة تجارية ترسلها قريش بعد تعرّض المسلمين لقوافلها هي القافلة التي سبّبت معركة بدر، وكانت بقيادة أبي سفيان.