إيمان أبي طالب (رض)
أجمع أهل البيت (ع) وشيعتهم على إسلام أبي طالب (رض)[1] ، بل في بعض الأحاديث «أنـّه من الأوصياء»[2] .
فلا شكّ في إيمانه بالله وتصديقه برسالته وانقياده للأوامر والزواجر الالهيّة. والأدلـّة على إسلامه كثيرة نذكر منها:
1- الأحاديث الدالـّة على إيمانه والواردة عن أهل البيت وهي كثيرة جمعها بعض العلماء في كتب مفردة[3] ، ومنها الحديث المتقدّم أعلاه. وقال ابن الأثير: «وما أسلم من أعمام النبي (ص) غير حمزة والعبّاس بن عبد المطلب، وأبي طالب عند أهل البيت»[4] . وأهل البيت أدرى بما في البيت.
2- ما تقدّم من مناصرته للنبي (ص)، وتحمّله تلك المشاق والصعاب العظيمة، وتضحيته بمكانته في قومه وحتـّى بولده، بل وطـّن نفسه على خوض معركة طاحنة تأكل الأخضر واليابس.
3- تصريحاته وأقواله الكثيرة جدّا ً، فانـّها كلـّها تدلّ على إيمانه وإسلامه، ونكتفي بذكر انموذج من شعره، وهو:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا ً نبيا ً كموسى خُطّ في أوّل الكتب
وقال (رض) في مقام آخر:
أنت الرسول رسول الله نعلمه عليك نُزِّل من ذي العزّة الكتب
وقال مخاطبا ً ولده حمزة (رض):
فصبرا ً أبا يعلى على دين أحمد وكن مظهرا ً للدين وفـّقت صابرا ً
4- وقد استدلّ سبط ابن الجوزي على إيمانه بقو.له: لو كان أبو عليّ (ع) كافرا ً لكان شنّع عليه معاوية وحزبه، والزبيريّون وأعوانهم، وسائر أعدائه، مع أنـّه (ع) كان يذمّهم ويرزي عليهم بكفر الآباء والأمّهات، ورذالة النسب[5] .
5- إنّ أبا طالب دعا ملك الحبشة إلى الإسلام، كما ودعا ولده جعفرا ً وأمره أن يصل جناح ابن عمّه في الصلاة[6] ، وهو الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام[7] ، وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين، وأظهر سروره بإسلامه، إلى غير ذلك من المواقف التي تدلّ على إيمانه وإسلامه.
6- لقد صرّح أبو طالب في وصيّته بأنـّه قد اتّخذ سبيل التقيّة في شأن رسول الله (ص) وأنّ ما جاء به الرسول (ص) قد قبلته الجنان وأنكره اللسان، بل أوصى قريشا ً بقبول دعوة الرسول ومتابعته على أمره[8] .
7- لقد ترحّم النبيّ (ص) عليه، واستغفر له، وجزع عليه عند موته، ومعلوم انـّه لا يصحّ الترحّم إلاّ على المسلم. ولذلك قال (ص) لسفانة بنت حاتم الطائي: «لو كان أبوك مسلما ً لترحّمنا عليه»[9] .
إلى غير ذلك من الأدلة الواضحة الدالة على إيمان أبي طالب (رض).
[1] أوائل المقالات: 13؛ الطرائف –لابن طاووس: 398، شرح النهج للمعتزلي 14: 165؛ البحار 35: 138 وغيرهم.
[2] الغدير 7: 389.
[3] انظر كتاب منية الراغب في إيمان أبي طالب للشيخ الطبسي.
[4] الغدير 7: 369.
[5] ابو طالب مؤمن قريش: 272 – 273 طـ سنة 1398 هـ عن تذكرة الخواص.
[6] انظر روضة الواعظين: 140؛ شرح النهج للمعتزلي 13: 269، السيرة الحلبيّة 1: 269.
[7] شرح النهج للمعتزلي 13: 272.
[8] تذكرة الخواص: 8.
[9] السيرة الحلبيّة 3: 205.