الزواج المبارك
لقد كانت خديجة (رض) من خيرة نساء قريش شرفا ً، وأكثرهنّ مالا ً، وأحسنهنّ جمالا ً. كانت تدعى في الجاهلية بـ «الطاهرة»، ويقال لها: «سيّدة قريش». وكلّ قومها كان حريصا ً على الاقتران بها لو يقدر عليه.
وأمّا النبيّ (ص) فكان بيته من أرفع بيوت العرب شأنا ً، وأعلاها مجدا ً وأكثرها عزّة ومنعة.
وها هو بلغ سنّ الخامسة والعشرين من عمره الشريف، فلابدّ له من الاقتران بإمرأة تناسب إنسانيّته، وتتجاذب مع عظيم أهدافه، ولم يكن في دنيا النبي محمّد(ص) من إمرأة تصلح لهذه المهمّة غير خديجة (رض)، وشاء الله ذلك فيتـّجه قلب خديجة نحو محمّد (ص)، ويتعلـّق بشخصه الكريم، وتطلب هي النزول في ساحة عظمته، وتعرض نفسها عليه، فيقبل (ص) ذلك الطلب، ويقترن بها (رض). فابتدأ (ص) صفحة جديدة من تاريخ حياته المليئة بالكفاح والجهاد، فدخل (ص) بيتها (رض)، وبادلها من جانبه حبّ شابٍّ لم يعرف نزوات الشباب ولا نزقه ولا طيشه، بل كانت حياة النبي محمّد (ص) مع خديجة (رض) على أتمّ وفاق يتجلى فيها معاني الحبّ والايثار والاخلاص والوفاء، فكان (ص) بالنسبة لخديجة كلّ شيء في حياتها، فهو الزوج العظيم، والحبيب المفدّى، والسيّد المطاع، كما وانـّه وجد (ص) في زوجته خديجة المرأة العاقلة التي بلغت الأربعين من حياتها، والتي بلت الدنيا وعرفت الناس، فكانت أوّل من آمن برسالته، وصدّقت بدعوته، وبذلت مالها وثروتها في سبيل الله، وتحمّلت معه (ص) عذاب قريش ومقاطعتها.
وروي عن الرسول (ص) انـّه قال أفضل نساء الجنـّة أربع: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
وروي عن الرسول (ص) انّه قال: (إنّ جبرائيل (ع) قال لي ليلة أسري بي حين رجعت وقلت يا جبرئيل هل لك من حاجة قال حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنـّي السلام وحدّثنا عند ذلك انـّها قالت حين لقاها نبيّ الله (ص) فقال لها الذي قال جبرئيل فقالت إنّ الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام وعلى جبرئيل السلام).