طباعة

أولادها

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله جعل ذريّة كلّ نبيّ في صلبه، وجعل ذرّيتي في صلب هذا ـ يعني عليّاً » [1].
نعم أثمر ذلك الزواج المبارك ، وولدت فاطمة الحسن ثم الحسين (عليهما السلام)، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وهما إمامان قاما أو قعدا، وأنجبت بعد الحسين زينب الكبرى بطلة كربلاء شريكة الحسين في جهاده، ثمّ أنجبت «زينب الصغرى» الملقّبة بـ«اُمّ كلثوم».

مناقب الزهراء (عليها السلام):
إنّ فضائل الزهراء (عليها السلام) كثيرة جدّاً تصعب الإحاطة بها ضمن هذه اللّمحة التأريخية المختصرة في حياتها المشرقة، ولكن على نحو الإختصار نذكر بعض تلك الفضائل:

1ـ فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين:
روى الحسن بن زياد العطّار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، أسيّدة نساء عالمها؟
قال : « تلك مريم ، وفاطمة (عليها السلام) سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين..»[2] .
 وعن المفضّل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فاطمة (عليها السلام) «إنّها سيّدة نساء العالمين» أهي سيّدة نساء عالمها؟
فقال: ذاك لمريم، كانت سيّدة نساء عالمها، وفاطمة (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين [3].

2ـ إنّ الله يحبّ فاطمة (عليها السلام):
روى أبو هريرة: أنّه سجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمس سجدات بلا ركوع، فقلنا له في ذلك، فقال: أتاني جبرئيل، فقال: إنّ الله يحبّ عليّاً (عليه السلام)، فسجدت، فرفعت رأسي، فقال: إنّ الله يحبّ الحسن، فسجدت، فرفعت رأسي، فقال: إنّ الله يحبّ الحسين، فسجدت، ثمّ قال: إنّ الله يحبّ فاطمة، فسجدت، ثمّ قال: إنّ الله يحبّ من أحبّهم فسجدت [4].

3ـ أحب الناس إلى رسول الله (ص) من النساء فاطمة (ع) ومن الرجال عليّ (ع):
روى جميع بن عمير التيمي، قال: دخلت مع عمّتي على عائشة ، فسألت : أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالت: فاطمة (عليها السلام).
فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً [5].

4ـ إنّ الله تعالى يغضب لغضب فاطمة (عليها السلام) ويرضى لرضاها:
روى أبو حمزة الثمالي عن الباقر (عليه السلام) عن أبيه عن جدّه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها» [6].

5ـ إنّ رسول الله (ص) حرب لمن حارب فاطمة (ع) وسلم لمن سالمها:
عن زيد بن أرقم، قال: مرّ النبي (صلى الله عليه وآله) على بيت فيه فاطمة وعليّ وحسن وحسين (عليهم السلام)، فقال: «أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم» [7].

6ـ أوّل من يدخل الجنّة فاطمة (عليها السلام):
عن أبي هريرة ، قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): «أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة (عليها السلام)» [8].

فاطمة (عليها السلام) في القرآن
لقد كان لفاطمة وزوجها وابنيها (عليهم السلام) مقام عالٍ عند الله ورسوله، وقد شهد لهم القرآن بالطهارة وسموّ المقام ، ففيهم نزلت آيات التطهير والمباهلة والمودّة وسورة هل أتى وغيرها الكثير من آي الذكر الحكيم، فهي (عليها السلام) أبرز مصداق لـ«الصالحين» في القرآن، كما روى ذلك أنس، قال: صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت له: يارسول الله أرأيت أن تفسّر لنا قوله تعالى: )فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ( النساء: 69 فقال (صلى الله عليه وآله): أمّا النبيّون فأنا، وأمّا الصدّيقون فأخي عليّ (عليه السلام)، وأمّا الشهداء، فعمّي حمزة، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين (عليهما السلام)[9] .
وما من آية نزلت في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) أو فسّرت بهم إلاّ وهي (عليها السلام) من أبرز مصاديقها.

عبادة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وكثرة دعائها
كانت فاطمة (عليها السلام) ـ كبقية أهل البيت (عليهم السلام) ـ عابدة زاهدة، قد اتّخذت لها محراباً في بيتها تصلّي فيه، وكانت تكثر من الصلاة والعبادة والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
روي عن إمامنا الحسن بن علي (عليه السلام) أنّه قال: رأيت أُمي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها ، فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا اُمّاه لم لا تدعين لنفسك ، كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يابنيّ الجار ثمّ الدار.
وفي رواية: «كانت فاطمة (عليها السلام) تنهج في الصلاة من خيفة الله تعالى». و«النهج» بالتحريك بمعنى البهر، وتتابع النفس [10].
وقال الحسن البصري: ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة (عليها السلام) ، كانت تقوم حتّى تورّم قدماها [11].
وروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل: أمّا ابنتي فاطمة (عليها السلام) فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين... متى قامت في محرابها بين يدي ربّها زهر نورها لملائكة السماء كما يزهو نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته:
(يا ملائكتي! اُنظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، اُشهدكم إنّي قد أمنت شيعتها من النار )[12].

----------------------------------------------------------
[1] ـ ذخائر العقبى: 67.
[2] ـ بحار الأنوار 43: 21، ح10
[3] ـ بحار الأنوار 43: 26، ح25.
[4] ـ بحارالأنوار 37: 59، ح28.
[5] ـ العوالم 11: 133 وذكر في هامشه نحو (35) من الكتب المعتبرة للعامة أخرجوا الحديث فيها.
[6] ـ بحار الأنوار 43: 19.
[7] ـ بحار الأنوار 37: 78.
[8] ـ ميزان الاعتدال ـ للذهبي ـ 2: 131؛ فضائل الخمسة 3: 167.
[9] ـ بحار الأنوار 24: 31، ح2.
[10] ـ بحار الأنوار 84: 258.
[11] ـ بحار الأنوار 43: 84.
[12] ـ فاطمة الزهراء (عليها السلام) بهجة قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله): 215.