• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الزيارة

الزيارة

(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)(195).
إن أهم ما يميّز الشيعة الإماميّة عن سواهم ولاؤهم لأهل البيت (عليهم السلام) وصدقهم في الولاء، وحفظهم المودّة ورعايتهم للودّ، ذلك لأنهم علموا وتيقنوا أن طريق النجاة والخلاص منحصر في اتباعهم واقتفاء خطاهم، والسير على هديهم وهداهم، وربطوا مصيرهم بأئمتهم (عليهم السلام)، لا يحيدون عن ذلك ولا يبغون عنه بدلاً.
وقد قامت الأدلّة عندهم من العقل والنقل على انحصار الهداية فيهم وبهم دون سواهم، في العقيدة والفقه والأخلاق، وقد تكفّلت كتبهم الكلامية(196) ببيان ذلك ودلالة عليه، فأهل البيت (عليهم السلام) وهم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) هم ذوو القربى الذين أمر الله بمودتهم وطاعتهم، وهم الأمناء على دين الله وشريعة نبيه (صلّى الله عليه وآله)، وهم حملة القرآن، ووارثو علم الرسول (صلّى الله عليه وآله).
أضف إلى ذلك ما تجلّى من سيرتهم (عليهم السلام) التي كانت مثالاً لسيرة جدّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فكانوا بذلك مهوى الأفئدة وملتقى القلوب، فإنّهم القادة إلى الصراط المستقيم.
غير أنّ الأمة ـ ويا للأسف ـ تنكّرت لهم وتنكّبت طريقهم، فما عرفت لهم فضلاً، ولا رعت لهم حقّاً، وعاشوا غرباء، ورحلوا غرباء، وهكذا شأن الأولياء والصديقين يعيشون في غربة، ويرحلون في غربة لا يعرف لهم قدراً ولا مقاماً.
ولم يكن هناك إلا ثلة قليلة حظيت بشرف الاعتقاد بإمامتهم، والاقتداء بهم والسير على خطاهم، وهم شيعتهم الذين استنارت بصائرهم بولايتهم ومحبّتهم، فكانوا هم الفائزين.
ثم إنّ من أجلى مظاهر الودّ ومراعاة المودّة لدى الشيعة الإمامية تجاه أئمتهم (عليهم السلام) تعاهد مواطنهم ومواضع مراقدهم بالزيارة، وتجديد العهد بالولاء والمحبة يستسهلون في الوصول إليهم كل عسير، ويستمرئون كل خطير، فقد جعل الله تعالى تلك المواطن المطهّرة بيوتاً أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
ومع أن الزيارة تتحقق من البعد، فقد ورد أنّهم يبلغهم السلام(197)، إلا أن الأئمة (عليهم السلام) قد أكدوا على شيعتهم في السعي إلى مقاماتهم المشرّفة لما يترتّب على ذلك من الفوائد العظيمة.
فقد حرص الأئمة (عليهم السلام) ـ شفقة ورأفة منهم بشيعتهم ـ أن لا تفوتهم تلك المغانم الجليلة حيث جعل الله تعالى مواضع قبورهم مواطن الرحمة، ومهابط الملائكة، مظانّ إجابة الدّعاء وغفران الذنوب، والقربة لله والوفاء لرسوله، وإظهار المودّة لذوي القربى.
روى الكليني بسنده عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صلّى الله عليه وآله).(198)
وقال الشيخ المفيد وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من زارنا بعد مماتنا فكأنما زارنا في حياتنا..(199)
وروى الشيخ في التهذيب بسنده عن أبي عامر السّاجي واعظ أهل الحجاز، قال: أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، وقلت له: يا بن رسول الله ما لمن زار قبره ـ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وعمّر تربته؟ قال: يا أبا عامر حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال له: والله لتقتلنّ بأرض العراق، وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إنّ الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عبادة تحنّ عليكم، وتحتمل المذلّة والأذى، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها، تقرباً منهم إلى الله، ومودّة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنّة.
يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمّه، فأبشر وبشّر أولياءك ومحبّيك من النعيم، وقرّة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ولكن حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم كما تعيّر الزّانية بزناها، أولئك شرار أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي، ولا يردون حوضي.(200)
إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة.
وإضافة إلى كون الزيارة إحدى القربات والعبادات، فيها من المنافع الدينية والدنيويّة ما لا يخفى، بحيث لو لم يرد أي نصّ في الترغيب فيها والحثّ عليها لكانت في نفسها جديرة بالاغتنام.
ولما كانت السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) غصناً من تلك الشجرة الطيبة، وفرعاً من ذلك الأصل الزّاكي، ولها من الشأن والمقام ما قد عرفت، ورد الترغيب في زيارتها، والحثّ على قصد بقعتها، قربة لله تعالى ووفاء لرسوله (صلّى الله عليه وآله).
ولم يتوان الشيعة الإمامية عن ذلك، بل صاروا يسعون أفواجاً ووحداناً، من شتى بقاع الأرض، متحمّلين مشاقّ السفر وأخطاره في محبّة صادقة وولاء عميق، معظّمين بذلك إحدى شعائر الله تعالى.
وقد ورد في العديد من الروايات التأكيد على زيارتها، وأنّ الله تعالى قد جعل الجنّة ثواباً لمن زارها، ومن تلك الروايات ما تقدم ذكره عن عدّة من أهل الرّي أنّهم دخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام) وقالوا: نحن من أهل الرّي، فقال (عليه السلام): مرحباً بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الري، فأعاد الكلام، قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجابهم به أولاً، فقال (عليه السلام): إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة، قال الراوي: وكان هذا الكلام منه (عليه السلام) قبل أن يولد الكاظم.(201)
ومنها: ما روي عنه (عليه السلام) أيضاً أنه قال: إنّ زيارتها تعدل الجنّة.(202)
ومنها: ما رواه الصدوق بسنده عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهم السلام)، فقال (عليه السلام): من زارها فله الجنّة.(203)
ومنها: ما روي عن سعد عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: قال: يا سعد عندكم لنا قبر، قلت: جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى (عليهما السلام)، قال: نعم، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة.(204)
ومنها: ما روي عنه (عليه السلام) أيضاً أنه قال: من زار المعصومة بقم كمن زارني.(205)
ومنها: ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليهما السلام) أنه قال: من زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة.(206)
وغيرها من الروايات الدالة على فضل زيارتها، وما أعدّه الله تعالى ثواباً لزائرها وهو الجنّة، وقد ورد أن للجنة ثمانية أبواب ثلاثة منها لأهل قم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page