تمهيد
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاولين والاخرين.
موضوع البحث ـ كما طلبتم ـ مظلوميّة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولماذا لم تقولوا مناقب الزهراء ؟ أو لم تقولوا حياة الزهراء ؟ وإنما عنونتم مظلوميّة الزهراء.
قد يقال ـ كما قيل ـ قضايا الزهراء سلام الله عليها قضايا تاريخية ، ولا ينبغي أن تثار ، والقضيّة التاريخية قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.
سنحاول أن نبحث عن هذه القضية بلا أيّ تعصب وتشنج ، وإنْ كان الصبر على ما وقع ، وقراءة ما وقع ، والحديث عمّا وقع ، وتحمل ذلك كلّه أمراً صعباً ، سترون أنّي لا أذكر شيئاً لا من مصادر القوم فحسب ، بل من أعظم مصادرهم ، وأشهر كتبهم ، وأصح كتبهم ، وأسبق كتبهم وأقدمها ، سأحاول ذلك قدر الامكان.
ولو كانت قضيةً تاريخيةً فحسب ، فحروب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغزواته كلّها قضايا تاريخية ، ومواقف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تلك الغزوات والحروب قضايا تاريخية ، ومبيت أمير المؤمنين في ليلة الهجرة على فراش رسول الله قضية تاريخية ، وزواج علي من فاطمة الزهراء ـ بعد أن ردّ رسول الله غيره ـ قضية تاريخية ، وحروبه أيضاً قضايا تاريخية ، وقضية كربلاء وشهادة الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه وأولاده قضية تاريخية ، فلماذا نبحث عنها ؟
وحتى عند أهل السنة أيضاً : كون أبي بكر مع رسول الله في الغار قضية تاريخية ، صلاته التي يزعمونها في مكان رسول الله في مرضه قضية تاريخية ، وهكذا بقية الاُمور التي يستدلّون بها في كتبهم بزعمهم على فضائل أئمّتهم ومناقب أُمرائهم وخلفائهم.
الحقيقة أنّ قضية الزهراء سلام الله عليها أساس مذهبنا ، وجميع القضايا التي لحقت تلك القضية وتأخّرت عنها كلّها مترتبة على تلك القضية ، ومذهب الطائفة الامامية الاثني عشرية بلا قضية الزهراء سلام الله عليها وبلا تلك الاثار المترتبة على تلك القضية هذا المذهب ـ يذهب ولا يبقى ، ولا يكون فرقٌ بينه وبين المذهب المقابل.
سنبحث عن قضية الزهراء سلام الله عليها في ضمن مطالب ، وهذه المطالب مترتبة ، أي كل مطلب منها يترتب على المطلب الذي قبله ، حتى نصل إلى المطلب الاخير ، ونستنتج من جميع هذه المطالب ، ثم نذكر أهمّ مسائل القضيّة ، وسترون أنها قضية علميّة عقائدية مذهبية ، لها كلّ التأثير في مصير هذا المذهب ، ولها كلّ التأثير في سلوك أبناء هذا المذهب