• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إستعراض موجَز لحياة السيدة زينب الكبرى

بمقدار ما كانت حياة السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) مشفوعة بالقداسة والنزاهة ، والعفاف والتقوى ، والشرف والمجد ، كانت مليئة بالحوادث والمآسي والرزايا ، منذ نعومة أظفارها وصِغر سنّها إلى أواخر حياتها.
فلقد فُجعت بجدّها الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكان لها من العمر ـ يومذاك ـ حوالي خمس سنوات ، ولكنّها كانت تُدرك هول الفاجعة ومُضاعفاتها.
ومن ذلك اليوم تغيّرت معالم الحياة في بيتها ، وخيّمت الهموم والغموم على أسرتها ، فقد هجم رجال السقيفة على دارها لإخراج أبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من البيت لأخذ البيعة منه ، بعد أن أحرقوا باب الدار وكادوا أن يُحرقوا الدار بمَن فيها.
وقد ذكرنا في كتاب : ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) شيئاً من تلك المصائب التي انصبّت على السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من الضرب المبرّح وإسقاط الجنين ، وغير ذلك ممّا يطول الكلام بذكره.
وكانت جميع تلك الحوادث بمرأى من السيدة زينب ومَسمَع ، فلقد سمعت صراخ أمّها من بين الحائط والباب ، وشاهدت الأعداء الذين أحاطوا بها يضربونها بالسوط والسيف المغمَد ، وغير ذلك ممّا أدّى إلى إسقاط إبنها المحسن ، وكسر الضلع ، وتورّم العضُد الذي بقي أثره إلى آخر حياتها.
و ـ بعد شهور ـ فُجعت السيدة زينب بوفاة أمّها ( سلام الله عليها ) وهي في رَيَعان شبابها ، لأنّها لم تبلغ العشرين من العمر ، ودُفنت ليلاً وسرّاً ، في جوّ من الكتمان ، وعُفّي موضع قبرها إلى هذا اليوم.
ومنذ ذلك الوقت كانت السيدة زينب ترى أباها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جليس الدار ، مسلوب الإمكانيات ، مدفوعاً عن حقّه ، صابراً على طول المدة وشدّة المحنة.
وبعد خمس وعشرين سنة ـ وبعد مقتل عثمان ـ أكرهوه أن يوافق على بيعة الناس له ، فبايعوه بالطوع والرغبة ، وبلا إجبار أو إكراه من أحد ، وكان أول من بايعه : الطلحة والزبير ، وكانا أوّل مَن نكث البيعة ونقض العهد ، والتحقا في مكّة بعائشة ، وحرجوا طالبين بدم عثمان ، وقادا الناكثين ( للبيعة ) من المناوئين للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقصدا البصرة وأقاما مجزرة رهيبة ـ في واقعة الجمل المعروفة ـ وكانت حصيلتها خمسة وعشرين ألف قتيل.
وبعد فترة قصيرة أقام معاوية واقعة صفّين ، وقاد القاسطين ، واشتدّ القتال وكاد نسل العرب أن ينقطع من كثرة القتلى ، وتوقّف القتال لأسباب معروفة مفصّلة.
ثمّ أعقبتها واقعة النهروان التي قُتل فيها أربعة آلاف.
وتُعتبر هذه الحروب من أهمّ الإضطرابات الداخلية في أيام خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
وانتهت تلك الأيام المؤلمة بشهادة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومَقتله على يد عبد الرحمن ابن ملجم !
ولمّا قام اخوها : الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) بأعباء الإمامة تخاذل بعض أصحابه في حربه مع معاوية ، وصدرت منهم الخيانة العظمى التي بقيت وصمة عارها إلى هذا اليوم ، فاضطرّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) إلى إيقاف القتال حِقناً لدماء مَن بقي من أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
وخلا الجوّ لمعاوية بن أبي سفيان وعُملائه ، وظهر منهم أشدّ أنواع العداء المكشوف للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وسنّ معاوية لعن الإمام على المنابر في البلاد الاسلامية ، وأمر باختلاق الأحاديث في ذمّ الإمام والمسّ بكرامته.
كلّ ذلك بمرأى من السيدة زينب ومسمع.
وطالت مدّة الإضطهاد عشر سنين ، وانتهت إلى دسّ السمّ إلى الإمام الحسن ( عليه السلام ) بمكيدة من معاوية ، وقضى الإمام نحبه مسموماً ، ورشقوا جنازته بالسهام حتى لا يدفن عند قبر جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (1)
وهكذا امتدّت سنوات الكبت والضغط ، وبلغ الظلم الأموي القمّة ، وتجاوز حدود القساوة ، وانصبّت المصائب على الشيعة في كلّ مكان ، بكيفيّة لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي يومذاك ، مِن قطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلب الأجساد ، وأمثال ذلك من الأعمال الوحشيّة البربريّة ! (2)
وعاصر الإمام الحسين ( عليه السلام ) تلك السنوات السود التي انتهت بموت معاوية واستيلاء إبنه يزيد على منصّة الحكم.
هذه عُصارة الخلاصة للجانب المأساوي في حياة السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) المليء بالكوارث والحوادث ، طيلة نيّف وأربعين سنة من عمرها.
وأعظم حادثة ، وأهمّ فاجعة حدثت في حياة السيدة زينب هي فاجعة كربلاء التي أنست ما قبلها من الرزايا ، وهوّنت ما بعدها من الحوادث والفجائع.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1 ـ كتاب المناقب ، لابن شهرآشوب ج 4 ، ص 42 و44.
2 ـ كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، طبع بيروت ، مؤسسة البعثة ، ص 165 ـ 166.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page