• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اخلاق فاطمة عليها السلام - 1

اخلاق فاطمة عليها السلام و سيرتها و قبسات من حياتها

سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام
لجنة التحرير فى طريق الحق

نقل عن الامام الصّادق عليه السّلام، و عن جابر الانصاري «انّه راى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة عليها السّلام و عليها كساء، من اجلة الابل و هي تطحن بيديها و ترضع ولدها، فدمعت عيناً رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدّنيا بحلاوة الآخرة، فقالت‏يا رسول اللّه، الحمد اللّه على نعمائه و الشكر للّه على آلائه، فانزل اللّه «و لوسف يعطيك ربّك فترضى‏» (1)
العمل في البيت:
روي عن الامام الصّادق عليه السّلام «... و كان عليّ عليه السّلام و يستقي و يحتطب و كانت فاطمة عليها السّلام تطحن و تعجن و تخبز و ترقع و كانت من احسن الناس وجهاً كانّ وجنتيها وردتان، صلّى اللّه عليها و على ابيها و بعلها و ولدها الطّاهرين.» (2)
و عن عليّ عليه السلام، حول فاطمة عليها السّلام »...انها استقت‏بالقربة حتّى اثرت في صدرها، و طحنت‏بالرّحى حتّى مجلت‏يداها، و كسحت البيت‏حتّى اغبرت ثيابها، و اوقدت النّار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها». (3)
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يساعد فاطمة عليها السّلام في عملها:
«دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عليّ فوجده هو و فاطمة يطحنان في الجاروش (الرّحى) فقال النّبيّ صلّى الله عليه و اله و سلّم: ايّكما اعيى؟ فقال عليّ: فاطمة يا رسول اللّه، فقال لها: قومي يا بنيّة، فقامت و جلس النّبي صلّى الله عليه و آله وسلّم موضعها مع عليّ عليه السّلام فواساه في طحن الحبّ‏». (4)

امراة لا تطالب زوجها بشي‏ء:
عن الامام الباقر عليه السلام قال: «انّ فاطمة ضمنت لعليّ عليه السّلام عمل البيت و العجين و الخبز و قمّ البيت، و ضمن لها عليّ عليه السلام ما كان خلف الباب، نقل الحطب و ان يجي بالطعام فقال لها يوماً، يا فاطمه هل عندك شئ‏ء؟ قالت: والذي عظّم حقّك ما كان عندا منذ ثلاثة ايّام شي‏ء نقريك به، قال: افلا اخبرتني؟ قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهايي ان اسالك شيئاً فقال: لا تسالين ابن عمّك شيئاً ان جاءك بشي‏ء و الاّ فلا تساليه‏» (5) .

الانسجام و التلاؤم في الحياة الزوجية:
قال عليّ عليه السّلام: فواللّه ما اغضبتها (خلال الحياة المشتركة مع فاطمة عليها السلام) و لا اكرهتها على امر حتّى قبضها اللّه عزّوجلّ، و لا اغضبتني و لا عصمت لي امراً، و لقد كنت انظر اليها فتنكشف عني الهموم و الاخزان‏» (6)

اصدق النساء:
«و عن عائشة، و ذكرت فاطمة عليها السّلام: ما رايت اصدق منها الاّ اباها» (7)

العبادة:
عن الحسن البصري «ما كان في هذه الامة اعبد من فاطمة كانت تقوم حتّى تورم قدماها» (8)

العبادة و الدّعاء للآخرين:
عن الامام الحسن عليه السلام: «قال: رايت اميّ فاطمة عليها السّلام قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة و ساجدة حتّى انفجر عمود الصبح و سمعتها تدعو للمؤمنين و المؤمنات و تسميّهم و تكثر الدّعاء لهم، و لا تدعوا لنفسها بشي‏ء، فقلت لها: يا امّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت: يا بنيّ، الجار ثمّ الدار» (9)


عن الامام موسى بن جعفر عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام، استاذن اعمى على فاطمة عليها السّلام فحجبته، فقال رسول الله صلّى عليه و آله و سلّم لها، لم حجبتيه و هو لا يراك؟ فقالت عليه السّلام: ان لم يكن يراني فاني اراه و هو يشمّ الريح، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشهد انّك بضعة منّي‏» (10) .

العفاف، و الابتعاد عن الرّجال الجانب:
«حين سئلت فاطمة عليها السّلام: ايّ شي‏ء خير للنساء اجابت: و خير لهنّ ان لا يرين الرّجال، و لا يراهنّ الرّجال‏» (11) .
«و حين سئلت عن المراة: فمتى تكون ادنى من ربها، اجابت عليها السّلام: ادنى ما تكون من ربها ان تلزم قعر بيتها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم حين سمع جوابها: انّ فاطمة بضعة منّي‏». (12)
و من الواضح انّ خروج المراة من دارها، ليس محرّماً، لو لم يؤدّ لارتكاب الحرام، بل ربّما يكون خروجها راجحاً او لازماً، لممارسة بعض الاعمال و هذه الرّوايات انّما تستهدف التاكيد على هذه الملاحظة، و انّه لو لم يكن هناك امر ضروري يفرض على المراة الخروج، فالافضل لها ان لا تعرض نفسها على الرّجال و انظارهم.

توزيع العمل مع خادمة البيت:
و عن سلمان الفارسي قال «كانت فاطمة عليها السّلام جالسة، قدامها رحى تطحن بها الشّعير، و على عمود الرّحى دم سائل (بسبب جرح اصاب يد فاطمة عليها السّلام)، و الحسين في ناحية الدّار يتضوّر من الجوع، فقلت: يا بنت رسول الله، دبرت كفاك (اي جرحت)، و هذه فضة (13) و هي تتولّى الاعمال، فقالت: اوصاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان تكون الخدمة لها يوماً، فكان امس يوم خدمتها...» (14)

التّضحية و الايثار بزينتها:
عن الامام السّجّاد: «انّه قال: حدّثتني اسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة عليها السّلام اذا دخل عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و في عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها عليّ بن ابي طالب عليه السّلام من فى‏ء، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا فاطمة لا يقول النّاس ان فاطمة بنت محمّد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها و باعتها و اشترت بها رقبة فاعتقتها، فسرّ بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم‏» (15)
و عن الامام الباقر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم اذا اراد السفر سلّم على من اراد التسليم عليه من اهله، ثمّ يكون آخر من يسلّم عليه فاطمة عليها السّلام فيكون وجهه الى سفره من بيتها، و اذا رجع بدا بها، فسافر مرّة و قد اصاب عليّ عليه السّلام شيئاً من الغنيمة فدفعه الى فاطمه فخرج فاخذت سوارين من فضّة و علّقت على بابها ستراً، فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دخل المسجد فتوّجه نحو بيت فاطمه عليها السلام كما كان يصنع، فقامت فرحة الى ابيها صبابة و شوقاً اليه، فنظر، فاذا فى يدها سواران من فضّة، و اذاً على بابها ستر، فقعد رسول الله عليه و آله وسلّم حيث‏ينظر اليها، فبكت فاطمة و حزنت و قالت: ما سنع هذا بي قبلها.
فدعت ابنيها، فنزعت الستر من بابها، و خلعت السوارين من يديها، ثم دفعت السوارين الى احدهما و الستر الى الآخر، ثم قالت لهما: انطلقا الى ابي فاقرئاه السّلام و قولا له: ما احدثنا بعدك غير هذا فشانك به، فجاءآه فابلغاه ذلك عن امهما، فقبلهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، و التزمهما و اقعد كلّ واحد منهما على فخذه ثمّ امر بذينك السوارين فكسرا فجعلها قطعاً ثم دعا اهل الصفة - و هم قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل و لا اموال - فقسّمه بينهم قطعاً، ثمّ جعل يدعو الرّجل منهم العاري الذي لا يستتر بشي‏ء و كان ذلك الستر طويلاً ليس له عرض فجعل يؤزر الرّجل فاذا التقيا عليه قطعه حتى قسّمه بينهم ازراً.
ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم: «رحم الله فاطمة ليكسونّها اللّه بهذا الستر من كسوة الجنة، و ليحلينّها بهذين السوارين من حلية الجنة‏» (16) .

ثوب العرس:
و قد روي «انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله وسلّم صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها و زفافها و كان لها قميص مرقوع و اذاً بسائل على الباب يقول: اطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً، فارادت ان تدفع اليه القميص المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: «لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبون‏» (17) فدفعت له الجديد...» (18)

الزّهد و الخوف من اللّه:
لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم «و ان جهنم لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم‏» (19) بكى النبي صلّى اللّه عليه و اله وسلّم بكاءً شديداً، و بكت صحابته لبكائه، و لم يدروا ما نزل به جبرائيل و لم يستطع احد من صحابته ان يكلّمه، و كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اذا راى فاطمة فرح بها، فانطلق بعض اصحابه الى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيراً و هي تطحن فيه و تقول «و ما عند اللّه خير و ابقى‏»، فسلّم عليها، و اخبرها بخبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و بكائه، فنهضت، و التفت‏بشملة لها خلقة، قد خيطت اثنى عشر مكاناً بسعف النّخل، فلمّا خرجت نظر سلمان الفارسي الى الشملة و بكى، و قال: واحزناه ان قيصر و كسرى لفي السندس و الحرير، و ابنة محمّد صلّى اللّه عليه و آله وسلّم عليها شملة صوف خرقة، قد خيطت في اثنى عشر مكاناً.
فلّما دخلت فاطمة عليها السّلام على النّبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قالت: يا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلم، انّ سلمان تعجّب من لباسي، فوالذي بعثك بالحقّ مالي و علّي عليه السّلام منذ خمس سنين الاّ مسك كبش نعلف عليها بالنّهار بعيرنا، فاذا كان اليل افترشناه، و ان مرفقتنا لمن ادم حشوها ليف.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وسلم: يا سلمان انّ ابنتي لفي الخيل السوابق.
ثم قالت: يا ابتاه فديتك ما الذي ابكاك؟
فذكرها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين، قال: فسقطت فاطمة عليها السّلام على وجهها و هي تقول (الويل ثمّ الويل لمن دخل النّار() (20) .

الجوع، و طعام من السّماء:
عن ابي سعيد الخدري قال: اصبح عليّ بن ابي طالب عليه السّلام ذات يوم ساغباً فقال: يا فاطمة هل عندك شي‏ء تغذينيه؟
قالت: لا و الذي اكرم ابي بالنبوة و اكرمك بالوصية، ما اصبح الغداة عندي شي‏ء و ما كان شي‏ء اطعمناه منذ يومين الاّ شي‏ء كنت اثرك به على نفسي و على ابنيّ هذين الحسن و الحسين.
فقال عليّ عليه السلام: يا فاطمة الا كنت اعلمتني فابغيكم شيئاً.
فقالت: يا ابا الحسن انئ لاستحيي من الهي ان اكلّف نفسك ما لا تقدر عليه.
فخرج عليّ ابن ابي طالب عليه السلام من عند فاطمة عليها السّلام و اثقاً بالله بحسن الظنّ فاستقرض ديناراً، فبينا الدّينار في يد عليّ بن ابي طالب عليه السّلام يريد ان يبتاع لعياله ما يصلحهم، فتعرض له المقداد بن الاسود في يوم شديد الحر، قد لوّحته الشّمس من فوقه و آذته من تحته، فلّما رآه عليّ بن ابي طالب عليه السّلام انكر شانه فقال يا مقداد ما ازعجك هذه السّاعة من رحلك؟
قال يا ابا الحسن خلّ سبيلي و لا تسالني عمّا ورائى.
فقال: يا اخي انّه لا يسعني ان تجاوزني حتّى اعلم علمك.
فقال: يا ابا الحسن رغبة الى الله و اليك ان تخلّي سبيلي و لا تكشفني عن حالي.
فقال له: يا اخي انّه لا يسعك ان تكتمنى حالك.
فقال: يا ابا الحسن امّا اذا ابيت فوالذي اكرم محمّداً بالنّبوّة و اكرمك بالوصيّة ما ازعجني من رحلي الا الجهد، و قد تركت عيالي يتضاغون جوعاً، فلمّا سمعت‏بكاء العيال لم تحملني الارض، فخرجت مهموماً راكب راسي، هذه حالي و قصتي.
فانهملت عينا عليّ بالبكاء حتّى بلّت دمعته لحيته، فقال له: احلف بالذي حلفت ما ازعجني الا الذي ازعجك من رحلك، فقد استقرضت ديناراً فقد آثرتك على نفسي، فدفع الدينار اليه، و رجع حتّى دخل مسجد النّبي صلّى الله عليه و آله و سلّم فصلّى فيه الظهر و العصر و المغرب، فلمّا قضى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم المغرب مرّ بعليّ بن ابيطالب و هو في الصّفّ الاوّل، فغمزه برجله، فقام عليّ عليه السّلام معقباً خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى لحقه على بابّ من ابواب المسجد، فسلّم عليه، فردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السّلام، فقال: يا ابا الحسن هل عندك شي‏ء، نتعشاه، فنميل معك.
فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءاً من رسول اللّه صلّى الله عليه و اله و سلّم و هو (اي الرّسول صلّى اللّه عليه و آله وسلّم) يعلم ما كان من امر الدينار و من اين اخذه، و اين وجّهه، وقد كان اوحى اللّه تعالى الى نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان يتعشى الليلة عند عليّ بن ابي طالب، فلمّا نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى سكوته، فقال: يا ابا الحسن مالك لا تقول: لا، فانصرف، او تقول: نعم فامضي معك. فقال حياءً و تكرماً: فاذهب بنا.
فاخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ بن ابي طالب عليه السّلام، فانطلقا حتّى دخلا على فاطمة الزهراء عليها السّلام و هي في مصلاّها قد قضت صلاتها و خلفها جفنة تفورد خاناً، فلمّا سمعت كلام رسول اللّه صلّى الله عليه و آله و سلّم في رحلها خرجت من مصلاّها فسلمت عليه، و كانت اعزّ النّاس عليه، فردّ عليها السّلام، و مسح بيده على راسها و قال لها: يا بنتاه، كيف امسيت رحمك اللّه تعالى، عشينا غفر اللّه لك و قد فعل.
فاخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و عليّ بن ابي طالب عليه السّلام، فلمّا نظر عليّ بن ابي طالب الى طعام و شم ريحه رمى فاطمة ببصره رمياً شحيحاً، قالت له فاطمة: سبحان اللّه ما اشحّ نظرك، و اشدّه، هل اذنبت فيما بيني و بينك ذنباً، استوجبت‏به السّخطة؟
قال: و اي ذنب اعظم من ذنب اصبتيه اليس عهدي اليك اليوم الماضي و انت تحلفين باللّه مجتهدة ما طعمت طعاماً مذ يومين؟
قال: فنظرت الى السّماء فقالت: الهي يعلم في سمائه و يعلم في ارضه انّي لم اقل الا حقّاً.
قال لها: يا فاطمة انى لك هذا الطعام الذي لم انظر الى مثل لونه قط و لم اشمّ مثل ريحه قطّ، و لم آكل اطيب منه.
قال: فوضع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كفّه الطيبّة المباركة بين كتفي عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فغمزها، ثم قال: يا عليّ هذا بدل دينارك، و هذا جزاء دينارك من عند اللّه «ان اللّه يرزق من يشاء بغير حساب‏»، ثم استعبر النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم باكياً، ثم قال: الحمد للّه الذي ابى لكم ان تخرجا من الدنيا حتّى يجزيكما و يجريك يا علي مجرى زكريّا، و يجرى فاطمة مجرى مريم بنت عمران «كلّما دخل عليها زكريّا المحراب و جد عندها رزقاً» (21) .

بذلها و انفاقها للمحتاجين و العقد الميمون:
عن جابر بن عبد اللّه الانصاري قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى الله عليه و اله و سلّم صلاة العصر، فلمّا انفتل، جلس في قبلته و النّاس حوله، فبينا هم كذلك اذا اقبل اليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلّل و اخلق و هو لا يكاد يتمالك كبراً و ضعفاً، فاقبل عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يستحثّه الخبر، فقال الشيخ: يا نبيّ اللّه انا جائع الكبد فاطعمني، و عاري الجسد فاكسني، و فقير فارشني.
فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما اجد لك شيئاً، ولكن الدّال على الخير كفاعله، انطلق منزل من يحبّ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، يؤثر اللّه على نفسه، انطلق الى حجرة فاطمة، و كان بيتها ملاصق بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم الذي ينفرد به لنفسه من ازواجه.
و قال: يا بلال، قم فقف به على منزل فاطمة.
فانطلق الاعرابي مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة نادى باعلى صوته: السّلام عليكم يا اهل بيت النّبوة، و مختلف الملائكة، ومهبط جبرئيل الرّوح الامين بالتنزيل، من عند ربّ العالمين، فقالت فاطمة: و عليك السّلام، فمن انت‏يا هذا؟
قال: شيخ من العرب اقبلت على ابيك سيّد البّشر مهاجراً من شقّه، و انا يا بنت محمّد عاري الجسد، جائع الكبد، فواسيني يرحمك الله.
و كان لفاطمة و علي، في تلك الحال، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم، ثلاثة ما طعموا فيها طعاماً، و قد علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك من شانهما.
فعمدت فاطمة الى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن و الحسين، فقالت‏خذ هذا ايّها الطارق، فعسى اللّه ان يرتاح لك ما هو خير منه.
قال الاعرابي: يا بنت محمّد شكوت اليك الجوع فناولتني جلد كبش، ما انا صانع به، مع ما اجد من السغب.
قال: فعمدت لمّا سمعت هذا من قوله الى عقد كان في عنقها، اهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطّلب فقطعته من عنقها و نبذته الى الاعرابي فقالت: خذه و بعه، فعسى اللّه ان يعوضك به ما هو خير منه.
فاخذ الاعرابي العقد، و انطلق الى مسجد رسول الله، و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جالس في اصحابه، فقال: يا رسول اللّه اعطتني فاطمة هذا العقد فقالت‏بعه فعسى اللّه ان يصنع لك.
قال: فبكى النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال: و كيف لا يصنع اللّه لك و قد اعطتكه فاطمة بنت محمّد سيّدة بنات آدم.
فقام عمّار بن ياسر رحمة اللّه عليه فقال: يا رسول اللّه اتاذن لي بشراء هذا العقد؟
قال: اشتره يا عمّار، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم اللّه بالنّار.
فقال عمّار: بكم العقد يا اعرابيّ؟
قال: بشبعة من الخبز و اللحم، و بردة يمانيّة استر بها عورتي، و اصلّي فيها لربّي، و دينار يبلغني الى اهلي.
وكان عمّار قد باع سهمه الّذى نفله رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من خيبر،و لم يبق منه شيئاً، فقال: لك عشرون ديناراً، وماتا درهم هجرية، و بردة يمانيّة، و راحلتي تبلغك اهلك وشبعك من خبز و البرّ و اللحم.
فقال الاعرابي: ما اسخاك بالمال ايّها الرّجل، و انطلق به عمّار فوقاه ما ضمن له، وعاد الاعرابي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشبعت واكتسيت؟ قال الاعرابي: نعم و استغنيت‏بابي انت و امّي، قال: فاجز فاطمة بصنيعها، فقال الاعرابّي: اللّهم انّك اله ما استحدثناك ولا اله لنا نعبده سواك، و انت رازقنا على كلّ الجهات، الهمّ اعط فاطمة ما لا عين رات و لا اذن سمعت، فامّن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دعائه، و اقبل على اصحابه فقال: انّ اللّه قد اعطى فاطمة في الدّنيا ذلك، انا ابوها و ما احد من العالمين مثلي، و عليّ بعلها و لولا عليّ ما كان لفاطمة كفو ابداً، و اعطاها الحسن و الحسين، و ما للعالمين مثلهما سيّد شباب اسباط الانبيا، و سيّد شباب اهل الجنّة.
و كان بازائه مقداد و عمّار وسلمان فقال: و ازيدكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: اتاني الرّوح يعني جبرئيل عليه السّلام انّها اذا هي قبضت و دفنت‏يسالها الملكان في قبرها، من ربّك؟ فتقول، اللّه ربّي، فيقولان: فمن نبيك؟ فتقول ابي، فيقولان. فمن وليّك؟ فتقول: هذا القائم على شفير قبري عليّ بن ابي طالب عليه السّلام.
الا و ازيدكم من فضلها: انّ اللّه قد وكلّ بها رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها و من خلفها و عن يمينها و عن شمالها و هم معها في حياتها و عند قبرها و عند موتها يكثّرون الصلاة عليها و على ابيها و بعلها و بنيها.
فمن زارني بعد وفاتي، فكانّما زارني في حياتي، و من زار فاطمة فكانّما زارني، و من زار عليّ بن ابي طالب فكانّما زار فاطمة، و من زار الحسن و الحسين فكانّما زار عليّاً، و من زار ذريّتهما فكانّما زارهما.
فعهد عمّار الى العقد، فطيبه بالمسك، و لفّه في بردة يمانيّة، و كان له عبد اسمه (سهم) ابتاعه من ذلك السّهم الذي اصابه بخيبر، فدفع العقد الى المملوك، و قال له: خذ هذا العقد فادفعه الى رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و انت له، فاخذ المملوك العقد، فاتى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اخبره بقول عمّار، فقال النّبي: صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انطلق الى فاطمة فادفع اليها العقد، و انت لها، فجاء المملوك بالعقد و اخبرها بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاخذت فاطمة عليها السلام العقد، و اعتقت المملوك، فضحك الغلام، فقالت: ما يضحكك يا غلام؟.
فقال: اضحكني عظم بركة هذا العقد، اشبع جائعاً وكسى عرياناً، و اغنى فقيراً و اعتق عبداً، و رجع الى ربّه. (22)

العباءة النيّرة:
«روي انّ عليّا استقرض من يهودي شعيراً، فاسترهنه شيئاً، فدفع اليه ملائة فاطمة رهناً، و كانت من الصوف، فادخلها اليهودي الى دار، و وضعها في البيت، فلمّا كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل، فرات نوراً ساطعاً في البيت: اضاء به كله، فانصرفت الى زوجها فاخبرته بانها رات في ذلك البيت ضوءاً عظيماً، فتعجّب اليهودي زوجها، و قدنسي انّ في بيته ملاءة فاطمة، فنهض مسرعاً و دخل البيت فاذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها، كانّه يشتعل من بدر منير، يلمع من قريب، فتعجب من ذلك، فانعم النّظر في موضع الملاءة فعلم ان ذلك النّور من ملاءة فاطمة، فخرج اليهوديّ يعدو الى اقربائه و زوجته تعدو الى اقربائها، فاجتمع ثمانون من اليهود فراوا ذلك فاسلموا كلّهم‏» (23)

ثوب من الجنّة لفاطمة:
«روي انّ اليهود كان لهم عرس فجاؤا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم و قالوا: لنا حقّ الجوار فنسالك ان تبعث فاطمة بنتك الى دارنا حتّى يزداد عرسنا بها، و الحّوا عليه، فقال: انّها زوجة علي بن ابي طالب، و هي بحكمه (اي لابدّ ان ياذن لها عليّ عليه السلام)
و سالوه ان يشفع الى علي في ذلك، و قد جمع اليهود الطمّ و الرّم، (24) من الحلي و الحلل، و ظنّ اليهود انّ فاطمة تدخل في بذلتها، و ارادوا استهانة بها.
فجاء جبرئيل بثياب من الجنة و حلّي و حلل لم يروا مثلها، فلبستها فاطمة، و تحلّت‏بها فتعجب النّاس من زينتها و الوانها و طيبها، فلمّا دخلت فاطمة دار اليهود سجد لها نساؤهم يقبّلن الارض بين يديها و اسلم بسبب ما راوا خلق كثير من اليهود» (25)
الزهراء عليها السلام في كلمات الرسول صلي الله عليه وآله

الزهراء القدوة
وأما رسول الله(ص)، فقد تحدث عن الزهراء(ع) وفضلها كثيراً، ونعتها بما لم ينعت به واحدة من النساء، حتى أنه وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي :
ما تمنى غيرها نسلاً ومن يلد الزهراء يزهد في سواها
ورسول الله عندما يقيّم فهو لا يقيّم على أساس عاطفة أو هوى، حاشاه {وما ينطق عن الهوى}[ النجم:3] وإنما يتكلم بلسان الوحي والتنزيل { إن هو إلاّ وحي يوحى} [النجم:4].

 

وفي ما يلي نستعرض بعض أحاديثه حول ابنته فاطمة :
1. سيدة نساء العالمين:
من العناوين الكبيرة والمهمة التي امتازت بها الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع)، ما جاء في الحديث المشهور عن النبي الكريم(ص) بشأنها أنها: "سيدة نساء أهل الجنة"[26]، وفي حديث آخر "إنها سيدة نساء العالمين"[27]، وفي رواية ثالثة: "إنها سيدة نساء المؤمنين"[28]، وفي نص رابع: "سيدة نساء هذه الأمة"[29]. وهذه الأحاديث رواها السنة والشيعة.
فقد ورد في ( صحيح البخاري ) عن عائشة قالت: "أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله(ص)، فقال رسول الله(ص): مرحباً بابنتي، فأجلسها عن يمينه وأسرّ إليها حديثاً فبكت، فقلت لها: لِمَ تبكين؟ ثم أسرّ إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن.
فسألتها عن ذلك: فقالت: ما كنت أفشي سر رسول الله(ص) . حتى قبض النبي(ص)، فسألتها عما قال، فقالت : أسرّ إليّ أن جبرئيل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي، وأنك أول أهل بيتي لحاقاً بي، فبكيت، فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين، فضحكت لذلك"[30].
وفي رواية أخرى وردت في ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم أن النبي(ص) قال لها: "يا بنيّة، أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟ قالت:يا أبت فأين مريم ابنة عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك، أما والله زوّجتك سيداً في الدنيا والآخرة"[31].
وهذه الرواية وإن ضيّقت ما وسعته الروايات الأخرى، لكن لا تنافي بينها، فهي سيدة نساء عالمها وسيدة نساء المؤمنين والعالمين ونساء أهل الجنة.

التقييم الدقيق للسيادة :
وهنا لا بد أن نتوقف لنتساءل:هل السيادة مجرد لقب تكريم أعطاها إياه رسول الله(ص)؟
حاشاه، فرسول الله(ص) لا يطلق الألقاب جزافاً، لأنه ينطلق عندما يزن الناس، وإن كانوا أقرباءه، من موقع التقييم الدقيق للكفاءة الواقعية في ما يمدح به هذا أو ذاك، ولو لم ينطلق من الموقع العميق الموجود في الشخصية التي يجعلها في مستوى الكلمة التي يطلقها عليها، لكانت الكلمة صادرة منه عن هوى، والله تعالى يقول في حقه:{وما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى}[النجم:3_4].
وعليه، فأن تكون فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، معناه أنها استجمعت في عقلها وقلبها وفضائلها كل عقل وقلب وفضائل نساء أهل الجنة، بل وتفوّقت عليهنّ في ذلك.
وأن تكون فاطمة سيدة نساء العالمين والمؤمنين، فهذا يعني أن كل فضائل الإيمان وخصاله وكل مزايا المؤمنات قد تجمّعت وتجسّدت فيها، وإلا فكيف تكون سيدةً لقومٍ وهي لا تفضلهم بشيء ولا تملك الميزة التي بها تكون السيادة؟!
ولهذا فإن رسول الله(ص)، الذي ينطق إسلاماً ويتحرّك ويجسّد الإسلام، وينبض قلبه بالإسلام، وليس لديه حتى العواطف الذاتية التي تفقد فـي عمقهـا معنى الإسـلام، لأنه كان الـنور كله، والإسلام كله، والقرآن الناطق، عندما يعطي فاطمة هذه الأوصاف، فلا بد أن يكون اطّلع على ما تحمله(ع) من علمٍ يتفوّق على علم نساء العالمين كلهم، وما تحمله من طهارة تتفوّق بها على نساء العالمين، ومن روحانية وقيم إنسانية تتفوق بها على سائر النساء.

2. فاطمة بضعة مني :
وفي كلمة أخرى له(ص) تعبّر عن المنزلة الرفيعة لسيدة النساء يقول فيها : ـ كما في صحيح البخاري ـ : "فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني"[32]، وفي صحيح مسلم: "إنما ابنتي فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها"[33]، وفي رواية أخرى لمسلم: "إنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها"[34]، وفي نص رابع أورده في البحار : "فاطمة شجنة مني، يؤذيني ما آذاها ويسرّني ما سرّها"[35].
وهذه الرواية ـ على اختلاف تعبيراتها ـ الصادرة عن الصادق الأمين، الذي ـ وكما أسلفنا ـ يتحدث وحياً وإسلاماً لا عاطفةً، لأن عاطفته كبشر، مجالها أن يحتضن ابنته كما يحضن أي بشر ابنه وابنته، ولكن عندما يعطي القيمة فهو يعطيها من خلال الوحي والرسالة، ولا يمكن أن يتقوّل على الله أبداً: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين}[ الحاقّة:44_46]. هذه الرواية تعبّر عن التمازج الروحي والاندماج العميق بينها وبينه، لأنّ قوله(ص): "بضعة مني" لا يريد به الإشارة إلى الجانب المادي فإنه لا يخفى على أحد، وإنما يريد به الإشارة إلى ما هو أعمق من ذلك، فإن معنى أن يكون إنسانٌ ما قطعة من رسول الله(ص)، أنه يرتبط برسول الله ارتباطاً رسالياً عضوياً، كما لو كان جزءاً حياً من جسده.
ومعنى ذلك أن عقله يختزن بعضاً من عقل رسول الله(ص)، وروحه تختزن بعضاً من روح رسول الله(ص)، وأن حياته تختزن الطهر والنقاء والروحانية والصدق والأمانة كما اختزنها رسول الله(ص).
ثم عندما يضيف(ص): "من أغضبها فقد أغضبني ومن آذاها فقد آذاني"، فإن أصحاب الرسالات لا ينفعلون عاطفياً عندما يؤذي الناس أولادهم، بل أي أب صالح لو أغضب الناس ابنه بالحق لأنه أساء إليهم، فإنه لا يغضب ولا ينفعل لذلك. إذاً فما معنى "من أغضبها فقد أغضبني..."؟
إن معناه أن فاطمة هي المرأة التي لا يمكن أن تسيء إلى أحد في قول أو فعل حتى يكون للناس حق في إيذائها وإغضابها، بل فاطمة لو غضبت فلا يملك أحد أن يغضبها، لأنها الإنسانه التي لا تغضب إلاّ لله، والإنسانة التي لا تسيء إلى أحد ولا تذنب أو تنحرف، فمن أغضبها فإنه يغضب الحق ويغضب الخطّ المستقيم، وهي الإنسانة التي لا تتأذى إلا عندما يُعصى الله أو ينحرف الناس عن طريق الله، ولذلك يتأذى رسول الله بأذاها، وإلاّ كيف يمكن أن يتأذى رسول الله(ص) لأذاها إن لم يكن أذاها مبرراً ومنسجماً مع الحق والرسالة؟
وهكذا قوله(ص) كما جاء في بعض الروايات: "يرضيني ما يرضيها "، فإن معناه أنها لا ترضى إلا ما يرضاه الله ورسوله، ولو لم يكن النبي(ص) مطّلعاً على عمق الزهراء(ع) وعلى كونها صورة عن روحه وفكره وخطه ورسالته، وعلى أن الرسالة قد انطبعت في شخصيتها وذابت شخصيتها في الرسالة، بحيث إنه لا يوجد فاصل بينها وبين الرسول وبينها وبين الرسالة، لما صحّ أن يربط رضاه برضاها وغضبه بغضبها. وهذا يدلل بوضوح على أن الزهراء(ع) معصومة مطهرة وبلغت الغاية في الكمال.

3. يرضى الله لرضاها:
وفي حديث آخر روي عن رسول الله(ص) قال: " إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"[36].
وهذا النص الشريف أقوى من سابقه في الدلالة على عظمة هذه الإنسانة ومقامها الرفيع عند الله سبحانه، بحيث إنه تعالى ربط رضاه برضاها وغضبه بغضبها، فما معنى ذلك؟ ما معنى أن يغضب الله لغضب إنسان ويرضى لرضاه؟ معنى ذلك أن هذا الإنسان قد عاش مواقع رضا الله كلها وابتعد عن مواقع سخطه، وهذا ما عبّر عنه الإمام الحسين(ع) بقوله: "رضا الله رضانا أهل البيت"[37].

استغراب مدفوع:
ويبدو أن هذا الحديث أثار لغطاً وجدلاً في بعض الأوساط، ما اضطر أهل البيت أن يوجهوه، فقد نقل في مسند فاطمة: عن الصدوق في الأمالي قال: "حدثنا أبو ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزار بالكوفة قال: حدثني عمي علي بن العباس قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا عبد الله بن سالم عن حسين بن زيد عن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عن رسول الله(ص) أنه قال: يا فاطمة، إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قال: فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد عليهما السلام : يا أبا عبد الله، إن هؤلاء الشبان يجيئون عنك بأحاديث منكرة، فقال:له جعفر(ع): وما ذاك يا صندل؟ قال: جاءنا عنك أنك حدّثتهم أن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها، قال: فقال جعفر : ألستم رويتم في ما تروون أن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب المؤمن ويرضى لرضاه؟ قال: بلى، قال فما تنكرون [أن تكون] فاطمة مؤمنة يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، قال فقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته"[38].

4. أمّ أبيها :
ومن كلماته الخالدة والقيّمة في حق فاطمة(ع) قوله الشهير: "فاطمة أمّ أبيها"[39].
ولكن حتى نفهم المعنى الدقيق لهذه الكلمة، لا بد أن ندرس حياة رسول الله(ص) وما لاقاه من عنت ومشقة منذ بداية حياته؛ فلقد عانى الكثير، عانى من اضطهاد المشركين له حتى قال: "ما أوذي نبيّ بمثل ما أوذيت"[40]، وحزن لفقد زوجته أم المؤمنين خديجة(ع) والتي كانت ملجأ وكهفاً له يأوي إليه بعد الجهد والتعب الذي يلاقيه من قومه، وتأثر لافتقاد عمه أبي طالب الذي كان يرعاه ويدافع عنه ويقف إلى جانبه، وعانى قبل ذلك اليتم الذي عاش في زوايا إحساسه الإنساني، لأنه عاش يتم الأب وهو جنين، ويتم الأم وهو رضيع، فافتقد رعاية الأب، وحُرم حنان الأمومة.
ونحن نعرف أن حنان الأم يروي قلب الطفل كما يروي الماء الأرض اليابسة، ويغذي روحه بطريقة لا شعورية لا يحس بقيمتها إلا بعد حين، كما أن حنان الأم يجعله في شعور دائم بطفولته ما دام مع أمّه حتى لو صار في سن الخمسين، فإذا ما فارقت أمه الحياة شعر فجأة بالشيخوخة تزحف إلى حياته، ولهذا فالإنسان منا يصعد ويتقدم به العمر ليصبح كهلاً وشيخاً، ومع ذلك يبقى يحس بمشاعر الطفولة تجاه أمه، لأن أمه تحتضنه وتحاكيه وتناغيه، ولأن الأم ـ كما يقال ـ لا تعرف السن التي تتقدّم في ولدها، بل تظل تفكر فيه رضيعاً تحتضنه وطفلاً تلاعبه، والنبي(ص) لم يشذ ّعن هذه القاعدة الإنسانية العامة، وهي الحاجة إلى عطف الأم وحنانها ورعايتها واحتضانها، وهذا لا يشكل نقصاً أو عيباً في النبي(ص)، ولا يعني أنه يشكو من عقدة نقص، لأن النبي(ص) وإن كان في قمة الكمال، لكنه بشرٌ يتمتع بكل خصائص البشر ويشعر بكل حاجاتهم، يجوع كما يجوعون، ويعطش كما يعطشون، ويتألّم كما يتألمون، ويفرح كما يفرحون، ويحزن كما يحزنون[41]، ولهذا فهو بحاجة إلى الحنان كما هو بحاجة إلى الطعام والشراب وكما أن حاجته إلى الطعام والشراب. لا تمثّل نقصاً أو عقدة نفسية، فكذا حاجته إلى الحنان والعطف، وكما الجوع لا يمثل عيباً عند أي إنسان فكذا عند النبي، وليس هناك فرق بين الجوع إلى الطعام والحاجة إلى الحنان، وقد جاع النبي(ص) حتى ربط حجر المجاعة على بطنه. وقد حدثنا الله سبحانه عن حزن النبي(ص) وضيقه وهو يخفف عنه ذلك: {ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون}[النحل:127]، وقال سبحانه: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}[المائدة:41]. وقال: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}[فاطر:8]، إلى غير ذلك من الآيات التي تتحدث عن بشرية النبي(ص) وحاجاته الإنسانيّة..
وإذا كان رسول الله(ص) بشراً في إحساسه ومشاعره، وكان بحاجة إلى الحنان الغامر والفيّاض واللمسة الحلوة والاحتضان الرقيق ـ كما يحتاج لذلك كل إنسان ـ لا سيما وهو يعيش تلك المرحلة الصعبة من عمر الرسالة التي كان يُسبُّ فيها ويشتم ويتهم ويرمى بالحجارة والأوساخ ويتعرض لأقسى أساليب التكذيب والمحاربة، فلهذا كان يشعر بالحاجة إلى الراحة والاطمئنان والسكينة والحنان والرعاية والاحتضان. وأي وقتٍ يحس فيه صاحب الرسالة العظيمة بالحاجة إلى ذلك أكثر من هذا الوقت الذي يجد فيه كل شياطين الأرض والذين لا يعيشون قيمة الإنسان يتكالبون عليه ويهاجمونه بالكلمة والممارسة.
فمن يمدّ الرسول بالعطف والحنان ويخفف عنه الأعباء والآلام والمعاناة؟
لم يكن هناك سوى فاطمة(ع)، فهي التي ملأت بيته بعبق الأمومة وروحها وطهرها وعاطفتها، فكانت أمه بالروح وإن كانت ابنته بالجسد، أمه بعاطفتها وروحانيتها التي غمرته بها، كانت تحتضنه قبل أن يضمّها إليه، وتبتسم له عندما تلمح الكآبة في وجهه، كانت تهدهد روحه، وتملأ عليه بيته، ولئن كانت السيرة لا تحدثنا عن تفاصيل ذلك، إلا أننا نستطيع أن نلتقطها ونستوحيها من خلال كلمة الرسول الخالدة، "فاطمة أم أبيها"، هذه الكلمة التي قالها بعد أن هزّته عاطفتها، فأطلق كلمته هذه مخلّداً حركة الأمومة في ابنته، لأن كلمة " أم أبيها " تختزن كل إحساس النبي بحنان ابنته وقلبها الكبير الذي كان يحنو على رسول الله(ص).
ولنتصوّر كم كانت عاطفة فاطمة وكم كان قلبها كبيراً حتى استطاعت أن تملأ روح هذا الإنسان العظيم وتشعره بالاطمئنان وتحوطه بالرعاية، لقد كانت أمومتها له(ص) واحتضانها له شيئاً فوق العادة، كانت بذلك تحمل مسؤولية كبرى، لأن الأمومة ـ بشكل عام ـ مسؤولية كبرى تملأ فكر الأم وتشغل مشاعرها وأحاسيسها وتتعب جسدها وفكرها، باعتبار أن المرأة عندما تكون أماً فإن الولد سيكون محور حياتها، ولهذا نجد أن بعض الأزواج يغارون من أطفالهم عندما يرون أن زوجاتهم قد شغلن بالأطفال. هذه هي طبيعة الأمومة بشكل عام، فكيف إذا كانت الأمومة لشخصية مثل رسول الله(ص)، فلا بد أن يبذل من يقوم بهذا الدور من الجهد والطاقة الشعورية ومن الروح العميقة الممتدة ومن الأفق الواسع ومن خفقات القلب ونبضات الشعور، الشيء الكثير الكثير ليقوم بهذا الدور.
ولذلك فإننا نعتبر أنّ هذه الكلمة توحي بعظمة الزهراء(ع)، وحتى وإن لم يمدنا التاريخ بكثير من تفاصيل العلاقة بين فاطمة وأبيها ومن حياتها، فإن هذه الكلمة وحدها كافية للتدليل على منزلتها ومقامها عند رسول الله(ص) الذي {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}[ النجم:3_4] . فهو لا يتكلم عن هوى أو عاطفة غير مسؤولة، وإنما يتكلم بالحق والحقيقة والكلام الجادّ.
إن هذه الكلمة تختصر كل حياة الزهراء(ع) ودورها في تخفيف الآلام التي عاشها رسول الله(ص) والأعباء والأثقال التي واجهها من المشركين والمنافقين.


الشيخ مصطفى قصير (لبنان)
لا شك ان اهل البيت عليهم‏السلام هم ورثة علم رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم و الامناء عليه، فقد تواتر عنه صلى الله عليه و اله انه قال: «انا مدينة العلم و علي بابها» (42) و هو كالصريح بكونه عليه السلام عيبة علمه و مستودع المعارف الالهية، و قد توارثها منه الائمة المعصومون المطهرون من ولده. فقد كانوا يتوارثون ما في القران الكريم و كتب الانبياء السابقين من دقائق المعارف و الاحكام الشرعية.
و من جملة التراث العلمي الذي كان يتوارثه ائمة اهل البيت عليهم السلام «مصحف فاطمة‏» الذي دوّن فيه علم ما يكون، ما سمعته الزهراء عليها السلام من حديث الملائكة بعد وفاة ابيها صلى الله عليه و اله كما سنرى من خلال النصوص الواردة عن اهل بيت العصمة و الطهارة، و قد كانوا عليهم السلام يحدثون اصحابهم احيانا عن تلك العلوم المدوّنة عندهم في هذا الكتاب و يبينون حقيقته.
لقد اثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الكتّاب، و اتخذوا منه وسيلة للطعن و التشنيع على اتباع اهل البيت عليهم السلام، تارة باستغلال اسمه - باعتبار انه يطلق عليه اسم «مصحف‏» - و جعله بابا لاتهامهم بانهم لا يعترفون بالقران الموجود بين الدفتين و المتداول بين المسلمين قاطبة، فيوقعون الناس في وهم بان مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذى يعتقده الشيعة، و تارة اخرى بان الاعتقاد بمصحف فاطمة يعني الاعتقاد بنزول الوحى بعد الرسول صلى الله عليه و اله و يرتبون على ذلك نتائج عديدة، منها: ان الشيعة يعتقدون بنبوة فاطمة و علي عليهما السلام.
و في هذا المقال نتعرض للبحث عن حقيقة مصحف فاطمة عليها السلام، و نعالج الشبهات التي تثار حوله، و الضجة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتاب الذين ينقصهم الاطلاع الكافي و الدقة العلمية - ان احسنا الظن بهم - او تنقصهم الامانة و الانصاف.

المصحف في اللغة:
المصحف - مثلثة الميم، - من اصحف بالضم - اي جعلت فيه الصحف (43) ، و سمي المصحف مصحفا لانه اصحف اي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين. (44)
و بناء عليه، فالمصحف ليس اسما مختصا بالقران الكريم. و يشهد لذلك ما رووه في وجه تسمية المصحف مصحفا، فقد روى ابن اشتة في كتاب المصاحف انه لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال ابوبكر: التمسوا له اسما، فقال بعضهم: السفر، و قال بعضهم: المصحف فان الحبشة يسمونه المصحف. قال: و كان ابوبكر اول من جمع كتاب الله و سماه المصحف. (45)
و نحن لا نوافق على مضمون هذه الرواية لاننا نعقتد ان القرآن جمع في حياة الرسول صلى الله عليه و آله (46) و كلمة المصحف من اصل عربي، فلا معنى للاتيان بها من الحبشة، لكن اوردناها لاقامة الحجة على من يقبلها.
فالمصحف كل كتاب اصحف و جمع بين دفّتين، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم اوجبت انصراف الاذهان اليه، و هو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام التي تتحدث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف، خاصة مع وجود التقييد باضافته اليها صلى الله عليه و اله و سلم


1 - عن ابي عبيدة عن ابي عبد الله عليه السلام «... ان فاطمة مكثت‏بعد رسول الله صلى الله عليه و آله خمسة و سبعين يوما، و كان دخلها حزن شديد على ابيها، و كان جبرئيل عليه السلام ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، و يطيّب نفسها، و يخبرها عن ابيها و مكانه، و يخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، و كان علي عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام‏» (47) .
2 - عن ابي حمزة ان ابا عبد الله عليه السلام قال: «مصحف فاطمة ما فيه شي‏ء من كتاب الله و انما هو شي‏ء القى اليها بعد موت ابيها صلوات الله عليهما». (48)
3 - عن عنبسة بن مصعب عن ابي عبد الله عليه السلام «... و مصحف فاطمة اما و الله ما ازعم انه قرآن‏». (49)
4 - عن الحسين بن ابي العلاء قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: «ان عندي و مصحف فاطمة ما ازعم ان فيه قرآناً». (50)
5 - عن محمد بن عبد الملك عن ابي عبد الله عليه السلام :«... و عندنا مصحف فاطمة عليها السلام اما و الله ما هو بالقران‏». (51)
6 - عن علي بن سعيد ان ابى عبد الله عليه السلام قال :«... و فيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن‏». (52)
7 - عن علي بن ابي حمزة عن الكاظم عليه السلام قال: «عندي مصحف فاطمة ليس فيه شي‏ء من القرآن‏». (53)
8 - عن ابي بصير عن ابي عبد الله انه قال: «و ان عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، و ما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: و ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، و الله ما فيه من قرآنكم حرف واحد». (54)
هذه الروايات و امثالها تدل على ان مصحف فاطمة الذي يعتقد الامامية انه عند ائمتهم و ضمن ميراثهم العلمي ليس المصحف الذي فيه القرآن الكريم، و انه كتاب آخر يتضمن علما، لكن ما هو ذلك العلم؟ تشير اليه بعض الروايات عن اهل البيت عليهم السلام منها:
1 - سئل الصادق عليه السلام عن محمد بن عبد الله بن الحسن فقال عليه السلام: «ما من نبى و لا وصى و لا ملك الا هو في كتاب عندي - يعنى مصحف فاطمة - و الله ما لمحمد بن عبد الله فيه اسم‏». (55)
2 - روي عن الوليد بن صبيح انه قال: قال لي ابو عبد الله عليه السلام: «يا وليد، اني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام فلم اجد لبنى فلان فيه الا كغبار النعل‏». (56)
3 - عن فضيل بن سكرة قال: دخلت على ابي عبد الله فقال: «يا فضيل، ا تدري في اي شي‏ء كنت انظر قبيل؟» قال: قلت: لا قال: «كنت انظر في كتاب فاطمة عليها السلام ليس من ملك يملك الارض الا و هو مكتوب فيه باسمه و اسم ابيه، و ما وجدت لولد الحسن فيه شيئا». (57)
4 - عن سليمان بن خالد قال: قال ابو عبد الله عليه السلام: «... و ليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة...». (58)
5 - عن حماد بن عثمان قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: «ان الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه و اله ، دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الا الله عزوجل، فارسل الله اليها ملكا يسلي غمها و يحدثها، فشكت ذلك الى امير المومنين عليه السلام فقال: اذا احسست‏بذلك و سمعت الصوت قولي لي، فاعلمته بذلك، فجل امير المومنين يكتب كلما سمع حتى اثبت من ذلك مصحفا. قال: ثم قال: اما انه ليس فيه شي‏ء من الحلال و الحرام، و لكن فيه علم ما يكون‏». (59)
يتبين من خلال هذه الروايات ان مصحف فاطمة ليس قرآنا، و ليس كتاب احكام، فهو مغاير لكتاب علي عليه السلام الذي املاه عليه رسول الله صلى الله عليه و آله والذى ورد ذكره في اخبارهم عليه السلام الى جنب مصحف فاطمة، و سموه بالجامعة تارة و الصحيفة اخرى و كتاب علي عليه السلام غالباً.
و ليس هناك اي رواية توهم كونه قرآنا، فضلا عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن، و على فرض وجودها فان الروايات المستفيضة الواضحة و الصريحة و التي قدمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهم او الظهور لو تم و سلم.

فاطمة عليها السلام محدثة:
قد يتوقف البعض عند قصة مصحف فاطمة عليها السلام، و يرفض مسالة تكليم الملائكة للسيدة الزهراء عليها السلام نتيجة توهم التلازم بين النبوة و الوحي، او بين النبوة و تحديث الملائكة. و عليه فان كون الرسول صلى الله عليه و آله خاتم الانبياء و الرسل يقتضي عدم نزول الملائكة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و هذا دليل على عدم صحة قصة المصف المذكور و قد اعتمد على هذا النحو من الاستدلال عبد الله القصيمي في كتابه الموسوم ب«الصراع بين الاسلام و الوثنية‏» متهما الشيعة الامامية بانهم يزعمون لفاطمة و للائمة من ولدها ما يزعمون للانبياء و الرسل. (60) كل ذلك اعتمادا على الملازمة المزعومة بين تكليم الملائكة و بين النبوة. و هذه غفلة ما بعدها غفلة.
تعالى معي الى كتاب الله عز و جل و هو يتحدث عمن كلمتهم الملائكة او اوحى الله سبحانه و تعالى اليهم:
1 - و اذا قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين...». (61)
2 - «اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح‏». (62)
3 - «فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا». (63)
4 - «و لقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى... وامراته قائمة فضحكت فبشرنا ها باسحاق و من وراء اسحاق يعقوب قالت‏يا ويلتى ا الد و انا عجوز و هذا بعلى شيخا ان هذا لشي‏ء عجيب قالوا ا تعجبين من امر الله...». (64)
فهذه نماذج من النساء حدثنا القرآن الكريم عنهن و لم يكن نبيات و مع ذلك شاهدن الملائكة و حدثنهم او اوحى اليهن باسلوب آخر غير تحديث الملائكة، و لم يستنكر ذلك احد ففاطمة دلت النصوص على انها كانت محدثة و لم تكن نبية و كذلك تقول الشيعة الامامية بالنسبة لائمة اهل البيت دون ان يدعي احد منهم لهم النبوة اذ لا تلازم بينهما كما تقدم.
ثم ان الاعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء سلام الله عليها لا يعد علوا و لا مبالغة في فضلها فهي سلام الله عليها سيدة نساء العالمين من الاولين و الآخرين.
روى البخاري عن النبى صلى الله عليه و اله انه قال: «فاطمة سيدة نساء اهل الجنة‏». (65)
و روى مسلم عنه (ص) انه قال لها: يا فاطمة اما ترضين ان تكونى سيدة نساء المومنين او سيدة نساء هذا الامة. (66)
و هي سلام الله عليها ممن نزلت‏بهم آية المباهلة والتطهير و ضمهم الكساء.
و من الجدير بالذكر ان الوحي اساليب و اغراض متعدده و لا تلازم بين الوحى و النبوة و ان كان كل نبى لا بد ان يوحى اليه و كذلك لا تلازم بين الوحى و القرآنية فبالنسبة للرسول صلى الله عليه و آله و سلم لم يكن ما نزل عليه من الوحى قرآنا فهناك الاحاديث القدسية و هناك تفسير القران و تاويله و الاخبار بالموضوعات الخارجية و امثال ذلك و كلها ليست قرآنا.
فاتضح ان تحديث الملائكة للزهراء سلام الله عليها لم يكن من الوحى النبوي و لا من الوحي القرآني.

المحدثون عند اهل السنة:
اذا كان تحدث الملائكة مع اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا غلوا فلنق نظرة على كتب الحديث و السيرة و التاريخ عند اهل السنة لنرى كيف يدعى تحدث الملائكة مع الكثير من رجالهم:
1 - اخرج البخاري في مناقب عمر بن الخطاب - و بعد حديث الغار - عن ابي هريرة و اخرج مسلم في فضائل عمرا ايضا عن عائشة ان عمر بن الخطاب كان من الحدثين و قد حاول شراح البخارى ان ياولوه بان المراد انه من الملهمين او من الذين يلقى في روعهم او يظنون فيصيبون الحق فكانه حدث... و هو كما ترى تاويل لا يساعد عليه ظاهر اللفظ. و لاجل ذلك قال القرطبى انه ليس المراد بالمحدثين الصيبين فيما يظنون لانه كثير فى العلماء بل و في العوام من يقوى حدسه فتصح اصابته فترتفع خصوصية الخبر و خصوصية عمر. (67)
2 - ممن ادعى ان الملائكة تحدثهم عمران بن الحصين الخزاعي المتوفى سنة 52 قالوا: كانت الملائكة تسلم عليه حتى اكتوى بالنار فلم يسمعهم عاما ثم اكرمه الله برد ذلك. (68)
3 - و منهم ابو المعالي الصالح المتوفى سنة 427 ه، رووا انه كلمته الملائكة في صورة طائر. (69)
4 - ابو يحيى الناقد المتوفى سنة 285 ه، رووا انه كلمته الحوراء (70)
و امثال هذه المرويات في كتب السنة غير قليل و لم يستنكر ذلك احد و لهم يتهم اصحابها بالغلو.
و مما يدل على عدم الملازمة بين تحديث الملائكة و النبوة ما رواه الكلينى عن حمران بن اعين قال قال ابو جعفر [الباقر] عليه السلام «ان عليا كان محدثا» فخرجت الى اصحابي فقلت، جئتكم بعجيبة فقالوا و ما هي؟ فقلت‏سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام محدثا فقالوا ما صنعت‏شيئا الا سالته من كان يحدثه فرجعت اليه فقال لي يحدثه ملك قلت تقول انه نبى؟ قال: فحرّك يده - هكذا (71) - او كصاحب سليمان او كصاحب موسى او كذي القرنين اوما بلغكم انه قال و فيكم مثله؟! (72)
و في «بصائر الدرجات‏» هذا الخبر هكذا: عن حمران بن اعين قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: الست‏حدثتني انّ عليا كان محدثا؟ قال: بلى. قالت: من يحدثه؟ قال: ملك. قلت: فاقول: انه نبي او رسول؟ قال: لا. بل مثله مثل صاحب سلميان و مثل صاحب موسى، و مثل ذي القرنين، (73) (اما بلغك ان عليا سئل عن ذي القرنين، فقالوا: كان نبيا؟ قال: لا، بل كان عبدا احب الله فاحبّه و ناصح الله فناصحه). (74)
و لا بد من الاشارة الى بعض رواياتنا التي تتحدث عن مصحف فاطمة انه من املاء رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و خط علي عليه السلام:
1- فعن على بن سسعيد عن ابي عبدالله عليه السلام: «... و عندنا والله مصحف فاطمة، ما فيه آية من كتاب الله و انه لاملاء رسول الله صلى الله عليه و آله و خط علي بيده‏» (75)
2 - عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام «... و خلفت فاطمة مصحفا ما هو قرآن ولكنه كلام من كلام الله انزل عليها املاء رسول الله صلى الله عليه و آله و خط علي (76)
3 - عن علي بن ابي حمزة عن ابي عبد الله صلى الله عليه و آله.. «... و عندنا مصحف فاطمة صلى الله عليه و آله اما و الله ما فيه حرف من القرآن و لكنه املاء رسول الله و خط علي‏» (77)
هذه الروايات الثلاث تخالف الروايات المستفيضه المتقدمة في حقيقة مصحف فاطمة، حيث ذكرت انه «املاه رسول الله‏» و الثانية منها لاتخلو من تهافت‏حيث جعلته كلاما من كلام الله انزل عليها و فى عين الحال جعلته و من املاه‏ء رسول الله صلى الله عليه و آله و لو كان من املاه الرسول صلى الله عليه و آله لما كان منزلا عليها بل عليه و الحاصل انه لابد من علاج هذه الروايات او طرحها و العلاج باحد وجوه:
1 - ربما كان من بابا اشتباه الراوى او الناسخ حيث‏خلط بين اصيحفة الجامعة التى املاها رسو ل الله على على و خطها بيمنه و بين مصحف فاطمة الذى بينت الروايات انه حدث الملك به فاطم و كتبه على خاصه كون الاثنين واردين معا فى نفس النصوص المذكورة
2 - ان يكون المرادمن رسول الله في هذه الاخبار الملك الذى كان يحدث فاطمة عليه السلام لا النبى صلى الله عليه و آله (كما احتمله المجلسى)
3 - كما يحتمل ان يكون مصحف فاطة عليها السلام متضمنا لبعض المعارف التى تلقتها عن ابيها رسول الله بالاضافة الى ما تقدم من الامو رالتى كان يحدثها بها الملك و لعل الرواية‏التى تذكر شمول المصحف المذكور لوصيه فاطمه تقصد هذا فيصح عندئذ انه من املاء رسول الله بهذا الاعتبار و الله اعلم
و على اي حال فهذا لا يضر بمقصودنا و هو نفى التهمة التي تمسك بها المخالفون و حيث صرحت جميع الاخبار بما فيها هذه الثلاثه المتقدمة - بنفى القرانية عن مصحف فاطمة
في نهاية المطاف نذكر ان المصحف المذكور بقى عند ائمة اهل البيت‏يتوارثون مع بقية الكتب المتضمنه لعلوم الانبياء و الرسل الماضين و مع صحيفة الاحكام الجامعة التى املاها رسول لله على علي عليه السلام
المهم هو الاشارة الى ان مصحف فاطمة كبقية الصحف و الكتب لم تنتقل الى غيرهم و لم تصل الى شيعتهم و ليس هناك اى واقع لما يدعيه افترا بعض الكتاب غيرها و من كون هذا المصحف متداولا فى بعض مناطق الشيعة، لا فى بلاد الحجاز ولا فى غيرها، و المؤسف ان اصحاب هذه الاقلام يطلقون العنان لاقلامهم دون تدبر و لاتثبت و ياخذون معلوماتهم من العوام، و يصدقون كل مقوله للطعن و التشنيع فيثبتونها فى كتبهم لتصبح بعد دلك مصادر يعتمد علهيا الماجورون و االساعون وراء تفريق المسلمين و زرع الفتن بينهم.

---------------

الهوامش:
الحوادث المريرة بعد رحيل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ
الحجة الغراء علي شهادة الزهراء
الشيخ جعفر السبحاني
هبّت رياح الفتن عُقْبَ وفاة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ على المسلمين وغُربِلُوا غربالاً شديداً حتّى تميز المؤمن الراسخ في عقيدته عن المنافق الذي تستر بواجهة الإسلام، وصدق قوله سبحانه:
(وَما مُحَمّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْخَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل أَفَإِنْ ماتَ أَوْقُتِل انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللّه شَيئاً وَسَيَجْزي اللّهُ الشّاكِرين).(78)
وقد أسفرت هذه الفتن المحدقة بالمسلمين عن ظهور العُقَد والضغائن الكامنة حيال أهل بيت النبوة ـ عليهم السَّلام ـ الذين أذهب اللّه عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً وفي طليعتهم الإمام علي بن أبي
طالب ـ عليه السَّلام ـ المنصوص على خلافته في غير موضع من المواضع(79)
فقد كان اللازم على المسلمين التمسّك باهداب وصية النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في تعيين أمير المؤمنين خليفة عليهم بعد رحيله، والاستظلال تحت رايته، والاحتراز عن الخلافات التي تهدِّد كيان الدولة الإسلامية الفتيّة التي كانت لا تزال بعد مهددة بأخطار جسيمة على الصعيد الداخلي والخارجي.
أمّا الداخلي فحزب النفاق الذي كان ينشر بذور العداء والشحناء في صفوف المسلمين بُغية نيل م آربه وهي الإطاحة بالدولة الإسلامية والقضاء على زعيمها النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ، وكان يترصّد بالمسلمين الدوائر للانقضاض عليهم، وما برح على هذا النحو حتى قضى رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ نحبه واختاره اللّه لجواره.
ومن غريب الأمر أن يمدّ أبو سفيان يده للإمام أمير المؤمنين علي ـ عليه السَّلام ـ للبيعة ـ و هو يجهز النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ للدفن ـ قائلاً:
ومنها:يوم مغادرته المدينة صوب تبوك فقال لعلي: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».
ومنها يوم الغدير الذي أبلغ فيه المسلمين برمتهم إمامة علي وخلافته بعد رحيله في محتشد عظيم لا ينكر. فراجع في تفاصيله إلى الكتب المؤلفة في هذا الموضوع.
«واللّه إنّي لأرى عجاجة لا يُطفئها إلاّ دم، يا آل عبد مناف فيما أبو بكر من أُموركم، أين المستضعفان أين الأذلاّن: علي و العباس، وقال: يا أبا حسن أبسط يدك حتى أُبايعك».
فأبى علي عليه وزجره وقال:
«إنّك واللّه ما أردت بهذا إلاّ الفتنة وانّك واللّه طال ما بغيت الإسلام شرّاً لا حاجة لنا في نصيحتك»(80)
وكان علي ـ عليه السَّلام ـ واقفاً على خبث سريرته وسوء باطنه، وأنّه وأتباعه من المنافقين بصدد الانقضاض على الإسلام والقضاء عليه لو سُنِحت لهم الفرص.
إنّ حزب النفاق الذي أعرب سبحانه عن مدى خطورتهم على الإسلام من خلال كثرة الآيات الواردة التي تفضح خططهم، و ما زالوا بوفرة في المدينة وحولها متربّصين بالإسلام الدوائر.
هذا هو الخطر الداخلي وأمّا الخارجي فقد كان خطر الروم يهدّد كيان الإسلام، وكانت تربطه بحزب النفاق روابط وثيقة، ولم يكن هجومه على المدينة أمراً بعيداً عن الأذهان ولم يغب عن بال
النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ خطرُهم حتى على فراش الموت فكان يوصي أصحابه بالانضواء تحت لواء أُسامة بن زيد بغية المسير إلى ثغورهم، وكان يُلحّ عليهم بالذهاب كلّما أفاق من مرضه ويلعن من تخلّف عنه ويقول:
«جهّزوا جيش أُسامة لعن اللّه من تخلّف عنه»(81)
وثمّة عامل ثالث كان محطَّ إثارة قلق لكلّ من ينبض قلبه للإسلام، وهو طروء روح العصيان على القبائل المجاورة للمدينة حيث كانوا على عتبة الارتداد من أجل التخلّف عن أداء الزكاة ودفع الضرائب للحكومة المركزية.
هذه العوامل الثلاثة التي تكفي واحدة منها في إثارة القلق والاضطراب صارت سبباً لغض الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ عن حقه وسكوته أمام المؤامرات التي حيكت في السقيفة، فلو كان الإمام مصرّاً على تسنّم منصة الخلافة وخوض غمار الحرب من أجل الوصول إلى هدفه، فليس من البعيد أن تتاح الفرصة للمنافقين للتصيّد بالماء العكر، وبالتالي هجوم الروم على المدينة ومحو الإسلام ، وقد نوه الإمام بهذه الأُمور العصيبة الداعية إلى السكوت في بعض خطبه، وقال:
«فواللّه ما كان يُلقى في روعي، ولا يخطر ببالي، انّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ عن أهل بيته، ولا أنّهم مُنحّوه عني من بعده! فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله ان أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأنّ الدين وتنهنه»(82)
إنّ النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان ينظر بنور اللّه وقد تنبّأ في بعض كلامه بالأخطار التي كانت تحدق بعلي ـ عليه السَّلام ـ وأهل بيته بعد رحيله.
أخرج الحاكم في مستدركه انّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال لعلي ـ عليه السَّلام ـ : أما انّك ستلقى بعـدي جهداً، قـال علـي ـ عليه السَّلام ـ : فـي سلامة من دينـي؟، قـال: في سلامة من دينك(83)
وأخرج المحب الطبري انّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال لعلي ـ عليه السَّلام ـ : «ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلاّمن بعدي»(84)
وفي كلام آخر للنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ:
«يا علي انّك ستبتلي بعدي فلا تقاتلن». (85)
وهذه الروايات تعرب عن أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان عالماً بتضافر الأُمّة على هضم حقوق الإمام عليه السَّلام ولذلك أوصاه بالصبر والمثابرة دون أن يتعرض للقوم بعنف.
السقيفة والحوادث التي رافقتها
ابتدرت الأنصار إلى عقد مؤتمر السقيفة للتباحث فيمن يلي أمر الحكومة بعد رحيل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكان على رأسهم سعد بن عبادة وعشيرته.
ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه وهو ما هي الدواعي التي حدت بهم إلى عقد السقيفة في وقت مبكِّر؟
وللإجابة عنه لا بدّ من الإشارة إلى أنّ ثمة مخاوف كانت تساور الأنصار حيال المهاجرين، ذلك انّهم قتلوا جمّاً غفيراً من أرحام المهاجرين في معارك بدر وأُحد، وكانوا يخافون من اعتلاء المهاجرين منصَّة الحكم، وممارستهم الظلم والاضطهاد في حقّهم انتقاماً لما بدر منهم. فهذه المخاوف حدت بهم إلى عقد مؤتمر بغية تعيين الخليفة من بينهم ليكون لهم الشوكة والمنعة من الحوادث المريرة التي ربما يُتعرضون لها على يد المهاجرين.
فاجتمعت قبائل الأوس والخزرج في سقيفة بني ساعدة، وقام سعد بن عبادة رئيس الخزرج ينشد فضائل الأنصار ويقول:
يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب انّ محمّداً ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لبث بضعة عشر سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان ، فما آمن به من قومه إلاّرجال قليل ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول اللّه ولا أن يُعزّوا دينَه ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيماً عمّوا به، حتّى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة وخصّكم بالنعمة، فرزقكم اللّه الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه، فكنتم أشدّ الناس على
عدّوه منكم وأثقله على عدوه من غيركم، حتى استقامت العرب لأمر اللّه طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً حتى أثخن اللّه عزّوجلّ لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب وتوفّاه اللّه وهو عنكم راضوبكم قرير عين، استبدّوا بهذا الأمر دون الناس(86)
كان سعد بن عبادة يخطب في سقيفة بني ساعدة والمهاجرون كلّهم حيارى يتشاورون في تعيين مثوى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وكيفية تجهيزه وتغسيله والصلاة عليه، فإذا بنفرين أحدهما معن بن عدي، والآخر عويم بن ساعدة يتكلّمان مع أبي بكر ويهمسان في أُذنه بأنّ الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لتعيين الخليفة، فعندئذ اعتزل أبو بكر وعمر و أبو عبيدة عن جماعة المهاجرين دون أن ينبسوا ببنت شفة ويخبروهم عن مقصدهم وم آربهم حتى جاءوا سقيفة بني ساعدة وسعد على بساط متكئاً على وسادة وهو يخطب، فأراد عمر أن يتكلّم، فنهاه أبو بكر وتكلم وقال:
نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً، وأكرمهم أحساباً، وأوسطهم داراً، و أحسنهم وجوهاً،
وأمسّهم برسول اللّه رحماً، وأنتم إخواننا في الإسلام وشركاؤنا في الدين نصرتم وواسيتم فجزاكم اللّه خيراً، فنحن الأُمراء وأنتم الوزراء(87)
ومع أنّ سعد بن عبادة و أبا بكر قد خطبا وذكر كلّ مالهم من فضل وكرامة، ولكن يقع السؤال انّه لماذا تم الاقتراع وخرجت القرعة باسم أبي بكر؟!
والجواب انّ بشير بن سعد ابن عم سعد بن عبادة قد حسد ابن عمه ورأى انّه على قاب قوسين أو أدنى من الخلافة والرئاسة ألقى خطاباً لصالح قريش وطلب من الأنصار التخلّـي عن دعواهم في الخلافة، فقال:
يا معشر الأنصار انّا واللّه لئن كنّا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلاّ رضا ربنا وطاعة نبيّنا... إلى أن قال: ألا إنّ محمّداً من قريش وقومه أحقّ به وأولى، وأيم اللّه لا يراني اللّه أنازعهم هذا الأمر أبداً، فاتّقوا اللّه ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم.

ثمّ قام فبايع أبا بكر:
ولقد تنبّأ الحباب بن منذر لما دعاه إلى هذه البيعة، فخاطبه وقال: «يا بشير بن سعد عققت عقَاقِ ما أحوجك إلى ما صنعت، أنَفِسْت على ابن عمك الإمارة». (88)
ولمّا رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد، وماتدعوا إليه قريش و ما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض: واللّه لئن وليتها الخزرج عليكم مرّة لازالت لهم عليكم بذلك الفضيلة، فقام رئيسهم أُسيد بن حضير فبايع أبا بكر، وصار ذلك سبباً لبيعة عشيرته واحداً تلو الآخر، فأنكر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم.
وقد اكتفى أبو بكر ببيعة الأوس فخرجوا من السقيفة قاصدين المسجد يأخذون البيعة من كلّ من رأوه في الطريق إلى أن وصلوا إلى المسجد(89)
دع ما وقع في السقيفة من صخب وهياج وضرب وشتم، فانّ الحديث ذو شجون.
وقد أخذت البيعة طوعاً وكرهاً وعلي ـ عليه السَّلام ـ وأهل بيته يجهزون النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ويا ليت الخليفة وأتباعه اكتفوا بما وقع ولكنّهم حاولوا أخذ
البيعة من علي وأهل بيته بالقوة والعنف والتهديد، وذلك عندما اجتمع رجال من بني هاشم في بيت علي معترضين على هذا النوع من البيعة.
وهناك ظهرت حوادث مريرة للغاية، وقد سكت قسم من المؤرخين عن سردها خوفاً ورهبة أو تزلّفاً وطمعاً.
وهناك من أخذته الحمية في الدين فسجلوا تلك الوقائع بنحو موجز، وهم على قسمين:
أ. من اقتصر على ما دار بين علي والبيت الهاشمي مع عمر من مناشدات واحتجاجات وتهديدات.
ب. من أزاح الستار عما قام به عمر بن الخطاب من أخذ البيعة بالعنف حتى انتهى الأمر إلى إحراق الباب وكسره وما تلاه من حوادث.
فها نحن نذكر كلمات كلا الفريقين ليعلم أنّ حديث الباب وشهادة بنت المصطفى من جراء تلك القلاقل ليست أُسطورة تاريخية وإنّما هي حقيقة تاريخية.

قد قرأت في هذه الأيّام مقالاً لبعض الكتاب الجدد، نقل فيه شيئاً من فضائل الزهراء ـ عليها السَّلام ـ ليكون ذريعة لما يريد إثباته وهو انّ شهادة الزهراء ـ عليها السَّلام ـ أُسطورة تاريخية لا نصيب لها من الحقيقة، ومن أمعن في المقال يقف على أنّ الكاتب لا خبرة له في التاريخ، وقد جرّه رأيه المسبق إلى إنكار الحقيقة الساطعة، ولأجل ذلك ارتأينا أن نضع امام القارئ مصادر متقنة تُثبت شهادتها وهتك حرمتها.

ويدور بحثنا حول محاور ثلاثة:
الأوّل: عصمة الزهراء ـ عليها السَّلام ـ في لسان النبي.
الثاني: المكانة الرفيعة لبيت الزهراء ـ عليها السَّلام ـ في القرآن والسنّة.
الثالث: الحوادث المريرة التي جرت عليها عقب وفاة أبيها الرسول الأعظمصلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم.
الأوّل: عصمة الزهراء ـ عليها السَّلام ـ على لسان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ
حظيت الزهراء ـ عليها السَّلام ـ بمقام رفيع عند الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ، حتّى قالصلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم في حقّها:
«فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني»(90)
إنّ إغضاب النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يستعقب إيذاءه، و من آذاه فقد حكم عليه بالعذاب الأليم، قال سبحانه:
(وَالّذينَ يُؤْذُونَ رَسُول اللّه لَهُمْ عَذابٌ أَليم).(91)
وفي رواية أُخرى، بيّن انّ غضب الزهراء ـ عليها السَّلام ـ ورضاها يوجب غضب اللّه سبحانه ورضاه، فقال:
«يا فاطمة إنّ اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك»(92)
فأية مكانة شامخة للزهراء ـ عليها السَّلام ـ حتّى صار غضبها ورضاها ملاكاً لغضبه سبحانه ورضاه، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على عصمتها، فهو سبحانه بما انّه عادل و حكيم لا يغضب إلاّ على الكافر والعاصي، ولا يرضى إلاّ على المؤمن والمطيع.
وفي ظل تلك الكرامة أصبحت في لسان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ سيدة نساء العالمين، فقال ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ:
«يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين، وسيّدة نساء هذه الأُمّة، وسيدة نساء المؤمنين»(93)
وعلى الرغم من أنّ الزهراء ـ عليها السَّلام ـ معصومة لا تعصي ولا تذنب،
ولكنّها ليست بنبيّة، إذ لا ملازمة بين العصمة والنبوة، وهذه هي مريم البتول العذراء فهي معصومة بنصّ الكتاب الحكيم لكنّها ليست بنبية.
امّا انّها معصومة، فلقوله سبحانه في حقّها:
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَة يا مَرْيَم إِنَّ اللّه اصْطَفاكِ وَطهَّركِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءْ العالمين)(94)
فانّ الأخبار عن تطهير مريم بعد اصطفائها دليل على تطهيرها من الذنوب ومخالفة شريعة زمانها.
وامّا انّها ليست بنبية فأمر واضح لا يحتاج إلى بيان. فلتكن بنت خاتم الرسل سيّدة نساء العالمين، كمريم البتول معصومة غير نبيّة.
ولنقتصر في بيان فضائل الزهراء ـ عليها السَّلام ـ بهذا القدر اليسير، فانّ استيفاء البحث فيها بحاجة إلى تصنيف مفرد.
الثاني: المكانة الرفيعة لبيت الزهراء ـ عليها السَّلام ـ في القرآن والسنّة
نزل قوله سبحانه: (في بُيُوت أَذِنَ اللّه أَنْ تُرفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)(95) على قلب سيد المرسلين وهو ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في المسجد الشريف،
فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟ قال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول اللّه: أهذا البيت منها؟ ـ مشيراً إلى بيت علي و فاطمة عليمها السَّلام ـ قال: «نعم، من أفاضلها»(96)
فقوله سبحانه: ( في بيوت) ظرف لما تقدمه من قوله (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة فِيها مِصْباح المِصباح في زُجاجة...)(97) فالنور الذي نوهت به الآية بما له من صفات، مصدر إشعاعه هذه البيوت التي أذن اللّه أن ترفع، فكيف لا يكون لها منزلة وكرامة.
قال السيوطي: أخرج الترمذي وصححه، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه من طرق عن أُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: في بيتي نزلت: (إِنّما يُريدُ اللّه لِيذهبَ عَنْكُمُ الرِّجْس أَهْل البَيْت) وفي البيت فاطمة، و علي و الحسن، والحسين ـ عليهم السَّلام ـ ، فجلّلهم رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بكساء كان عليه، ثمّ قال:« هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
وقال أيضاً: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس: انّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يمرّ بباب فاطمة ـ عليها السَّلام ـ إذا خرج إلى صلاة
الفجر، ويقول: «الصلاة يا أهل البيت الصلاة (إِنّما يريدُ اللّه لِيذهب عنكمُ الرِّجس أَهل البيت وَيُطهّركُمْ تَطهيراً)(98)
فإذا كانت هذه منزلة البيت وكرامته عند اللّه، فيعد اقتحامه وكشفه من أكبر الذنوب وأقبحها.
لكن لم تُراعَ وصية النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في احترام هذا البيت وأهله ، وشهد حوادث مريرة تعرض لها جمع من المؤرخين والمحدّثين ننقل نصّ أقوالهم حسب التسلسل الزمني.
والمؤرخون في المقام على طائفتين:
فطائفة تعرضت لمحاولات الترويع والت آمر المبيّت والنوايا الخبيثة.
وطائفة أُخرى أشارت بمزيد من التفصيل لتلك المحاولات وما أعقبها من حوادث .
وخصصنا الفصل الأوّل لذكر أسماء الطائفة الأُولى وأقوالهم، كما خصصنا الفصل الثاني لذكر أسماء الطائفة الثانية وأقوالهم.


سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام
علي موسى الكعب
مضى أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى سقيفة بني ساعدة ، ولم يبق حول جثمان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أقاربه ومواليه ، وهم الذين تولوا غسله وتكفينه وإدخاله قبره ومواراته ، وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعمه العباس رضي الله عنه وابناه الفضل وقثم ، واُسامة بن زيد مولاه ، وقيل : شقران ، أو صالح مولاه صلى الله عليه وآله وسلم (99) .
فارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط بين المهاجرين والأنصار ، ثم إن عمر بن الخطاب ضرب على يد أبي بكر فبايعه الناس ، ثم أتوا به المسجد يبايعونه ، فسمع العباس وعلي عليهما السلام التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (100) .
وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أن عليّاً عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (101) ، فتخلّف قوم من المهاجرين والأنصار وجمهور الهاشميين عن بيعة أبي بكر ، وكان منهم : العباس بن عبدالمطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبرّاء بن عازب ، وأُبي بن كعب ، وعتبة بن أبي لهب ، وغيرهم (102) ، وروي أنّهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليّاً عليه السلام (103) .
وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اعتزل الناس بعد أن فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعكف على جمع القرآن الكريم بعهدٍ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وروي أنّه عليه السلام قال : « لا أرتدي حتى أجمعه » ، وقالوا : إنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتى جمعه (104) .
وفي تلك الاثناء بلغ أبو بكر أن جماعة منهم العباس قد اجتمعوا مع علي ابن أبي طالب عليه السلام في منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، وخالد بن الوليد في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين أرسلهم أبو بكر رِدءاً لهما ، كزياد بن لبيد الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأُسيد بن حُضير ، ومسلمة بن سلامة بن وقش ، ومحمد بن مسلمة ، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ، وسلمة بن أسلم (105) ، والمغيرة بن شعبة ، وسالم مولى أبي حذيفة (106) .
فجاء عمر بن الخطاب فناداهم وهم في دار علي عليه السلام : لتخرجنّ إلى البيعة أو لاُحرقنّها على من فيها! فقيل له : يا أبا حفص؟ إنّ فيها فاطمة! فقال : وإن (107) !! .
فلمّا سمعت فاطمة عليها السلام أصواتهم نادت بأعلى صوتها : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! » فلمّا سمع القوم
صوتها وبكائها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم (108) ، فاقتحموا الدار ، فصاحت فاطمة عليها السلام وناشدتهم الله (109) ، وجعلت تبكي وتصيح (110) .
وخرج إليهم الزبير مصلتاً سيفه ، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده ، فضرب به عمر الحجر فكسره (111) ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً (112) .
وروي أنّهم قالوا : ليس عندنا معصية ولا خلاف . . وإنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ، ثم بايعوا أبا بكر (113) .
واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة عليها السلام ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثيرة من الهاشميات وغيرهنّ ، فخرجت إلى بابها ، وقالت : « يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله! والله لا أُكلّم عمر حتى ألقى الله » (114) .
وقالت عليها السلام : « لا عهد لي بقومٍ حضروا أسوأ محضرٍ منكم ، تركتم رسول الله جنازةً بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تروا (115) لنا حقاً (116) ، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خمّ ، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ، ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم ، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة » (117) .
وأخرجوا عليّاً عليه السلام ومضوا به إلى أبي بكر ، فقال له عمر : بايع . فقال عليه السلام : « إن أنا لم أفعل فمه ؟ » قال عمر : إذن والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك !
فقال : « إذن تقتلون عبد الله وأخو رسوله » . قال عمر : أما عبدالله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا (119) ، وأبو بكر ساكت . فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال : لا أُكرهه على شيءٍ ما كانت فاطمة إلى جنبه (118) .
ولم يبايع عليٌّ أبا بكر حتى ماتت فاطمة عليها السلام بعد ستة أشهر ، فلمّا ماتت عليها السلام ضرع إلى صلح أبي بكر (120) .
آثار الهجوم وما ترتب عليه :
اندفع القوم إلى بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرعوا لها حرمة ، ولا لاَبيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ذمّة ، وقد رافق الهجوم على الدار بعض الأحداث المخالفة للشرع والدين والضمير والوجدان والأعراف والسجايا الانسانية ، وكلّها مصاديق تحكي قصة الانقلاب على الأعقاب والإحداث بعد غياب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن تلك الأحداث :

1 ـ إحراق البيت :
ثبت إحراق البيت المقدس من طريق الفريقين ، فقد روي أنّهم جمعوا الحطب الجزل حول بيت الزهراء عليها السلام ، وأضرموا النار في بابه ، حتى أخذت النار في خشب الباب (121) .
وروى الثقفي بالاسناد عن حمران بن أعين ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته » (122) .
وقال المسعودي : فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجّهوا إلى منزله ، فهجموا عليه وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كُرهاً (123) .
وقد بلغ من اشتهار هذا الأمر أن سجّله كثير من الشعراء منذ القرون الأولى وإلى اليوم ، ومنهم عبدالله بن عمار البرقي ت 245 هـ حيث قال :
وكلّلا النار من نبتٍ ومن حطبٍ * والمضرمـان لمـن فيه يسبّانِ
وليس في البيت إلاّ كلّ طـاهرةٍ * من النساء وصدّيق وسبطانِ (124)
وقال علاء الدين الحلي المقتول سنة 786 هـ :
وأجمعوا الأمر فيما بينهـم غـوت * لهـم أمـانيهـم والجهـل والأملُ
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمـة * فيـالـه حـادث مستصعـب جَلَلُ
بيت به خمسة جبريـل سادسهـم * من غير ما سبب بالنار يشتعلُ (125)
ووردت الأخبار بهذا المضمون من طرق العامة أيضاً ، فقد ذكر السيد المرتضى رضي الله عنه أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لايتهم على القوم (126) ، وفي ما يلي بعض رواياتهم :
روى البلاذري عن سليمان التيمي وعبدالله بن عون أنهما قالا : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي عليه السلام يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة عليها السلام على الباب . فقالت فاطمة عليها السلام : يابن الخطاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (127) .
وذكر ابن عبد ربه الذين تخلفوا عن البيعة لاَبي بكر : علي عليه السلام والعباس ، والزبير ، وسعد بن عبادة ، قال : فأمّا علي عليه السلام والعباس والزبير ، فقعدوا في
بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة عليها السلام ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم . فأقبل بقبسٍ من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة عليها السلام فقالت : يابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة (128) .
وقد سجّل شاعر النيل حافظ إبراهيم هذه المكرمة لعمر بن الخطاب حيث قال :
وقـولـةٍ لعلـي قالهـا عمـرُ * أكـرم بسـامعها أعظـم بملقيهـا
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بهـا * إن لم تبايع وبنت المـصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنـان وحـاميها (129)
وليته لم يَفُه بها ، فإنّها كانت سُبّة له وموبقة عظيمة لا تفارقه أبداً ، حتّى يلقى الله تعالى وبنت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم غضبى عليه ، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حرب عليه ، لاَنّه صلى الله عليه وآله وسلم حربٌ لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم (130) .
وظنّ شاعر النيل أنّ ذلك كان من شجاعة عمر ، وفات عنه أنّه لم تثبت لعمر قدم في المقامات المشهورة كما لم تروَ له صولة ولم تعرف عنه جولة ،
فهو الذي عاد في خيبر يُجبّن أصحابه ويجبّنونه (131) ، فما كانت الراية والفتح وقتل صناديد الكفر لتليق إلاّ بمن يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، الكرار غير الفرار ، علي أمير المؤمنين عليه السلام (132) .
كما فات عنه أنّ صبر أمير المؤمنين عليه السلام على القوم ما كان إلاّ بعهدٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بالصبر عند خذلان الاُمّة (133) ، وأنّه عليه السلام كان يقول واصفاً حاله بعد البيعة : « فنظرتُ فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمرّ من طعم العلقم » (134) .
وقال عليه السلام : « وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجىً ، أرى تراثي نهباً . . . » (135) .
وخلاصة القول إنّه عليه السلام آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته وخاض الغمرات لاَجله ، فنراه في أحرج المواقف التي واجهته بعد البيعة كان يقول :
« سلامة الدين أحبُّ إلينا من غيره » (136) .

الاحراق ذريعة للظلم :
إنّ إحضار الحطب حول بيت القدس والطهارة من قبل رجال الخلافة وإذكاء النار في بابه لانتزاع البيعة من أمير المؤمنين عليه السلام قد صار ذريعة للظالمين وسُنّة لطواغيت الاُمّة على طول التاريخ ، فقد روى المؤرخون أنّ عروة بن الزبير كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرقهم ، وكان يقول : إنّما أراد بذلك ألاّ تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة ، فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لمّا تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فانّه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار (137) .

2 ـ إيذاء الزهراء عليها السلام بالضرب والاسقاط :
وكان من امتدادات ذلك الهجوم أن تعرّض القوم لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالضرب ممّا أدى إلى إسقاط جنينها ، فشكت من أثر ذلك الضرب حتى التحقت بربها شهيدة مظلومة ، وقد استفاضت الروايات بذلك وثبت عند أعلام الطائفة .
قال الشيخ الطوسي رضي الله عنه : وقد روي أنّهم ضربوها بالسياط ، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت ،
فسمّي السقط محسناً (138) ، والرواية بذلك مشهورة عندهم (139) ، وقد نقلها عنهم المخالفون أيضاً (140) .
ونقل الشيخ ابن شهرآشوب عن (المعارف) لابن قتيبة أنّ المحسن سقط من زخم (141) قنفذ العدوي (142) الذي أمره عمر بضرب الزهراء عليها السلام .
وكان من آثار ذلك الضرب أن مرضت الزهراء عليها السلام ولازمت فراشها حتى التحقت بربها ، كما أخبر بذلك أولاد الزهراء عليهم السلام (143) ، وقد أطبقت كلمتهم
على أنّها ماتت شهيدةً مظلومة ، فعن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال : « إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة » (144) ، وجاء في زيارتها عليها السلام : السلام عليكِ أيتها البتول الشهيدة الطاهرة (145) . والسلام عليكِ أيتها الصديقة الشهيدة (146) .
ومما يدلّ على شيوع هذا الأمر وشهرته هو أن تناوله الشعراء مندّدين به مزرين على فاعله ، وذلك منذ القرون الاُولى وإلى اليوم ، قال السيد الحميري المتوفى 173 هـ :
ضربت واهتضمت مـن حقّها * واُذيقت بعـده طعـم السَّلع (147)
قطـع الله يـدي ضـاربهـا * ويـد الراضي بذاك المتّبع (148)
وقال القاضي النعمان المتوفى سنة 363 هـ في أرجوزته المختارة :
حتى أتوا باب البتول فاطمهْ * وهـي لهـم قالية مصارمهْ
فوقفت مـن دونه تعـذلهم * فكسـر البـاب لهـم أوّلهم
فاقتحموا حجابها فأعـولتْ * فضربوهـا بينهم فأسقطتْ
إلى أن قال :
وقتلهـم فـاطمة الزهـراءِ * أضرم حرّ النار في أحشائي
لاَنّ في المشهور عند الناسِ * بأنَّها ماتت مـن النفاسِ (149)
وقال الأمير علي بن مقرب الاحسائي المتوفّى سنة 629 هـ :
ياليت شعري فمن أنوح منهم * ومـن له ينهلّ فيض أدمعي
أللوصـي حين فـي محرابه * عمّم بـالسيف ولمّا يـركعِ
أم للبتول فـاطـم إذ منعت * عن إرثها الحق بأمر مجمعِ
إلى أن قال :
ولـم تزل مهضومة مظلومـة * بردّ دعواها ورضِّ الأضلعِ (150)
ونقل ذلك من غير طرق الشيعة ، فعن محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ ، في ترجمة أحمد بن محمد السري بن يحيى بن السري ابن أبي دارم ، قال : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثمّ في آخر أيامه كان أكثر مايقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة عليها السلام حتى أسقطت محسناً (150) .
وعن إبراهيم بن سيار النظام ، قال : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة
حتى ألقت الجنين من بطنها (152) ، وكان يصيح : احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (153) .
ونقل البغدادي والمقريزي عن النظام أنه قال : إنّ عمر ضرب فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنع ميراث العترة (154) .
ولا ندري كيف يجعل مرتكب مثل هذه الاُمور الفضيعة نفسه إماماً للاُمّة ، وفي موقع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويؤتمن على الدين والإنسان والأخلاق وأموال الناس وأعراضهم ، ويوفّر لهم الكرامة والعزّة ، ويربّي الناس على الفضيلة والدين والأخلاق؟!
ثم إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبّ من يبغض فاطمة ، ولو بكلمة واحدة ، فلماذا يُلام محبّو فاطمة عليها السلام على بغض قاتلها؟

اعتراف أبي بكر بالهجوم :
إنّ التجاوز على حرمة بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإدخال الرجال فيه ، وهتك حرمته المقدسة ، قد صرّح به أبو بكر في لحظاته الأخيرة ، وفي ذلك دلالة قاطعة على حدوث هذا الهجوم وما رافقه من أحداث أليمة ، وعلى خطأ أبي بكر في الايعاز إلى جنده بقيادة ابن الخطاب للقيام بذلك العمل المنافي لاَبسط حقوق الزهراء ، والمؤدي إلى غضب الله تعالى ورسوله الكريم وصالح المؤمنين .
عن عبدالرحمن بن عوف : أنّه سمع أبا بكر يقول في مرضه الذي توفي فيه : وددت أني لم أكن فتّشت بيت فاطمة وأدخلته الرجال ، ولو كان أُغلق على حرب . وفي رواية : ليتني لم أكن كشفت بيت فاطمة عن شيءٍ ، وتركته ولو أُغلق على حرب (155) .

البيعة تأصيل للغدر وذريعة للظلم :
إنّ البيعة التي لاَجلها كان الهجوم على دار الزهراء عليها السلام مغرس الإسلام ومهبط الوحي ، هي مصداق للانقلاب والإحداث في الإسلام وتجسيد لنزعة الغدر والعدوان في هذه الاُمّة ، وهذا ما أعلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيَّه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد روى الجوهري بالاسناد عن حبيب بن ثعلبة ، قال : سمعت عليّاً عليه السلام يقول : « أما وربّ السماء والأرض ـ ثلاثاً ـ إنّه لعهد النبي الاُمي صلى الله عليه وآله وسلم إليّ : لتغدرنّ بك الاُمّة من بعدي » (156) .
فالبيعة لا تمتلك أدنى المقومات الشرعية ، ولم تتحصّن بأيّ سبب معقول أو منقول ، بل كانت كما وصفها أبو بكر (157) وعمر (158) : فلتةً وقى الله شرّها ، والحقّ أنّ شرها كان مستطيراً ، فهي حجر الزاوية لكلِّ مظلمة حدثت
في التاريخ ، والذريعة لكلِّ من ظلم أهل البيت عليهم السلام من طواغيت الاُمّة وجبابرتها ، ويتضح ذلك جلياً في كتاب معاوية إلى محمد بن أبي بكر قبل حرب صفين حيث جاء فيه : فقد كنّا وأبوك نعرف فضل ابن أبي طالب وحقّه لازماً لنا مبروراً علينا (159) فلما اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ما عنده ، وأتمّ وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، وقبضه الله إليه ، كان أبوك والفاروق أول من ابتزّه حقّه ، وخالفه على أمره ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثم إنّهما دعواه إلى بيعتهما ، فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ... فإن يكن ما نحن فيه صواباً ، فأبوك أوله ، وإن يكن جوراً ، فأبوك أُسّه ، ونحن شركاؤه ، فبهديه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له ، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك ، فاحتذينا بمثاله ، وأقتدينا بفعاله (160) .
فالبيعة إذن كانت اتفاقاً سرياً ، فعلى الرغم من أنهم كانوا يعرفون فضل أمير المؤمنين عليه السلام وحقه لازماً عليهم ، لكنهم اتفقوا واتسقوا على أن يبتزّوه حقه ويخالفوه على أمره .
روى الجوهري عن ابن عباس أن عمر قال له ليلة الجابية : إنّ أول من ريّثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة . قال : قلت : لمَ ذاك يا أمير المؤمنين؟ ألم نُنِلهُم خيراً؟! قال : بلى ،
ولكنّهم لو فعلوا لكنتم عليهم جَحْفاً جَحْفاً (161) .
وذلك الاتفاق يهدف إلى إقصاء عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أداء دورهم الرسالي ، وهضم حقوقهم ، والاستيلاء على الملك ، مهما كانت الوسائل ، وحتى لو انتهت بقتل أمير المؤمنين عليه السلام (وأرادا به العظيم) (162) كما قتلوا سعد ابن عبادة ، الذي ذهب إلى الشام مهاجراً ومغاضباً لاَصحاب السقيفة بعد أن هتف عمر أمام المهاجرين والأنصار : اقتلوه قتله الله ، فإنّه صاحب فتنة (163) ، ثم بعث رجلاً إلى الشام ، فرماه بسهم فقتله (164) .
وما كان اهتمام عمر بانتزاع البيعة بشتى الوسائل ، وإن أدى إلى القتل والتحريق ، إلاّ إمضاءً لذلك الاتفاق وحرصاً على تحقيق كامل أهدافه .
عن ابن عباس ، قال : بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي عليه السلام حين قعد في بيته ، وقال : ائتني به بأعنف العنف ، فلمّا أتاه جرى بينهما كلام ، فقال علي عليه السلام : احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤمّرك غداً . وفي رواية : أشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً  .
ولهذا كشفت الزهراء عليها السلام عن موقفها من سلطة السقيفة أمام الملأ حينما

---------------------------------------------------------------------------------------------------------
1. سورة و الضّحى، آية 5 و البحار، ج 43، ص 85 - 86.
2. روضة الكافي، ص 165.
3. البحار، ج 43، ص 82.
4. البحار، ج 43، ص 50 - 51.
5. البحار، ج 43، ص 31.
6. البحار، ج 43، ص 134.
7.البحار، ج 43، ص 53.
8 البحار، ج 43، ص 84.
9. كشف الغمّة، ج 2، ص 25 - 26.
10. البحار، ج 43، ص 91.
11. كشف الغمّة، ج 2، 23 - 24.
12. البحار، ج 43، ص 92.
13. و فضّة كانت من اتقى النّساء، و خادمة للزّهراء عليهما السّلام و يجدر التاكيد على انّ فاطمة عليها السّلام كانت تعيش في بدايات حياتها الزّوجية مع عليّ عليه السلام حياة العوز و الضيق المادّي، كما تدلّ على ذلك بعض الرّوايات (البحار، ج 43، ص 88) ولكن بعد ان وهب لها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فدك، تحسن حالهما، و يروى ايضاً انّ النّبي صلّى الله عليه و آله وسلّم وهب لها فضّة و قد كانت امة (مناقب شهر آشوب، ج 3، ص 120) اذن فاذا راينا فى بعض الرّويات انّ اهل البيت عليهم السلام كانوا يعيشون حياة العوز و الضيق، بينما بعض الرّوايات الاخرى تتحدث عن وجود خادمة في البيت، فانّ ذلك لاختلاف الظروف و المراحل التي مرّت على حياة الزّهراء عليها السّلام.
14. البحار، ج 43، ص 28.
15. البحار، ج 43، ص 81.
16. البحار، ج 43، ص 83 - 84.
17. سورة آل عمران، آية 87.
18. رياحين الشريعة، ج 1، ص 106 نقلا عن (التّبر المذاب).
19. سورة الحجر، آية، 43 - 44.
20. رياحين الشريعة، ج 1، ص 148، بيت الاحزان، ص 28 - 29.
21. سورة آل عمران، آية 33. و البحار، ج 43، ص 59 - 61.
22. البحار، ج 43، ص - 58.
23. البحار، ج 43، ص 30.
24. الطُمّ و الرّمّ يعنى المال الكثير نظير الرّطب و اليابس او البحريّ و البري كذا منقول فى البحار.
25. البحار، ج 43، ص 30.
(26) صحيح البخاري بشرح الكرماني، ج:15، ص:4. وأمالي الصدوق، ص:187. وبحار الأنوار، ج:21، باب:27، ص:142، رواية:5. ومسند الإمام أحمد، ج:3، ص:498، وج:6، ص:542.
(27) مسند أبي داود، ص:196، حديث:1373. ومستدرك الحاكم، ج:3، ص:156، وعنهما وغيرهما عوالم الزهراء، ص:88. وروت عائشة عن النبي(ص) أنه قال: يا فاطمة، أبشري فإن الله تعالى اصطفاك على نساء العالمين وعلى نساء الإسلام، وهو خير دين.
(28) صحيح مسلم، ج:4، ص:1905.
(29) صحيح مسلم، ج:4، ص:1905. وليراجع حول هذه الأحاديث كتاب فضائل الخمسة، ج:3، من ص:137 إلى ص:146، فقد نقلها عن عشرات المصادر.
(30) صحيح البخاري، باب علامات النبوة، ج:4، ص:247. ورواه مسلم في صحيحه، ج:4، ص:1905. وكشف الغمة، ج:1، ص:453.
(31) حلية الأولياء، ج:2، ص:42، عنه في عوالم الزهراء، ص:98.
(32) صحيح البخاري بشرح الكرماني، ج:15، ص:5.
(33) صحيح مسلم، ج:4، ص:1903.
(34)م.ن، ص:1902. ومسند الإمام أحمد، ج:5، ص:430. وراجع هذه الروايات في أعيان الشيعة، ج:1، ص:307، ومناقب أهل البيت للشيرواني، ص:230.
(35) بحار الأنوار، ج:43، باب:3، ص:26، رواية:26. وفي مسند الإمام أحمد، ج:5، ص:435، فاطمة شجنة مني يبسطني ما بسطها ويقبضني ما قبضها.
(36) ما روته العامة من مناقب أهل البيت، ص:23، نقله عن روضة الأحباب، ص:665. وراجع: بحار الأنوار، ج:43، باب:8، ص:220، رواية:3.
(37) بحار الأنوار، ج:44، ص:367.
(38) مسند فاطمة، ص:354، بحار الأنوار، ج:43، ص:220.
(39) بحار الأنوار، ج:43، ص:19، وقد عدّت هذه الكنية "أم أبيها" في عداد كناها التي عرفت بها. راجع: عوالم الزهراء، ص:69. التتمة في تواريخ الأئمة، السيد تاج الدين بن علي الحسيني العاملي (ق11)، ص:40، مؤسسة البعثة، قم ـ إيران، 1412هـ.
(40) بحار الأنوار، ج:39، باب:73، ص:56 رواية:15.
(41) روى في "عيون أخبار الرضا، ج:1، ص:213، وعنه البحار، ج :25، ص:177"، الحديث التالي قال: "وفي حديث آخر أن الإمام مؤيد بروح القدس.. والإمام يولد ويلد ويصح ويمرض ويأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينكح وينام وينسى ويسهو (وفي نسخة وهي الأصح ولا ينسى ولا يسهو) ويفرح ويحزن ويضحك ويبكي ويحيى ويموت ويقبر ويزار ويحشر ويوقف ويعرض ويسأل ويثاب ويكرم ويشفع، ودلالته في خصلتين؛ في العلم واستجابة الدعوة، وكل ما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها، فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله توارثه عن آبائه(ع)، ويكون ذلك مما عهد به جبرئيل عن علاّم الغيوب..".
42. راجع مصادر الحديث في الهوامش التحقيقية لكتاب المراجعات للسيد شرف الدين/ هامش المرااجعة رقم 48 ص 387 من طبعة المجمع المعالمي لاهل البيت عليهم السلام.
43.الفيروز آبادى القاموس المحيط ماده صحف.
44. الخليل، العين 3:10 و ابن منظور، لسان العرب ماده الصحف.
45. السيوطى الاتقان في علوم القران 1:185 تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم.
46. راجع كتاب حقائق هامة في القرآن الكريم للسيد جعفر مرتضى العاملى (فصل جمع القران).
47. الصفار بصائر الدرجات 153 ط المرعشى، و الكلينى، الكافى 1:241 و المجلسى بحار الانوار 26:41 و القطب الراوندي الخرائج و الجرائح 2:526 و فيه تخريج الحديث فى مصادر عدة.
48. الصفار، بصائر الدرجات 159ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار 26:48.
49. الصفار، بصائر الدرجات 154ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:45.
50. الصفار، بصائر الدرجات 150ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:37.
51. الصفار، بصائر الدرجات 151ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:38:48:271.
52. الصفار، بصائر الدرجات 156،160ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:43، 47: 272.
53. الصفار، بصائر الدرجات 154ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:45.
54. الكلينى، الكافى، 1:239، الصفار، بصائر الدرجات: 152 ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار 35:39.
55. ابن شهر آشوب مناقب آل ابي طالب 3:249 و الجلسى بحارالانوار 47:32 و المراد بمحمد بن الله هو محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى.
56. الصفار، بصائر الدرجات:161،170 ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:48 و 156.
57.الكلينى، الكافى 1:244 و قريب منه جدا نقله الصفار في بصائر الدرجات: 169 ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار 26:155 و  273.
58. الصفار، بصائر الدرجات 157ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:43.
59. الصفار، بصائر الدرجات 157ط. المرعشى، و المجلسى، بحار الانوار26:44، و الكلينى، الكافى 1:240.
60. الامينى، الغدير 5:50 - 51 نقلا عن الصراع بين و الوثنية 1:1 و 2:35.
61. آل عمران : 42.
62. آل عمران : 45.
63. مريم: 17 - 19.
64. هود 69 - 73.
65. صحيح البخارى 4:209 - 219.
66. صحيح مسلم بشرح النووي 16: 6 - 7.
67. صحيح البخارى 4:200 و صحيح مسلم بشرح النووى 15:166 و سنن الترمذى 5:581 و راجع ارشاد الساري شرح صحيح البخارى 6: 99 و 5: 431.
68. ابن سعد الطبقات الكبرى 7،11 و 4:288 - 289 و معجم الطبراني الكبير 18:107 ح 203.
69. ابن الجوزى، المنتظم 9:136 وصفة الصفوة 2:280.
70. ابن جوزى المنتظم 6:8 و الخطيب البغدادى تاريخ بغداد 8:362.
71. لعل المراد انه اشار بيده نفيا و «او» لعلها من زيادة النساخ، و لعلها هو، و في البصائر و كصاحب سليمان.
72. الكلينى الكافى 1: 271.
73. الصفار، بصائر الدرجات 323 ط. المرعشى.
74. الامينى، الغدير 5:48 عن بصائر الدرجات، الا ان في البصائر المطبوعة سقطت هذه العبارة.
75. المجلسى بحار الانوار 26:41،47:271، و الصفار، بصائر الدرجات:153 ط. المرعشى.
76. المجلسى بحار الانوار 26:42، و الصفار، بصائر الدرجات:155 ط. المرعشى.
77. المجلسى بحار الانوار 26:48،49، و الصفار، بصائر الدرجات:161 ط. المرعشى.
78. آل عمران:144.
79. منها: يوم الدار بعد نزول قوله سبحانه: (وَأَنْذِرْ عَشيرتَكَ الأَقْرَبين) (الشعراء:214).
80. تاريخ الطبري:2/449، حوادث سنة11هـ.
81. الشهرستاني: الملل والنحل:1/23; ابن أبي الحديد:شرح نهج البلاغة:2/20، ط مصر.
82. نهج البلاغة، من كتاب له عليه السَّلام إلى أهل مصر، برقم 62.
83. مستدرك الحاكم:3/140 وصحّحه الذهبي أيضاً.
84. محب الدين الطبري: الرياض النضرة:2/210.
85. كنز الدقائق: للمناوي:188.
86. تاريخ الطبري:2/455 ـ456.
87. العقد الفريد:4/86، منشورات دار ومكتبة الهلال، بيروت.
88. تاريخ الطبري:2/457ـ 458.
89. انظر تاريخ الطبري: 2/458.
90. فتح البارى في شرح صحيح البخاري:7/84، وأيضاً صحيح البخاري:4/210 دار الفكر، بيروت.
91. التوبة:61.
92. مستدرك الحاكم:3/154; مجمع الزوائد:9/203، وقد استدرك الحاكم في كتابه الأحاديث الصحيحة حسب شروط البخاري ومسلم ولكن لم يخرجاه. وعلى ذلك فهذا الحديث صحيح عند الشيخين وهو متفق عليه.
93. لمستدرك للحاكم:3/156.
94. آل عمران:42.
95. النور: 36 .
96. الدر المنثور:6/203، تفسير سورة النور; روح المعاني:18/174.
97. النور:53.
98. الدر المنثور:6/604ـ 605، ط دار الفكر، بيروت; المصنف:7/527.
99) الطبقات الكبرى | ابن سعد 2 : 277 ـ 278 . والعقد الفريد | ابن عبد ربه 3 : 296 ، المكتبة التجارية ـ مصر . وتاريخ الإسلام | الذهبي 1 : 575 ـ 576 . وتاريخ الطبري 3 : 213 .
100) العقد الفريد | ابن عبد ربه 5 : 10 ـ 11 .
101) الموفقيات | الزبير بن بكار : 580 | 380 عن محمد بن اسحاق . وتاريخ اليعقوبي 2 : 124 . وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21 .
102) تاريخ اليعقوبي 2 : 124 . وتاريخ أبي الفداء 2 : 63 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 49 .
103) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 .
104) اُنظر : الاتقان | السيوطي 1 : 204 . والطبقات الكبرى | ابن سعد 2 : 338 . ومناهل العرفان 1 : 247 . وكنز العمال 2 : 588 | 4792 . وشرح ابن أبي الحديد 1 : 27 و 2 : 56 .
105) راجع : مستدرك الحاكم 3 : 66 . وسنن البيهقي 8 : 152 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 50 و 51 و 56 و 57 ، و 6 : 11 و 47 و 48
106) الجمل | الشيخ المفيد : 117 .
107) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 12 .
108) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 13 . وأعلام النساء | كحالة 4 : 114 ـ 115 .
109) شرح ابن أبي الحديد 2 : 50 ، و 6 : 47 .
110) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 .
111) وفي رواية الطبري 3 : 202 أنّ الزبير عثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه.وروي أنّ الذي أخذ سيف الزبير وكسره هو محمد بن مسلمة . راجع مستدرك الحاكم 3 : 66 . وسنن البيهقي 8 : 152 . وكنز العمال 5 : 597 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 51 ، و 6 : 48.وفي ج6 ص11 منه أنّه سلمة بن أسلم .
112) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 ، و 6 : 48 .
113) شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 .
114) السقيفة وفدك | الجوهري : 73 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 57 ، و 6 : 49 .
115) في الإمامة والسياسة : ولم تردّوا .
116) الإمامة والسياسة 1 : 13 . والأمالي | الشيخ المفيد : 49 | 9 . والاحتجاج | الطبرسي : 80 .
117) الاحتجاج | الطبرسي : 80 .
118) وهو ردّ على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقد صحّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعلي عليه السلام : « أنت أخي في الدنيا والآخرة » ، راجع : سنن الترمذي 5 : 636 | 3720 . ومسند أحمد 1 : 230 . ومستدرك الحاكم 3 : 14 . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذاكرك أحد فقل : أنا عبدالله وأخو رسوله ، لايدّعيها بعدك إلاّ كاذب » ، راجع : فضائل الصحابة | أحمد بن حنبل 2 : 617 | 1055 . وتذكرة الخواص | سبط ابن الجوزي : 22 .
119) الإمامة والسياسة | ابن قتيبة 1 : 13 . والآية من سورة الأعراف : 7 | 150 .
120) أنساب الأشراف | البلاذري 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت .
121) الهداية الكبرى | الخصيبي : 407 . وبحار الأنوار 43 : 197 | 29 ، و 53 : 18 .
122) تلخيص الشافي | الطوسي 3 : 76 . وبحار الأنوار 28 : 390 .
123) إثبات الوصية | المسعودي : 124 ، المطبعة الحيدرية ـ النجف . وبحار الأنوار 28 : 308 | 50 .
124) الصراط المستقيم | البياضي 3 : 13 .
125) الغدير 6 : 391 .
126) الشافي | السيد المرتضى 4 : 119 .
127) أنساب الأشراف 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت . والشافي | السيد المرتضى 3 : 241 . وتلخيص الشافي | الطوسي 3 : 67 .
128) العقد الفريد | ابن عبد ربه 5 : 12 . والمختصر في أخبار البشر | أبو الفداء 2 : 64 .
129) الديوان 1 : 75 ، دار الكتب المصرية ـ القاهرة .
130) سنن الترمذي 5 : 699 | 3870 . ومستدرك الحاكم 3 : 149 . ومسند أحمد 2 : 442 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 44 .
131) مستدرك الحاكم 3 : 37 . وتاريخ الطبري 3 : 12 .
132) صحيح البخاري 5 : 87 | 197 و 198 ـ كتاب الفضائل ، و5 : 279 | 231 ـ كتاب المغازي . وصحيح مسلم 4 : 1871 | 32 ـ 34 ـ كتاب الفضائل . ومسند أحمد 1 : 185 ، و5 : 358 . ومستدرك الحاكم 3 : 109 .
133) راجع : الاحتجاج | الطبرسي : 75 .
134) نهج البلاغة | صبحي الصالح : 68 الخطبة 26 .
135) نهج البلاغة | صبحي الصالح : 48 الخطبة 3 .
136) الموفقيات | الزبير بن بكار : 581 عن محمد بن إسحاق . وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21 .
137) مروج الذهب | المسعودي 3 : 77 . وشرح ابن أبي الحديد 20 : 147 . ومقاتل الطالبيين | أبو الفرج : 315 .
138) وهو الابن الثالث لاَمير المؤمنين عليه السلام من الزهراء عليها السلام ، وقد جاء في الروايات والأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بتسميته محسناً وهو حمل في بطن أُمّه . راجع : الكافي | الكليني 6 : 18 | 2 . والخصال | الصدوق : 634 . والإرشاد 1 : 355 .
وذكره العامّة أيضاً وقالوا : انّه مات صغيراً . راجع : تاريخ الطبري 5 : 153 . والكامل | ابن الأثير 3 : 397 . وأنساب الأشراف | البلاذري 2 : 411 . والإصابة 3 : 471 . وميزان الاعتدال | الذهبي 1 : 139 . ولسان الميزان | ابن حجر 1 : 268 .
139) تلخيص الشافي 3 : 156 . وراجع أيضاً الاختصاص : 85 . وكتاب سليم : 37 . والهداية الكبرى | الخصيبي : 179 . وبحار الأنوار 30 : 239 ـ 240 ، و43 : 197 | 29 .
140) البدء والتاريخ | المقدسي 5 : 20 . وشرح ابن أبي الحديد الحنفي المعتزلي 2 : 60 .
141) الزخم : الدفع الشديد .
142) المناقب 3 : 358 . وقنفذ هو ابن عمير التيمي ، ذكره ابن الأثير وابن حجر وقالا : له صحبة ، وولاه عمر مكّة ثمّ صرفه . راجع : أُسد الغابة 4 : 208 . والإصابة 3 : 241 . والذي في المعارف المطبوع في دار الكتب المصرية سنة 1379 هـ ص211 : وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير،وقدجاء في كثير من الروايات أنّه تعرّض للزهراء عليها السلام بالضرب عندما أحالت بين القوم وبين أمير المؤمنين عليه السلام.راجع : الاحتجاج | الطبرسي :83. وكتاب سُليم : 38 و 40 . ودلائل الإمامة | الطبري : 134 . وبحار الأنوار 43 : 170 و 198 | 29 .
143) راجع : الاحتجاج | الطبرسي : 83 . ودلائل الإمامة | الطبري : 134 . وكتاب سُليم : 40 . ودعائم الإسلام 1 : 232 . وبحار الأنوار 43 : 170 | 11 و 198 | 29 .
144) الكافي 1 : 458 | 2 .
145) المزار | المفيد : 156 . والمقنعة | المفيد : 459 . وبحار الأنوار 100 : 197 | 14 ، و198 | 16 .
146) التهذيب | الطوسي 6 : 10 | 12 . والبلد الأمين | الكفعمي : 178 .
147) السَّلع : شجر مرّ ، ويقال : أمرّ من السَّلع .
148) الصراط المستقيم 3 : 13 .
149) الارجوزة المختارة : 88 | 92 ـ طبع سنة 1970 م ـ معهد الدراسات الإسلامية ـ كندا .
150) إثبات الهداة | الحر العاملي 4 : 1412 . وأدب الطف 4 : 32 .
151) سير أعلام النبلاء | الذهبي 15 : 578 . وميزان الاعتدال | الذهبي 1 : 139 | 552 . ولسان الميزان | ابن حجر 1 : 268 | 824 .
152) الوافي بالوفيات | الصفدي 6 : 17 .
153) الملل والنحل | الشهرستاني 1 : 57 .
154) الفرق بين الفرق | البغدادي : 148 ، دار المعرفة . والخطط | المقريزي 2 : 346 ـ دار صادر .
155) المعجم الكبير | الطبراني 1 : 62 | 43 . وتاريخ الطبري 3 : 430 حوادث سنة (13 هـ) . ومروج الذهب | المسعودي 2 : 301 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 137 . والعقد الفريد 5 : 19 . وكنز العمال 5 : 632 | 14113 . وشرح ابن أبي الحديد 2 : 46 ـ 47 ، و 6 : 51 . ومجمع الزوائد 5 : 203 . وميزان الاعتدال | الذهبي 3 : 109 | 5763 . ولسان الميزان 4 : 189 | 502 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 17 ، 34 ، 35 .
156) شرح ابن أبي الحديد 6 : 45 .
157) أنساب الأشراف | البلاذري 2 : 264 .
158) شرح ابن أبي الحديد 6 : 47 .
159) وكان عمر بن الخطاب يعلم أيضاً يقيناً بمقام علي عليه السلام ، فقد روى الجوهري عن ابن عباس ، قال : إنّ عمر يشهد أن عليّاً عليه السلام أولى الناس بالأمر بعد رسول الله . شرح ابن أبي الحديد 2 : 57 و6 : 50 .
160) وقعة صفين | نصر بن مزاحم : 120 . وشرح ابن أبي الحديد 3 : 190 . ومروج الذهب 3 : 12 .
161) شرح ابن أبي الحديد 2 : 58 . وقوله : جحفاً جحفاً : أي فخراً وشرفاً .
162) وقد مرّ بك قول عمر له عليه السلام : إذن والله نقتلك ، وقول أبي بكر لعمر : إن أبوا فقاتلهم وكذا في شورى عثمان ، هدّده عبدالرحمن بن عوف بالقتل إن لم يبايع .
163) تاريخ الطبري 3 : 206 . وأنساب الأشراف 2 : 263 .
164) العقد الفريد 5 : 13 .
1654) أنساب الأشراف 2 : 269 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page