• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اصحابي كالنجوم

اصحابي كالنجوم

تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
أما بعد، فهذه صفحات يسيرة تتضمن تحقيق حديث (أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم) اقتصرت فيها على البحث في هذا الحديث من النواحي التالية:
1 ـ كلمات كبار الأئمة والحفّاظ من أهل السنة ورأيهم فيه.
2 ـ نظرات في أسانيده على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل منهم.
3 ـ تأملات في متنه ومعناه ومؤداه.
ومن الله أستمد العون... وهو ولي التوفيق.

اصحابي كالنجوم

تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
أما بعد، فهذه صفحات يسيرة تتضمن تحقيق حديث (أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم) اقتصرت فيها على البحث في هذا الحديث من النواحي التالية:
1 ـ كلمات كبار الأئمة والحفّاظ من أهل السنة ورأيهم فيه.
2 ـ نظرات في أسانيده على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل منهم.
3 ـ تأملات في متنه ومعناه ومؤداه.
ومن الله أستمد العون... وهو ولي التوفيق.

الصحبة في اللغة

الصحبة في اللغة(1)
الصحبة لغة: المعاشرة أو الملازمة(2)، يقال: صحبته أصحبه صحبة فأنا صاحب. والجمع: صحب، وأصحاب، وصحابة(3).
قال الراغب: «ولا يقال في العرف إلا لمن كثرت ملازمته...»(4).
فصاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـعلى ما يقتضيه معنى الكلمة لغة ـ من عاشره، أو لازمه، سواء كان مسلماً أوكافراً، برّاً أو فاجراً، مؤمناً به أو منافقاً ... إذ الأصل في هذا الاطلاق ـ كما قال الفيومي ـ «لمن حصل له رؤية ومجالسة»(5).
واذا تبين معنى «الصحبة» في اللغة، فلننتقل إلى الكلام حول «الصحابي» في الاصطلاح:
1 ـ عند الأصوليين
إشترط الأصوليون والمحدثون بالاجماع كونه مسلماً حتى يصح اطلاق اسم «الصحابي» عليه. ثم اختلفت كلماتهم في تعريفه:
فالمشهور عند الأصوليين هو: «من طالت مجالسته مع النبي صلى الله عليه وآله على طريق التتبع له والأخذ عنه، بخلاف من وفد إليه وانصرف بلا مصاحبة ولا متابعة»(6).
2 ـ عند المحدثين
والمعروف بين جمهور المحدثين: إن الصحابي هو: «كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»(7).
وقيل: «من أدرك زمنه صلى الله عليه وآله وإن لم يره»(8).
وقال بعضهم: إنه «من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به ومات على الإيمان والاسلام وإن تخللت ردة»(9).
وهناك أقوال أخرى وصفت بالشذوذ.
حال الصحابة
وأمّا النسبة إلى الصحابة وحالهم من حيث العدالة وعدمها، فقد اختلف المسلمون على ثلاثة أقوال:

الأول: كفر الجميع
لقد ذهبت الفرقة «الكاملية» ومن كان في الغلوّ على شاكلتهم إلى القول بكفر الصحابة جميعاً(10).
وهذا القول لا فائدة في البحث عن قائليه وأدلتهم وردها...
الثاني: عدالة الجميع
واشتهر بين أهل السنة القول: بأن الصحابة كلهم عدول ثقات، لا يتطرق إليهم الجرح، ولا يجوز تكذيبهم في شيء من رواياتهم، والطعن في الأقوال المنقولة عنهم، فكأنهم بمجرد صحبتهم للرسول صلى الله عليه واله وسلم أصبحوا معصومين عن الخطأ، ومحفوظين من الزلل...
قال المزني: «كلهم ثقة مؤتمن...»(11).
وقال الخطيب: «عدالة الصحابة ثابتة معلومة...»(12).
وقال ابن حزم: «الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعاً»(13).
وبهذا صرح ابن عبدالبر(14)وابن الأثير(15) والغزالي (16) وغيرهم...
وأما دعوى الاجماع على ذلك من بعضهم كابن حجر العسقلاني (17) وابن
عبد البر(18) فيكذبها نسبة هذا القول إلى الأكثر في كلام جماعة من كبار أئمتهم:
قال ابن الحاجب: «الأكثر على عدالة الصحابة، وقيل كغيرهم، وقيل إلى حين الفتن فلا يقبل الداخلون، لأن الفاسق غير معين، وقالت المعتزلة، عدول إلامن قاتل علياً...»(19).
وكذا في جمع الجوامع وشرحه حيث قال: «والأكثر على عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة...» ثم نقل الأقوال الأخرى(20).
بل صرح جماعة منهم السعد التفتازاني (21) والمارزي شارح البرهان(22) وابن العماد الحنبلي(23) والشوكاني (24) وآخرون، ومن المتاخرين الشيخ محمود أبو (25)والشيخ محمد عبدة(26) والسيد محمد بن عقيل العلوي (27) والسيد محمد رشيد رضا(28) والشيخ المقبلي(29) والشيخ مصطفى صادق الرافعي (30)وآخرون... بأنّ الصحابة غير معصومين وفيهم العدول وغير العدول... وهذا بعينه هو رأي الشيعة الامامية:
الثالث: لا إفراط ولا تفريط
فإنهم أجمعوا على أن الصحابة كسائر الناس فيهم العادل والفاسق، المؤمن والمنافق، وأن الصحبة ليست بوحدها ـ وإن كانت شرفاً ـ مقتضية عصمتهم ونفي القبيح عنهم، والقرآن مشحون بذكر المنافقين من الصحابة، الذين آذوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأقوالهم وافعالهم في نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام...
والأحاديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم في ذم بعضهم كثيرة...
وكتب الحديث والآثارمشحونه بردّ بعضهم على بعض، وتكذيب بعضهم بعضاً، وطعن بعضهم في رواية بعض...
وأما أئمّة الحديث وكبارالتابعين فتلك اراؤهم بالنسبة إلى بعض الصحابة مسجلة في كتب الرجال والتاريخ:
فقد سئل مالك بن أنس: «عمن أخذ بحديثين مختلفين حدثه بهما ثقة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتراه من ذلك في سعة؟
فقال: لا والله حتى يصيب الحق، ما الحق إلآ في واحد، قولان يكونان صواباً ؟ ما الحق وما الصواب إلا في واحد»(31).
وعنه أنه سئل عن اختلاف الصحابة فقال:
«خطأ وصواب، فانظر في ذلك»(32).
وعن أبي حنيفة:
«الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا، ثم عدّ منهم أبا هريرة وأنس بن مالك»(33).
وعن الشافعي:
«إنه سر إلى الربيع: لا يقبل شهادة أربعة من الصحابة وهم: معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وزياد»(34).
وقال شعبة:
«كان أبو هريرة يدلّس»(35).
وعن الليث:
«إذا جاء الاختلاف أخذنا بالأحوط»(36).
***
وإلى هذا كله استند الإمامية فيما ذهبوا إليه...
وأمّا أهل السنة فزعموا أن الله سبحانه ورسوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام قد زكيّا الصّحابة وعدّلاهم جميعاً، فوجب المصير إلى ذلك، وتأويل كلّ ما يؤثرعنهم من المخالفات والمنافيات للنصوص الصريحة من القران والسنة، واستدلوا في دعواهم تلك بآيات من القرآن الحكيم، وأحاديث رووها في كتبهم عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في فضل الصحابة...
وإنّ أشهر هذه الأحاديث المشار إليها هو: حديث «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» وهوموضوع هذا البحث الوجيز...
فلنرجع ـ أولاً ـ إلى كتبهم لنرى ما هو رأى كبار أئمتهم وحفاظهم في هذا الحديث:

كلمات كبار الأئمه والحفاظ في حديث النجوم

كلمات كبار الأئمه والحفاظ في حديث النجوم
لقد صرح جماعة كبيرة من علماء أهل السنة وأئمتهم في الحديث والتفسير والأصول والرجال، بضعف حديث النجوم بالفاظه وطرقه، بحيث لا يبقى مجال للريب في سقوط هذا الحديث عن درجة الاعتبار والاستناد إليه، وإليك البيان:
1 ـ أحمد بن حنبل إمام الحنابلة (241).
إن حديث النجوم غيرصحيح عند أحمد بن حنبل، نقل عنه ذلك جماعة منهم:
ابن أمير الحجاج في كتابه (التقرير والتحبير)
وابن قدامة في (المنتخب).
وصاحب (التيسير في شرح التحرير) (37).
ترجمة أحمد بن حنبل
وتوجد ترجمة أحمد بن حنبل في كافة المعاجم الرجالية كتاريخ بغداد 4|412 وحلية الأولياء 9|161 وطبقات الشافعية 2|27 ـ 63 وتذكرة الحفاظ 2|17 ووفيات الأعيان 1|47 وشذرات الذهب 2|96 والنجوم الزاهرة 2|304...
قال الذهبي:
«شيخ الاسلام وسيد المسلمين في عصره، الحافظ الحجة.»
قال علي بن المديني: إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.
وقال أبو عبيد: إنتهى العلم إلى أربعة أفقههم أحمد.
وقال ان معين من طريق ابن عياش عنه: أرادوا أن أكون مثل أحمد والله لا أكون مثله.
وقال همام السكوني: ما رأى أحمد بن حنبل مثل نفسه.
وقال محمد بن حماد الطهراني: إني سمعت أبا ثور يقول: أحمد أعلم ـ أو قال أفقه ـ من الثوري».
2 ـ المزني، تلميذ الشافعي وصاحبه (264).
لم يصحح أبو إبراهيم المزني حديث النجوم، فقد قال الحافظ ابن عبدالبرّ ما نصه:
«قال المزني ـ رحمه الله ـ في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابي كالنجوم، قال: ـ إن صح هذا الخبرـ فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه: فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوزعندي غيرهذا.
وأما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا، ولا أنكر بعضهم على بعض، ولا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه... فتدبر»(38).
فقوله «إن صح» يفيد ما نحن بصدده... وأما ما ذكره من معنى الحديث فنترك الحكم فيه إلى المحققين من أهل الحديث...(39).
ترجمة المزني
أثنى عليه كافة أرباب المعاجم بما لا مزيد عليه راجع: وفيات الأعيان 1|196 ومرآة الجنان 2|177 ـ 178 وطبقات الشافعية 2|93 ـ 109 والعبر 2|28 وحسن المحاضرة 1|307.
قال اليافعي:
«الفقيه الامام أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المصري الشافعي. وكان زاهداً عابداً مجتهداً محجاجاً غوّاصاً على المعاني الدقيقة، اشتغل عليه خلق كثير.
قال الشافعي في صفة المزني: ناصر مذهبي.
وهو إمام الشافعيين وأعرفهم بطريق الشافعي وفتاواه وما ينقل عنه، صنف كتباً كثيرة، وكان في غاية من الورع، وكان من الزهد على طريقة صعبة شديدة، وكان مجاب الدعوة، ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدث نفسه بالتقدّم عليه في شيء من الأشياء، وهو الذي تولّى غسل الشافعي».
3 ـ أبو بكر البزّار (292)
ولقد قدح الحافظ أبوبكر البزار في حديث النجوم وبين وجوه ضعفه، فقد قال الحافظ ابن عبدالبرما لفظه:
«حدثنا أبومحمد الحسن بن محمد بن أيوب الرقي قال: قال لنا أبوبكرأحمد
كلامه صلى الله عليه وآله وسلم، إذا كيف يسوغ لنا أن نتصور أن النبي صلى الله عليه واله وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكل رجل من الصحابة، مع أن فيهم العالم والمتوسط في العلم ومن هو دون ذلك...».
ابن عمرو بن عبدالخالق البزار: سألتم عما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مما في أيدي العامة يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصحابي كمثل النجوم ـ أو أصحابي كالنجوم ـ فبأيّها اقتدوا أهتدوا.
قال: وهذا الكلام لا يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عبدالرحيم بن زيد العمّي عن أبيه عن سعد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما رواه عبدالرحيم عن أبيه عن ابن عمر.
وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم بن زيد، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه.
والكلام أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين بعدي فعضوا عليها بالنواجد وهذا الكلام يعارض حديث عبدالرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبت.
والنبي لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه. والله أعلم. هذا اخر كلا م البزار»(40).
وفي هذا الكلام وجوه عديدة في قدح حيث النجوم، وأما حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» فللبحث فيه مجال اخر(41).
ترجمة البزار
ترجم له في المعاجم الرجالية بكل إطراء، منها: تاريخ الخطيب 4|334 وتذكرة الحفاظ 2|228 وشذرات الذهب 2|209 وتاريخ إصبهان 1|104 وميزان الاعتدال 1|59 والعبر 2|92.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:
«الحافظ العلامة أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البصري صاحب المسند الكبير والمعلّل.
سمع: هدبة بن خالد، وعبدالأعلى بن حماد، والحسن بن علي بن راشد، وعبدالله بن معاوية الجمحي، ومحمد بن يحيى بن فياض الزماني وطبقتهم.
روى عنه: عبدالباقي بن قانع، ومحمد بن العباس بن نجيح، وأبوبكر الختلي، وعبدالله بن الحسن، وأبو الشيخ وخلق كثير.
إرتحل في آخر عمره إلى إصبهان وإلى الشام والنواحي ينشر علمه.
ذكره الدار قطني فأثنى عليه وقال: ثقة يخطأ ويتكل على حفظه».
4 ـ ابن عدي (365)
لقد أورد الحافظ أبو أحمد عبدالله بن عدي المعروف بابن القطان حديث النجوم في كتابه المسمى بـ (الكامل) ـ وموضوعه الضعفاء والمقدوحون وموضوعاتهم ـ في ترجمة (جعفر بن عبدالواحد الهاشمي القاضي) و(حمزة النصيبي) كما سيأتي إن شاء الله من كلام الزين العراقي الحافظ.
ترجمة ابن عدي
يوجد الثناء البالغ عليه في الأنساب ـ في نسبة الجرجاني وتذكرة الحفاظ 3|161 وشذرات الذهب 3|51 ومرآة الجنان 2|381 والعبر 2|337 وغيرها.
قال السمعاني:
«أبو أحمد عبدالله بن علي بن محمد الجرجاني المعروف بابن القطان الحافظ من أهل جرجان: كان حافظ عصره، رحل إلى الإسكندرية وسمرقند، ودخل البلاد، وأدرك الشيوخ.
كان حافظاً متقناً لم يكن في زمنه مثله.
قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدثين، قال: أليس عندك كتاب ابن عدي ؟ فقلت: نعم. فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه».
5 ـ أبو الحسن الدارقطني (385)
ولقد ضعف الحافظ الدار قطني حديث النجوم إذ أخرجه في كتابه (غرائب مالك)، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني (42).
ترجمة الدار قطني
جاءت ترجمته بكل تعظيم وتبجيل في: تذكرة الحفاظ 3|186 ووفيات الأعيان 2|459 والمختصر 2|130 وتاريخ الخطيب 12|34 وتاريخ ابن كثير 11|317 وشذرات الذهب 3|116 والنجوم الزاهرة 4|172 وغيرها.
قال ابن كثير:
«علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن دينار بن عبدالله: الحافظ الكبير، إستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير، وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد، وأحسن النظر والتعليل والإنتقاد والإعتقاد.
وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديل، وحسن التصنيف والتأليف، واتساع الرواية والاطلاع التام في الدراية. له كتابه المشهور من أحسن المصنفات في بابه، لم يسبق إلى مثله ولم يلحق في شكله إلا من استمد من بحره وعمل كعمله، وله كتاب العلل، بين فيه الصواب من الدخل والمتصل من المرسل والمنقطع والمعضل، وكتاب الأفراد الذي لا يفهمه فضلاً، عن أن ينظمه إلاّ من هو من الحفاظ الأفراد والأئمة النقاد
والجهابذة الجياد، وله غيرذلك من المصنفات التي هي كالعقود في الأجياد.
وكان من صغره موصوفاً بالحفظ الباهر والفهم الثاقب والبحر الزاخر.
وقال الحكم أبو عبدالله النيسابوري: لم ير الدار قطني مثل نفسهه.
وقال ابن الجوزي: وقد اجتمع له مع معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الامامة والعدالة وصحة العقيدة.
وسئل الدار قطني: هل رأى مثل نفسه ؟ قال: أما في فن واحد فربما رأيت من هوأفضل مني، وأما فيما اجتمع لي من الفنون فلا».
6 ـ ابن حزم (456)
كذب الحافظ ابن حزم أيضاً حديث النجوم وحكم ببطلانه وكونه موضوعاً، ذكر ذلك جماعة منهم أبو حيّان حيث قال عند ذكره هذا الحديث:
«قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في (إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد) ما نصه: «وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط»(43).
ترجمة ابن حزم
تجد ترجمته في الكتب التالية: نفح الطيب 1|364 والعبر 3|239 ووفيات الأعيان 3|13 ـ 7 وتاج العروس 8|245 ولسان الميزان 4|198 وغيرها.
قال ابن حجر:
«الفقيه الحافظ الظاهري صاحب التصانيف، كان واسع الحفظ جداً، إلاّ
أنه لثقة حافظته كان يهجم، كالقول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة.
قال صاعد بن أحمد الربعي: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلهم لعلوم الاسلام، وأشبعهم معرفة، وله مع ذلك توسع في علم البيان وحظ من البلاغة ومعرفة بالسير والأنساب.
قال الحميدي: كان حافظاً للحديث، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة، متقناً في علوم جمة، عاملاً بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتدين وكرم النفس، وكان له في الأثر باع واسع.
وقال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حبان: كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركه في أنواع التعاليم القديمة، وكان لا يخلو في فنونه من غلط لجرأته في السؤال على كل فن».
7 ـ البيهقي (457)
ولقد ضعف حديث النجوم الحافظ البيهقي في كتابه (المدخل) على ما نقل عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني (44).
ترجمة البيهقي
ترجم له بكل تجليل وتكريم في: شذرات الذهب 3|304 وطبقات الشافعية 4 |168 والعبر 3|342 والنجوم الزاهرة 5|77 ووفيات الأعيان 1 |57 ـ 58 وتذكرة الحفاظ 3|309 وغيرها.
قال ابن تغري بردى: «أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله الحافظ أبو بكر
البيهقي، مولده سنة أربع وثمانين.
كان أوحد زمانه في الحديث والفقه، وله تصانيف كثيرة، جمع نصوص الامام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ في عشرة مجلدات.
ومات بنيسابور في جمادى الاخرى»
8 ـ ابن عبدالبر (463)
قال الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر ما نصه:
قد روى أبوشهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم.
وهذا إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به.
وقد روى في هذا الحديث إسناد غيرما ذكر البزارعن سلام بن سليم قال: حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابرقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
قال ابو عمرو: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول»(45)
ترجمة ابن عبدالبر
وترجمة ابن عبدالبرموجودة في كل معجم وضعت يدك عليه بكل اطراء واحترام كوفيات الأعيان 6|63 ومرآة الجنان 3|89 والمختصر 2|187 ـ 188 والعبر 3|255 وتذكرة الحفاظ 3|349 وتاج العروس 3|37.
قال الذهبي:
«الإمام شيخ الاسلام حافظ المغرب، ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة في ربيع الآخر، وطلب الحديث وساد أهل الزمان في الحفظ والاتقان.
قال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالاندلس مثل أبي عمر في الحديث.
وقال أبن حزم: التمهيد لصاحبنا أبي عمر، لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً فكيف أحسن منه.
قال ابن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: أبو عمر أحفظ أهل المغرب.
قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي».
9 ـ ابن عساكر (571)
وصرح بضعف حديث النجوم الحافظ ابن عساكر. وسيأتي ذلك من كلام المناوي.
ترجمة ابن عسكر
تجد ترجمته مع الثناء العظيم عليه في طبقات الشافعية 4|273 والمختصر 3|59 ووفيات الأعيان 2|471 و العبر 3|212 ومرآة الجنان 3|393 وتتمة المختصر 2|124 ومعجم الأدباء 13|773ـ87 وتاريخ ابن كثير 12|294 وغيرها.
قال اليافعي:
«الفقيه الامام المحدث البارع الحافظ المتقن الضابط، ذو العلم الواسع، شيخ الاسلام ومحدّث الشام، ناصر السنة قامع البدعة، زين الحافظ، بحر العلوم الزاخر، رئيس المحدثين، المقر له بالتقدم، العارف الماهر، ثقة الدين، أبو
القاسم علي بن الحسن هبة الله ابن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلو شأنه، ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول، والمميز بين الصحيح والمعلول، كان محدّث زمانه ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث واشتهر به، كان حافظاً ديناً جمع بين معرفة المتون والأسانيد...».
10 ـ ابن الجوزي (597)
وقال الحافظ ابن الجوزي ما نصه:
«روى نعيم بن حماد، قال: نا عبدالرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي، فاوحى إلي يا محمد: إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما عليه من اختلافهم فهوعلى هدى.
قال المؤلف: وهذا لا يصح، نعيم مجروح. وقال يحيى بن معين: عبدالرحيم كذاب»(46).
ترجمة ابن الجوزي
جاءت ترجمته مع المدح والثناء في تاريخ ابن كثير 13|28 ووفيات الأعيان 2|321 ـ 322 وتتمة المختصر 2|118 والأعلام 4|89 ـ90 وغيرها.
قال ابن خلكان:
«أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي ابن عبيدالله بن عبدالله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي...
الفقيه الحنبلي الواعظ الملقب جمال الدين الحافظ: كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ.
صنف في فنون عديدة...».
11 ـ ابن دحية (633)
وقدح الحافظ ابن دحية في حديث النجوم ونفي صحته، فقد قال الحافظ الزين العراقي ما نصه:
«وقال ابن دحية ـ وقد ذكر حديث أصحابي كالنجوم ـ حديث لا يصح»(47).
ترجمة ابن دحية
توجد ترجمته مع الاطراء والثناء في: بغية الوعاة 2|218 وشذرات الذهب 4|160 ووفيات الأعيان 3|121 وحسن المحاضرة 1|355 وغيرها.
قال السيوطي في حسن المحاضرة:
«الامام العلامة الحافظ الكبير أبو الخطاب عمر بن حسن، كان بصيراً بالحديث معتنياً به، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية. له تصانيف، وطن مصر، وأدّب الملك الكامل، ودرس بدار الحديث الكاملية...»
12 ـ أبو حيان الأندلسي (745)
وللحافظ أبي حيان تحقيق قيم حول حديث النجوم ننقله نصا لفوائده الجمة:
قال «قال الزمخشري: فإن قلت: كيف كان القرآن تبيانا لكل شيء ؟
قلت: المعنى إنه بين كل شيء من أمور الدين حيث كان نصاً على بعضها، وإحالة على السنة حيث أمر باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته، وقال (وما ينطق عن الهوى) وحثاً على الاجماع في قوله (يتبع غير سبيل المؤمنين) وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته اتباع أصحابه والاقتداء بآثاره في قوله: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طريق القياس والاجتهاد، فكانت السنة والاجماع والقياس مستندة إلى تبيين الكتاب، فمن ثم كان تبياناً لكل شيء (48).
وقوله: وقد رضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إلى قوله ـ اهتديتم، لم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول الله.
قال الحافظ أبو محمد بن أحمد بن حزم في رسالته (إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد) ما نصه: وهذا خبرمكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم مما في أيدي العامة ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما مثل أصحابي كمثل النجوم ـ أو كالنجوم ـ بأيّها اقتدوا اهتدوا.
وهذا كلام لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عبدالرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمرعن النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم، لأن أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه. والكلام أيضا منكرعن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه. هذا نص كلام البزار.
قال ابن معين: عبدالرحيم بن زيد كذّاب ليس بشيء، وقال البخاري هو متروك.
رواه أيضاً حمزة الجزري. وحمزة هذا ساقط متروك»(49).
ترجمة أبي حيان
يوجد الثناء البالغ عليه في: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 4|302 وفوات الوفيات 2|555 وبغية الوعاة 1|280 ـ 281 والبدر الطالع 2|288 وطبقات القراء 2| 285 ونفح الطيب 3|289 وشذرات الذهب 6|145 ـ 146 والنجوم الزاهرة 10|111 وغيرها.
قال ابن العماد:
«الامام أثير الدين أبو حيان نحوي عصره ولغويّه ومفسّره ومحدّثه ومقريه ومؤرخه وأديبه.
أكبّ على طلب الحديث وأتقنه وشرع فيه وفي التفسير والعربية والقراءات والأدب والتاريخ، واشتهر اسمه وطار صيته وأخذ عنه أكابر عصره وتقدموا في حياته.
قال الصفدي: لم أره قط إلاّ يسبّح أو يشتغل أو يكتب أو ينظر في كتاب، وكان ثبتاً قيّماً، عارفاً باللغة، وأما النحو والتصريف فهو الامام المطلق فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره، حتى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض فيها، وله اليد الطولى في التفسير والحديث وتراجم الناس ومعرفة طبقاتهم خصوصاً المغاربة.
وقال الأدفوي: كان ثبتاً صدوقا حجة سالم العقيدة».

التالي...

التالي...
13ـ شمس الدين الذهبي (748)
وقدح الحافظ الذهبي في حديث النجوم في مواضع عديدة من (ميزان الاعتدال في نقد الرجال).
منها: عند ترجمة جعفر بن عبدالواحد الهاشمي القاضي، فإنه قال بعد أن نقل كلمات العلماء فيه:
«ومن بلاياه: عن وهب بن جرير عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريره عن النبي صلى الله عليه وسلم: أصحابي كالنجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى»(50).
ومنها: عند ترجمة زيد العمي حيث قال بعد إيراد الحديث: «فهذا باطل»(51).
ترجمة الذهبي
ترجم له في كافة المراجع الرجالية بالاطراء البالغ والثناء العظيم كالدرر الكامنة 3|336 ـ 338 وطبقات الشافعية 5|216 وفوات الوفيات 2|370 ـ 372 والبدر الطالع 2|110 ـ 112 والوافي بالوفيات 2|163 ـ 168 وشذرات الذهب 6|153 والنجوم الزاهرة 10|182 وطبقات القراء 2|71 وغيرها.
قال ابن تغرى بردى:
«الشيخ الامام الحافظ المؤرخ صاحب التصانيف المفيدة شمس الدين أبو عبدالله الذهبي الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ أحد الحفاظ المشهورة.
سمع الكثير، ورحل البلاد، وكتب وألف، وصنف وأرخ، وصحح وبرع في الحديث وعلومه، وحصّل الأصول وانتقى، وقرأ القراءات السبع على جماعة من مشايخ القراءات».
14 ـ تاج الدين ابن مكتوم (749)
لقد قدح تاج الدين ابن مكتوم القيسي في حديث النجوم، إذ استشهد
بكلام شيخه أبي حيان الآنف الذكر ناقلاً نصه عن (البحر المحيط) في كتابه (الدر اللقيط من البحر المحيط)(52).
ترجمة ابن مكتوم
أثنى عليه كل من ترجم له، راجع: الدرر الكامنة 1|174 وحسن المحاضرة 1|47 وطبقات القراء 1|70 والجواهر المضية في طبقات الحنفيّة 1|75 وغيرها.
قال السيوطي:
«أحمد بن عبدالقادر بن أحمد بن مكتوم تاج الدين أبو محمد القيسي، جمع الفقه والنحو واللغة، وصنف تاريخ النحاة، والدرّ اللقيط من البحر المحيط.
ولد في ذي الحجة سنة 682، ومات سنة 749».
15 ـ ابن قيم الجوزية (751)
وقدح شمس الدين ابن القيم في حديث النجوم، حيث قال في رد المقلدين وأدلتهم:
«الوجه الخامس والأربعون: قولهم: يكفي في صحة التقليد الحديث المشهور: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
جوابه من وجوه:
أحدها: إن هذا الحديث قد روي من طريق الأعمش عن أبي سفيان بن جابر، ومن حديث سعيد بن المسيب عن ابن عمر، ومن طريق حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر.
ولايثبت شيء منها.
قال ابن عبدالبر: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد: إن أبا عبدالله بن مفرح حدثهم ثنا محمد بن أيوب الصّموت قال: قال لنا البزار: وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فهذا الكلام لايصح عن النبي صلى الله عليه وسلم»(53).
ترجمة ابن القيم
له تراجم ضافية في كثيرمن الكتب أمثال: الدرر الكامنة 3|400 ـ403 والبدر الطالع 2|143 ـ 146 والوافي بالوفيات 2|270 ـ 272 وبغيه الوعاة 1|62 ـ 63 وتاريخ ابن كثير 14|234 وغيرها.
قال ابن كثيرفي حوادث سنة 751:
«وفي ليلة الخميس ثالث عشر رجب وقت أذان العشاء توفي صاحبنا الشيخ الامام العلامة شمس الدين إمام الجوزية وابن قيّمها.
سمع الحديث واشتغل بالعلم وبرع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين، وكان حسن القراءة والخلق، كثير التودّد، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يستغيبه ولا يحقد على أحد».
16 ـ الزين العراقي (806)
قال الحافظ الزين العراقي ما نصه:
«حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم: رواه الدار قطني في (الفضائل) وابن عبدالبر في (العلم) من طريقه من حديث جابر وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول.
ورواه عبد بن حميد في (مسنده) من رواية عبدالرحيم بن زيد العمي عن
أبيه عن ابن المسيب عن ابن عمر. قال البزار: منكر لا يصح.
ورواه ابن عدي في (الكامل) من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر بلفظ: فأيهم أخذتم بقوله ـ بدل اقتديتم ـ وإسناده ضعيف من أجل حمزة فقد اتّهم بالكذب.
ورواه البيهقي في (المدخل) من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه، ومن وجه آخر مرسلاً وقال: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة لم يثبت في هذا إسناد.
قال البيهقي: ويؤدي بعض معناه حديث أبي موسى: النجوم أمنة لأهل السماء ـ وفيه ـ: أصحابي أمنة لأمتي الحديث. رواه مسلم»(54)
ترجمة الزين العراقي
تجد ترجمته في كافة المعاجم مع الثناء البالغ عليه، أنظر منها: طبقات القراء 1|382 والضوء اللامع 4|171 ـ 178 والبدر الطالع 1|354 ـ 356 وشذرات الذهب 7|55 ـ 56.
قال ابن العماد في حوادث سنة 806:
«وفيها: الحافظ زين الدين عبدالرحيم بن الحسين العراقي الشافعي، حافظ العصر...».
17 ـ ابن حجر العسقلاني (852)
قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني ما نصه:
«حديث أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.
الدار قطني في (المؤتلف) من رواية سلام بن سليم عن الحارث ابن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعاً، وسلام ضعيف.
وأخرجه في (غرائب مالك) من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جابر في أثناء حديث وفيه: فبأيّ قول أصحابي أخذتم اهتديتم، إنما مثل أصحابي مثل النجوم من أخذ بنجم منها اهتدى، وقال: لا يثبت عن مالك، ورواته دون مالك مجهولون.
ورواه عبد بن حميد والدار قطني في (الفضائل) من حديث حمزة الجزري عن نافع عن ابن حمزة. وحمزة اتهموه بالوضع.
ورواه القضاعي في (مسند شهاب) من حديث أبي هريرة، وفيه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وقد كذبوه.
ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسن عن الزبيري عدي عن أنس، وبشر كان متهماً أيضاً.
وأخرجه البيهقي في (المدخل) من رواية جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. وجويبر متروك، ومن رواية جويبر عن جوّاب بن عبيدالله مرفوعاً. وهو مرسل.
قال البيهقي: هذا المتن مشهور وأسانيده كلها ضعيفة.
وروى في (المدخل) أيضاً عن ابن عمر: سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى إلي يا محمد أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهوعندي على هدى. وفي إسناده عبدالرحيم بن زيد العمي. وهو متروك»(55).
ترجمة ابن حجر
ترجم له بكل تكريم وتعظيم في: حسن المحاضرة 1|363ـ316 والبدر الطالع 1|87 ـ 92 والضوء اللامع 2|36 ـ 40 وشذرات الذهب 8|270 ـ 273 وغيرها.
قال السيوطي:
«إمام الحفّاظ في زمانه، قاضي القضاة، إنتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه.
وألف كتباً كثيرة كشرح البخاري، وتعليق التعليق، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والاصابة في الصحابه، نكت ابن الصلاح، ورجال الأربعة وشرحها، والألقاب...».
18 ـ ابن الهمام (861)
لقد صرح ابن الهمام ـ وهو من أكابر أئمة الحنفية ـ بأن حديث النجوم لم يعرف (56).
ترجمة ابن الهمام
ترجم له مع التجليل والاحترام في البدر الطالع 1|201 ـ 252 وحسن المحاضرة 1|474 وبغية الوعاة 1|166 ـ 169 وهدية العارفين 2|201 والتيسير في شرح التحرير 1|3 ـ 4 وشذرات الذهب 7|298 وغيرها.
قال ابن العماد في حوادث سنة 861:
«وفيها: كمال الدين محمد بن عبدالواحد بن عبدالحميد بن مسعود
السيواسي ثم الاسكندري المعروف بابن الهمام الحنفي الامام العلاّمة.
قال في بغية الوعاة: كان علامة في الفقه والأصول والنحو والتصريف والمعاني والبيان والتصوف والموسيقي وغيرها، محققاً جدلياً نظاراً، وكان يقول: لا أقلّد في المعقولات أحدا..».
19 ـ ابن أمير الحاج (879)
لقد أوضح ابن أمير الحاج وهن حديث النجوم حيث قال:
«(وبمعارضته) أي: وأجيب أيضاً بمعارضة كل منهما (بأصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وخذوا شطر دينكم عن الحميراء) أي عائشة وإن خالف قول الشيخين أو الأربعة (إلا أن الأول) أي: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديم (لم يعرف) بناء على قول ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل، وإلاّ فله طرق من رواية عمر وابنه وجابر وابن عباس وأنس بألفاظ مختلفة أقربها إلى اللفظ المذكور ما أخرج ابن عدي في (الكامل) وابن عبد البر في (بيان العلم) عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أصحابي مثل النجوم يهتدى بها، فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم. وما أخرج الدار قطني وابن عبدالبرعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أصحابي في أمتي مثل النجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.
نعم لم يصح منها شيء، ومن ثمة قال أحمد: حديث لا يصح، والبزار: لا يصح هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن البيهقي قال في كتاب (الاعتقاد) رويناه في حديث موصول بإسناد غير قوي، وفي حديث آخر منقطع، والحديث الصحيح يؤدي بعض معناه وفي حديث أبي موسى المرفوع...»(57)
ترجمة أمير الحاج
ترجم له كبار العلماء بكل إطراء، راجع: الضوء اللامع 9|210 وشذرات الذهب 6|328 والبدر الطالع 2|254 وغيرها.
قال ابن العماد:
«شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أميرالحاج الحلبي الحنفي عالم الحنفية بحلب وصدرهم.
كان إماماً عالماً مصنفاً، صنف التصانيف الفاخرة الشهيرة وأخذ عنه الأكابر، وأفتخروا بالانتساب إليه، وتوفي بحلب في رجب عن بضع وخمسين سنه».
20 ـ السخاوي (902)
وقال السخاوي الحافظ حول هذا الحديث ما نصه:
«حديث اختلاف أمتي رحمة. البيهقي في (المدخل) من حديث سليمان بن أبي كريمة عن جويبرعن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهما أوتيتم من كتاب الله فالعلم به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلته النجوم في السماء فأيما أخذتم به اهتديتم واختلاف أمتي رحمة.
ومن هذا الوجه أخرج الطبراني والديلمي في مسنده بلفظ سواء. وجويبر ضعيف، والضحاك عن ابن عباس منقطع»(58).
ترجمة السخاوي
تجد ترجمته في أكثر الكتب الرجالية والتاريخية أمثال: شذرات الذهب 8|15 ـ 17 ومفاكهة الخلاّن 1|178 والضوء اللامع 8|2 ـ 32 والبدر الطالع 2|184 والنور السافر ص 16 وغيرها.
قال ابن العماد في حوادث سنة 902:
«وفيها: الحافظ شمس الدين أبو الخيرمحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي.
برع في الفقه والعربية والقراءات والحديث والتاريخ، وشارك في الفرائض والحساب والتفسير وأصول الفقه والميقات وغيرها.
وأما مقروءاته ومسموعاته فكثيره جداً لا تكاد تحصر.
وأخذ عن جماعة لا يحصون يزيدون على أربعمائة نفس، وأذن له غير واحد بالافتاء والتدريس والاملاء، وسمع الكثير على شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني، وانتهى إليه علم الجرح والتعديل، حتى قيل: لم يكن بعد الذهبي أحد سلك مسلكه».
21 ـ ابن أبي شريف (906)
وقد قدح ابن أبي شريف الشافعي في حديث النجوم ناقلاً عن شيخه ابن حجر العسقلاني، كما ستعرف ذلك من كلام المناوي إن شاء الله تعالى.
ترجمة ابن أبي شريف
تجد ترجمته الضافية في: الضوء اللامع 9|64 ـ 67 والبدر الطالع 2|243، 244 والأنس الجليل 2|288 ومفاكهة الخلان 1|126، 175، 211 وشذرات الذهب 8|29 وغيرها.
قال ابن العماد:
«كمال الدين أبوالمعالي محمد بن الأمير ناصر الدين محمد ابن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي الشافي المري سبط الشهاب العميري المالكي الشهير بابن عوجان.
الشيخ الامام شيخ الاسلام ملك العلماء الأعلام».
22 ـ جلال الدين السيوطي (911)
وأخرجه الحافظ جلال الدين السيوطي في (الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير) واضعاً عليه الحرف «ض» وهو رمز الضعف (59).
ترجمة السيوطي
وتوجد ترجمته الضافية في حسن المحاضرة 1|335، 344 والبدر الطالع 1|328، 335 وشذرات الذهب 8|51، 55 ومفاكهة الخلان 1|294، وغيرها.
قال ابن العماد في حوادث سنة 911:
«وفيها: الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي، المسند المحقق المدقق صاحب المؤلفات الفائقة النافعة.
قال تلميذه الداودي: كان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه...»
23 ـ علي المتقي (975)
وقدح الشيخ علي المتقي الهندي في حديث النجوم في (كنز العمال) و(منتخب كنز العمال)(60)حيث نقل فيهما تضعيف الحافظ السيوطي.
ترجمة المتقي
ترجم له بكل تفخيم وتعظيم في النور السافر315ـ 319 وسبحة المرجان 34 وشذرات الذهب 8|379 وأبجد العلوم 895 وغيرها.
قال ابن العماد:
«علي المتقي بن حسام الدين الهندي ثم المكي، كان من العلماء العاملين وعبادالله الصالحين، على جانب عظيم من الورع والتقى والاجتهاد في العبادة ورفض السوى، وله مصنفات عديدة ومقامات كثيرة، وتوفي بمكة المشرفة بعد مجاورته بها مدة طويلة»
24 ـ علي القاري (1014)
وقال الشيخ علي القاري المكي ما نصه:
«قال ابن الديبع: إعلم أن حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، أخرجه ابن ماجة، كذا ذكره الجلال السيوطي في (تخريج أحاديث الشفاء) ولم أجده في سنن ابن ماجة بعد البحث عنه.
وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في (تخريج أحاديث الرافعي) في بأقي أدب القضاء، وأطال الكلام عليه وذكر أنه ضعيف واه، بل ذكر عن ابن حزم: إنه موضوع باطل.
لكن ذكر عن البيهقي أنه قال: إن حديث مسلم يؤدي بعض معناه ـ يعني قوله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمنة للسماء.. الحديث ـ قال ابن حجر: صدق البيهقي هو يؤدي صحة التشبيه للصحابة بالنجوم، أما في الاقتداء فلا يظهر، نعم يمكن أن يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم.
قلت: الظاهرإن الاهتداء فرع الاقتداء.
قال: وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض الصحابه
من طمس السنن وظهور البدع وفشو الجور في أقطار الأرض. انتهى.
وتكلّم على هذا الحديث ابن السبكي في (شرح ابن الحاجب) الأصلي في الكلام على عدالة الصحابة ولم يعزه لابن ماجة، وذكره في (جامع الأصول) ولفظه عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: سألت ربي... الحديث إلى قوله: اهتديتم، وكتب بعده: أخرجه. فهو من الأحاديث التي ذكرها رزين في (تجريد الأصول) ولم يقف عليها ابن الأثير في الأصول المذكورة، وذكره صاحب (المشكاة) وقال: أخرجه رزين»(61).
ترجمة القاري
توجد ترجمة القاري في: خلاصة الأثر 3|185 والبدر الطالع 1|355 ـ 446 وكشف الظنون 2|1700 وغيرها.
قال المحبي:
«علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري الحنفي نزيل مكة وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح العبارات، وشهرته كافية عن الاطراء في وصفه.
إشتهر ذكره، وطار صيته، وألف التآليف الكثيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفوائد الجليلة.
منها شرحه على المشكاة في مجلدات، وهو أكبرها وأجلها».
25 ـ المناوي (1029)
وقال المناوي بشرح الحديث: (سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي...) ما نصه:
«السجزي في كتاب (الابانة عن أصول الديانة) وابن عساكر في (التاريخ) عن عمر بن الخطاب.
قال ابن الجوزي في (العلل): هذا لا يصح.
وفي (الميزان): هذا الحديث باطل. إنتهى.
وقال ابن حجر في (تخريج المختصر): حديث غريب سئل عنه البزار فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وقال الكمال ابن أبي شريف: كلام شيخنا ـ يعني ابن حجرـ يقتضي أنه مضطرب. وأقول: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه ساكتاً عليه، والأمر بخلافه فانه تعقبه بقوله: قال ابن سعد: زيد العمي أبو الحواري، كان ضعيفا في الحديث. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه عنه ضعفاء»(62).
ترجمة المناوي
ترجم له مع الاطراء والاحترام في: خلاصة الأثر 2|412 ـ 416 والبدر الطالع 1|357 والأعلام 8|75 ـ 76 وغيرها.
قال المحبي:
«عبدالرؤف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الملقب بزين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري الشافعي.
الامام الكبيرالحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة وأجل أهل عصره من غير ارتياب.
وكان إماماً فاضلاً زاهداً عابداً قانتاً لله خاشعاً له كثير النفع، وكان متقرباً بحسن العمل مثابراً على التسبيح والأذكار صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على اكلة واحدة من الطعام.
وقد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره...».
26 ـ الشهاب الخفاجي (1096)
وقد أذعن الشيخ شهاب الدين الخفاجي في (شرح الشفاء) بضعف حديث النجوم (63) ثم جعل يدافع عن القاضي عياض، رداً على من اعترض عليه إخراجه هذا الحديث في (الشفاء) بصيغة الجزم وهو شارحه أبو ذر الحلبي.
ترجمة الخفاجي
جاءت ترجمته الضافية في: خلاصة الأثر 1|331 ـ343 وريحانة الألباء 272 ـ 309 والأعلام 1|227 ـ 228 وغيرها من المصادر الرجالية.
قال المحبي:
«الشيخ احمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونيرأفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره طلوع الشهب في الفلك، وكل من رأيناه أو سمعنا به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الانشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعى ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه.
وتآليفه كثيرة وممتعة مقبولة، وانتشرت في البلاد...».
27 ـ القاضي البهاري (1119)
وقال القاضي محب الله البهاري عند نفي حجية إجماع الشيخين أو الخلفاء الأربعة:
«قالوا: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
وعليكم سنتي... الحديث.
قلنا: خطاب للمقلدين وبيان لأهلية الاتباع، لأن المجتهدين كانوا يخالفونهم، والمقلدين قد يقلدون غيرهم.
أما المعارضة: بأصحابي كالنجوم. وخذوا شطردينكم عن الحميراء كما في (المختصر): فتدفع بانهما ضعيفان»(64).
ترجمة البهاري
توجد ترجمته في: سبحة المرجان في علماء هندوستان 76 ـ 78 وأبجد العلوم 905 وكشف الظنون، وهدية العارفين،وإيضاح المكنون، والاعلام 6|169.
قال الزركلي:
«محب الله بن عبدالشكور البهاري الهندي. قاض، من الأعيان من أهل بهار، وهي مدينة عظيمة شرقي بورب بالهند.
مولده في موضع يقال له كره بفتحتين، ولي قضاء لكنهو، ثم قضاء حيدر اباد الدكن، ثم ولي صدارة ممالك الهند، ولقب بفاضل خان، ولم يلبث أن توفي.
من كتبه: مسلم الثبوت في أصول الفقه، والجوهر الفرد رسالة، وسلّم العلوم في المنطق».
28 ـ القاضي الشوكاني (1250)
وقال القاضي الشوكاني في مبحث الاجماع:
«وهكذا حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، يفيذ حجية قول كل واحد منهم.
وفيه مقال معروف، لأن في رجاله عبدالرحيم العمي عن أبيه، وهما ضعيفان جداً، بل قال ابن معين: إن عبد الرحيم كذاب، وقال البخاري متروك، وكذا قال أبو حاتم.
وله طريق أخرى فيه: حمزة النصيبي وهو ضعيف جدا، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يساوي فلسا، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة.
وروى أيضا من طريق: جميل بن زيد، وهو مجهول»(65).
ترجمة الشوكاني
ترجم له في: البدر الطالع 2|214 ـ 225 وأبجد العلوم 877 والأعلام 7|190ـ191 وغيرها.
قال الزركلي:
«محمد بن علي بن محمد بن عبدالله الشوكاني:
فقيه مجتهد من كبارعلماء اليمن، من أهل صنعاء ولد بهجره شوكان (من بلاد خولان باليمن) ونشأ بصنعاء، وولّي قضاءها سنة 1229 ومات حاكما بها، وكان يرى تحريم التقليد. له 114 مؤلفاً...».
29 ـ صديق حسن خان (1307)
واكتفى صديق حسن خان في مسألة عدالة الصحابة حيث ذكر هذا الحديث بالقول:
«وقوله: أصحابي كالنجوم، على مقال فيه معروف»(66).
ترجمة الصديق حسن
توجد ترجمته في: الأعلام 7| 36 ـ 37 وأبجد العلوم 939 وإيضاح المكنون 1| 10 وغيرها.
قال الزركلي:
«محمد صديق خان بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القونجي أبو الطيب.
من رجال النهضة الاسلامية المجددين، ولد ونشأ في قنوج بالهند، وتعلم في دهلي، وسافر إلى بهوبال، طلباً للمعيشة ففاز ثروة وافرة.
قال في ترجمة نفسه: ألقى عصا الترحال في محروسة بهوبال، فاقام بها، وتوطن وتمول واستوزر وناب وألف وصنف.
وتزوج بملكة بهوبال، ولقب بنواب عالي الجاه أمير الملك بهادر.
له نيف وستون مصنفاً بالعربية والفارسية والهندية».

***
ويجب أن ننبه هنا على أن ذكرهؤلاء العلماء لم يكن على سبيل الحصر، وإنما كان على سبيل التمثيل، إذ أن هناك علماء كثيرين غيرهم يصرحون بضعف حديث
النجوم منهم:
ابن الملقّن.
وابن تيمية.
والجلال المحلي.
وأبو نصر السجزي
وأبوذر الحلبي.
وأحمد بن قاسم العبادي.
والسبكي.
وابن امام الكاملية صاحب منهاج الأصول.
والمولوي نظام الدين صاحب صبح صادق في شرح المنار.
وولده المولوي عبدالعلي بحر العلوم صاحب شرح مسلم الثبوت.
ومن العلماء المتأخرين:
محمد ناصر الدين الألباني (67).
والسيد محمد بن عقيل العلوي (68).
بل يمكن أن نقول: إنه رأي كافة العلماء ـ من القدماء والمتأخرين ـ الذين يجوزون الخطأ على الصحابة، ولا يذهبون إلى عدالتهم وعصمتهم أجمعين، وقد تقدم ذكر بعضهم في «التمهيد»...
***

تكملة

تكملة
لقد علم فيما سبق في غضون الكتاب: أن بعض طرق حديث النجوم يشتمل على حديث آخر وهو «إختلاف أمتي رحمة» وقد ضعّف جماعة من المحدثين الاسناد المشتمل على الحديثين.
فرأيت من المناسب أن أورد هنا بعض كلماتهم بالنسبة إلى هذا الحديث خاصة.
قال الحافظ العراقي:
«حديث اختلاف أمتي رحمة: ذكره البيهقي في رسالته (الأشعرية) تعليقاً وأسنده في (المدخل) من حديث ابن عباس بلفظ: إختلاف أصحابي لكم رحمة.
وإسناده ضعيف»(69).
وقال الحافظ محمد بن طاهر(70):
«في (المقاصد): إختلاف إمتي رحمة. البيهقي عن الضحاك عن ابن عباس رفعه في حديث طويل بلفظ: إختلاف أصحابي لكم رحمة.
وكذا الطبراني والديلمي:
والضحاك عن ابن عباس منقطع، وقال العراقي: مرسل ضعيف»(71).
وصرح محمد ناصر الدين الألباني المعاصر بأنه لا أصل له، ونقل كلمات جماعة في ذلك (72).
***
كانت هذه كلمات هؤلاء الأعلام من أهل السنة في ردّ حديث النجوم وتضعيفه والحكم بوضعه... فلننتقل إلى الناحية التالية وهي أسانيد هذا الحديث ورجالها، لنرى كلمات الأئمة فيها بالتفصيل:
***
نظرات في أسانيد ورواة
حديث النجوم وآراء أئمة الجرح والتعديل فيهم
إن الحديث النجوم أسانيد عديدة تفيد بمجموعها الشهرة، اكن التتبع لما يفيد: أن واحداً من تلك الأسانيد لم يكن ليسلم من طعن علماء الرجال وأئمة الجرح واللعديل من أهل السنة.
رواية عبدالله بن عمر بن الخطاب
لقد رووا هذا الحديث عن عبدالله بن عمر، إلا أن في سند الرواية:
«عبدالرحيم بن زيد».
ومن راجع كتاب (الضعفاء) للبخاري و(الضعفاء) للنسائي، و(العلل) لابن أبي حاتم، و(الموضوعات) و(العلل المتناهية) لابن الجوزي، و(ميزان الاعتدال) و(الكاشف) و(المغني) للذهبي و(خلاصة تذهيب تهذيب الكمال) للخزرجي... وغيرها وجد كلمات الطعن والذم لهذا الرجل كقولهم: «ليس بشيء» و«كذاب» و«ضعيف» و«كذاب خبيث».
وقد مر في مواضع من الكتاب بعض تلك الكلمات.
2 ـ «زيد العمي»
وقد صرحوا بضعفه أيضاً، بل تقدم في كلام المناوي عن الحافظ ابن عدي قوله «عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء»
***
ورووه بسند آخر من عبدالله بن عمر أيضاً إلا أن فيه:
«حمزة الجزري».
الذي جاء في (الضعفاء) للبخاري «حمزة بن أبي حمزة النصيبي: منكر الحديث» وفي (الضعفاء) للنسائي: «متروك الحديث» وفي (الموضوعات): «قال يحيى ليس بشيء، وقال ابن عدي يضع الحديث» وفيه عن أحمد «هو مطروح الحديث» وعن يحيى «لا يساوي فلسا» وتجد آمثال هذه الكلمات في (البحر المحيط) لأبي حيان و(الميزان) و(الكاشف) للذهبي وغيرها، وقد تقدم بعضها.
رواية عمر بن الخطاب
ولقد رووا هذا الحديث عن عمر بن الخطاب أيضاً، إلا أن في سند الرواية:
«نعيم بن حماد».
وهو مجروح كما تقدم في كلام ابن الجوزي.
2 ـ «عبدالرحيم بن زيد».
3 ـ «زيد العمي».
وقد تقدم الكلام فيهما.
رواية جابر بن عبدالله الأنصاري
ورووا هذا الحديث عن جابر بن عبدالله، إلا أن رواته مجهولون، فقد تقدم عن ابن حجر العسقلاني في (تخريج أحاديث الكشاف) قوله:
«وأخرجه ـ يعني الدار قطني ـ في (غرائب مالك) من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في أثناء حديث وفيه:
فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم، إنما مثل أصحابي مثل النجوم، من أخذ بنجم منها اهتدى.
قال: لا يثبت عن مالك، ورواته دون مالك مجهولون».
***
ورواه بسند اخر عن جابر أيضاً، إلأ أن فيه:
1 ـ «أبو سفيان».
وقد قال ابن حزم «أبو سفيان ضعيف»(73).
2 ـ «سلام بن سليم».
وقد قال ابن حجر: «وسلام ضعيف».
وقال ابن حزم: «يروي الأحاديث الموضوعة وهذا منها بلا شك».
وقال ابن خراش: «كذاب».
وقال ابن حبان: «روى أحاديث موضوعة».
ونقل هذه الكلمات في (سلسلة الأحاديث الموضوعة والضعيفة) وأضاف أنه «مجمع على ضعفه».
3 ـ «الحارث بن غصين».
وقد قال ابن عبدالبر بعد أن نقل الحديث بالاسناد عن جابر: «هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول».
وقد تقدم أن الزين العراقي أورد كلام ابن عبدالبرهذا مرتضياً إياه...
رواية عبدالله بن عباس
ورووا أيضاً هذا الحديث عن ابن عباس، إلا أن في سند الرواية:
1 ـ «سليمان بن أبي كريمة».
وقد ضعفه أبو حاتم الرازي والجلال السيوطي ومحمد بن طاهر وقال ابن عدي: «عامة أحاديثه مناكير» وقال الذهبي: «لين صاحب مناكير» راجع: (الموضوعات) لابن الجوزي و(ميزان الاعتدال) و(المغني) للذهبي، (لسان الميزان) لابن حجر و(قانون الموضوعات) لمحمد بن طاهر، وغيرها.
2 ـ «جويبر بن سعيد».
الذي قال النسائي في (الضعفاء) عنه: «متروك الحديث» والبخاري في (الضعفاء): «جويبربن سعيد البلخي عن الضحاك، قال علي بن يحيى: كنت أعرف جويبراً بحديثين، ثم أخرج هذه الأحاديث فضعف» وابن الجوزي في (الموضوعات): «وأما جويبر فأجمعوا على تركه. قال أحمد: لا يشتغل بحديثه» وفي (الميزان) «قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجاني: لا يشتغل به، وقال النسائي والدار قطني وغيرهما: «متروك الحديث» وفي (الكاشف): «تركوه» إلى غير ذلك من الكلمات.
3 ـ «الضحاك بن مزاحم».
وقد جاء في ترجمته من (الميزان) و(المغني) للذهبي و(تهذيب التهذيب) لابن حجر العسقلاني وغيرها: إن الرجل كان لا يحدث عنه، ضعيفاً في الحديث، مجروحاً.
وقد أنكر شعبة وجماعة من كبار الأئمه أن يكون لقي الرجل ابن عباس..
رواية أبي هريرة
ورووا هذا الحديث عن أبي هريرة أيضاً، إلا أن في سند الرواية:
«جعفر بن عبدالواحد القاضي الهاشمي».
وكان هذا لرجل متهما بوضع الحديث وسرقته، متروكا كذابا... كما يظهر من مراجعة (تخريج أحاديث الكشاف) و(لسان الميزان) لابن حجر العسقلاني، و(المغني) و(الميزان) للذهبي، و(اللالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) للجلال
السيوطي وغيرها.
هذا... بغض النظر عن المقال المعروف في أبي هريرة نفسه.
رواية أنس بن مالك
ولقد رووا هذا الحديث كذلك عن أنس بن مالك، إلا إن في سند الروايه:
«بشر بن الحسين».
يرويه عن الزبير بن عدي عن أنس وقد قال الذهبي في (المغني): «قال الدار قطني: متروك، وقال أبو حاتم: يكذب على الزبير».
ولاحظ سائر الكلمات في ذمه في (لسان الميزان)(74)لابن حجر.
***

تأملات في مدلول حديث النجوم

تأملات في مدلول حديث النجوم
والآن... هلّم معي لنرى هل يصح صدورمثل هذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وهل كان جميع الصحابة على خيرمن بعده ؟ وهل كانوا جميعاً مؤهلين لأن يقتدى بهم ؟ وهل كانوا جميعا هادين حقاً؟...
إذا كان كذلك، فما معنى قوله تعالى:
(أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)(75).
وقوله تعالى:
(وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم)(76).
وغيرهما من الآيات الكريمة التي تنص على وجود المنافقين بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم هل يمكن الاعتقاد بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يعلم ما سيقع بعده بين الأمة الاسلامية؟
كلا... ثم كلا... إنه صلى الله عليه وآله وسلم كان على علم بجميع ما سيحدث بين أصحابه وأمته إلى يوم القيامة، لذا وردت الأحاديث الكثيرة التي لا تحصى يخبر فيها عليه وعلى آله الصلاة والسلام عن القضايا التي سيستقبلها
المسلمون.
إنه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين قال: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة...»(77).
***
وهناك أحاديث كثيرة أيضا وردت في خصوص صحابته تفيد سوء حال جم غفير منهم، وانقلابهم من بعده على أعقابهم، مرتدين عن الدين راجعين بعده كفارا خاسرين.
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلّم فيما أخرجه البخاري:
«أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن رجال منكم، ثم ليختلجن دوني، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما احدثوابعدك «وفي حديث: فاقول: سحقا سحقا لمن غير بعدى» وفي بعض الأحاديث: «إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى»(78).
ومنها: قوله صلى الله عليه واله وسلم لأصحابه:
«لا ترجعوا بعدي كفاراً»(79).
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل»(80).
... إلى غير ذلك من الأحاديث التي رواها القوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذم الصحابه آحاداً وجماعات، في موارد كثيرة ومناسبات مختلفة
ومواطن عديدة...
فكيف يحسن منه سلام الله عليه وآله أن يجعل كلا من هؤلاء نجما يهتدى به والحال هذه ؟
على أن كثيراً من الصحابة اعترفوا في مناسبات عديدة بالجهل وعدم الدراية والخطا في الفتيا، حتى اشتهر عن بعض أكابرهم ذلك... ولذا كان باب التخطئة والرد مفتوحا لدى أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله، بل ربما تجاوزت التخطئة حد الاعتدال وبلغت التكذيب والتجهيل والتكفير... وتلك قضاياهم مدونة في كتب الآثار.
وهل أعجب من دعوى كون جميعهم نجوما يهتدى بهم والحال أنه لم تكن لهم هذه المنزلة عندأنفسهم، كما هو واضح عند من راجع أخبارهم ؟
وأماسب بعضهم بعضا، وضرب بعضهم بعضا، ونفي بعضهم لبعض فقد كان فاشياً فيما بينهم، بل لقد استباح بعضهم قتل بعض...
أما إذا راجعنا أخبار كل واحد من الصحابة وتتبعنا أفعالهم وقضاياهم لعثرنا على أشياء غريبة عن الاسلام، بعيدة عنه كل البعد، من شرب للخمر، وشهادة زور، ويمين كاذبة، وفعل للزنا، وبيع للخمر، والأصنام، وفتيا بغير علم... إلى غير ذلك من الكبار المحرمة بأصل الشرع واجماع المسلمين... نشيرهنا إلى بعضها باختصار...
1 ـ كذب جماعة من مشاهير الصحابة وأعيانهم في قضية الجمل في موضوع (الحوأب ، وتحريضهم الناس على شهادة الزور كما شهدوا هم، والقصة مشهورة... (81).
2 ـ قصة خالد بن الوليد وقوم مالك على عهد أبي بكر إذ وقع فيهم قتلا
ونهبا وسببا، ثم نكح امرأة رئيسهم مالك بن نويرة من ليلته بغيرعدة، حتى أنكر عمر بن الخطاب ذلك (82).
3 ـ زنا المغيرة بن شعبة في قضية هذا مجملها:
إن المغيرة بن شعبة زنا بام جميل بنت عمر، وهي أمرأة من قيس، وشهد عليه بذلك: أبوبكرة، ونافع بن الحارث، وشبل بن معبد.
ولما جاء الرابع وهو زياد بن سمية ـ أو: زياد بن أبيه ـ ليشهد أفهمه عمر ابن الخطاب رغبته في أن يدلي بشهادته بحيث لا تكون صريحة في الموضوع حتى لا يلحق المغيرة خزي بإقامة الحد عليه، ثم سأله عما رآه قائلأ:
أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة.
فقال: لا.
فقال عمر: الله اكبر، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم.
فقام يقيم الحدود على الشهود الثلاثة(83).
4 ـ بيع سمرة بن جندب الخمرعلى عهد عمر بن الخطاب، فقال عمرلما بلغه ذلك:
«قاتل الله فلانا، باع الخمر... ؟»(84).
5 ـ بيع معاوية بن أبي سفيان الأصنام، فقد جاء في (المبسوط) ما نصه:
«وذكر عن مسروق رحمه الله قال: بعث معاوية رحمه الله بتماثيل من صفر تباع بارض الهند فمر بها على مسروق رحمه الله قال: والله لو أني أعلم أنه يقتلني لغرقتها، ولكني أخاف أن يعذبني فيفتنني، والله لا أدري أي الرجلين معاوية:
رجل قد زين له سوء عمله، أو رجل قد يئس من الآخرة فهو يتمتع في الدنيا...»(85).
6 ـ شرب عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب (وكنيته أبو شحمة) الخمر على عهد أبيه في مصر أيام ولاية عمرو بن العاص عليها.
وقد أقام عمر الحد على ولده هذا في المدينة ـ بعد أن طلبه من مصرـوقد أقام عمرو الحدّ عليه هناك وهو مريض ثم حبسه أشهر فمات على أثر ذلك (86).
7 ـ جهل بعض كبار الصحابة بالأحكام الشرعية، بل بمعاني الألفاظ العربية، وقوله في ذلك بغيرعلم.
فقد اشتهر عن أبي بكر أنه لم يعرف معنى«الكلالة» بالرغم من نزولها في القران، وبيان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم معناها للأمة، فقال حينما سئل عنها:
«إنّي رأيت في الكلالة رأيأ، فإن كان صوابأ فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطا فمني والشيطان، والله برئ منه...»(87).
8 ـ بيع معاوية بن أبي سفيان الشيء بأكثرمن وزنه، فقد جاء في (الموطأ) ما نصه:
«مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: إن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق باكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، إلا مثلا بمثل، فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا باسا.
فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى
الله عليه وسلّم ويخبرني عن رأيه، لا أساكنك بارض أنت بها»(88).
9 ـ إقدام زيد بن أرقم على أمر قالت عائشة أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن لم يتب... فقد روى جماعة من المحدّثين والفقهاء والمفسرين «عن أم يونس: إن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن أرقم الأنصاري: يا أم المؤمنين أتعرفين زيد بن أرقم ؟ قالت: نعم، قالت: فإني بعته عبدا إلى العطاء بثمانمائة، فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته منه قبل الأجل بستمائة، فقالت: بئسما شريت وبئسما اشتريت، ابلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب.
قالت: فقلت أفرأيت إن تركت المائتين وأخذت الستمائة؟ قالت: فنعم، من جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف»(89).
10 ـ مؤامرة عائشة وحفصة على زينب بنت جحش، فقد روي عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها فتواطأت أنا وحفصة على أن أيتنا دخل عليها. فلتقل له؛ أكلت مغافير (90)؟ قال: لا ولكن أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، لا تخبري بذلك أحدا»(91).
والخلاصة: فإن الآيات الكريمة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وكتب التاريخ والفقه تشهد على بطلان حديث النجوم، وتدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجيز لنا الاقتداء بكل واحد من صحابته، لمجرد صحبته
وفيهم المنافق والفاسق والمجرم...
فمعنى حديث النجوم دليل آخر على أنه موضوع، بالاضافة إلى ضعف جميع رواته وطرقه...
وقد نص على بطلان هذا الحديث من هذه الناحية جماعة من علماء الحديث كالبزار(92) وابن القيم (93) وابن حزم (94).
***
نعم. هناك في كتب أهل السنة ومصادرهم المعتبرة في الحديث، أحاديث رووها عن النبي صلى الله عليه واله وسلم نؤمن بمضمونها، ونأخذ بمؤداها، ونعتقدبمدلولها، ولا مجال لورود شيء من المحاذير فيها، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي»(95).
وقوله:
«النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض»(96).
وقوله:
«النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهلى بيتي أمان لأمتي من
الآختلاف، فاذا خالفها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب ابليس» (97).
وإنما قلنا ذلك: لاعتضادها بآيات القرآن العظيم والأحاديث المتواترة عن النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم، وثبوت عصمة أئمة أهل البيت (وهم علي وبنوه الأحد عشر) بالكتاب والسنة، وعدم اختلافهم في شيء من الأحكام، وحرصهم التام على تطبيق الشريعة المقدسة...
وختاما نعود فنسأل: هل يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
الجواب: كلا.. فإن التتبع لكلمات أئمة أهل السنة وآرائهم في هذا الحديث، والنظر في أسانيده، والتأمل في متنه... كل ذلك يدل بوضوح على أن هذا الحديث موضوع باطل بجميع ألفاظه وأسانيده لا يصح التمسك به والاستناد إليه.
ويرى القارئ الكريم أنا لم نعتمد في هذا البحث إلا على أوثق المصادر في الحديث والتاريخ والتراجم وغيرها، ولم ننقل إلا عن أعيان المشاهير وأئمة الحديث والتفسير والأصول والتاريخ.
ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لتحقيق السنة واتباع ما هو بذلك حقيق، والاقتداء بمن هو به جدير... وصلى الله على سيدنا محمد الهادي الأمين وآله المعصومين والحمد لله رب العالمين.

 

***


الهوامش

الهوامش

(1)القاموس المحيط «صحب».
(2) المفردات في غريب القرآن «صحب».
(3) قال ابن الأثير وغيره: إنه لم يجمع فاعل على فعالة إلأ هذا.
(4) المفردات «صحب».
(5) المصباح المنير «صحب».
(6) مقباس الهداية، الدرجات الرفيعة 10.
(7) حكاه في المختصر 2|67.
(8) حكاه في مقباس الهداية عن جماعة من المحدثين.
(9) اختاره الشهيد الثاني | 120 والسيد علي خان المدني | 9 وابن حجر العسقلاني 1 | 10 ونسبه شيخنا المامقاني وابن حجر إلى المح
(10) ذكره السيد عبدالحسين شرف الدين في أجوبة مسائل جار الله |12.
(11) سيأتي نص كلامه في الكتاب.
(12) نقل ذلك عنه ابن حجر في الإصابة 1|17 ـ 18.
(13) الاصابة 1 | 19.
(14) الاستيعاب 1|8.
(15) اسد الغابة 1|3.
(16) إحياء علوم الدين
(17) الاصابة 1 |17 ـ 18.ققين.
(18) الاستيعاب 1 | 8.
(19) المختصر 2 | 67 وكذا في شرحه.
(20) النصائح الكافية | 160.
(21) شرح المقاصد 5 | 310
(22) الاصابة 1 | 19، النصائح الكافية| 161.
(23) النصائح الكافية | 162 عن الآلوسي.
(24) ارشاد الفحول.
(25) شيخ المضيرة ابن هريرة| 101 وراجع أضواء على السنة المحمدية له أيضا.
(26) أضواء على السنة المحمدية.
(27) النصائح الكافية.
(28) شيخ المضيرة.
(29) المصدر نفسه.
(30) إعجاز القران.
(31) احكام الاحكام لابن حزم.
(32) جامع بيان العلم لابن عبد البر.
(33) شرح نهح البلاغة لابن أبي الحديد.
(34) المختصر في اخبار البشر لأبي الفداء.
(35) البداية والنهاية لابن كثير.
(36) عن جامع بيان العلم.
(37) التقرير والتحبير لابن أمير الحاج، التيسير 3|243، وسيأتي أيضاً، سلسلة الأحاديث 1|79.
(38) جامع بيان العلم لابن عبد البر 2|89 ـ 90.
(39) قال الألباني المعاصر «الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه الله، بل المراد ما قالوه برأيهم، وعليه يكون معنى الحديث دليلاً آخر على أن الحديث موضوع ليس من
(40) جامع بيان العلم 2|90. وانظر إعلام الموقعين 2|223، والبحر المحيط 5|528 وغيرها.
(41) وهو الموضوع الرسالة الثالثة من هذه الرسائل.
(42) تخريج أحايث الكشاف 2|628 وسيأتي نصه.
(43) البحر المحيط 5|528، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1|78
(44) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف المطبوع على هامش الكشاف 2|628.
(45) جامع بيان العلم 2|90 ـ 91.
(46) العلل المتناهيه في الأحاديث الواهية، وانظر فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4|76.
(47) تعليق تخريج أحاديث منهاج البيضاوي. جاء ذلك عنه في عبقات الأنوار.
(48) هذا كلام الزمخشري في الكشاف 2|628.
(49) البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 5|527 ـ 528.
(50) ميزان الاعتدال 1|413.
(51) ميزان الاعتدال 2|102.
(52) الدر اللقيط من البحر المحيط، المطبوع على هامش البحر المحيط 5|527.
(53) إعلام الموقعين 2|223.
(54) تخريج أحاديث المنهاج، عنه في عبقات الأنوار. وسيأتي تضعيفه لما أسنده البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس المشتمل على حديث الاختلاف.
(55) الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف المطبوع بهامش الكتاب، 2|628.
(56) التحرير بشرح امير بادشاه الحسيني 3|243، في مبحث الاجماع.
(57) التقرير والتحبير في شرح التحرير، وانظر التيسير فى شرح التحرير 3|243 ـ 244
(58) المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة 26|27.
(59) الجامع الصغير بشرح المناوي 4|76.
(60) كنز العمال 6|133، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد.
(61) المرقاة في شرح المشكاة 5|523. كما اعترف بضعفه في شرح الشفاء وأورده أيضاً في الموضوعات.
(62) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4|76.
(63) نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض 4|423 ـ 424.
(64) مسلم الثبوت بشرح الأنصاري 2|241.
(65) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول 83.
(66) حسن المأمول من علم الأصول ص 56.
(67) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
(68) النصائح الكافية لمن يتولى معاوية.
(69) المغني عن حمل الأسفار في الأسفار بهامش إحياء العلوم 1|34.
(70) ترجمته في: شذرات الذهب 8| 410 والنور السافر 361 و أبجد العلوم 895 توفي سنة 986.
(71) تذكرة الموضوعات 90 ـ 91.
(72) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 |76 ـ 78.
(73) راجع سلسلة الأحاديث 1|78.
(74) لسان الميزان 2|21ـ23.
(75) سورة آل عمران 3: 144.
(76) سورة التوبة 9: 101.
(77) رواه جماعة، وقال العلامة المقبلي في (العلم الشامخ): «وحديث افتراق الأمة إلى سبعين فرقة رواياته كثيرة يعضد بعضها بعضا بحيث لا تبقى ريبة في حاصل معناه». المذاهب الاسلامية لمحمد أبو زهرة ص 14.
(78) صحيح البخاري باب في الحوض 4 |87 ـ 88 وغيره من الصحاح وكتب الحديث.
(79) إرشاد الفحول ص 76.
(80) الجامع الصغير. قال المناوي، خرجه الإمام أحمد في المسند، وكذا أبو يعلى عن أبي نفيسة، ورواه أحمد والطبراني عن أبي موسى، وأبو نعيم في الحلية عن أي بكر. فيض القدير 4|173.
(81) هذه القصة مشهورة رواها كافة أرباب التواريخ، كالطبري وابن الأثير وابن خلدون والمسعودي وأبي الفداء... وغيرهم.
(82) وهذه الواقعة أيضا مشهورة تجدها في جميع التواريخ والسير وكتب الكلام، وهي إحدى موارد الطعن في أبي بكربن ابي قحافة.
(83) وفيات الأعيان 455|2، ابن كثير 7| 81، الطبري 4 |207. وفي الواقعة هذه مخالفتان للنصوص الشرعية والأحكام الاسلامية الضرورية كما لا يخفى.
(84) صحيح البخاري وغيره.
(85) المبسوط في الفقه الحنفي كتاب الإكراه.
(86) شرح النهج 3|123 ط مصر، وفي القضية مخالفات للنصوص الشرعية كما لا يخفى.
(87) ذكر ذلك جميع المفسرين وعلماء الكلام.
(88) الموطأ 2 |59، وانظر شرحه للسيوطي.
(89) تفسير ابن كثير 1|327، الدر المنثور 1|365 كلاهما في تفسيرالآية 275 من سورة البقرة النازلة في تحريم الربا، وأضاف ابن كثير: «وهذا الاثر مشهور» وذكره ابن الأثير في (جامعه) والمرغياني في (هدايته) والكاساني في (بدائعه).
(90) المغفور، جمعه مغافر ومغافير: صمغ كريه الرائحه يسيل من بعض الشجر.
(91) تجده في الصحاح وغيرها.
(92) تقدم قوله: والكلام أيضا منكرعن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم.
(93) إعلام الموقعين عن رب العالمين 2 |223 ـ 224.
(94) راجع سلسله الأحاديث 1|83 حيث قال: «فمن المحال أن يامر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم باتباع كل قائل من الصحابة...».+
(95) ذخائر العقبى 17 تحت عنوان (ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم)، إحياء الميت 19 عن جماعة من أئمة الحديث.
(96) ذخائر العقبى 17، إسعاف الراغبين 130 (بهامش نور الأبصار) كلاهما عن أحمد.
(97) إحياء الميت 24 عن الحاكم، إسعاف الراغبين 130 إلى «الاختلاف» قال صححها الحاكم على شرط الشيخين».


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page