• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين - مخرّجو الحديث وأسانيده

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين


تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين...
وبعد،
فهذه رسالة أخرى كتبتها حول حديث آخر...
أنه حديث في وجوب إطاعة الأمراء واتباع سنة الخلفاء الراشدين وإن كانت السنة والإمارة على خلاف الموازين...
أخرجوه في غير واحدٍ من أهم أسفارهم، وجعله غير واحد منهم من أصحّ أخبارهم...
ثمّ اتخذوه مستنداً لتبرير أُمورٍ وأحكامٍ سابقة، ومستمسكاً لأعمالٍ وقضايا لاحقة...
لقد بحثت عن هذا الحديث بحثاً شاملاً، وحققته تحقيقاً كاملاً، فجاء ت رسالة نافعة للمحققين، لا تخفى فوائدها على الباحثين... فإليهم أقدّم هذا الجهد، والله من وراء القصد.

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين


تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين...
وبعد،
فهذه رسالة أخرى كتبتها حول حديث آخر...
أنه حديث في وجوب إطاعة الأمراء واتباع سنة الخلفاء الراشدين وإن كانت السنة والإمارة على خلاف الموازين...
أخرجوه في غير واحدٍ من أهم أسفارهم، وجعله غير واحد منهم من أصحّ أخبارهم...
ثمّ اتخذوه مستنداً لتبرير أُمورٍ وأحكامٍ سابقة، ومستمسكاً لأعمالٍ وقضايا لاحقة...
لقد بحثت عن هذا الحديث بحثاً شاملاً، وحققته تحقيقاً كاملاً، فجاء ت رسالة نافعة للمحققين، لا تخفى فوائدها على الباحثين... فإليهم أقدّم هذا الجهد، والله من وراء القصد.

مخرّجو الحديث وأسانيده

مخرّجو الحديث وأسانيده
رواية الترمذي
أخرج الترمذي قائلاً:
«(1) حدّثنا علي بن حجر، حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية، قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال رجل: إن هذه موعظة مودّعٍ، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟
قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين، عضّوا عليها بالنواجذ.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم نحو هذا، حدثنا بذلك:
(2) الحسن بن علي الخلاّل وغير واحد، قالوا: حدثنا أبو عاصم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم، نحوه.
والعرباض بن سارية يكنى: أبا نجيح.
(3) وقد روي هذا الحديث عن حجر بن حجر، عن عرباض بن سارية، عن
إلنبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، نحوه»(1).
رواية أبي داود
وأخرج أبو داود قائلاً:
«حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا ثور بن يزيد، قال: حدثني خالد بن معدان، قال: حدثني عبدالرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر، قالا:
أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممن نزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) ـ فسلّمنا وقلنا: اتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين. فقال العرباض:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال قائل: يا رسول الله، كأنّ هذا موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا ؟
فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان عبدّ حبشي، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وايّاكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»(2).
رواية ابن ماجة
وأخرج ابن ماجة قائلاً:
«(1) حدثنا عبدالله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبدالله بن العلاء ـ يعني ابن زبر ـ، حدثني يحيى بن أبي المطاع،
قال: سمعت العرباض بن سارية يقول:
قام فينا رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلّم ذات يوم، فوعظنا موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقيل: يا رسول الله، وعظتنا موعظة مودّع فاعهد إلينا بعهد.
فقال: عليكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وان عبداً حبشياً، وسترون من بعدي اختلافاً شديداً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وايّاكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة.
(2) حدّثنا إسماعيل بن بشر بن منصور واسحاق بن إبراهيم السواق، قالا: ثنا عبدالرحمن بن مهديّ، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، انه سمع العرباض بن سارية يقول:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد إلينا ؟
قال: قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حينما قيد انقاد.
(3) حدثنا يحيى بن حكيم، ثنا عبدالملك بن الصباح المسمعي، ثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو، عن العرباض بن سارية، قال:
صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم صلاة الصبح، ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة. فذكر نحوه لا(3).
رواية أحمد
وجاء في مسند أحمد:
«(1) حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا عبدالرحمن بن مهدي، ثنا معاوية ـ يعني ابن صالح ـ، عن ضمرة بن حبيب، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، أنه سمع العرباض بن سارية، قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. قلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟
قال: قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً، عضوا عليها بالنواجذ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد إنقاد»
(2) حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا الضحاك بن مخلد، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، عن عرباض بن سارية، قال:
صلّى لنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم الفجر، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت لها الأعين، ووجلت منها القلوب. قلنا ـ أو قالوا ـ: يا رسول الله، كأنّ هذه موعظة مودع فأوصنا.
قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختلافا كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة.
(3) حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا ثور بن يزيد، ثنا خالد ابن معدان، قال: ثنا عبدالرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر، قالا:
أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممن نزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك
لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) ـ فسلّمنا وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين. فقال عرباض:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم الصبح ذات يومٍ ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا؟
فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
(4) حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي، ثنا حياة بن شريح، ثنا بقية، حدثني بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن ابن أبي بلال، عن عرباض بن سارية، أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة. فذكره
(5) حدّثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن خالد بن معدان، عن ابن أبي بلال، عن العرباض بن سارية، أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وعظهم يوماً بعد صلاة الغداة. فذكره»(4)
رواية الحاكم
وأخرج الحاكم قائلاً:
«(1) حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أبو عاصم، ثنا ثور بن يزيد، ثنا خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية، قال:
صلى لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلّم صلاة الصبح، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودّع فأوصنا.
قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن أُمّر عليكم عبد حبشي. فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة.
هذا حديث صحيح ليس له علّة.
وقد احتجّ البخاري بعبد الرحمن بن عمرو وثور بن يزيد، وروى هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسنة.
والّذي عندي أنهما ـ رحمهما الله ـ توهّما أنه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرج حديثه في الصحيحين عن خالد بن معدان.
(2) حدثنا أبو عبدالله الحسين بن الحسن بن أيوب، ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي، ثنا عبدالله بن يوسف التنيسي، ثنا الليث، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم. عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو، عن العرباض بن سارية ـ من بني سليم، من أهل الصفة ـ قال:
خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً فقام فوعظ الناس ورغبهم وحذرهم وقال ما شاء الله أن يقول.
ثم قال: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وأطيعوا من ولاه الله أمركم، ولا تنازعوا الأمر أهله ولو كان عبداً أسود، وعليكم بما تعرفون من سنة نبيكم والخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا على نواجذكم بالحقّ.
هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعاً، ولا أعرف له علّةً.
وقد تابع ضمرة بن حبيب خالد بن معدان على رواية هذا الحديث عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي.
(3) حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي. وأخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد، قالا: ثنا أبو صالح، عن معاوية بن صالح.
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا عبدالرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ، عن معاوية بن صالح.
عن ضمرة بن حبيب، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي، أنه سمع العرباض ابن سارية قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقلنا يا رسول الله، إن هذا لموعظة مودّعٍ فماذا تعهد إلينا؟
قال: قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء المهديّين الراشدين من بعدي، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً، عضوا عليها بالنواجذ.
فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث: فإن المؤمن كالجمل الأنف حيث ما قيد انقاد.
وقد تابع عبدالرحمن بن عمرو على روايته عن العرباض بن سارية ثلاثة من الثقات الأثبات من أئمة أهل الشام:
منهم: حجر بن حجر الكلاعي:
(4) حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا أبو عبدالله محمد بن إبرإهيم العبدي، ثنا موسى بن أيوب النصيبي وصفوان بن صالح الدمشقي، قالا: ثنا الوليد ابن مسلم الدمشقي، ثنا ثور بن يزيد، حدثني خالد بن معدان، حدّثني عبدالرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر الكلاعي، قالا:
أتينا العرباض بن سارية ـ وهو ممن نزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألاّ
يجدوا ما يننقون) ـ فسلّمنا وقلنا: أتيناك زائرين ومقتبسين.
فقال العرباض:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودعٍ فما تعهد إلينا؟
فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ومنهم: يحيى بن أبي المطاع القرشي:
(5) حدثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عيسى بن زيد التنيسي، ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، أنبأ عبدالله بن العلاء بن زيد(5)، عن يحيى بن أبي المطاع، قال: سمعت العرباض بن سارية السلمي يقول:
قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات غداة فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها الأعين. قال: فقلنا: يا رسول الله، قد وعظتنا موعظة مودع فاعهد إلينا.
قال: عليكم بتقوى الله ـ أظنه قال: والسمع والطاعة ـ، وسترى من بعدي اختلافاً شديداً ـ أو: كثيراً ـ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم والمحدثات، فإن كل بدعة ضلالة.
ومنهم: معبد بن عبدالله بن هشام القرشي:
وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب، فتركته.
وقد استقصيت في تصحيح هذا الحديث بعض الاستقصاء على ما أدّى إليه
اجتهادي، وكنت فيه كما قال إمام أئمة الحديث شعبة ـ في حديث عبدالله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، لمّا طلبه بالبصرة والكوفة والمدينة ومكّة، ثمّ عاد الحديث إلى شهر ابن حوشب فتركه، ثم قال شعبةـ:
لئن يصحّ لي مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كان أحب إلي من والديّ وولدي والناس أجمعين.
وقد صح هذا الحديث، والحمد لله، وصلى الله على محمد وآله أجمعين» (6).
***

نظرات في أسانيده

نظرات في أسانيده
نقاط حول السند والدلالة
كانت تلك أسانيد هذا الحديث وطرقه في أهم كتب الحديث وجوامعه، ولا بدّ قبل الورود في النظر في أحوال رجال الأسانيد والرواة أن نشير بإيجاز إلى نكاتٍ جديرة بالانتباه إليها...
1 ـ إن هذا الحديث يكذبه واقع الحال بين الصحابة أنفسهم، فلقد وجدناهم كثيراً مّا يخالفون سنة أبي بكر وعمر، والمفروض أنهما من الخلفاء الراشدين، بل لقد خالف الثاني منهما الاول في أكثر من مورد !! فلو كان هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حقاً لما وقعت تلك الخلافات والمخالفات...
هذا ما ذكره جماعة... وعل أساسه أوّلوا الحديث، وقد نص بعضهم كشارح مسلم الثبوت (7) على ضرورة تأويله...
قلت: لكن هذا إنما يضطر إليه فيما لو كان الأصحاب ملتزمين بإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنقادين لأوامره ونواهيه.. ولكن...
2 ـ إن هذا الحديث بجميع طرقه وأسانيده ينتهي إلى «العرباض بن سارية السلمي» فهو الراوي الوحيد له... وهذا مّما يورث الشك في صدوره... لأن الحديث كان في المسجد... وكان بعد الصلاة.. وكان موعظة بليغة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب... ثم طلب منه أن يعهد إلى الأمة.. فقال..
فكيف لم يروه إلآ العرباض ؟! ولم لم يرووه إلا عن العرباض ؟!
3 ـ إن هذا الحديث إنما حدّث به في الشام، وإنما تناقله وروجه أهل الشام ! وأكثر رواته من أهل حمص بالخصوص، وهم من أنصار معاوية وأشد أعداء علي أمير المؤمنين عليه السلام (1).
فبالنظر إلى هذه الناحية، لا سيما مع ضمّ النظر في متن الحديث إليه، لا يبقى وثوق بصدور هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كيف يوثق بحديث يرويه حمصي عن حمصي عن حمصي !!.. ولا يوجد عند غيرهم من حملة الحديث والاثر علم به ؟! وأهل الشام قاطبة غير متحرجين من الافتعال لما ينتهي إلى تشييد سلطان معاوية أو الحطّ مّمن خالفه !
4 ـ إن هذا الحديث مما أعرض عنه البخاري ومسلم، وكذا النسائي من أصحاب السنن... وقد بنى غير واحد من العلماء الكبار من أهل السنة على عدم الاعتناء بحديث اتفق الشيخان على الإعراض عنه، وإن اتفق أرباب السنن على إخراجه والعناية به...
قال ابن تيمية بجواب حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة:
«هذا الحديث ليس في الصحيحين، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كابن حزم وغيره، ولكن قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة، ورواه أهل المسانيد كالإمام أحمد»(2).
قلت:
ومن عجيب الاتفاق أن حديث «عليكم بسنتي...» كذلك تماماً، فإنه «ليس في الصحيحين، بل قدطعن فيه بعض أهل الحديث ـ كأبن القطّان ـ ولكن قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة، ورواه أهل المسانيد كالإمام أحمد»
بل إنهم بنوا على طرح الخبر إن أعرض عنه البخاري وإن أخرجه مسلم..
وهذا ما نصّ عليه ابن القيّم.. وسننقل عبارته... في الفصل اللاحق. وقد جاء في آخرها: «ولو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به».
قلت:
فكذا حديثنا.. فلو مح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به... كيف وقد تبعه مسلم.. وهو بمرأى ومشهد منهما؟!
ثم جاء الحاكم النيسابوري... فأراد توجيه إعراضهما عنه بأنهما «توهّما...»، أي: إن إعراضهما موهن، ولكنهما توهما... ولولا ذلك لأخرجاه...
وسنرى أن الحاكم هو المتوهم...
5 ـ «ثم إن المخرجين له... منهم من صححه كالترمذي والحاكم، ومنهم من سكت عنه كأبي داود، ومنهم من عده في الحسان كالبغوي (10) ومنهم من حكم عليه بالبطلان كابن القطّان...
ترجمة العرباض بن سارية الحمصي(11)
وبعد، فلننظر في ترجمة الراوي الوحيد لهذا الحديث، وهو الصحابي «العرباض ابن سارية»:
كان من أهل الصفة، سكن الشام (12)، ونزل حمص(13). لم يرو عنه الشيخان، وإنما ورد حديثه في السنن الأربعة (14)، مات سنة75 (15).
كان يدعى أنه ربع الإسلام، وهو كذب بلا ريب.. وكان عمرو بن عتبة أيضاً يدعي ذلك، قال محمد بن عوف: «كل واحد من العرباض بن سارية وعمرو بن عتبة
يقول: أنا ربع الإسلام، لا ندري إيهما اسلم قبل صاحبه ؟!»(16).
وكان يقول: «عتبة خير مني سبقني إلى النبي بسنة».
وهذا كذب كذلك، وقد رواه أبناء عساكر والأثير وحجر... بالإسناد عن عبدالله بن أحمد، عن أبيه، بسنده عن شريح بن عبد، قال:
«كان عتبة يقول: عرباض خير مني وعرباض يقول: عتبة خير مني سبقني إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بسنة»(17).
والذي يبين كذبه بوضوح ما رواه ابن الاثير بترجمة عتبة بسنده إلى شريح، قال:
«قال عتبة بن عبد السلمي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتاه رجل وله الأسم لا يحبه حوّله. ولقد أتيناه وإنا لسبعة من بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه جميعا» (18).
ومن جملة أكاذيبه ما أخرجه أحمد، قال:
«ثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن معاوية ـ يعني ابن صالح ـ، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رهم، عن العرباض بن سارية السلمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان: هلمّوا إلى الغذاء المبارك. ثم سمعته يقول: اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب وته العذاب»(19).
فإنه ـ وإن اكتفى ابن القطّان بتضعيفه (20) ـ كذب بلا ارتياب... وإلأ لأخرج في الصحاح وغيرها وعقد به لمناقب معاوية باب... إنه حديث تكذبه الوقائع والحقائق،
والبراهين والوثائق... إنه حديث تكذبه الأدلة المحكمة من الكتاب والسنة المتقنة، القائمة بتحريم ما استباحه معاوية من قتل للنفوس، وتبديل للأحكام، وارتكاب للمحرمات القطعية كبيع الخمر والأصنام، وشرب للخمر وأكل للربا... وغير ذلك مما لايحصى...
لكن الرجل سكن بلاد الشام، ونزل حمص بلد النواصب اللئام... وفي ظروف راجت فيها الأكاذيب والافتراءات... فجعل يتقوّل على الله والرسول التقولات، تزلّفاً إلى الحكام، وطمعاً في الحطام.
* ثم إن رواة هذا الحديث عن «العرباض بن سارية» هم:
1 ـ عبدالرحمن بن عمرو السلمي.
2 ـ حجر بن حجر.
3 ـ يحيى بن أبي المطاع.
4 ـ معبد بن عبدالله بن هشام.

أمّا الرابع فلم أجده إلآ عند الحاكم حيث قال: «ومنهم: معبد بن عبدالله بن هشام القرشي» ثّم قال: «وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب فتركته».
ترجمة يحيى بن أبي المطاع الشامي
وأمّا الثالث: «يحيى بن أبي المطاع»:
فأولاً: لم يرو عنه إلا ابن ماجة (21).
وثانياً: قال ابن القطّان: «لا أعرف حاله»(22).
وثالثاً: إنه كان يروي عن العرباض ولم يلقه.. وهذه الرواية من ذلك...
قال الذهبي: «قد استبعد دحيم لقيه العرباض، فلعله أرسل عنه، فهذا في
الشاميّين كثير الوقوع، يروون عمّن لم يلقوهم»(23).
وقال ابن حجر: «أشار دحيم إلى أن روايته عن عرباض بن سارية مرسلة»(24).
وقال ابن عساكر والذهبي: «قال أبو زرعة لدحيم تعجباً من حديث الوليد بن سليمان، قال: صحبت يحيى بن أبي المطاع، كيف يحدّث عبدالله بن العلاء بن زبر عنه أنه سمع العرباض مع قرب عهد يحيى؟! قال: أنا من أنكر الناس لهذا، والعرباض قديم الموت» (25).
ترجمة حجر بن حجر الحمصي
وأما الثاني: «حجر بن حجر»:
فأوّلاً: هو من أهل حمص.
وثانياً: لم يرو عنه إلأ أبو داود.
قال ابن حجر: «روى عن العرباض بن سارية. وعنه خالد بن معدان. روى له أبو داود حديثاً واحداً في طاعة الأمير. قلت: أخرج الحاكم حديثه» (26).
قلت:
وهو هذا الحديث الذي نحن بصدد تكذيبه، وإليه أشار الذهبي بقوله: «ما حدّث عنه سوى خالد بن معدان بحديث العرباض مقروناً بآخر»(27) يعني بالآخر: عبدالرحمن بن عمرو السلمي حيث جاء فيه عنهما قالا: «أتينا العرباض...».
وثالثاً: قال ابن القطان: «لا يعرف» (28).
ترجمة عبدالرحمن بن عمروالشامي
وأمّا الاول: «عبدالرحمن بن عمرو»:
فهو المعروف في رواية هذا الحديث عن «العرباض بن سارية»، وإليه تنتهي أكثر طرقه في السنن وغيرها... وليس له فيها إلآ هذا الحديث، قال ابن حجر:
«له في الكتب حديث واحد في الموعظة، صحّحه الترمذي. قلت: وابن حبّان والحاكم في المستدرك.
وزعم القطّان الفاسي أنّه لا يصحّ لجهالة حاله»(29).
فهذا حال رواة هذا الحديث عن «العرباض».
*ثم ان رواته عن هؤلاء هم:
1 ـ خالد بن معدان.
2 ـ ضمرة بن حبيب.
3 ـ عبدالله بن العلاء بن زبر.
ترجمة عبدالله بن العلاء الدمشقي

امّا «عبدالله بن العلاء بن زبر»:
فاولاً: كان من أهل الشام، بل وصفه الذهبي بـ «رئيس دمشق»(30).
وثانياً: أورده الذهبي في (ميزانه) وقال: «قال ابن حزم: ضعفه يحيى وغيره»(31)
ترجمة ضمرة بن حبيب الحمصي
وأمّا «ضمرة بن حبيب»:
فأولاً:
كان من أهل حمص (32)
وثانياً:
كان مؤذن المسجد الجامع (33).
ترجمة خالد بن معدان الحمصي
وأما «خالد بن معدان» العمدة في رواية هذا الحديث، لكونه الراوي له عن «عبدالرحمن بن عمرو» و«حجر بن حجر» وجميع الأسانيد تنتهي إليه فهو:
أولا:
من أهل حمص (34)
وثانياً:
شيخ أهل الشام (35).
وثالثاً:
كان صاحب شرطة يزيد بن معاوية: روى الطبري في (ذيل تاريخه) قائلاً:
«حدّثني الحارث، عن الحجّاج، قال: حدّثني أبو جعفر الهمداني، عن محمد بن داود، قال: سمعت عيسى بن يونس يقول: كان خالد بن معدان صاحب شرطة يزيد ابن معاوية».
وعنونه ابن عساكر في (تاريخه) بقوله: «كان يتولى شرطة يزيد بن معاوية» ثم روى الخبر المذكرر بسنده عن عيسى بن يونس كذلك (35).
* ثم إن رواة هذا الحديث عن هؤلاء هم:
1 ـ محمد بن إبراهيم بن الحارث.
2 ـ معاوية بن صالح.
3 ـ الم الشام» (36)
4 ـ بحير بن سعيد.
5 ـ ثور بن يزيد.
6 ـ عمرو بن أبي سلمة التنيسي.

ترجمة محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي الدمشقي (37)
أما «محمد بن إبراهيم» الراوي له عن «خالد» عند أحمد والحاكم، فقد ذكر العقيلي عن عبدالله بن أحمد عن أبيه: «في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير أو منكرة» (38).
ترجمة بحير بن سعيد الحمصي
وأما «بحير بن سعيد» الراوي عن «خالد» عند الترمذي وأبي داود وابن ماجة فهو من أهل حمص.
قال ابن حجر: «بحير بن سعيد السحولي أبو خالد الحمصي روى عن خالد ابن معدان ومكحول، وعنه إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وثور بن يزيد ـ وهو من أقرانه ـ ومعاوية بن صالح، وغيرهم» (39).
ترجمة الوليد بن مسلم الدمشقي
وأما «الوليد بن مسلم» مولى بني أُمية (40) «الدمشقي» (41) «عالم الشام» (42)
الراوي له عن «عبدالله بن العلاء» عند ابن ماجة، فقد ذكروا بترجمته:
«مدلّس، وربّما دلّس عن الكذّابين».
«روى عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل».
«كان يأخذ من ابن السفر حديث الأوزاعي، وكان ابن السفر كذاباً وهو يقول فيها: قال الأوزاعي».
«وكانت له منكرات».
«وكان رفاعاً».
«يرسل، يروي عن الأوزاعي أحاديث عند الأوزاعي عن شيوخٍ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي، فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي، عن نافع، وعن عطاء»(43).
ترجمة معاوية بن صالح الحمصي
وأما «معاوية بن صالح» الراوي له عن «ضمرة بن حبيب» عند أحمد وابن ماجة فهو:
أولاً:
من أهل حمص (44).
وثانياً:
كان قاضي الأندلس في الدولة الأموية(45).
وثالثاً:
كان يلعب بالملاهي، ولأجل ذلك ترك بعض المحدّثين الكتابة عنه (46).
ورابعاً:
قال ابن أبي حاتم: «لا يحتج به» و«لم يخرج له البخاري» و«لينه ابن معين».
و«وقال يحيى بن معين: كان ابن مهدي إذا حدث بحديث معاوية بن صالح زجره يحيى بن سعيد، وكان ابن مهدي لا يبالي»(47).
و«عن أبي إسحاق الفزاري: ما كان بأهل أن يروى عنه».
و«قال ابن عمار: زعموا أنه لم يكن يدري أيّ شيء في الحديث».
و«منهم من يضعفه»، بل أورده كل من العقيلي وابن عدي والذهبي في «الضعفاء».
ترجمة ثور بن يزيد الحمصي
واما «ثور بن يزيد» العمدة في رواية هذا الحديث عن خالد، حتى قال الحاكم في توجيه إعراض البخاري ومسلم عنه:
«والذي عندي أنهما توهّما أنه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد».
فهو: أولاً:
من أهل حمص، بل وصفه الذهبي بـ «عالم حمص»(48).
وثانياً:
كان لا يحب علياً عليه السلام: «وكان جده قتل يوم صفين مع معاوية، فكان ثور إذا ذكر علياً قال: لا اُحبّ رجلاً قتل جدّي»(49).
وثالثاً:
كان يجالس السابين علياً عليه السلام، فقد ذكروا أن «أزهر الحرازي وأسد بن وداعة وجماعة كانوا يجلسون ويسبون عليّ بن أبي طالب، وكان ثورلا يسبه، فإذا لم يسبّ جروا برجليه»(50).
ورابعاً:
كان مبدعاً.
قال الذهبي: «كان من أوعية العلم لولا بدعته»(51).
«وكان أهل حمص نفوه وأخرجوه» (52).
و«تكلّم فيه جماعة بسبب ذلك»(53).
وأورده ابن عديّ في «الضعفاء»(54).
وخامساً: كان مالك يذمّه وينهى عن مجالسته وليس له عنه رواية(55)، وكان الأوزاعي سيّئ القول فيه، يتكلّم فيه ويهجوه (56)، وكذا كان ابن المبارك (57).
وعن يحيى القطان: «ثور إذا حدثني عن رجل لا أعرفه قلت: أنت أكبر أم هذا؟! فإذا قال: هو أكبر مني، كتبته، وإذا قال: هو أصغر مني، لم أكتبه» (58).
ترجمة عمرو بن أبي سلمة الدمشقي(59)
وأما «عمرو بن أبي سلمة الدمشقي نزيل«تنبيس» الراوي له عن «عبدالله ابن العلاء عند الحاكم، فقد:
ضعفه الساجي وابن معين. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال العقيلي: في حديثه وهم. وقال أحمد: روى عن زهير أحاديث بواطيل»(60).
* ثم إن رواة الحديث عن هؤلاء هم:
1 ـ بقيّة بن الوليد.
2 ـ الضحاك بن مخلد وهو أبو عاصم النبيل.
3 ـ الوليد بن مسلم.
4 ـ عبدالله بن أحمد بن بشير.
5 ـ عبدالرحمن بن مهدي.
6 ـ عبدالملك بن الصباح المسمعي.
7 ـ يحيى بن أبي كثير.
8 ـ أحمد بن عيسى بن زيد التنيسي.

أمّا «الوليد بن مسلم» الراوي له عن «ثور» عند أبي داود فقد عرفته.
وأمّا «عبدالرحمن بن مهدي» الراوي له عن «معاوية بن صالح» عند أحمد وابن ماجة، فقد عرفت أنه كان يزجر عن الرواية عن «معاوية» ولا يبالي.
وأما «أبو عاصم» الراوي له عن «ثور» عند الترمذي وأحمد والحاكم فقد كان يحيى بن سعيد يتكلم فيه، فلا ذكر له ذلك قال: «لست بحيٍ ولا ميت إذا لم أذكر» ! (61).
وأورده العقيلي في «الضعفاء» وحكى ما ذكرناه (62).
وأمّا «يحيى بن أبي كثير» الراوي له عن «محمد بن إبراهيم» عند أحمد، فقد «كان يدلّس» (63).
وروى العقيلي عن همام قوله: «ما رأيت أصلب وجهاً من يحيى بن أبي كثير، كنا نحدّثه بالغداة فيروح بالعشي فيحدثناه»(64).
وأما «عبدالملك بن الصباح المسمعي» الراوي له عن «ثور» عند ابن ماجة،
فقد ذكره الذهبي في (ميزانه) وقال: «متّهم بسرقة الحديث» (65).
وأمّا «عبدالله بن أحمد بن بشير الدمشقي» شيخ ابن ماجة، فقد كان إمام الجامع بدمشق (66).
وامّا «أحمد بن عيسى» الراوي له عن «عمرو بن أبي سلمة» عند الحاكم، فليس من رجال الكتب الستة، وإنما ذكره ابن حجر للتمييز(67).
وقال ابن عدي: له مناكير. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وكذبه ابن طاهر. وذكره ابن حبّان في الضعفاء(68).
ترجمة بقيّة بن الوليد الحمصي
وأمّا «بقية بن الوليد» الراوي له عن «بحير بن سعيد» عند الترمذي وأحمد، فهذه كلماتهم فيه باختصار:
قال ابن حبان: لا يحتجّ ببقيّة.
وقال أبو مسهر: أحاديث بقية ليست نقيّة، فكن منها على تقيّة.
وقال أبو حاتم: لا يحتجّ به.
وقال ابن عيينة ـ وقد سئل عن حديث من هذه الملح ـ: أنا أبو العجب، أنا بقية بن الوليد.
وقال ابن خزيمة: لا أحتجّ ببقية.
وقال أحمد: توهمّت أن بقية لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل، فإذ هو يحدّث المناكير عن المشاهير، فعلمت من أين أتى.
وقال وكيع: ما سمعت أحداً أجرأ على أن يقول: قال رسول الله، من بقية.
وقال شعبة: بقيّة ذو غرائب وعجائب ومناكير.
وقال ابن القطّان: يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك وهذا مفسد لعدالته.
وقال الفيروزآبادي: بقيّة محدّث ضعيف.
قال الزبيدي: محدّث ضعيف يروي عن الكذابين ويدلّسهم، قاله الذهبي في الميزان.
وقال الذهبي: قال غير واحد: كان مدلّساً، فإذا قال: عن، فليس بحجّة (69).
وقفة مع الحاكم
وهنا كان من المناسب أن نقف وقفة قصيرة مع الحاكم، الذي أتعب نفسه وأصر على تصحيح هذا الحديث، وأكد على أن ليس له علّة، وتوهم أن البخاري ومسلماً، اللذين لم يخرجاه ـ «توهما أنه ليس له راو عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد» أي: ولولا هذا التوهّم لأخرجاه !!
ثم قال بالتالي: «قد استقصيت في تصحيح هذا الحديث و... كان أحب إلي من والدي وولدي والناس أجمعين».
فنقول:
أوّلاً:
قد أوقفناك عل بعض علل هذا الحديث، في أسانيده وطرقه، وكيف تخفى هذه العلل على مثل البخاري ومسلم ومن تبعهما كالنسائي حتى يوجّه إعراضهم
بالتوهّم الذي ذكرت، لا سيّما وأن الراوي الآخر عن خالد ـ وهو محمد بن إبراهيم ـ قد خرّج حديثه في الصحيحين كما قلت ؟!
وثانياً:
ما نسبته إلى البخاري من الاحتجاج بـ «عبدالرحمن بن عمرو السلمي» لم نستوثقه إلى هذا الحين... فآسم هذا الرجل غير وارد في كتاب ابن القيسراني المقدسي (الجمع بين رجال الصحيحين).
وثالثاً:
قولك: «وروى هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسنة».
إن كنت تقصد البخاري وحديث العرباض بن سارية ـ كما هو ظاهر العبارة ـ فإنا لم نجده.
ورابعاً:
قولك «وقد تابع عبدالرحمن بن عمرو على روايته عن العرباض بن سارية ثلاثة» فيه:
أن الثالث منهم تركته أنت لعدم كون الطريق إليه من شرط الكتاب.
والثاني منهم لم يلق العرباض بن سارية حتى يروي عنه.
والأول لم يرو عنه إلاّ أبو داود، وقال ابن القطّان: لا يعرف.
هذه نتيجة الجهد الذي بذله الحاكم في تصحيح هذا الحديث، وهذا شأن الحديث الذي كان تصحيحه أحب إليه من والديه وولده والناس أجمعين !!
ومن هنا تعرف شأن الحاكم ومستدركه وتصحيحاته، وتعطي الحق لمن قال: «اعتنى الحاكم بضبط الزائد عليهما وهو متساهل»(70).
بل قال بعضهم: «طالعت المستدرك الذي صنفه الحاكم من أوله إلى اخره فلم أر فيه حديثاً على شرطهما !»(71).
بل عن بعضهم أنه «جمع جزءً فيه الأحاديث التي فيه وهي موضوعة!»(72).
بطلان الحديث سنداً
ومن هنا يظهر بطلان الحديث وأن الحق مع من قال في هذا الحديث بأنه «لا يصحّ».
ومن هؤلاء الحافظ ابن القطّان الفاسي... فقد ذكر ابن حجر بترجمة «عبدالرحمن بن عمرو السلمي» بعد أن أشار الى هذا الحديث: «وزعم القطان الفاسي أنه لا يصح»(73).
ترجمة ابن القطّان
والحافظ الكبير: أبو الحسن الكبير، بن محمد، المعروف بآبن القطان الفاسي، المتوفى سنة 628، من كبار منتقدي الحديث والرجال، ترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ وأثنى عليه، وذكره السيوطي في طبقاته فقال:
«ابن القطان، الحافظ العلامة، قاضي الجماعة، أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالملك بن يحيى بن إبراهيم الحميري الكتامي الفاسي، سمع أبا ذر الخشني وطبقته.
وكان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدهم عناية في الرواية، معروفاً بالحفظ والإتقان.
صنف: الوهم والإبهام على الأحكام الكبرى لعبد الحق.
مات في ربيع الأول سنة 628»(74).
* وقال ابن العربي المالكي بشرح الترمذي:
«حكم أبو عيسى بصحته، وفيه بقية بن الوليد، وقد تكلم فيه»(75).
وهذا طعن صريح في سند الحديث، وان كان غير شديد، إذ اكتفى بهذه الكلمة
في قدح بقية بن الوليد، وقد ذكرنا طرفاً من كلماته فيه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد...
ترجمة ابن العربي المالكي
والقاضي ابن العربي: أبو بكر محمد بن عبدالله، المتوفى سنة 543 من كبار الحفاظ والفقهاء البارعين... ترجم له ابن خلّكان في وفياته، والذهبي في تذكرته، وابن كثير في تاريخه... وإليك عبارة السيوطي بترجمته في طبقاته:
«ابن العربي العلاّمة الحافظ، القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله بن محمد الأشبيلي. ولد سنة 468، ورحل إلى المشرق، وسمع من طراد الزينبي، ونصر بن البطر، ونصر المقدسي، وأبي الحسن الخلعي. وتخرج بأبي حامد الغزالي وأبي بكر الشاشي وأبي زكريّا التبريزي.
وجمع وصنف وبرع في الأدب والبلاغة وبعُد صيته.
وكان متبحراً في العلم، ثاقب الذهن، موطّأ الأكناف، كريم الشمائل، ولي قضاء أشبيلية فكان ذا شدّة وسطوة، ثّم عزل، فأقبل على التأليف ونشر العلم، وبلغ رتبة الاجتهاد.
صنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتاريخ. مات بفاس في ربيع الآخر سنة 543»(76).
***

تأمّلات في متن الحديث ومدلوله

تأمّلات في متن الحديث ومدلوله
الاستناد إليه في العلوم
وهكذا ثبت بطلان هذا الحديث من الأساس... فيبطل كل ما بني عليه وفُرّع منه من قبل بعض الناس...
في علم الأخلاق
فالمؤلف في علم الأخلاق والسلوك يستدل به في مباحثه... فترى الغزالي يذكره فيما يستدل به في مباحث الزهد من كتابه (77).
في علم الحديث
ومن المحدثين من استند إلى هذا الحديث لتصحيح حديث غير صحيح !!
يقول القاري في الأحاديث الموضوعة:
«حديث مسح العينين بباطن أنملتي السبّابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله، مع قوله: اشهد أن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً.
ذكره الديلمي في الفردوس من حديث أبي بكر الصديق أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: من فعل ذلك فقد حلت عليه شفاعتي.
قال السخاوي: لا يصح.
وأورده الشيخ أحمد الحداد في كتابه موجبات الرحمة بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه، عن الخضر عليه السلام، وكل ما يروى في هذا فلا يصح رفعه ألبتّة.
قلت: وإذا ثبت رفعه إلى الصدّيق فيكفي العمل به!! لقوله عليه الصلاة والسلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين...»(78).
في علم الكلام
والمتكلمون منهم عندما يبحثون عن أدلة الإمامة وشروطها وأوصاف الإمام وحكم الخارج عليه... يقولون بحرمة الخروج على الإمام حتى في حال تغلبه على الأمر بالقهر والسيف، وحتى إذا صدر منه الفسق والجور والحيف... استناداً إلى أمثال هذا الحديث المختلق البيّن الزيف...
ولقد أفرط بعض النواصب المتعصبين فقال في قضية استشهاد الإمام الحسين السبط عليه السلام بما لا يتفّوه به أحد من المسلمين.. وهذه عبارته:
«وما خرج اليه أحد إلا بتأويل، ولا قاتلوه إلا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل، المخبر بفساد الحال، المحذر من الدخول في الفتن، وأقواله في ذلك كثيرة، منها قوله: إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان، فما خرج الناس إلآ بهذا وأمثاله.. ودع الأمر يتولاّه أسود مجدّع حسبما أمر به صاحب الشرع...».
قال: «وأخرج البخاري عن عبدالله بن دينار قال: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبدالملك بن مروان كتب: إني أقرّ بالسمع والطاعة لعبدالملك أمير المؤمنين على سُنّة الله وسنة رسوله ما استطعت. وإن بني قد أقرّوا بمثل ذلك»(79).
ومنهم من جعله من أدلة خلافة الخلفاء الأربعة، وذكره في مقابلة الأحاديث
الدالة على خلافة أمير المؤمنين بعد رسول الله بلا فصل... كالشيخ عبدالعزيز الدهلوي حيث تمسك به في مقابلة حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين (80).

في علم الفقه

في علم الفقه
وفي الفقه استدلوا بالحديث لتبرير بدع الخلفاء وما أحدثوه في الدين...
ولنذكر من ذلك نموذجين:
تحريم عمر، المتعتين
أحدهما: تحريم عمر المتعتين وقولته المشهورة المعروفة في ذلك (81)، حيث اضطرب القوم في كيفية توجيه هذا الذي أحدثه عمر في الدين، وعارضه فيه كبار الصحابة والتابعين، فالتجأ بعضهم إلى تبريره بحديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»!!
قال ابن قيّم الجوزيّة في كلام له في ذلك:
«فإن قيل: فكيف تصنعون بما روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله وأبي بكر حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث.
وفيما ثبت عن عمر أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما: متعة النساء ومتعة الحج ؟!
قيل: الناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنها، وقد أمر رسول الله باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون...»(82).
أقول:
لنا في هذا الموضوع رسالة مستقلة، كانت الحلقة السابقة من هذه السلسلة فراجعها.
زيادة عثمان الأذان يوم الجمعة
والثاني: زيادة عثمان الأذان يوم الجمعة...
فقد أخرجوا عن السائب بن يزيد قوله: «كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم وأبي بكر وعمر إذا خرج الإمام أقيمت الصلاة، فلما كان عثمان زاد النداء الثالث على الزوراء».
وفي لفظ آخر: «فلما كان في خلافة عثمان وكثروا، أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك»(83).
ونصّ شراح البخاري على أن عثمان هو الذي زاد الأذان يوم الجمعة (84).
ونص الماوردي والقرطبي على أن الأذان الذي كان من عثمان «محدث» (85).
وقال ابن العربي بشرح الترمذي: «الأذان أول شريعة غيرت في الإسلام على وجه طويل ليس من هذا الشأن... والله تعالى لا يغير ديننا ولا يسلبنا ما وهبنا من نعمه»(86).
وقال المباركفوري بشرحه: «المعنى: كان الأذان في العهد النبوي وعهد أبي بكر وعمر أذانين، أحدهما حين خروج الإمام وجلوسه على المنبر. والثاني حين إقامة الصلاة، فكان في عهدهم الأذانان فقط، ولم يكن الأذان الثالث. والمراد بالأذانين:
الأذان الحقيقي والإقامة» (87).
هذا، وقد رووا عن ابن عمر قوله عما فعل عثمان أنه «بدعة»(88).
فهذا ما كان من عثمان... في أثناء خلافته... كما كان من عمر من تحريم المتعتين... في أثناء خلافته...
وقد اشتدت الحيرة هنا وكثر الاضطراب... كما كان الحال تجاه ما فعل ابن الخطاب...
1 ـ فالسرخسي أراح نفسه بتحريف الحديث !! قال: «... لما روي عن السائب ابن يزيد قال: كان الأذان للجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم حين يخرج فيستوي على المنبر، وهكذا في عهد أبي بكر وعمر، ثم أحدث الناس الأذان على الزوراء في عهد عثمان»(89).
قال: «... هكذا كان على عهد رسول الله والخليفتين من بعده، إلى أن أحدث الناس الأذان على الزوراء على عهد عثمان» (90).
2 ـ والفاكهاني أنكر أن يكون عثمان هو الذي أحدث الزيادة فقال: «إن أول من أحدث الأذان الأول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد» (91).
3 ـ وشراح البخاري ادعوا قيام الإجماع السكوتي !! على المسألة... قالوا: شرع باجتهاد عثمان وموافقة سائر الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار فصار إجماعاً سكوتياً»(92).
4 ـ وقال ابن حجر: «الذي يظهر أن الناس اخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد
إذ ذاك، لكونه خليفة مطاع الأمر»(93).
5 ـ وقال بعض الحنفية: «الأذان الثالث الذي هو الاوّل وجوداً إذا كانت مشروعية باجتهاد عثمان وموافقة سائر الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار صار أمراً مسنوناً، نظراً إلى قوله: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» (94).
وأجاب هؤلاء ـ الدافعون عن عثمان ـ عما رووا عن عبدالله بن عمر، بما ذكر ابن حجر:
«أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار. ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي، وكل ما لم في زمنه يسمى بدعة، لكن منها ما يكن حسناً، ومنها ما يكون بخلاف ذلك».
قلت:
كانت تلك الوجوه التي ذكروها لتبرير ما فعله عثمان:
* فأما الوجهان الأول والثاني فلا يعبأ بهما ولا يصغى إليهما.
* وأمّا الوجه الثالث فقد اشتمل على:
أ ـ اجتهاد عثمان.
وفي الاجتهاد ـ واجتهادات الخلفاء خاصة ـ بحث طويل ليس هذا موضعه، وعلى فرض القبول فهل يجوز الاجتهاد في مقابل النص ؟!
ب ـ موافقة الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار
وفيه:
أوّلاً:
ما الدليل على سكوتهم وعدم إنكارهم ؟! فلقد أنكروا عليه يقيناً ولما ينقل كما نقل قول ابن عمر.
وثانياً:
إن السكوت أعم من القبول والرضا.
ج ـ الإجماع السكوتي.
وفيه: اوّلاً:
في حجية الإجماع كلام.
وثانياً:
أنه يتوقف على السكوت الدال على الرضا والموافقة.
وثالثاً:
أنه يتوقف على حجية الإجماع السكوتي.
* وأما الوجه الرابع ففيه: إن أخذ الناس بفعل عثمان لا يقتضي مشروعية فعله، والخليفة إنما يطاع أمره إذا كان امرأ بما أمر الله ورسوله به، وبه أحاديث كثيرة.
* وأما الوجه الخامس ففيه: إنه يتوقّف:
أولاً:
على تمامية هذا الحديث سنداً.
وثانياً:
على تمامية دلالته على وجوب اتباع سيرة الخلفاء وإن كانت مخالفة لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.
وثالثاً:
على أن يكون المراد من «الخلفاء الراشدين المهديين» شاملاً لعثمان أمثاله.
أما الأمر الأول فقد بيناه في الفصل السابق، وعرفت أن الحديث باطل موضوع.
واما الأمران الثاني والثالث فسنذكرهما في هذا الفصل.
لكن المحققين من القوم لم يوافقوا على دلالة الحديث على وجوب متابعة سيرة الخلفاء ـ حتى بناء على أن المراد خصوص الأربعة ـ فيما لو خالفت سيرتهم السيرة النبوية الكريمة ـ كما في مسألتنا هذه ـ فإن عثمان خالف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخالف أيضاً أبا بكر وعمر، لا سيما وأن غير واحد منهم يخصّص حديث: «عليكم بسنتي...» بحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»(95).
فيكون قد أمر صلّى الله عليه وآله وسلّم بمتابعة سيرته وسيرة أبي بكر وعمر
فقط...!!
وعلى هذا الأساس أبطلوا استدلال الحنفيّة وأجابوا عنه بكلمات قاطعة:
قال المباركفوري: «ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته.
وقال القاري في المرقاة: فعليكم بسنتي. أي بطريقتي الثابتة عنّي واجباً، أو مندوباً، وسنة الخلفاء الراشدين، فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم إما لعملهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إياها.
وقال صاحب سبل السلام: أما حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ». أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه الحاكم وقال: على شرط الشيخين.
ومثله حديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر». أخرجه الترمذي وقال: حسن. وأخرجه أحمد وابن ماجة وابن حبّان، وله طريق فيها مقال إلا أنه يقوي بعضها بعضاً.
فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها.
فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين، ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفةٍ راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي...
قال المباركفوري: إن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات (96) عثمان أمراً مسنوناً ليس بتام...»(97).
ثم إنهم أطالوا الكلام عن معنى البدعة، فقال هؤلاء ـ في الجواب عما ذكر ابن حجر وغيره ـ بأنه:
«لو كان الاستدلال تاماً وكان الأذان الثالث أمراً مسنوناً لم يطلق عليه لفظ البدعة، لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار، فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان»(98).
وتلخصّ أن لا توجيه لما أحدث عثمان، لا عن طريق هذا الحديث ـ على فرض صحته ـ ولا عن طريق آخر من الطرق المذكورة.

في علم الأصول

في علم الأصول
واستند الأصوليون إلى هذا الحديث في كتبهم، ولكن مع اختلاف شديد بين كلماتهم:
1 ـ فمنهم من استدل به للقول بحجية سنة الصحابة، كالشاطبي، حيث قال:
«سنة الصحابة سنة يعمل عليها ويرجع إليها، والدليل على ذلك أمور:
أحدها...
والثاني:
ما جاء في الحديث من الأمر باتباعهم، وأن سننهم في طلب الاتباع كسنة النبي صلى اله عليه [وآله] وسلّم كقوله: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» (99).
2 ـ ومنهم من جعله دليلاً على حجية رأي كل واحد من خلفائه الراشدين من غير حصر في الأربعة، كصاحب «سبل السلام» كما عرفت من عبارته، وكالمراغي وغيره كما ستعلم من عبارة شارح المنهاج.
3 ـ ومنهم من جعله حجة على قول كل واحد من الخلفاء الأربعة، ومن هنا جعلوا من السنة حرمة المتعتين لتحريم عمر، ووجوب الأذان الزائد يوم الجمعة لزيادة عثمان إياه.
4 ـ ومنهم من احتج به للقول بحجية ما اتّفق عليه الخلفاء الأربعة:
قال البيضاوي: «قال القاضي أبو خازم: إجماع الخلفاء الأربعة حجة لقوله عليه السلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (100).
قال شارحه السبكي: «ذهب القاضي أبو خازم من الحنفية ـ بالخاء المعجمةـ وكذا أحمد بن حنبل ـ في إحدى الروايتين ـ إلى أن إجماع الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي حجة، مستدلين بما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه الترمذي والحاكم في المستدرك ـ وقال: على شرطهما ـ من قوله: عليكم بسنتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. الحديث.
فإن قيل: هذا عام في كل الخلفاء الراشدين.
قيل: المراد الأربعة، لقوله عليه الصلاة والسلام: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثّم تصير ملكاً عضوضاً، وكانت مدة الأربعة هذه.
قيل: والصحيح أن المكمل لهذه المدة الحسن بن علي، وكانت مدة خلافته أشهر بها تكملت الثلاثون»(101).
وقال شارحه الأسنوي: «... وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه [واله] وسلّم أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين كما أمر باتباع سنته، والخلفاء الراشدون هم: الخلفاء الأربعة المذكورون. لقوله: الخلافة بعدي...»(102).
وقال شارحه البدخشي: «قال القاضي أبو خازم... أوجب اتباعهم إيجاب اتباعه، ولهذا لم يعتد أبو خازم بخلاف زيد بن ثابت في توريث ذوي الأرحام، وحكم برد أموال حصلت في بيت مال المعتضد بالله إلى ذوي الأرحام، وقبل المعتضد فتواه وأنفذ قضاءه.
قال المراغي: وفيه نظر، لعموم الخلفاء الراشدين وعدم الدليل على الحصر في الأربعة.
قال العبري: وفيه نظر، لأن العرف خصّصه بالأئمة الأربعة حتى صار كالعلم لهم.
أقول: وفيه نظر، لأن العرف طارئ فلا يخصّص عموم اللفظ الصادر قبل.
ثم عند الشيعة: إن إجماع الأربعة حُجّة لا من حيث هو، بل من حيث اشتماله على قول علي رضي الله عنه»(103).
أقول:
أما القول الأوّل فلا دلالة لهذا الحديث عليه أصلاً.
نعم، يدل عليه الخبر: «أصحابي كالنجوم فبايهم اقتديتم اهتديتم» لكنه حديث موضوع باطل (104).
وأما القولان الثالث والرابع فموقوفان على قيام الدليل القاطع على حصر المراد في الأربعة، سواء قلنا بحجية قول كلٍّ منهم على انفراد أو قلنا بحجية قولهم إذا اتفقوا...
ولا شيء من الدليلين على الحصر ـ وهما حديث «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» و«أن العرف خصّصه بالأئمة الأربعة فصار كالعلم لهم» ـ بحيث يصلح لرفع اليد به عن ظهور «الخلفاء» في العموم، ومن هنا قال الغزالي:
«قد ذهب قوم إلى أن مذهب الصحابي حُجّة مطلقاً، وقوم إلى أنه حجّة إن خالف القياس، وقوم إلى أن الحجة في قول أبي بكر وعمر خاصة لقوله: اقتدوا باللذين من بعدي، وقوم إلى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتفقوا.
والكل باطل عندنا» (105).
وحينئذ يبقى الحديث على ظهوره في وجوب اتباع سنة كل واحدٍ من الخلفاء الراشدين من بعده صلّى الله عليه وآله وسلم.
ولكن من هم ؟
وما معنى ذلك؟!
هذا ما سنبينه..
***

الاختلافات في متن الحديث

الاختلافات في متن الحديث
فلنعد إلى النظر في متن الحديث ودلالته... بعد فرض تمامية سنده وصحته...
فبالنسبة إلى المتن... قد اتفقت جميع ألفاظ الحديث على أنه «عهد» و«وصية» من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم...
واشتملت ألفاظه على أمور أربعة هي:
الأمر بتقوى الله عزّ وجلّ...
والأمر بالسمع والطاعة للحاكم كائناً من كان...
والتحذير من محدثات الأمور...
والأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده...
وليس في شيء من ألفاظ الحديث الوصيّة بالقرآن والعمل به..
وربما خلت بعض الألفاظ من الأمر بالتقوى...
ثم إن الأمور الثلاثة ـ عدا الأمر بالتقوى ـ تختلف فيها الألفاظ تقديماً
وتأخيراً.
ولربّما جاءت كلمة «عضّوا عليها...» بعد «الطاعة» لا بعد «السنة»...
وربما قال: «وعضوا على نواجذكم بالحقّ».
لكن في أحد الألفاظ: «عليكم بتقوى الله... أظنّه قال: والسمع والطاعة» فالراوي غير متأكد من أنه قال ذلك ! ثّم لمن السمع والطاعة؟!
والحافظ أبو نعيم رواه بترجمة العرباض بسنده: عن الوليد بن مسلم، ثنا ثور ابن يزيد، عن خالد بن معدان، حدثني عبدالرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر، قالا:
«أتينا العرباض بن سارية ـ وهو مّمن نزل... ـ وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين»(106).
رواه إلى هنا ولم يزد عليه.
ورواه بترجمة خالد من أوله إلى آخره (107).
والأمر سهل...
ثم إنه جاء في بعض ألفاظ الحديث في آخره:
«فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث: فإن المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد» (108).
لكن «أسد بن وداعة» ـ وهو من الذين كانوا يجلسون ويسبّون عليّ بن أبي طالب عليه السلام كما عرفت ـ لم يقع في شيء من طرق الحديث فبأي وجه كان يزيد في هذا الحديث ؟! وهل المؤمن كالجمل...؟!
فلما رأى بعضهم أن هذا تلاعبّ بالحديث بزيادة باطلة من رجل مبطل، وأن ذلك قد يكشف عن حقيقة حال الحديث... صحّفه إلى:
«... وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشياً، فكان أشدّ علينا من وداعة، يزيد في هذا الحديث: فإن المؤمن...» (109).
لكن تبقى كلمة «يزيد» بلا فاعل... !
فرجح البعض الآخر إسقاط الجملة وإلحاق الكلام بالحديث، فقال:
«وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً، فإنما المؤمن...» (110).
وليته أسقط الكلام أيضاً، لكنه يقوّي المعنى ويؤكّد وجوب الطاعة المطلقة لوليّ الأمر كائناً من كان !!
هذا ما يتعلق بالمتن...
معنى السنة
والأمر المهّم الذي اتفقت عليه جميع ألفاظ الحديث إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بالاختلاف الكثير من بعده، ثم أمره من أدرك ذلك باتباع سنته وسنة الخلفاء بلفظ «فعليكم».
ففي جميع الألفاظ: «فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء...».
و«السنة» هي الطريقة والسيرة، يقال: سن الماء، وسنّ السبيل، وسنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا، أي: شرّعه وجعله شرعاً.
وسنته عند أهل الشرع: قوله وفعله وتقريره، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنة. أي: القرآن والحديث (111).
وعلى الجملة، فمعنى السنة في الشريعة نفس معناها في اللغة لم يعدل بها عنها.
حجّيّة سُنّة النبيّ
وسُنّة النبي صل الله عليه وآله وسلّم الثابتة عنه بالطرق المعتبرة حجّة بلا كلام، وضرورة دينية لا يخالف فيها إلا من لا حظ له من دين الإسلام...
وقد استدلّوا عل حجيتها بآيات من الكتاب وأحاديث عن المصطفى، لكن لا يتّم الاستدلال بها إلا على وجه دائر كما لا يخفى...
فالعمدة في وجه الحجّيّة هي «العصمة» ومن هنا يتعرض العلماء ـ في بحثهم عن حجيّة السنة ـ لعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (112).
معنى سُنّة الخلفاء:
قال ابن فارس: «وكره العلماء قول من قال: سنة أبي بكر وعمر، وإنما يقال: سنة الله وسنة رسوله» (113).
قلت:
وجه كراهية العلماء ذلك واضح، لأن كلمة «السنة» أصبحت في عرف المتشرعة مختصّةً بما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وفعلاً وتقريراً، لأنه الحجّة بعد الكتاب، حيث يقال: الكتاب والسنة، لكنهم كرهوا هذا القول مع كون حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» بمرأىً منهم ومشهد، فإن كانوا في شك من صدور الحديث عن النبي فلا بحث، وإلأ فبم يفسرونه ؟!
هنا مشاكل
1 ـ لقد ذكرنا أن «السنة» في اللغة بمعنى «الطريقة»، وهي بنفس المعنى في الشريعة بالنسبة إلى «سنة النبي» صلى الله عليه وآله وسلم، فهل تفسر «سنة الخلفاء» بنفس المعنى كذلك ؟!
2 ـ لقد عطف صلى الله عليه وآله وسلم «سنة الخلفاء» على «سنته» وظاهر العطف هو المغايرة بين السنتين، فما معنى هذه المغايرة ؟! وكيف يأمر صلى الله عليه وآله وسلّم اتباع سنتهم المغايرة لسنته ؟!
3 ـ أمره باتباع سنتهم مطلق غير مقيّد كما هو الحال في وجوب اتباع سنته، وهكذا أمر يقتضي عصمة المتبوع بلا ريب، اما النبي فمعصوم بالإجماع، وأما الخلفاء فليس كلّهم بمعصوم بالإجماع، فكيف يؤمر ـ أمراً مطلقاً ـ باتباع المعصوم وغير المعصوم معاً؟!
هذه مشاكل حار القوم في حلها.. واضطربوا اضطراباً شديداً تجاهها...
قال الشوكاني: «إن أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوه أكثرها متعسفة» (114).
المشكلة الأولى
أما الأولى فلا مانع من حلّها بتفسير «السنة» هنا أيضاً بـ «الطريقة» كما ذكر الشرّاح كصاحب «سبل السلام» والقاري والمباركفوري...
وهذا هو الذي اختاره الشوكاني حيث قال:
«الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدلّ عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب، فالسنة هي الطريقة، فكأنه قال: الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته، فإنهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كل شيء وعلى كل حال، كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلاً عن أكبرها» (115).
أقول:
وهكذا تنحل المشكلة الأولى، وقد أكّد كلهم على أنه «كانت طريقتهم نفس طريقته» متجاوزين ظهور الحديث في المغايرة، وقد أضاف الشوكاني بأن علّل اتخاد الطريقة بقوله: «فإنهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كل شيء وعلى كل حال، كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلاً عن أكبرها».
قلت: لكنّا وجدنا الخلفاء الثلاثة ـ وكذا أكثر الأصحاب ـ يخالفونه في أكبر الأمور فضلاً عن أصغرها، حتى مع وجود النصوص الصريحة عنه صلى الله عليه وآله وسلّم، وقد سبق أن ذكرنا بعض الموارد المسلمة من تلك المخالفات... فالّذين كانت «طريقتهم نفس طريقته، فإنهم أشد الناس حرصاً عليها وعملا بها...» غير هؤلاء، فمن هم ؟!
المشكلة الثانية
وإذا كان المراد من «الخلفاء» غير الذين يقول بهم أهل السنة فالمشكلة الثانية منحلة أيضاً...
أما على قولهم فقد رأيتهم يتجاوزون هذه المشكلة... إلأ الشوكاني... فإنه قال بعد عبارته المذكورة:
«وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب الله وسنة رسوله عملوا بما يظهر لهم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبر، وهذا الرأي عند عدم الدليل هو أيضاً من سنته، لما دلّ عليه حديث معاذ لمّا قال له رسول الله: بما تقضي ؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسوله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي. قال: الحمد لله الذي وفق رسوله أو كما قال.
وهذا الحديث وإن تكلم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف، فالحق أنه من قسم الحسن لغيره وهو معمول به، وقد أوضحت هذا في بحثٍ مستقلً.
فإن قلت: إذا كان ما عملوا فيه بالرأي هو من سنته لم يبق لقوله: «سنة الخلفاء الراشدين» ثمرة.
قلت: ثمرته أن من الناس من لم يدرك زمنه وأدرك زمن الخلفاء الراشدين، أو أدرك زمنه وزمن الخلفاء، ولكنه حدث أمر لم يحدث في زمنه، ففعله الخلفاء، فأشار بهذا الإرشاد إلى سنة الخلفاء إلى دفع ما عساه يتردّد إلى بعض النفوس من الشك ويختلج فيها من الظنون.
فأقل فوائد الحديث أن ما يصدر منهم من الرأي وإن كان من سنته كما تقدّم، ولكنه أولى من رأي غيرهم عند عدم الدليل.
وبالجملة فكثيراً ما كان صلى الله عليه [وآله] وسلم ينسب الفعل أو الترك إليه أو إلى أصحابه في حياته مع أنه لا فائدة لنسبته إلى غيره مع نسبته إليه، لأنه محل القدوة ومكان الأسوة.
فهذا ما ظهر لي في تفسير هذا الحديث، ولم أقف عند تحريره على ما يوافقه من كلام أهل العلم. فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله العظيم» (116).
أقول:
لقد تنبه هذا الشيخ الجليل إلى أن القول بأن «طريقتهم نفس طريقته» يتنافى وظاهر الحديث الدال على «المغايرة»، ورفع اليد عن الظهور بلا دليل غير جائز، فنقل الكلام إلى حجيّة آراء الخلفاء واجتهاداتهم، وقال بذلك استناداً إلى حديث معاذ، ثّم ذكر في هذا المقام دلالة الحديث على المغايرة بصورة سؤال، وحاول الإجابة عنه بما هو في الحقيقة التزام بالإشكال !
وعلى الجملة، فإن الكلام في إثبات أنّ «طريقة الخلفاء نفس طريقة النبي»
والإجابة عما إن قيل بأنه: كيف تكون طريقتهم نفس طريقته وظاهر الحديث المغايرة؟! وأنه إذا «كانت طريقتهم نفس طريقته» لم يبق لقوله: «وسنة الخلفاء» ثمرة؟!
امّا أن اجتهادات الخلفاء وآرائهم حجّة أو لا؟ فذاك بحث آخر ليس هذا موضعه، وخلاصة الكلام فيه أنه لا دليل عليه إلآ حديث معاذ الذي أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد عن «الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة قال: حدّثنا ناس من أصحاب معاذ عن معاذ».
فمن الحارث ؟! ومن أصحاب معاذ؟!
ولذا اعترف الشوكاني بهوانه، بل عده بعضهم في (الموضوعات) كما لا يخفى على من يراجع شروح السنن والكتب المطولات...
والحاصل:
إن المشكلة الثانية باقية على أساس أهل السنة، وأن هذا الذي ظهر للشوكاني في تفسير الحديث ـ ولم يقف على ما يوافقه من كلام أهل العلم ـ يجب عليه أن يستغفر منه!
المشكلة الثالثة
قد ذكرنا أن الأمر المطلق بالإطاعة والمتابعة المطلقة دليل على عصمة المتبوع ... وقد نصّ على ذلك العلماء في نظائره، كقوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) قال الرازي بتفسيره ما نصه:
«إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهى عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وإنه محال.
فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من
أمر الله بطاعته عل سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ» (117).
وفي هذا المقام أيضاً نبّه الغزّالي على ذلك، حيث قال بعد الحكم ببطلان الأقوال ـ في عبارته التي نقلناها آنفاً ـ ما نصّه:
«فإنه من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله، فكيف يحتجّ بقولهم مع جواز الخطأ؟!
وكيف ندّعي عصمتهم من غير حجة متواترة؟!
وكيف يتصوّر عصمة قوم مجوز عليهم الاختلاف ؟!
وكيف يختلف المعصومان ؟!
كيف وقد اتفقت الصحابة على جوازمخالفة الصحابة، فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد، بل أوجبوا في مسائل الاجتهاد على كل مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه ؟!
فانتفاء الدليل على العصمة، ووقوع الاختلاف بينهم، وتصريحهم بجواز مخالفتهم فيه، ثلاثة أدلة قاطعة» (118).
أقول:
نعم، هي ـ وغيرها مّما ذكرناه ومما لم نذكره ـ أدلة قاطعة على أن ليس «الخلفاء» في هذا الحديث مطلق الصحابة، ولا مطلق الخلفاء، ولا خصوص الأربعة مطلقاً...
بطلان الحديث دلالةً
وتلخّص أن هذا الحديث لا ينطبق في معناه على الأصول المعتمدة عند أهل السنة، وأن الوجوه التي ذكروها أكثرها متعسفة لا تحل المشاكل الموجودة فيه على أصولهم... فلا مناص من الاعتراف ببطلان الحديث من ناحية الدلالة كذلك...
***

إنطباق الحديث على مباني الإمامية

إنطباق الحديث على مباني الإمامية
لكنه ينطبق من حيث الدلالة على مباني الإماميّة في الأصولين، واستدلالاتهم من الكتاب والسنة المتواترين.. وبيان ذلك:
إن هذا الحديث وصية وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ قاله وكأنه مودّع ـ تعيينا لوظيفة الأمّة وتكليفها إذا كان«الاختلاف الكثير» فإنهم إذا تبعوا «سنته وسنة الخلفاء الراشدين» أمنوا من الهلاك والضلال... فهو صريح في حصر الاتباع في «الخلفاء» من بعده اتباعاً مطلقاً، فيجب كونهم معصومين...
والإشارة إلى حديث الثقلين:
وحديث الثقلين... كذلك...(119)
إنه وصيّة وعهد منه صلى الله عليه وآله وسلم، قاله غير مرة، بعد أن نعى نفسه الكريمة، فهو تعيين للوظيفة وبيان للتكليف من بعده... فأمر باتباع «عترته أهل بيته» مع «كتاب الله سبحانه» وقال: «لن تضلوا ما إن اتّبعتموهما»...
ومن ذلك ما ورد في حديث مرض وفاته صلّى الله عليه وآله وسلم، وقد جاء فيه التصريح بلفظ الوصيّة، وهو أنه:
«أخذ بيد علي والفضل بن عبّاس فخرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر وعليه عصابة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد، أيّها الناس، فماذا تستنكرون من موت نبيكم ؟! ألم ينع إليكم نفسه وينع إليكم أنفسكم ؟! أم هل خلد أحد ممن بعث قبلي فيمن بعثوا إليه فأخلد فيكم ؟!
ألا إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا، كتاب الله بين أظهركم تقرأونه صباحاً ومساءً، فيه ما تأتون وما تدعون، فلا تنافسوا ولا تباغضوا، وكونوا إخواناً كما أمركم الله، ألا ثّم أوصيكم بعترتي أهل بيتي» (120).
والجدير بالذكر تعبيره عنهما ـ في بعض الألفاظ ـ بـ «خليفتين» (121).
وهذا الحديث دليل واضح على عصمة الذين أمر باتباعهم من «عترته أهل بيته» لوجوه عديدة منها ما ذكروه حول آية «إطاعة أولي الأمر» كها عرفت.
الإشارة إلى حديث الأثني عشر خليفة:
وقد حدد عليه وآله الصلاة والسلام عدد الذين أمر بالتمسك جمهم في حديث آخر متواتر أجمعوا على روايته، ذاك حديث «الاثنا عشر خليفة» وهو أيضاً عهد من رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام...
أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن سمرة قال ـ واللفظ للأول ـ:
«سمعت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: يكون اثنا عشر أميراً. فقال: كلمة لم أسمعها. فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش» (122).
وأخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح... وقد روي من غير وجه عن جابر بن سمرة... وفي الباب عن ابن مسعود وعبدالله بن عمرو» (123).
وأخرجه أحمد في غير موضع (124).
وأخرجه الحاكم (125) وغيره كذلك.
فإذا ما ضممنا هذا الحديث إلى حديث الثقلين عرفنا أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بالتمسكّ بالكتاب والأئمة الاثني عشر، ويجعلهما الخليفتين من بعده...
وإذا كان حديث الثقلين دالاً على العصمة ـ كما تقدّم ـ فالأئمة الاثنا عشر معصومون...
ومن كان معصوماً كانت سنته حجة...
وعلى هذا يثبت حجيّة سنة أهل البيت...
وبهذا البيان تنحل جميع مشكلات حديث «عليكم بسنتي...» التي ذكرها الغزالي... والتي ذكرناها... فلقد دار أمر وجوب الاتباع مدار وجود العصمة، وإذا كانت العصمة فلا تغاير بين «سنة الخلفاء الراشدين» و«سنة الرسول الأمين»... وإذا كانت العصمة فلا اختلاف.. وإذا كانت العصمة فالمخالف هو المخطئ...
نعم، قد حاول القوم ـ عبثاً ـ صرف حديث «الاثنا عشر خليفة» عن الدلالة على ما تذهب إليه الإمامية... لكنهم حاروا في كيفية تفسيره وتضاربت كلماتهم...
حتى كان لكل واحد منهم قول، وببالي أني رأيت من يصرح منهم بوجود أربعين قولا في معنى الحديث...
لكن المهم اعترافهم بالعجز عن فهم معنى الحديث...
فابن العربي المالكي يقول ـ بعد ذكر رأيه ـ «ولم أعلم للحديث معنىً»(126).
وابن البطّال ينقل عن المهلّب قوله: «لم ألق أحداً يقطع في هذا الحديث. يعني بشيء معين»(127).
وابن الجوزي يقول: «قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مظانّه وسألت عنه فلم أقع على المقصود» (128).
فهي إذن محاولات يائسة... والحديث صحيح قطعاً... فليتركوا الأهواء والعصبيّات الجاهليّة، وليعترفوا بواقع الأمر الذي شاءه الله ورسوله....
وتلخص: إنّ معنى الحديث:
عليكم بسنتي وسنة الأئمة الاثني عشر الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي...
ويؤكد ذلك ما رووه عن أبي ليلى الغفاري عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: «سيكون بعدي فتن، فإذا كان ذلك فالزموا عليّ بن أبي طالب، فإنه فاروق بين الحق والباطل».
وعن كعب بن عجرة أنه قال: «تكون بين أمتي فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحق. يعني علياً» (129).
هل يأمر النبي بإطاعة الأمير كائناً من كان؟!
وممّا ذكرناه يظهر أن ما جاء في هذا الحديث من أنه صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بـ «السمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً»... كذب قطعاً... وأن هذا من زيادات أمثال «أسد بن وداعة»... ويشهد بذلك عدم جزم الراوي بأن النبي قاله... لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يأذن بأن يتسلّط على رقاب الناس إلا من توفّرت فيه الصفات والشروط التي اعتبرها الشرع والعقل، ولا يجوزـ فضلاً عن أن يأمر ـ الاستسلام والانصياع التامّ لمن تأمّر وتولى شؤون المسلمين كيفما كان وكيفما تسلط !
وعلى الجملة، فإن هذه الفقرة من الحديث إنما زيدت فيه ـ بناء على صدوره في الأمل ـ لحمل الناس على إطاعة معاوية وعماله وإن ظلموا وجاروا، وإن فسقوا وفجروا...
إنها زيدت فيه كما زيد تعليل مفاده بأنه «فإنما المؤمن...»
ويؤكد ما ذكرنا اضطراب القوم كذلك في معناها، ونكتفي بما ذكره شارحا الترمذي:
قال ابن العربي: «قوله: اسمعوا وأطيعوا. يعني ولاة الأمر وإن تأمر عليكم عبد حبشي.
فقال علماؤنا: إن العبد لا يكون والياً...
والذي عندي: أن النبي أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير اهله حتى توضع الولاية في العبيد، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا. تغليباً لأهون الضررين، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته، لئلا يغير ذلك فيخرج منه إلى فتنة عمياء صمّاء لا دواء لها ولا خلاص منها» (130).
وقال المباركفوري: «قوله: أي صار أميراً أدنى الخلق فلا تستنكفوا عن طاعته.
أو: لو استولى عليكم عبد حبشي فأطيعوه مخافة إثارة الفتن.
ووقع في بعض نسخ أبي داود: وإن عبداً حبشياً، بالنصب. أي: وإن كان المطاع عبداً حبشياً.
قال الخطابي: يريد به إطاعة من ولاه الإمام عليكم وإن كان عبداً حبشياً، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبداً حبشياً، وقد ثبت عنه أنه قال: الأئمة من قريش»(1).
أقول:
أما ما ذكره الخطابي فحمل بلا دليل، على أنه قد تقدم أن العلماء لا يجوّزون ولاية العبد.
وأمّا ما ذكره ابن العربي ـ وكذا ابن حجر (2) ـ فهو عبارة أخرى عن الأمر بالتقية التي يشنّعون ـ بألسنتهم ـ بها على الإمامية مع ورود الكتاب والسنة بها، ويلتزمون بها عملاً...
وعلى هذا ـ وبعد التنزل عما تقدّم ـ يكون المعنى:
إن أمر عليكم أئمة الجور بعض من لا أهلية له للإمارة وكان في مخالفتكم له ضرر كبير فعليكم بالسمع والطاعة...
***

خاتمة البحث

خاتمة البحث
لقد استعرضنا أهمّ أسانيد الحديث في أهمّ الكتب... فظهر أنه حديث من الأحاديث المفتعلة في زمن حكومة معاوية، لأغراض سياسية.
وهو من حيث الدلالة حديث باطل لا يمكن قبوله بالنظر إلى الأسس المقررة عند أهل السنة، فضلاً عن أن يستند إليه ويجعل قاعدة في شيء من المسائل العلميّة.
وعلى هذا فإنه لا يصلح مبرّراً لما «أحدثه» الخلفاء والأمراء في الدين... ومستنداً للأقوال المتعدّدة في باب حجية قول الصحابي وإجماع الخلفاء الأربعة... فتبقى تلك البدع بلا مبرّر، وتلك الأقوال بلا دليل...
نعم، يصلح دليلاً ـ إن صحّ سنداً ـ على ما تذهب إليه الإمامية من حجية قول الأئمة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام... ووجوب إطاعتهم والانقياد لهم والاقتداء بهم...
وآخر دعوانا أن الحمد له ربّ العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين وآله الطاهرين الميامين.
***

الهوامش

الهوامش

(1) صحيح الترمذي 5|44 ـ 45 باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع.
(2) سنن ابي داود 2|261 باب في لزوم السُنّة.
(3) سنن ابن ماجة 1|15 ـ 17 باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديّين.
(4) مسند أحمد بن حنبل 4|126.
(5) كذا والصحيح: زبر.
(6) المستدرك على الصحيحين 1|96.
(7) فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت 2|231.
(8) أنظر كلمة ياقوت عن أهل حمص في معجم البلدان 2|304.
(9) منهاج السنة 2|102.
(10) مصابيح السنة 1|159.
(11) تاريخ دمشق 11| 531.
(12) الاستيعا ب 3|1238.
(13) الإصابة 2|447، تحفة الاحوذي 7|438.
(14) الإصابة 2|4474، تهذيب التهذيب 7|157.
(15) الإصابة 2|447، تهذيب التهذيب 7|158.
(16) تاريخ دمشق 11|532، تهذيب التهذيب 7|174.
(17) تاريخ دمشق 11|534، أسد الغابة 3|362، الإصابة 2|447.
(18) اُسد الغابة 3|362.
(19) مسند أحمد 4|127.
(20) المغنى عن حمل الأسفارـ هامش إحياء العلوم ـ 1|37.
(21) تهذيب التهذيب 11|245.
(22) تهذيب التهذيب 11|245.
(23) ميزان الاعتدال 4|410.
(24) تقريب التهذيب 2|463.
(25) تاريخ دمشق 18|186، ميزان الاعتدال 4|410، تهذيب التهذيب 11|245.
(26) تهذيب التهذيب 2|188.
(27) ميزان الاعتدال 1|466.
(28) تهذيب التهذيب 2|188.
(29) تهذيب التهذيب 6|215.
(30) سيرأعلام النبلاء 7|350.
(31) ميزان الاعتدال 2|463.
(32) تهذيب التهذيب 4|402، تقريب التهذيب 4|459.
(33) تقريب التهذيب 2|459.
(34) تاريخ دمشق 5|516، تهذيب التهذيب 3|102، سير إعلام النبلاء 4|536.
(35) سير أعلام النبلاء 4|536.
(36) تاريخ دمشق 5|519.
(37) تاريخ دمشق 14|752.
(38) تهذيب التهذيب 9|6.
(39) تهذيب التهذيب 1|368.
(40) تاريخ دمشق 17|897.
(41) تاريخ دمشق 17|900.
(42) تهذيب التهذيب 11|133.
(43) الضعفاء والمتروكين للدارقطني (أنظر: المجموع في الضعفاء والمتروكين: 398) تاريخ دمشق 17|906، ميزان الاعتدال 4|347، تهذيب التهذيب 11|133.
(44) تاريخ دمشق 16|666، الكامل لابن عديّ 6|2400.
(45) تاريخ دمشق 16|666، الكامل 6|2400.
(46) الضعفاء الكبير للعقيلي 4|287.
(47) وهذا الحديث أيضاً مّما رواه ابن مهدي عنه !
(48) ميزان ألاعتدال 1|374، سير أعلام النبلاء 6|344.
(49) تهذيب الكمال 4|421. تاريخ دمشق 3|604.
(50) تهذيب الكمال 4|421. تهذيب التهذيب 2|30.
(51) سير أعلام النبلاء 6|344.
(52) تاريخ دمشق 3|608.
(53) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1|154.
(54) الكامل في الضعفاء 2|529.
(55) تهذيب التهذيب 2|30.
(56) تاريخ دمشق 3|607، تهذيب الكمال 4|425.
(57) تهذيب التهذيب 2|30.
(58) تهذبب التهذيب 2|30.
(59) تاريخ دمشق 13|467.
(60) تاريخ دمشق 13|469.
(61) ميزان الاعتدال 2|325.
(62) الضعفاء الكبير 2|222.
(63) تهذيب التهذيب 11|236.
(64) الضعفاء الكبير 4|423.
(65) ميزان الاعتدال 2|656.
(66) تهذيب التهذيب 5|123.
(67) تهذيب التهذيب 1|57.
(68) تهذيب التهذيب 1|57
(69) الموضوعات 1|109 و 151 و218، ميزان الاعتدال 1|33، تهذيب التهذيب 1|416. تقريب التهذيب 1|104، فيض القدير 1|109، القاموس المحيط، وتاج العروس (بقي).
(70) هذه عبارة النوري في التقريب 1|80 بشرح السيوطي.
(71) نقله السيوطي عن أبي سعيد الماليني في تدريب الراوي 1|81.
(72) ذكره السيوطي في تدريب الراوي 1|81.
(73) تهذيب التهذيب 6|215.
(74) طبقات الحفّاظ: 498.
(75) عارضة الاحوذي 10|145.
(76) طبقات الحفّاظ: 468.
(77) إحياء علوم الدين 4|233.
(78) الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، للقاري: 306.
(79) العواصم من القواصم لابن العربي المالكي: 232 و 251.
(80) التحفة الاثنا عشرية في الردّ على الإمامية: 219.
(81) ذكرنا مصادر هذه الكلمة في بحثنا عن المتعتين.
(82) زاد المعاد في هدي خير العباد 2|184.
(83) أخرجه البخاري والترمذي وغيرهما في أبواب أذان الجمعة.
(84) الكواكب الدراري 6|27، عمدة القاري 6|210، إرشاد الساري 2|178.
(85) تفسير القرطبي 18|100.
(86) عارضة الأحوذي 2|305.
(87) تحفة الأحوذي 3|48.
(88) فتح الباري 2|315.
(89) المبسوط في الفقه الحنفي 1|134.
(90) المبسوط في الفقه الحنفي 2|31.
(91) فتح الباري شرح البخاري 2|315، تحفة الأحوذي 3|48.
(92) إرشاد الساري 2|178، الكواكب الدراري 6|27، عمدة القاري 6|210.
(93) فتح الباري 2|315.
(94) تحفة الأحوذي 3| 50.
(95) وهذا الحديث موضوع الرسالة الثانية من هذه الرسائل.
(96) كذا، ولعله: محدّثات.
(97) تحفة الأحوذي 3|50.
(98) تحفة الأحوذي 3| 50.
(99) الموافقات 4|76.
(100) المنهاج بشرح السبكي 2| 367.
(101) الإبهاج في شرح المنهاج 2|367.
(102) نهاية السؤول في شرح منهاج الوصول 3|267.
(103) مناهج العقول في شرح منهاج الوصول 2| 402.
(104) كما في الرسالة الاولى من هذه الرسائل.
(105) المستصفى في علم الأصول 1|260.
(106) حلية الأولياء 2|13.
(107) حلية الأولياء 2|13.
(108) المستدرك 1|96.
(109) عارضة الأحوذي 10| 145.
(110) تهذيب الأسماء واللغات 3|156، النهاية «سن» المصباح المنير 1|312، إرشاد الفحول: 29.
(111) النهاية «سنن».
(112) لا حظ كتب الأصول كإرشاد الفحول: 29.
(113) فقه العربية «سنن».
(114) إرشاد الفحول.
(115) إرشاد الفحول.
(116) إرشاد الفحول: 214.
(117) التفسير الكبير 10|144.
(118) المستصفى 1|135.
(119) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة القطعية الصدور، المتفق عليها بين المسلمين، أخرجه من أهل السنة مسلم في صحيحه، وكذا أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم كافة... عن أكثر من صحابي وصحابية... عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بألفاظ مختلفة في مواقف متعددة... راجع: الأجزاء 1 ـ 3 من كتابنا: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الاطهار.
(120) جواهر العقدين: 168 مخطوط.
(121) مسند أحمد 5|181، الدر المنشور 2|60، فيض القدير 3|14.
(122) أنظركتاب الأحكام باب للاستخلاف من صحيح البخاري، وكتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش من صحيح مسلم.
(123) صحيح الترمذي باب ما جاه في الخلفاء.
(124) مسند أحمدج 5|89، 98، 106، 107 وغيرها.
(125) المستدرك على الصحيحين 3|117.
(126) شرح الترمذي 9|69.
(127) فتح الباري 13|180.
(128) فتح الباري 13|181.
(129) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق 3|120، اُسد الغابة 5|287، أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 48، كنز العمال 11|612. منتخب كنز العمال ـ هامش مسند أحمد ـ 5|34.
(130) عارضة الأحوذي 10|145.
(131) تحفة الأحوذي 7| 438.
(132) فتح الباري 13|104.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page