طباعة

4 ـ حديث أُمّ الفضل:

وهو ما رواه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق)، بإسنادهما عن أحمد بن راشد الهلالي، عن حنظلة، عن طاووس، عن ابن عبّاس، عن أُمّ الفضل بنت الحارث الهلالية، عن سعيد بن خيثم، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهو حديث طويل جاء فيه: (... يا عبّاس! إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولوُلْدك، منهم السفّاح، ومنهم المنصور، ومنهم المهديّ).(42)

وفي هذا الحديث جملة من الملاحظات في سنده ومتنه، وهي:

أ ـ قال الذهبي عن سند الحديث: (وفي السند أحمد بن راشد الهلالي، عن سعيد بن خيثم، بخبر باطل في ذِكر بني العبّاس من رواية خيثم عن حنظلة ـ إلى أن قال عن أحمد بن راشد: ـ فهو الذي اختلقه بجهل).(43)

ب ـ في متن الحديث علّة قادحة واضحة تدلّ على جهل واضعه بالتاريخ، ولعلّها هي السبب في قول الذهبي: (اختلقه بجهل)، وهي أنّ العبّاسـيّين قد ابتدأ حكمهم بسنة 132 هـ باتّفاق جميع المؤرّخين، وليس بسنة 135 هـ كما هو في المتن.

ج ـ لا دلالة في هذا الحديث ـ حتّى مع القول بصحّته ـ على أنّ المهديّ الموعود به في آخر الزمان هو من وُلْد العبّاس، بل غاية ما يفيده هو الاِخبار عن المستقبل الذي يسيطر فيه وُلْد العبّاس على مقدّرات الاَُمّة، وإنّ أوّلهم هو السفّاح وثانيهم المنصور، وثالثهم المهديّ العبّاسي (ت 169 هـ).

د ـ من أمارات وضعه ما ورد في الحديث نفسه بأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال مخاطباً العبّاس: (وأنت عمّي وصنو أبي، وخير من أُخلّف بعدي من أهلي).

أقـول:

لا أظنّ أنّ أحداً منصفاً من المسلمين قرأ قوله صلى الله عليه وآله وسلم في سائر الصحاح والمسانيد وغيرها من كتب الحديث عند الفريقين بحقّ عليٍّ عليه السلام : (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي) ثمّ يجرأ بعد هذا في تفضيل العبّاس رضي الله تعالى عنه عليه بمثل حديث أحمد بن راشد الهلالي الذي أعرضت عنه كتب الحديث.

______________________
(42) تاريخ بغداد 1|63، وتاريخ دمشق 4|178.
(43) ميزان الاعتدال 1|97.