طباعة

في ذكر اثني عشر حديثاً في غيبته عليه السلام منتخبة من كتاب (كمال الدين وتمام النعمة)

يقول العاصي والجاني محمد تقي بن عبد الرزّاق الموسوي الاصفهاني ـ عفى الله تعالى عنهما ـ : لقد رأيت من المناسب بل اللازم في هذا المقام ذكر اثني عشر حديثاً عن غيبة ذلك الإمام عالي المقام عن أبصار الأنام نقلاً عن الأئمة الكرام عليهم الصلاة والسلام حتى يكون نفعه للخواص والعوام بالكمال والتمام، فيكون لهذا الضعيف ذخيرة يوم القيامة، وقد انتخبتها من كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) تأليف الشيخ الصدوق(1) (رحمه الله تعالى) آملاً أن يكون هذا العمل تحت النظر المبارك لذلك الولي إن شاء الله تعالى.

الحديث الأول: عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال:

(المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، ثم يُقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً).(2)

الحديث الثاني: عن أمير المؤنين عليه السلام ، قال الأصبغ بن نباتة:

(أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفكّراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، مالي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبت فيها؟! فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكن فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي هو المهدي، يملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، وإن هذا لكائن؟! فقال: نعم، كما أنّه مخلوق).(3)

الحديث الثالث: عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام أنه قال:

(ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلاّ القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم عليه السلام خلفه، فإنّ الله عز وجل يخفي ولادته، ويغيب شخصه، لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة، إذا خرج ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أنّ الله على كل شيء قدير).(4)

الحديث الرابع: عن سيد الشهداء عليه السلام أنّه قال:

(قائم هذه الأمّة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسّم ميراثه وهو حيّ).(5)

الحديث الخامس: عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال لأبي خالد الكابلي:

(ثم تمتدّ الغيبة بوليّ الله عز وجل الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة بعده، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان، لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عز وجل سرّاً وجهراً).(6)

الحديث السادس: عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنّه قال:

(هو المهدي من هذه العترة، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام).(7)

الحديث السابع: عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، برواية عبد الله بن أبي يعفور أنّه قال:

(من أقرّ بالأئمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمداً صلى الله عليه وآله نبوّته، فقلت: يا سيدي، ومن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحلّ لكم تسميته).(8)

الحديث الثامن: عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أنّه قال:

(إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنّكم أحد عنها، يا بني، أنّه لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه).(9)

الحديث التاسع: عن الإمام الرضا عليه السلام حيث سئل: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال:

(الرابع من ولدي، ابن سيّدة الاماء، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور، ويقدّسها من كلّ ظلم، الذي يشكّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً، وهو الذي تطوى له الأرض، ولا يكون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنّ حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحق معه وفيه).(10)

الحديث العاشر: عن الإمام محمد التقي عليه السلام ، حيث قال له عبد العظيم الحسني: إنّي لأرجو أن يكون القائم من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله الذي يملاً الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، فقال:

(يا أبا القاسِم، ما منّا إلاّ وهو قائم بأمر الله عز وجل وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهّر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سميّ رسول الله صلى الله عليه وآله وكنيّه، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذلّ له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل.

قال عبد العظيم: فقلت له: يا سيدي، وكيف يعلم أنّ الله عزّ وجل قد رضي؟ قال: يلقى في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللاّت والعزّى فأحرقهما) )(11).

أقول: اللّات والعزّى يعني الظالم الأول والثاني.

الحديث الحادي عشر: عن الإمام علي النقي عليه السلام أنّه قال:

(الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟! فقال: لأنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه. قلت: فكيف نذكره؟

قال: قولوا: الحجّة من آل محمد صلى الله عليه وآله).(12)

الحديث الثاني عشر: عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام حيث سأله أحمد بن إسحاق قائلاً: فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال:

(طول الغيبة يا أحمد. قلت: يا ابن رسول الله، وإنّ غيبته لتطول؟! قال: إي وربّي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلاّ من أخذ الله عز وجل عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه).(13)

أقول: صدر الحديث السابق في ذكر الفائدة الرابعة عشر من فوائد الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه.

_____________________
(1) اسمه المبارك: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.
بشارة ولادته جاءت من صاحب الأمر عليه السلام. توفى سنة 381 هـ.
قبره في أطراف طهران، جلالة قدره غنية عن البيان. صنف نحو ثلاثمائة كتاب. رحمة الله عليه. (المؤلف).
(2) كمال الدين: 1/ 286 ح 1 مع 4.
(3) كمال الدين: 1/ 289 ح1.
(4) كمال الدين: 1/ 316 ح2.
(5) كمال الدين: 1/ 317 ح 2.
(6) كمال الدين: 1/ 320 ح2.
(7) كمال الدين: 1/ 330 ح 14.
(8) كمال الدين: 1/ 338 ح 12.
(9) كمال الدين: 1/ 338 ح 12.
(10) كمال الدين: 2/ 371 ح 5.
(11) كمال الدين: 2/ 377 ح2 والآية من سورة البقرة: 148.
(12) كمال الدين: 2/ 381 ح 5.
(13) كمال الدين: 2/ 385.