• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حكم من أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام )

 

لا ريب في أن أحاديث خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) متواترة بإجماع من يعتدُّ به من أهل العلم ، وأئمة الحديث .
فإنكار هذا الأمر المتواتر جُرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة ، البالغة إلى حدِّ التواتر .
وقد سُئل ابن حجر المَكِّي - من علماء السُنَّة - عَمَّن أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) الموعود به ، فأجاب : ( إنَّ ذلك إنْ كان لإنكار السُنَّة رأساً فهو كفر ، يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته ، فَيُقتل .
وإن لم يكن لإنكار السُنَّة وإنَّما هو مَحض عناد لأئمَّة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ ، والإهانة ، بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس ، وضرب ، وصَفْعٍ ، وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح .

ويرجعه إلى الحقِّ راغماً على أنفه ، ويردُّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره ) .

وقد وقفنا على فتوىً للشيخ البهائي ( قدس سره ) في هذه المسألة ، قال – مجيباً على من سأله عن خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) بقول مطلق ، هل هو من ضروريَّات الدين ، فمنكره مرتدُّ ، أم ليس من ضروريَّاته ، لِما يُحكى من خلاف بعض المخالفين فيه ، وأنَّ الذي يخرج إنَّما هو عيسى ( عليه السلام ) ، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريَّته ؟ - :
( الأظهر أنَّه من ضروريَّات الدين ، لأنه ممَّا انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلاَّ شرذمة شاذَّة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يَقدَحُ خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حُجِّيَّته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم ، إن لم تكن لَهم شبهة محتملة ) .
ونقول : تكفير المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين :

أوَّلهما :

ما أشار إليه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثيَّة ) ، وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في ( فوائد الأخبار ) عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، عنه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :( مَن كَذَّبَ بالدجَّال فقد كَفَر ، ومَن كَذَّبَ بالمهديِّ فقد كَفَر ).
قال ابن حجر في ( القول المختصر ) - كما في ( البرهان ) - : أي حقيقةً ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السُنَّة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها .
فقد قال أئمَّتنا وغيرهم : لو قيل لإنسانٍ : قُصَّ أظفارك ، فإنّه من السُنَّة .
فقال : لا أفعله وإن كان سُنّة ، رغبةً عنها ، فقد كفر ، فكذا يقال بمثله .

وثانيهما :

إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتِّفاقهم على مَرِّ الأعصار والأعوام على خروج المهديِّ المنتظر ( عليه السلام ) ، حتى عُدَّ ذلك من ضروريات الدين ، وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ، ولا يعتريه ريب .
اللهم إلا من شَذَّ ، مِمَّن لا يُعتدُّ بخلافه ، ولايلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حُجِّيَّة الإجماع .
مضافاً إلى تواتر أحاديث الإمام المهدي ( عليه السلام ) تواتراً قطعيّاً .
وظاهر أنَّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً فإنّه كافر ، لردِّه ما قُطع بصـدوره ، وتحقَّقَ ثبوته عـنه ( صلى الله عليه وآله ) .
ولا شُبهَة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأنّ الرادَّ عليه ( صلى الله عليه وآله ) كالرادُّ على الله تعالى ، والرادُّ على الله كافر باتِّفاق أهل المِلَّة ، وإجماع أهل القبلة .
ودعوى التواتر صحيحة ثابتة ، كما صَرَّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين .
ولا نعلم رادّاً لها إلا بعض مَن امتطى مطيَّة الجهل ، واتَّخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقاً بالإعراض عنه .
ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقِّقي العلماء في تحقّق التواتر لِتَتَبيَّن جليَّة الحال .
قال الآبري في كتاب ( مناقب الشافعي ) : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رُوَاتها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأنَّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجَّال ، وأنه يَؤمُّ هذه الأمَّة ، ويصلّي عيسى بن مريم خلفه .
وقال بن حجر في ( الصواعق ) : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة .
وقال السفاريني الحنبلي في ( اللوائح ) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى ( عليه السلام ) .
وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها .
وقال الشوكاني في ( التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجَّال والمسيح ) : الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً ، فيها الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمنجبر .
وهي متواترة بلا شكٍّ ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول .
وأما الآثار عن الصحابة المصرَّحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك .

خلاصة القول :

إن إنكار مسألة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وإنكار خروجه ، أمر عظيم ، لا ينبغي التفوُّه به ، بل رُبَّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخـروج عن المِلَّة ، والعياذ بالله تعالى .
والواجب تلقِّي ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول ، والإيمان التام ، والتسليم به .
فمتى صحَّ الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يجوز لأحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم ، كما قال الله عزَّ وجلَّ:( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء : 65 .
وقد أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الأمـر عن الدجَّال ، وعن الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، وعن النبي عيسى بن مريم ( عليهما السلام ) .
ووجب تلقِّي ما قاله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول والإيمان ، والحذر من تحكيم الرأي ، والتقليد الأعمى ، الذي يضرُّ صاحبه ولا ينفعه ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
ولا يسع المجال هنا لاستقصاء كلام الأئمّة ( عليهم السلام ) والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر ( عليه السلام ) ، والتحذير من إنكار شأنه ، لكنَّ ما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page