• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لماذا غاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ؟

صحيح أنّ الأئمة (عليهم السلام) اضطهدوا جميعاً وشردوا، حُبس من حُبس منهم، وأُبعد من أُبعد، ولكن اضطهادهم كان يشتد تارة ويخف أخرى، فكان اتصالهم بشيعتهم مستمراً، ومدارسهم قائمة، وأياديهم على الأمة ظاهرة، وكانت تُشد إليهم الرحال من جميع أنحاء العالم الإسلامي لأخذ العلم، فقد تخرج عليهم جُلّ علماء المسلمين، وقد ملأ حديثهم الآفاق، ودُونت من تعاليمهم مئات المؤلفات، حتى أنّك لا تبحث عن علم إلاّ وتجد أياديهم البيضاء في نشره وتعليمه، بل عنهم أخذت أكثر العلوم الحديثة: كالكيمياء والجبر إلى غير ذلك، مضافاً إلى تبنيهم ونشرهم للعلوم الإسلامية: كالفقه والحديث والتفسير.

ولم تقتصر حياتهم (عليهم السلام) على العلم فقط، بل كانت أبوابهم مفتوحة للسائل والمحروم، وعطاؤهم لمؤمليهم على أوسع ما يكون، فكان عطاؤهم يربو على عطاء الملوك، فقد يهبون الثلاثين ألف دينار(1). والمائة ألف دينار(2) وفي سيرتهم الغراء ألف شاهد على ما نقول.

وكان هذا ديدنهم (عليهم السلام)، كلما مات واحد منهم أشغل خلفه مكانه، وقام بواجباته، ولم ينقصهم عن الملوكية إلاّ أُبهتها، ومن السلطنة، إلاّ ظلمها.

وفي مرض الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) اهتمت الدولة بالتفتيش عن ولده، والبحث عنه، لما لم يحصلوا عليه قبضوا على نسائه وجواريه - بعد وفاته (عليه السلام) - ظناً منهم أن يكون لدى بعضهن حمل، وبقيت بعض جواري الإمام عليه السلام في حبسهم سنتين.

وننقل حديثاً عن مُشاهد، وهو ابن وزير المعتمد العباسي، علماً بأنه كان شديد النصب والعداوة لأهل البيت (عليهم السلام) ليتضح سبب غيبته (عليه السلام).

قال أحمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان: لما اعتل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بعث إلى أبي: أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته مبادراً إلى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقافته وخاصته منهم نحرير، وأمرهم بلزوم دار الحسن بن علي وتعرّف خبره وحاله.

وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف، فركب حتى بكر إليه، فأمر المتطببين بلزومه وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن (عليه السلام) وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً.

فلم يزالوا هناك حتى توفي (عليه السلام) لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين، فصارت (سر من رأى) ضجة واحدة: مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها، وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاءوا بنساء يُعرفن بالحبل فدخلن على جواريه فنظرن إليهن، فذكر بعضهن هناك جارية بها حمل، فأمر بها فجعلت في حجرة وُكّل بها نحرير الخادم وأصحابه، ونسوة معهم.

ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته، وعطلت الأسواق، وركب أبي وبنو هاشم والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته (عليه السلام)، فكانت (سر من رأى) يومئذ شبيهاً بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين وقال:

هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه، حضره من خدام أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان ثم غطى وجهه وقام فصلى عليه، وكبر عليه خمساً، وأمر بحمله من وسط داره، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه (عليه السلام).

فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده، وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا على قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل فقسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر، وادعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده.

فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي وقال له: اجعل لي مرتبة أخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار مسلمة، فزبره أبي وأسمعه، وقال له: يا أحمق إن السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه، ولم يتهيأ له صرفهم عن هذا القول فيهم، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك. فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة لك إلى السلطان يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، واستقله عند ذلك واستضعفه وأمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له بالدخول عليه حتى مات أبي وخرجنا والأمر على تلك الحال، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي حتى اليوم(3).

وإذا كانت الدولة تفتش عن طفل للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لتقتله، وتنتظر جنيناً له لتقضي عليه، فكيف يمكن أن يتسنى للإمام المهدي (عليه السلام) الظهور، وأن يشغل دست آبائه (عليهم السلام) في هذا الجو المتكهرب؟
_______________
1 - انظر المناقب: ج2 ص448 سيرة الإمام الهادي (عليه السلام) فقد وهب لكل من أحمد بن إسحاق، وعلي بن جعفر الهمداني، وعثمان بن سعيد ثلاثين ألف دينار.
2 - انظر المناقب: ج4 ص459 سيرة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأنه وهب لكل من أبي طاهر، وعلي بن جعفر الهمداني، مائة ألف دينار.
3 - إكمال الدين: ج1 ص125؛ أصول الكافي: ج1 ص506.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page