• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

من ملامح شخصية المهدي عليه السلام

يناسب في ختام هذا العرض لحدث الظهور أن نقدم صورة عن شخصية المهدي عليه السلام مقتبسة من أوصافه العديدة التي تضمنتها الأحاديث الكثيرة في مصادر المسلمين:
«إسمه إسمي،و كنيته كنيتي،و شمائله شمائلي»
و ما أشوق الأرض الى شمائل يتيم مكة..فان لقلبها نحوه وجيبا لا يبلغه وجيبها الى أحد أبدا..
خطاه على متنها تاريخ.
و أنفاسه في هوائها أريج.
و حيثما عفر جبينه بالسجود فثم خشوع الى الأعماق،و فوار نور الى عنان السماء.
و فيض دموعه على ثراها..روى قلبها أكثر من أنهارها.
و حبات دموعه..أعز لديها من جواهرها و لآليها.
و كلمات ذلك القلب العامر بالله..لا زالت تدوي في جنبات بقاعها،و تود لويؤذن لها فتنطق بها للأجيال،و تود لو تسمع منها المزيد.
و الأجيال...ما أشوقها الى شمائل رسول الله...شمائل أكبر مهندس لتاريخ الأرض..و أمهر بان لإنسانها..
و جيل أمتنا الحاضر..جيل المليار مسلم..المستضعفين في‏الأرض..الذين تزدريهم عيون حفنة من اليهود و بحر محيط من الأعداء،و يعز فيهم القادة الرجال...ما أشوقهم الى إسراء من المسجد الحرام الحزين الى المسجد الأقصى المستغيث..و الى نسمة من شمائلك يا حبيب الله تسري في شمائلهم فتبعثهم الى الحياة..
و يجي‏ء جواب الرسول الرحيم:
«إسمه إسمي،و كنيته كنيتي،و شمائله شمائلي،و سنته سنتي..يقيم الناس على شريعتي»أخرجه الصدوق في كمال الدين ص 386،و غيره.
«المهدي مني..أجلى الجبهة،أفنى الأنف،يملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت جورا و ظلما»أخرجه أبو داود في صحيحه ج 2 ص 207،و غيره.
«المهدي منا أهل البيت،أشم الأنف،أفنى،أجلى،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما»أخرجه الحاكم في المستدرك ج 4 ص 557،و غيره.
و الشمائل:الصفات الجسمية،و قد تطلق على الصفات الأخلاقية.
و أجلى الجبهة:صاحب الجبهة الواسعة التي انحسر عنها الشعر.
و أقنى الأنف،و أشم الأنف:صاحب الأنف الدقيق المستطيل الذي في وسطه علو و تقوس.
و قد ذكرت الأحاديث الشريفة عددا آخر من صفاته الشخصية عليه السلام مثل أنه:مربوع القامة،أميل إلى الطول.
حسن الوجه حسن الشعر.كث اللحية.أبيض مشرب بحمرة.على خده الأيمن خال.
أزج الحاجبين مشرفهما.عائر العينين و اسعمها،أفرق الثنايا براقها.بظهره شامتان،شامة على لون جلده،و شامة على شبه شامة النبي(ص).يكون شيخ السن،شاب المنظر كابن أربعين سنة .قوي في بدنه لومد يده إلى شجرة لقلعها.
عليه جلابيب النور تتوقد.
يومي‏ء للطير فتسقط على يده،و يغرس قضيبا فيخضر و يورق.
أشفق على الناس من آبائهم و أمهاتهم.
آخذ الناس بما يأمر به،و أكف الناس عما ينهى عنه.
شديد على العمال،جواد بالمال،رحيم بالمساكين.
كأنما يلعق المساكين الزبد.
أشد الناس تواضعا لله تعالى.
خاشع لله كخشوع النسر بجناحيه.
(المهدي خاشع لله كخشوع النسر بجناحيه)
أخرجه ابن حماد في الفتن و الملاحم ص 100(مخطوطة).
و السيوطي في العرف الوردي ج 3 ص .37
و السفاريني في لوائح الأنوار ج 2 باب صفحة المهدي.
و ابن حجر في كتابه القول المختصر،و غيرهم.
هذا التشبيه النبوي من جوامع الكلم التي خص الله تعالى بها رسوله(ص)و التي يجتمع فيها :الجمال،و العمق،و الأبعاد،و الشمول.
فأقصى ما يملك النسر من مظهر الخشوع جناحاه حيث يخفضهما الى أسفل من بدنه و يخفض رأسه،فيبدو ثابتا في مكانه محدقا في الأرض خاشعا.
و الخشوع في الانسان أمر غريزي يكاد أن يكون تكوينيا،ذلك أن الوجود المحدود لا بد له أن يستمد من الوجود المطلق عز و جل فيعظمه‏و يحبه و يستعطفه...فان هو لم يفعل التجأ الى ما يتصوره مطلقا أو كبيرا فخشع له،فأفسد وجوده و أفسد الحياة من حوله.و أكثر ما يتجلى أمر هذا الخشوع في الحكام فترى الواحد منهم يخشع لوجود آخر يعظمه و يستند اليه و يسبح بحمده..و ان شئت فانظر الى حالة عشرين حاكما على العرب و ستين حاكما على المسلمين !
و المهدي عليه السلام خاشع لله تعالى،يعظمه و يحبه و يستعطفه...و لكن لماذا كخشوع النسر بجناحيه أو لجناحيه أو لجناحه كما في بعض الروايات،أي خشوعا يصل الى جناحيه كما تقول خشوعا يصل الى قمة رأسه؟يريد النبي(ص)بهذا التشبيه أن يبين بعدين على الأقل في شخصية حفيده المهدي عليه السلام ينسجمان مع هذا الخشوع و ينبعان منه:القوة على أعدائه،و التحليق و السمو عليهم و على الدنيا.
فالمهدي عليه السلام قوي على أعدائه كقوة النسر على بغاث الطير،يحدق بالطاغوت كالنسر من أعلى و ينقض عليه فيرديه و لا يمهله..فهذه ثمرة الخشوع الكامل لله عز و جل لا كخشوع الضعفاء الذي يخشعون لله و يرون أنه أكبر،و يخشعون في نفس الوقت للقوى الحاكمة و يرون أنها أكبر أيضا!فذلك خشوع القطيع يطلب من ربه النجاة من الذئاب و يستسلم لها،بل خشوع الدجاج لربه يطلب النجاة من الثعلب و لا يجرؤ أن يطلق في وجهه صراخا أو ينقره بمنقار !
و المهدي عليه السلام يمسك بزمام الدنيا و يسيطر على أطرافها يكنس منها الجور و الظلم،و يملؤها بالقسط و العدل...و لكنه محلق عنها كالنسر،يراها أصغر من قدره و أصغر من هدفه ..و من يزهد في مناصب الدنيا و أموالها و متاعها فلا يراها لنفسه قدرا،فذلك زهد النسور المحلقة.
«من علامة المهدي:أن يكون شديدا على العمال،جوادا بالمال،رحيما بالمساكين»
أخرجه الترمذي ج 3 ص 323
و السيوطي في العرف الوردي ج 2 ص 75
الفقراء في مصطلح فقهاء المسلمين هم(الذين لا يملكون كفاية نفقتهم السنوية،سواء كانوا عاطلين عن العمل أو كانوا يعملون و لكن واردهم لا يكفيهم)و تحسب كفاية النفقة السنوية بالمستوى المتوسط للمجتمع الذي يعيشون فيه.و على هذا فان أكثر من أربعة مليارات انسان من أصل حوالي خمسة مليارات و نصف سكان الأرض،هم فقراء بالمفهوم الاسلامي.
و المساكين هم الفقراء الأسوء حالا،من الذين لا يكادون يسدون رمقهم،أو الذين لا يستطيعون كسب معيشتهم لقصورهم الذهني أو البدني،و لا مورد لهم.
و أساس مشكلة المساكين و الفقراء تأتي من أن الأرض و الحياة الدنيا المحدودة لا تتسع لمطامع الناس التي يتصورون أنها مصالحهم،فتتعارض مصلحة الفقراء مع مصلحة الحاكم و مجموعة من بيدهم الثروة في المجتمع فيستأثرون و يظلمون..و يستحكم التعارض و تصبح المشكلة مستعصية و مزمنة.
و تتجه الكنيسة المسيحية الى معالجة المشكلة بالوعظ و التربية الأخلاقية.
و تتجه الشيوعية الى معالجتها بتثوير الفقراء(البروليتاريا)على‏أصحاب القدرة و الثروة (البر جوازيين).
و تحاول الدول الغربية اعتبار أن الضوابط القانونية هي المعالجة التي تحقق التوازن بين مصلحة فئات لمجتمع.
و تتميز معالجة الاسلام بأنها تتضمن العناصر الإيجابية من هذه المعالجات و تضيف اليها عنصرا جديدا أساسيا.
فالتربية الأخلاقية و ما يتفرع عنها من تشريعات مالية و قيم و عادات اجتماعية...عنصر ضروري لمعالجة المشكلة،و لكنه عنصر تكميلي و تجميلي و ليس أساسيا.
و تثوير الطبقة المستضعفة أمر ضروري و لكن بالطريقة و المحتوى الاسلامي،أما الثورة بالطريقة و المحتوى الشيوعي فلا تعني أكثر من نقل القدرة و الثروة من يد فئة الى يد فئة جديدة،و تكون المعالجة بالتالي تغيير أحد طرفي المشكلة لا أكثر.
و القوانين التي تضبط حدود مصالح الأفراد و الفئات في المجتمع أيضا ضرورية،و لكن الاسلام لا يثق بالقوانين الوضعية و لا بمنفذيها.
إن العنصر الجديد الذي يقدمه الاسلام يتناول أساس المشكلة و عمقها الذي هو في الانسان،فيطرح الاسلام هذا السؤال:
من من الناس يمكن أن يكون محبا للمساكين و الفقراء و حريصا على مصلحتهم؟
و يجيب على السؤال،بأن الانسان ما لم يؤمن بالموقف و المسؤولية بين يدي الله تعالى في الآخرة،فإن غريزة حب الذات ستبقى مانعا له عن حب الفقراء و المساكين و ستدفعه الى عدائهم و الإضرار بمصلحتهم قال عز و جل«أرأيت الذي يكذب بالدين؟فذلك الذي يدع اليتيم!و لا يحض على‏طعام المسكين!».
و حتى أولئك المؤمنين بيوم الدين نظريا و لكنهم منافقون،ليس بمقدورهم أن يحبوا جماهير الفقراء و المساكين،بل سيدفعهم نفاقهم الى منع التعاون بين الناس«فويل للمصلين،الذين هم عن صلاتهم ساهون..الذين هم يراؤون و يمنعون الماعون!».
و بذلك ينحصر الأمر في نوع خاص من الناس هم المصدقون بالدين و المسؤولية أمام الله تعالى،فهؤلاء و ان تعارضت مصلحتهم مع مصلحة الجماهير الواسعة إلا أنهم سيفضلون مصلحة الجماهير على مصلحتهم خوفا من العقوبة الإلهية في يوم الدين.فهم وحدهم المؤهلون لأن يكونوا أمناء على مصلحة الفقراء و المساكين،و بيدهم وحدهم يجب أن تكون السلطة و مقدرات المجتمع.
على أن حب المساكين و الفقراء لدى المهدي و أمثاله من كبار الأئمة عليهم السلام له منابع أخرى سوى الخوف من الله تعالى،لأن الخوف من عقاب الله يمثل الحد الأدنى في الحاكم في نظر الاسلام...و يوجد منبعان آخران لحب الجماهير و خدمتهم:
أولهما:حبهم و خدمتهم رغبة في جزاء الله تعالى في الآخرة.
و ثانيهما:حبهم و خدمتهم لأن الله تعالى يحب ذلك و يأمر به،فيكون حبهم من فروع حب الله تعالى.و هذا النوع العالي من العبادة من أخلاق رسول الله(ص)و كبار أهل بيته و صحابته عليهم السلام،و قد ورد في عدة أحاديث شبه المهدي بجده رسول الله(ص)في خلقة و خلقه.و بعضها يصف حبه عليه السلام للمساكين فيقول(المهدي كأنما يلعق المساكين الزبد)و سواء كان هذا الوصف من رسول الله(ص)أو تعبيرا عما فهمه‏الرواة من وصفه لولده المهدي..فهو يصور أبوته الحانية للمساكين و هو يجلس معهم و يطعمهم بيده من أطيب الأطعمة.
و كما أن الرحمة بالمساكين مقياس تعرف به عدالة الحاكم في فئة المساكين و من ثم في بقية الفقراء و فئات المجتمع..فهي من جهة أخرى تعرف بصفتين تلازمانها و تنتجان عنها هما:سخاء الحاكم،و شدته على وزرائه.فالحاكم البخيل أو غير الكريم يصبح عاجزا عن حب المساكين و خدمتهم.و المتسامح مع جهاز دولته يصبح عاجزا عن إنصاف كل فئات المجتمع.
و لم يذكر الحديث الشريف صفة حب المساكين أولا مع أنها أساس الموضوع،لأنه ليس في مقام التحليل أو التوجيه التربوي بل في مقام بيان صفات المهدي عليه السلام التي تتصل برحمته بالمساكين،و قد جعل أول هذه الصفات محاسبته لجهاز دولته،و يليه إنفاقه للثروة على أصحابها الشرعيين«يحثو المال حثوا و لا يعده عدا».
و للاسلام رأيه الخاص في تعامل المسؤول الأول في الدولة مع بقية المسؤولين الذي يختلف عن كل مناهج الحكم و الادارة..فهو يأمر الحاكم أن يعتمد مع بقية المسؤولين منهج المراقبة و المحاسبة و العقوبة السريعة الشديدة...و في الوقت الذي يحرم بشدة التجسس على مواطني الدولة الاسلامية باستثناء أعدائها من المنافقين و الكفار،يوجب على المسؤول الأول أو يجيز له أن يشكل جهاز تجسس على كافة المسؤولين من الوزراء و معاونيهم،و على حكام المحافظات و كبار الموظفين.
و قد رسم أمير المؤمنين علي عليه السلام قواعد هذا المنهج في عهده الذي كتبه لمالك الأشتر رضي الله عنه عند ما عينه حاكما على مصر فقال‏له بشأن الوزراء و الولاة«ثم تفقد أعمالهم و ابعث العيون من أهل الصدق و الوفاء عليهم،فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوه لهم على استعمال الأمانة و الرفق بالرعية،و تحفظ من الأعوان،فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا فبسطت عليه العقوبة في بدنه،و أخذته بما أصاب من عمله..ثم نصبته بمقام المذلة،و وسمته بالخيانة و قلدته عار التهمة».ـ نهج البلاغة ج 3 ص  435ـ تعليق الدكتور صبحي الصالح.
فلا يزال يقتل أعداء الله،حتى يرضى الله
أخرجه الصدوق في كمال الدين ج 2 ص 471
الطغاة شجرة خبيثة واحدة..ممتدة من أول الأجيال..الى يومنا هذا،و الى أن يرث الله الأرض و ما عليها.
من قابيل الحسود القاتل..الى آخر قاتل لانسان بري‏ء في ساعتنا هذه.
و من أول قارون جمع فأوعى،و طغى على عباد الله..الى قوارين عصرنا الغربيين و الشرقيين و أزلامهم في العالم الثالث.
و من أول ظالم تسلط على عباد الله و قهرهم..الى ريغان و أندر بوف و ميتران و تاتشر،و مقلديهم في الأرض.
إنهم حالة واحدة متصلة،و مدرسة واحدة لإبليس تنتج في كل جيل أفواجا بنفس القوالب،و بذات العقلية المعكوسة و النفسية المنكوسة!«كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم،تشابهت قلوبهم»118ـالبقرة .
و جرائمهم في حق الملايين من عباد الله،هي هي،واحدة في الجوهر و ان تطورت أشكالها.بل هي واحدة حتى في الشكل و التفاصيل في كثيرمن الأحيان!و يالها من جرائم يشيب فيها الصغير و يهرم فيها الكبير،و تكدح فيها أجيال المستضعفين حتى تلاقي ربها.
و قصة تكذيبهم لأنبياء الله و كتب الله،و اضطهادهم للأنبياء و المؤمنين..قصة واحدة متصلة الى يومنا هذا«كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون!أتواصوا به؟!بل هم قوم طاغون»52ـ53ـ الذاريات.
و انها لقصة تئن منها بقاع الأرض،و يبكي منها التاريخ،و تنوح بمأساتها الطيور على أغصانها،و تضج لها الملائكة في السماوات..و تدمى بها قلوبنا جيلا بعد جيل فيموت المؤمن منا أو يقتل و في قلبه ذلك الغيظ التاريخي من جرائمهم لا يهدأ و لا يشفى..
قتلونا زرافات و وحدانا،نشرونا بالمناشير.قطعوا منا الألسن و الأيدي و الأرجل و الرؤوس ..رمونا في الآبار بعد أن غرسوا فيها أسنة الرماح..ألقوا بنا و بأطفالنا و نسائنا في خنادق مضطرمة بالنار،و في قدور الماء تفور،و في أحواض المواد الكيمياوية...قتلونا في قعور السجون المظلمة الرطبة و الحارة..رموا بنا طعاما للأسود و الوحوش في حدائقهم.ألقونا مقيدين في الفلوات للذئاب،و في الثلوج للهلاك،و في البحار و الأنهار و البحيرات للغرق ...
قتلونا بكل نوع من القتل يخطر أو لا يخطر على بال...و عذبونا بأنواع العذاب التي تخطر أو لا تخطر على بال!
و كان أذاهم المعنوي أشد علينا من كل ذلك..أهانوا كراماتنا.اتهمونا بكل قبيح،هتكوا أعراضنا .سلطوا السفهاء علينا.أخذوا ديارنا و أموالنا.حاربونا في لقمة عوائلنا.منعوا ثدي الأم عن فم أطفالنا.صادروا وجودنا و حريتنا،و منعونا أن نتصل بجماهير المستضعفين من عباد الله،أن نقول لهم كلمة،خوفا أن تعرف الجماهير الله و رسله و تعي طغيانهم فتثور عليهم .
و كأن إبليس على مر القرون يكرر نسخة الواحد من هؤلاء المجرمين كلما اتسع عدد البشر على الأرض..فيصبح الفرعون الواحد مئة،و القارون الواحد ألفا،و عشرات السفهاء من أزلامهم مئات الألوف...!
إن غيظ قلوب المستضعفين من هؤلاء الطغاة مزمن،و ثارات المؤمنين عندهم قديمة جديدة.و ان الأمل بأن يهتدوا و يصلحوا يشبه الأمل بأن يخضر القسم اليابس من الشجرة و لا ينشر اليبس في بقيتها،بل يشبه الأمل بأن تتحول الغدة السرطانية الى جزء مسالم نافع للجسم .
لقد خبرنا هم على مر التاريخ فلم ينفع معهم علاج إلا غضب إلهي يطهر الأرض منهم بطوفان،أو بصاعقة من السماء،أو بسيف محمد(ص)يجز منهم الرقاب،أو بسيف ولده المهدي عليه السلام في مرحلة التطهير النهائية.
إن الأحاديث الشريفة عن انتقام المهدي عليه السلام من أعداء الله تعالى تدل على أن حركة صراع المؤمنين التاريخية معهم تبلغ مرحلتها الأخيرةـو هل التاريخ إلا قصة صراعنا معهمـو أن الوقت يكون قد حان لأن يسترد المؤمنون حقهم المسلوب المغصوب،و يرثوا أرض ربهم،و ينهوا منها مسلسل الظلم و الجرائم،و يملؤوها بالقسط و العدل بين عباد الله.
و مثل هذه العملية الجراحية تحتاج الى امام مهدي ينظر بنور الله فيقتل كل من امتلأت روحه بالشر و كل من لا يؤمن شره على المسيرةالجديدة،حتى لو كان من المنتمين الى المسلمين«يسير بالقتل،بذلك أمر بالكتاب الذي معه:أن يسير بالقتل و لا يستتيب أحدا،و يل لمن ناواه؟»البحار ج 52 ص .353
إن عملية تطهير الأرض و حل أزمة المستضعفين مع المستكبرين تستحق أن يكون ثمنها إبادة أعداء الله و أعداء عباده حتى لو بلغوا الملايين..بل إن عملية تطهير أمة رسول الله(ص)التي تبلغ مليار إنسان تستحق ابادة أعدائهم المحسوبين عليهم حتى لو كانوا مليون شخص أو بضعة ملايين.
و لعلنا جميعا نقبل هذه المعادلة نظريا،و لكن لماذا يختلف موقفنا اذا رأينا تطبيقها؟
إنها كالعملية الجراحية التي يسهل على الطبيب إقناع الناس بها،و لكن من يتحمل أن يجريها الطبيب على مرأى منه و مسمع و بدون دواء مخدر للمريض؟؟
و اذا كان الطبيب يستطيع أن يخدر المريض فلا يعلو صراخه،و أن يجري العملية في معزل عن الناس،فإن عملية المهدي عليه السلام لاستئصال أعداء الله من المجتمع لا يوجد لها مخدر يمنع الصراخ،و لا يمكن أن تتم في معزل عن الناس...و لذلك فالذين يحتملون رؤية الدماء تسفك و الأرواح تزهق و الرؤوس تطيح..هم أهل الإدراك العقلي و العقائدي،و الأعصاب القوية ..
سيصف الإعلام العالمي المهدي عليه السلام بأنه متعطش للدماء!و سيقولون فيه أضعاف ما قالوا في الإمام الخميني و في المجاهدين المسلمين الذي يصفونهم بالمتطرفين الإرهابيين .لأن حركة المهدي عليه السلام‏ستكون عليهم أكبر من كل ما رأوه من قبلها:
«إذا ظهرت رأية الحق لعنها أهل الشرق و الغرب.أتدري لم ذلك؟قلت:لا.قال:للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه»البحار ج 52 ص 363
بل سيحركون ضده المنافقين من المسلمين و فيهم بعض المتزيين بزي علماء المسلمين فيصدرون الفتاوى بأن عمل المهدي عليه السلام مخالف للشريعة الاسلامية!!«أعداؤه مقلدة الفقهاء ..و لو لا أن السيف بيده لأفتوا بقتله»اسعاف الراغبين ص .143
و يصل أمر هذه العملية الجراحية الى حد أن أحد أصحاب المهدي عليه السلام على ايمانه و شجاعته يرتجف و يدخل قلبه الريب لكثرة ما يرى من سفكه عليه السلام للدماء الفاسدة ..و لكنه سرعان ما يعود الى يقينه حين يعلم أن ذلك إنما هو بعهد معهود من رسول الله(ص) .
أما بقية أصحابه،و أما جماهيره الواسعة فهم يدركون بوعيهم و فطرتهم أن ما يأمر به هو الحق،و أنه المهدي الملهم من الله تعالى و المبشر به من نبيه(ص)،و أنهم يطيعون الله و رسوله بتنفيذ أوامره و لو أمرهم أن يجروا من دماء أعدائه أنهارا..
و لتجر الأرض من دماء الكافرين و المنافقين أنهارا..فماذا نصنع اذا كان ذلك هو الطريق الوحيد لا يقاف أنهار الظلم السوداء النتنة،و اجراء أنهار العدالة،الإلهية المضيئة بين عباد الله...إن الوجه الآخر لحب المساكين و المستضعفين هو الانتقام من أعدائهم و ظالميهم و قد أمرنا الله تعالى فقال«قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم،و ينصركم عليهم،و يشف صدور قوم مؤمنين».
«و هو سمي رسول الله و كنيه،و هو الذي تطوى له الأرض و يذل له كل صعب‏و يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلثمائة و ثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض،و هو قول الله عز و جل«أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شي‏ء قدير»فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الأرض(الإخلاص خ ل)أظهر أمره فإذا كمل له العقد(العدد خ ل)و هو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تعالى.قلت:و كيف يعلم أن الله قد رضي؟قال :يلقي الله في قلبه الرحمة».كمال الدينـالصفحة المتقدمة

الممهدون للمهدى عليه السلام ص 79
علي الكوراني 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page