• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

طول عمره (عجل الله تعالی فرجه الشریف)

المعجزه و العمر الطويل
و قد عرفنا حتى الآن أن العمر الطويل ممكن علميا،و لكن لنفترض أنه غير ممكن علميا،و أن قانون الشيخوخة و الهرم قانون صارم لا يمكن للبشرية اليوم،و لا على خطها الطويل أن تتغلب عليه،و تغير من ظروفه و شروطه،فماذا يعني ذلك؟إنه يعني أن إطالة عمر الإنسانـكنوح أو كالمهديـقرونا متعددة،هي على خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة و الاستقراء الحديثة،و بذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانونا طبيعيا في حالة معينة للحفاظ على حياة الشخص الذي أنيط به الحفاظ على رسالة السماء،و ليست هذه المعجزة فريدة من نوعها،أو غريبة على عقيدة المسلم المستمدة من نص القرآن و السنة (1) ،فليس قانون الشيخوخة و الهرم أشد صرامة من قانون انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة حتى يتساويا،و قد عطل هذا القانون لحماية حياة إبراهيم عليه السلام حين كان الأسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلك القانون.فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم قلنا يا نار كوني بردا و سلاما على إبراهيم الأنبياء:69،فخرج منها كما دخل سليما لم يصبه أذى،إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطلت‏الحماية أشخاص من الأنبياء و حجج الله على الأرض،ففلق البحر لموسى (2) ،و شبه للرومان أنهم قبضوا على عيسى (3) و لم يكونوا قد قبضوا عليه،و خرج النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم من داره و هي محفوفة بحشود قريش التي ظلت ساعات تتربص به لتهجم عليه،فستره الله تعالى عن عيونهم و هو يمشي بينهم (4) .كل هذه الحالات تمثل قوانين طبيعية عطلت لحماية شخص،كانت الحكمة الربانية تقتضي الحفاظ على حياته،فليكن قانون الشيخوخة و الهرم من تلك القوانين.
و قد يمكن أن نخرج من ذلك بمفهوم عام و هو أنه كلما توقف الحفاظ على حياة حجة لله في الأرض على تعطيل قانون طبيعي،و كانت إدامة حياة ذلك الشخص ضرورية لإنجاز مهمته التي أعد لها،تدخلت العناية الربانية في تعطيل ذلك القانون لإنجاز ذلك،و على العكس إذا كان الشخص قد انتهت مهمته التي أعد لها ربانيا فإنه سيلقى حتفه و يموت أو يستشهد وفقا لما تقرره القوانين الطبيعية.
و نواجه عادة بمناسبة هذا المفهوم العام السؤال التالي:كيف يمكن أن يتعطل القانون (5) ؟و كيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟و هل هذه إلا مناقضة للعلم الذي اكتشف ذلك القانون الطبيعي،و حدد هذه العلاقةالضرورية على أسس تجريبية و استقرائية؟ !
و الجواب:أن العلم نفسه قد أجاب عن هذا السؤال بالتنازل عن فكرة الضرورة في القانون الطبيعي،و توضيح ذلك:إن القوانين الطبيعية يكتشفها العلم على أساس التجربة و الملاحظة المنتظمة،فحين يطرد وقوع ظاهرة طبيعية عقيب ظاهرة أخرى يستدل بهذا الاطراد على قانون طبيعي،و هو أنه كلما وجدت الظاهرة الأولى وجدت الظاهرة الثانية عقيبها،غير أن العلم لا يفترض في هذا القانون الطبيعي علاقة ضرورية بين الظاهرتين نابعة من صميم هذه الظاهرة و ذاتها،و صميم تلك و ذاتها،لأن الضرورة حالة غيبية،لا يمكن للتجربة و وسائل البحث الاستقرائي و العلمي إثباتها،و لهذا فإن منطق العلم الحديث يؤكد أن القانون الطبيعيـكما يعرفه العلمـلا يتحدث عن علاقة ضرورية،بل عن اقتران مستمر بين ظاهرتين (6) ،فإذا جاءت المعجزة و فصلت إحدى الظاهرتين عن الأخرى في قانون طبيعي لم يكن ذلك فصما لعلاقة ضرورية بين الظاهرتين.
و الحقيقة أن المعجزة بمفهومها الديني،قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أكبر مما كانت عليه في ظل وجهة النظر الكلاسيكية إلى علاقات السببية.
فقد كانت وجهة النظر القديمة تفترض أن كل ظاهرتين اطرد اقتران إحداهما بالأخرى فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة،و الضرورة تعني أن من المستحيل أن تنفصل إحدى الظاهرتين عن الأخرى،و لكن هذه العلاقة تحولت في منطق العلم الحديث إلى قانون الاقتران أو التتابع المطرد (7) بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية.و بهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران أو التتابع دون أن تصطدم بضرورة أو تؤدي إلى استحالة.
و أما على ضوء الأسس المنطقية للاستقراء (8) فنحن نتفق مع وجهة النظر العلمية الحديثة،في أن الاستقراء لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين،و لكنا نرى أنه يدل على وجود تفسير مشترك لاطراد التقارن أو التعاقب بين الظاهرتين باستمرار،و هذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتية،كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمة دعت منظم الكون إلى ربط ظواهر معينة بظواهر أخرى باستمرار،و هذه الحكمة نفسها تدعو أحيانا إلى الاستثناء فتحدث المعجزة.
لما ذا كل هذا الحرص على إطالة عمره؟
و نتناول الآن السؤال الثاني،و هو يقول:
لما ذا كل هذا الحرص من الله سبحانه و تعالى على هذا الإنسان بالذات،فتعطل من أجله القوانين الطبيعية لإطالة عمره؟و لما ذا لا تترك قيادة اليوم الموعود لشخص يتمخض عنه المستقبل،و تنضجه إرهاصات اليوم الموعود فيبرز على الساحة و يمارس دوره المنتظر.
و بكلمة أخرى:ما هي فائدة هذه الغيبة الطويلة و ما المبرر لها؟
و كثير من الناس يسألون هذا السؤال و هم لا يريدون أن يسمعوا جوابا غيبيا،فنحن نؤمن بأن الأئمة الاثني عشر مجموعة فريدة (9) لا يمكن التعويض عن‏أي واحد منهم،غير أن هؤلاء المتسائلين يطالبون بتفسير اجتماعي للموقف،على ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الكبرى نفسها و المتطلبات المفهومة لليوم الموعود .
و على هذا الأساس نقطع النظر مؤقتا عن الخصائص التي نؤمن بنوفرها في هؤلاء الأئمة المعصومين (10) و نطرح السؤال التالي:
إننا بالنسبة إلى عملية التغيير المرتقبة في اليوم الموعود،بقدر ما تكون مفهومة على ضوء سنن الحياة و تجاربها،هل يمكن أن نعتبر هذا العمر الطويل لقائدها المدخر عاملا من عوامل إنجاحها،و تمكنه من ممارستها و قيادتها بدرجة أكبر؟
و نجيب عن ذلك بالإيجاب،و ذلك لعدة أسباب منها ما يلي:
إن عملية التغيير الكبرى تتطلب وضعا نفسيا فريدا في القائد الممارس لها،مشحونا بالشعور ..بالتفوق و الإحساس بضآلة الكيانات الشامخة التي أعد للقضاء عليها،و تحويلها حضاريا إلى عالم جديد.
فبقدر ما يعمر قلب القائد المغير من شعور بتفاهة الحضارة التي يصارعها،و إحساس واضح بأنها مجرد نقطة على الخط الطويل لحضارة الإنسان،يصح أكثرقدرة من الناحية النفسية (11) على مواجهتها و الصمود في وجهها و مواصلة العمل ضدها حتى النصر.
و من الواضح أن الحجم المطلوب من هذا الشعور النفسي يتناسب مع حجم التغيير نفسه،و ما يراد القضاء عليه من حضارة و كيان،فكلما كانت المواجهة لكيان أكبر و لحضارة أرسخ و أشمخ تطلبت زخما أكبر من هذا الشعور النفسي المفعم.
و لما كانت رسالة اليوم الموعود تغيير عالم ملي‏ء بالظلم و بالجور،تغييرا شاملا بكل قيمه الحضارية و كياناته المتنوعة،فمن الطبيعي أن تفتش هذه الرسالة عن شخص أكبر في شعوره النفسي من ذلك العالم كله،عن شخص ليس من مواليد ذلك العالم الذين نشأوا في ظل تلك الحضارة التي يراد تقويضها و استبدال حضارة العدل و الحق بها،لأن من ينشأ في ظل حضارة راسخة،تعمر الدنيا بسلطانها و قيمها و أفكارها،يعيش في نفسه الشعور بالهيبة تجاهها،لأنه ولد و هي قائمة،و نشأ صغيرا و هي جبارة،و فتح عينيه على الدنيا فلم يجد سوى أوجهها المختلفة.
و خلافا لذلك،شخص يتوغل في التاريخ عاش الدنيا قبل أن ترى تلك الحضارة النور،و رأى الحضارات الكبيرة سادت العالم الواحدة تلو الأخرى ثم تداعت و انهارت (12) ،رأى ذلك بعينيه و لم يقرأه في كتاب تاريخ..ثم رأى الحضارة التي يقدر لها أن تكون الفصل الأخير من قصة الإنسان قبل اليوم الموعود،رآها و هي بذور صغيرة لا تكاد تتبين..
ثم شاهدها و قد اتخذت مواقعها في أحشاء المجتمع البشري تتربص الفرصة لكي تنمو و تظهر ..
ثم عاصرها و قد بدأت تنمو و تزحف و تصاب بالنكسة تارة و يحالفها التوفيق تارة أخرى. .
ثم واكبها و هي تزدهر و تتعملق و تسيطر بالتدريج على مقدرات عالم بكامله،فإن شخصا من هذا القبيل عاش كل هذه المراحل بفطنة و انتباه كاملين ينظر إلى هذا العملاقـالذي يريد أن يصارعهـمن زاوية ذلك الامتداد التاريخي الطويل الذي عاشه بحسه لا في بطون كتب التاريخ فحسب،ينظر إليه لا بوصفه قدرا محتوما،و لا كما كان ينظر(جان جاك روسو) (13) إلى الملكية في فرنسا،فقد جاء عنه أنه كان يرعبه مجرد أن يتصور فرنسا بدون ملك،على الرغم من كونه من الدعاة الكبار فكريا و فلسفيا إلى تطوير الوضع السياسي القائم و قتئذ،لأن (روسو)هذا نشأ في ظل الملكية،و تنفس هواءها طيلة حياته،و أما هذا الشخص المتوغل في التاريخ،فله هيبة التاريخ،و قوة التاريخ،و الشعور المفعم بأن ما حوله من كيان و حضارة وليد يوم من أيام التاريخ،تهيأت له الأسباب فوجد،و ستتهيأالأسباب فيزول،فلا يبقى منه شي‏ء كما لم يكن يوجد منه شي‏ء بالأمس القريب أو البعيد،و أن الأعمار التاريخية للحضارات و الكيانات مهما طالت فهي ليست إلا أياما قصيرة في عمر التاريخ الطويل.
هل قرأت سورة الكهف؟
و هل قرأت عن أولئك الفتية الذين آمنوا بربهم و زادهم الله هدى (14) ؟و واجهوا كيانا و ثنيا حاكما،لا يرحم و لا يتردد في خنق أي بذرة من بذور التوحيد و الارتفاع عن وحدة الشرك،فضاقت نفوسهم و دب إليها اليأس و سدت منافذ الأمل أمام أعينهم،و لجأوا إلى الكهف يطلبون من الله حلا لمشكلتهم بعد أن أعيتهم الحلول،و كبر في نفوسهم أن يظل الباطل يحكم و يظلم و يقهر الحق و يصفى كل من يخفق قلبه للحق.
هل تعلم ما ذا صنع الله تعالى بهم؟
إنه أنامهم ثلاثمائة سنة و تسع سنين (15) في ذلك الكهف،ثم بعثهم من نومهم و دفع بهم إلى مسرح الحياة،بعد أن كان ذلك الكيان الذي بهرهم بقوته و ظلمه قد تداعى و سقط،و أصبح تاريخا لا يرعب أحدا و لا يحرك ساكنا،كل ذلك لكي يشهد هؤلاء الفتية مصرع ذلك الباطل الذي كبر عليهم امتداده و قوته و استمراره،و يروا انتهاء أمره بأعينهم و يتصاغر الباطل في نفوسهم.
و لئن تحققت لأصحاب الكهف هذه الرؤية الواضحة بكل ما تحمل من زخم و شموخ نفسيين من خلال ذلك الحدث الفريد الذي مدد حياتهم ثلاثمائة سنة،فإن‏الشي‏ء نفسه يتحقق للقائد المنتظر من خلال عمره المديد الذي يتيح له أن يشهد العملاق و هو قزم و الشجرة الباسقة و هي بذرة،و الإعصار و هو مجرد نسمة (16) .
أضف إلى ذلك،أن التجربة التي تتيحها مواكبة تلك الحضارات المتعاقبة،و المواجهة المباشرة لحركتها و تطوراتها لها أثر كبير في الإعداد الفكري و تعميق الخبرة القيادية لليوم الموعود،لأنها تضع الشخص المدخر أمام ممارسات كثيرة للآخرين بكل ما فيها من نقاط الضعف و القوة،و من ألوان الخطأ و الصواب،و تعطي لهذا الشخص قدرة أكبر على تقييم الظواهر الاجتماعية بالوعي الكامل على أسبابها،و كل ملابساتها التاريخية.
ثم إن عملية التغيير المدخرة للقائد المنتظر تقوم على أساس رسالة معينة هي رسالة الإسلام،و من الطبيعي أن تتطلب العملية في هذه الحالة قائدا قريبا من مصادر الإسلام الأولى،قد بنيت شخصيته بناء كاملا بصورة مستقلة و منفصلة عن مؤثرات الحضارة التي يقدر لليوم الموعود أن يحاربها.
و خلافا لذلك،الشخص الذي يولد و ينشأ في كنف هذه الحضارة و تتفتح أفكاره و مشاعره في إطارها،فإنه لا يتخلص غالبا من رواسب تلك الحضارة و مرتكزاتها،و إن قاد حملة تغييرية ضدها.
فلكي يضمن عدم تأثر القائد المدخر بالحضارة التي أعد لاستبدالها،لا بد أن تكون شخصيته قد بنيت بناء كاملا في مرحلة حضارية سابقة هي أقرب ماتكون في الروح العامة و من ناحية المبدأ إلى الحالة الحضارية التي يتجه اليوم الموعود إلى تحقيقها بقيادته (17) .

__________________
(1)أي أن الأمر يصبح من قبيل المعجز،و هو ما نطق به القرآن،و جاء في صحيح السنة المطهرة،و الإعجاز حقيقة رافقت دعوة الأنبياء،و ادعاء سفارتهم عن الحضرة الإلهية،و هو ما لا يسع المسلم إنكاره أو الشك فيه،بل إن غير المسلم يشارك المسلم في الاعتقاد بالمعجزات.
(2)إشارة إلى قوله تعالى: فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم الشعراء: .63
(3)إشارة إلى قوله تعالى: و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم... النساء: .157
(4)راجع:سيرة ابن هشام 2:127،فقد نقل هذه الحادثة و هي مجمع عليها.
(5)قد يقال:إن القانون بصفته قانونا لا بد أن يطرد،و لا يتصور التعطيل و الانخرام،و قد لاحظ بعضهم أن الانخرام إنما هو بقانون آخر،كما هو الأمر بالنسبة إلى قانون الجاذبية،الذي يستلزم جذب الأشياء إلى المركز،و مع ذلك فإن الماء يصعد بعملية الامتصاص في النباتات من الجذر إلى الأعلى بواسطة الشعيرات،و هذا بحسب قانون آخر هو(الخاصية الشعرية).راجع :القرآن محاولة لفهم عصري/الدكتور مصطفى محمود.
(6)و قد بسط الشهيد الصدر القول في هذه المسألة في كتابه فلسفتنا فراجع ص 295 و .299
(7)راجع فلسفتنا:ص 282 و ما بعدها.
(8)راجع بسط و شرح النظرية في«الأسس المنطقية للاستقراء»حيث توصل الإمام الشهيد الصدر رضى الله عنه إلى اكتشاف مهم و خطير على صعيد نظرية المعرفة بشكل عام.
(9)إشارة إلى معتقد الإمامية الاثني عشرية المستند إلى أدلة المعقول و المنقول،و بالأخص إلى حديث الثقلين المتواتر«إني تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و عترتي أهل بيتي».راجع:صحيح مسلم 4:1873 و راجع الصواعق المحرقة لابن حجر:ص 89،قال :ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف و عشرين صحابيا.
و كذلك إلى قوله صلى الله عليه و آله و سلم«لن يفترقا حتى يردا علي الحوض..»و إلى قوله صلى الله عليه و آله و سلم:«الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش».و مفاد ذلك كله تقرير هذا المعنى.
(10)تحدث النبي الأكرم محمد صلى الله عليه و آله و سلم كثيرا عن خصائصهم و أدوارهم،و وظيفتهم و مهماتهم،و أنهم حملة الشريعة،و سفن النجاة،و أمان الأمة،و عصمتها من الضلال،كما إليه الإشارة في حديث الثقلين،و حديث لن يفترقا و كلاهما يؤكدان عصمتهم،إذ لا يعقل أنهم عصمة الأمة من الضلال،و أنهم لن يفترقا عن القرآن المعصوم،و هم غير معصومين!!
راجع في هذا المطلب:الأصول العامة للفقه المقارن/العلامة محمد تقي الحكيم/مبحث حجية السنة:ص 169 و ما بعدها.
(11)أن يكون القائد التاريخي مهيئا نفسيا و معدا إعدادا مناسبا لأداء المهمة،أمر مفروغ منه،و لو رجعنا إلى القرآن الكريم لوجدناه يتحدث عن هذه المسألة في تاريخ الأنبياء بصورة واضحة جدا،و بخاصة فيما يتعلق بالنبي نوح عليه السلام،و هو أمر يلفت الانتباه و النظر،و ربما يكون للتشابه و الاتفاق في الدور و المهمة التي أوكلت لهما،كما نبه الشهيد الصدر رضى الله عنه إليه.
راجع:مع الأنبياء/عفيف عبد الفتاح طبارة.
(12)و يمكن أن نقرب هذا المعنى بما عشناه و شاهدناه من صعود الاتحاد السوفيتي و ترقيه حتى صار القطب الثاني في العالم،و تقاسم هو و أمريكا النفوذ الحضاري و الهيمنة السياسية،و ركبا معا أجواء الفضاء،ثم شهدنا انهيار الاتحاد السوفيتي و تفكك أوصاله بمثل تلك السرعة القياسية في الانهيار،فكم كان لذلك من أثر؟و كم كان فيه من عبرة؟و كم فيه من دلالة عميقة؟
(13)جان جاك روسو(1712ـ1778 م)كاتب و فيلسوف فرنسي اعتبره بعض النقاد الوجه الأبعد نفوذا في الأدب الفرنسي الحديث و الفلسفة الحديثة،و قد مهدت كتاباته و مقالاته للثورة الفرنسية،و أشهر مؤلفاته العقد الاجتماعي.راجع:موسوعة المورد/منير البعلبكي 8: .169
(14)إشارة إلى الآية القرآنية المباركة: إنهم فتية آمنوا بربهم و زدناهم هدى... الكهف :13،و راجع تفسيرها في الكشاف/الزمخشري 2:706،نشر دار الكتاب العربيـبيروت.
(15)إشارة إلى الآية: و لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين و ازدادوا تسعا... الكهف: .25
(16)و كل ذلك له مدخلية في تربيته و إعداده الإعداد الخاص،بما في ذلك امتلاكه النظرة الشمولية العميقة،فضلا عن شهوده بنفسه ضآلة أولئك المتعملقين الذين يملؤون الدنيا ضجيجا و صخبا،و يسترهبون الناس،و هذا الشهود يؤهله أكثر فأكثر لأداء مهمته الكونية في التغيير،أي ملئه للأرض عدلا بعد ما ملئت ظلما،هذا بغمض النظر عن مؤهلاته الذاتية،و العناية الربانية الخاصة.
(17)و لا ينبغي أن يشكل أحد بأن النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم مع عالمية رسالته و مهمته التغييرية الكبرى إلا أنه عاش في كنف الحضارة الجاهلية،و لم يتأثر بها،و كذا الأنبياء السابقون،فما هو الوجه في هذا الرأي؟
فجوابه:
أـإن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد أخضع فعلا إلى حالة عزلة تامة عن الحضارة الجاهلية،و أنه كما ورد في السيرة النبوية قد حبب إليه الخلاء،و كان يذهب إلى غار حراء يتحنث فيه و كذا الأنبياء كانوا يتنزهون عما عليه مجتمعهم،و كانوا يعتزلون،و إليه الإشارة في قوله تعالى: فلما اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق مريم: .49
بـإن النبي المرسل يوحى إليه،و يسدد مباشرة من السماء،و يبلغ بالأعمال و الخطوات التي يتخذها خطوة خطوة،و الإمام عليه السلام لا يوحى إليهـكما هو عقيدة الإماميةـو لا يبلغ بالأمور مباشرة من السماء،نعم يكون مسددا و تحت العناية الربانية،و لذلك فهو يحتاج إلى إعداد خاص.ففي نفس الوقت الذي يكون فيه قريبا و متصلا بالحضارة الإسلامية،مستمدا من آبائه عليهم السلام الأصالة و المعرفة و العلم،يكون مطلعا على التجارب البشرية و الحضارات في صعودها و عوامل تكونها و قوتها،و كذلك إخفاقاتها و عوامل ضعفها و انهيارها،فيستمد الخبرة و القدرة و الإحاطة بالأمور جميعا،هذا مع اعتقادنا بقدرات الإمام العلمية الذاتية التي و هبها الله تعالى له،و بكونه مسددا من السماء،كما سيتوضح في المبحث الرابع.


بحث حول المهدي(عج) ص 77
الامام الشهيد السيد باقر الصدر 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page