التاريخ: ٢٠٠٩/٠٥/١٣
نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله): لو کانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضه ما اعطی کافراً ولا منافقا منها شيئاً.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من الوضوح بمکان، انه يتحدث عن الدنيا وتفاهتها وانعدام قيمتها عند الله تعالی، بحيث لو انها تعدل جناح بعوضه، وهي اتفه الحشرات لما اعطی الکافر والمنافق اي متاع منها، ولکنها مادامت کذالک فليخسا کل کافر ومنافق ومنحرف، انهم يحققون اشباعا عاجلا لا قيمة له حيال الاشباع الخالد في الحياة الاخرة.
اذا هنيئا للمؤمن، حتی لو کابد شدائد الحياة ما دامت دنياه مجسدة لما هو عابر وعاجل واني من الاشباع.
بلاغة الحديث
ان ما ينبغي ان نعرض له من حيث بلاغة الحديث المتقدم هو: انه يمثل صورة نطلق عليها (مصطلح الصورة الفرضية الواقعية) وليس الصورة الفرضية بل القوة، ولعلک تتسائل عن الفارق بين ما هو عملي وما هو بالقوة، حينئذ نجيبک بان الصورة الفرضية بل القوة هي ما تشکل نمط اخر من بلاغة الصورة الفنية هي ما نلاحظه من مقولة الامام علي (عليه السلام) عن الدنيا ايضاً حيث افترضها امراة يقيم الحد عليها حينما قال (لو کنت - اي الدنيا - شخصاً مرئیاً لا قمت عليک الحد) ولکل من هاتين الصورتين جماليتها، حيث سنحدثک لاحقا (ان شاء الله) عن الصوره الفرضية التمثيلية التي قدمها الامام علي (عليه السلام) في لقا ء آخر.
واما بالنسبة الی بلاغة الصورة الفرضية التي قدمها النبي (صلى الله عليه وآله)، وهي ذهابه (صلى الله عليه وآله) الی ان الدنيا لو کانت لها اية قيمة حتی قيمة جناح بعوضة لما سقی فيها الکافر او المنافق، فيمکننا ملاحظه بلاغتها علی النحو التي.
ان الاهمية الفنية لهذه الصورظ الفرضية - وهي عملية کما قلنا- تتجسد في کونها تعبيراً يتوکا علی احد اشکال الرمز الذي يستخدم في صياغة الدلالات المعمقه والمترشحه بعدة تأويلات مثل رمز: الشخصيات التاريخية والظواهر الطبيعية، والاحداث والمواقف، وسائر ما تزخر به الحياة من رموز تتصل بما هو مرشح با المعنی الثانوي مثل: الطائر، وسائر الحيوانات التي يستخلص منها ما هو الاشر تعبيراً عن هذه الحقيقة او مثلاً انها: جناح البعوضة، حيث يحتل هذا الرمز بکونه قد رمز الی اتفه الحشرات، ورمز الی جناحه والمجسد لجزء منه بخاصة ان الجناح هو العنصر الذي يعتمد الطائر عليه في حرکته واشباع حاجاته: کما هو واضح.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir