طباعة

نور وبلاغة الحلقة (٢٩) - قال الامام عليّ (ع): الفتن ثلاث: حبّ النساء، وهو سيف الشيطان.

التاريخ: 2009/06/21

نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): الفتن ثلاث: حبّ النساء، وهو سيف الشيطان.

دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول احد الدوافع المرکبة في الشخصية الا وهو (الدافع الجنسي)، ولکن الدافع الجنسي رسم له الاسلام مبادئ خاصة تنحصر في عملية الزواج الشرعي فحسب، وما عداه يعد حاجة غير مشروعة «فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ»: کما قرّر القرآن الکريم ذلک، ومن ثم فان الامام علياً (عليه السلام) رسم لنا ما يترتب علی الجنس غير المشروع، الا وهو الفتنة، في اشد انماطها ألا وهي حب النساء، والمقصود هنا ليس الحب المشروع بل الرغبة الجنسية غير المشروعة، وقد سماها بـ (سيف الشيطان) ، وهي صورة بلاغية فنية يجدر بنا ان نوضحّها لک في الفقرة الآتية: ان (سيف الشيطان) صورة يطلق عليها في المصطلح البلاغي بـ (الاستعارة)، اي: خلع طابع ظاهرة ما علی ظاهرة اخری، وهي: خلع طابع (السيف) – وهو ظاهرة مادية اي: السلاح، علی طابع شيطاني وهو: ظاهرة غير بشرية، والمهمّ هو: ما ينتج من تلاحم الظاهرتين، متمثلاً في (سيف الشيطان). فماذا نستلهم من الاستعارة المذکورة؟

بلاغة الحديث
من الواضح ان السيف هو سلاح عسکري، وظيفته قطع الرأس، اي: احداث القتل، وقد استخدم الامام هذه الظاهرة دون غيرها ليوضّح لنا مدی ما يترکه الانحراف الجنسي علی الشخصية الا وهو قتلها طبيعياً: ان القتل لا يشترط ان يکون جسدياً، بل ان القتل للروح، أو القتل للمبادئ يجسّد جريمة اشد من القتل الجسدي، لان القتل الروحي هو: المعصية، وهل ثمة شرّ اکثر من مخالفة اوامر الله تعالی؟
والسبب من الوضوح بمکان، وذلک لان الممارسة الجنسية غير المشروعة تتسبب بالأضافة الی الخسار الاخروي: خساراً دنيوياً ايضاً، لانها ممارسة يتعقبها اکثر من مرض نفسي وعصبي، اي: ما تسببها من التوتر والقلق ونحوهما مما يترتب علی الرغبة الجنسية، بالاضافة الی ما يترتب علی ذلک من الامراض التي لا يزال المجتمع غير المتدين في اوروبا وغيرها يعاني من ذلک، فيما لا حاجة الی الاستشهاد بها.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی

المأخذ : arabic.irib.ir