التاريخ: 2009/06/25
نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): من تطهّر، ثم أوی الی فراشه، بات وفراشه کمسجده.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يتناول ظاهرة الوضوء الشرعي وما يترتب عليه من المعطيات العبادية، حيث نعرف جميعاً بان النصوص الشرعية طالما تحرص علی مطالبتنا بان نتطهر من الحدث وان نستمر علی ذلک، ويتأکد الاستحباب علی ذلک بالنسبة الی النوم، حيث لاحظنا بان الحديث المتقدم يجعل المتوضيء الذي يتجه الی النوم بمثابة من هو حاضر في المسجد يمارس صلاته وذکر الله تعالی.
والسؤال الان هو: ماهو المعطي أو الاثابة التي رتبّها الحديث علی النائم المتوضّئ، من خلال التشبيه القائل (وفراشه کمسجده)؟
انّ الأهمية التي ينطوي الحديث المتقدم عليها، تتمثل في التشبيه الذي قدّمه الامام الصادق (عليه السلام)، وهو تشبيه ينتسب الی ما سبق ان کررناه وهو: التشبيه العملي قبالة التشبيه التخيلي، ان التشبيه العملي هو: ما يتسم بواقعيته الحسّية او المعنوية، فعندما يقرر الامام الصادق (عليه السلام) بان المتطهر الذي يأوي الی فراش النوم يصبح فراشه کمسجده: يقدم لنا تشبيهاً واقعياً متجانساً مع الطرف الاخر: المشبه، حيث نجد ان الفراش هو المسجد من حيث تماثلها في الأرضيته، فکلاهما فراش: اي فراش النوم وفراش المسجد، وهذا هو الواقع: کما هو ملاحظ. لکن ينبغي ان نتبين بعد ذلک: النکتة البلاغية في التشبيه المتقدم. فما هي؟
بلاغة الحديث
النکتة هي ان الذاهب الی المسجد لا بدّ وان يکون متطهراً اذا کان ناوياً للصلاة وذکر الله تعالی، واما الذاهب الی فراش النوم، فلا يشترط عليه التطهير: من حيث الالزام.
من هنا فان النکتة هي: ان التشبيه المتقدم يماثل بين المتوضئ الذي مارس واجباً في صلاته وذکر الله تعالی في المسجد وبين من نام متوضئاً، مع ملاحظة ان النائم لا يمارس نشاطاً بدنياً ولفظياً هو: الصلاة والذکر، بل هو ساکن تماماً لا حرکة منه ولا وعي، اذن کم هو الفاصل بين نشاط ووعي، وبين نوم وغيبوبة؟
ولکن الاثابة المترتبة علی الموضوعين المتضادين هي واحدة، وهذه هي النکتة أو الاسرار البلاغية الکامنة وراء التشبيه المذکور.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir