التاريخ: 2009/07/21
نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): أمسک عن طريق: اذا خفت ضلاله.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الی ما هو (شبهة) من السلوک، اي: الی ما لا يعرف حلاله عن حرامه في ميدان العمل الاقتصادي او الشعائري او الاجتماعي أو اية حرکة من السلوک اللفظي والجسدي ولذلک ورد في الحديث ما مؤداه: بان في الحلال او المباح (شبهات) تتطلب العتاب أو المساءلة.
ان (الاحتياط) هو سبيل النجاة: کما وردت الاحاديث الشرعية بذلک وهذا يقتادنا الی ان نتبيّن بدقة موارد (الاحتمال)، اي: حتی لو احتملنا امکانية ان يکون في هذا السلوک او ذاک ما هو (شبهة)، فان الاحتياط يقتضي تجنب ذلک حتی لا نسمح لانفسنا بان نعاتب علی ذلک، او نحتمل عدم رضاه تعالی. وهذا هو دلالة الحديث ولکن ماذا عن بلاغته؟
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المتقدم بکونه حديثاً يتوکأ علی (الرمز)، والرمز هو: ما يرشح بعدة معان أو بمعنیً خاص غير مباشر، کما لو رمزت بکلمة (النور) الی (الايمان) مثلاً او الی الايمان والخير والرحمة.
المهم ان الحديث المذکور قد انتخب رمزاً هو (الطريق)، وجعله يرمز الی الماشي، حيث ان الماشي في طريقه الی المکان المقصود يعنيه الی ان يصل الی مکانه بسلامة وبدون مشقة، فاذا احتمل ان في هذا الطريق شوکاً يدميه، او لصّاً يسرق متاعه، أو حيوانا يفترسه، أو عدوّا يکن له ويتربص به السوء، أو - کما ورد في الحديث نفسه - خاف ان يتيه في الطريق حيث لا يعرف تماماً حدوده ودروبه وشوارع ومساکنه الخ، حينئذ سيتيه ويضل طريقه فيتعرض - لا اقل - الی الحيرة والازمات النفسية والتوتر والقلق.
اذن امکننا ان نتبين بوضوح مدی ما حملته عبارة الامام علي (عليه السلام) من بلاغة فائقه وهو (عليه السلام) إمام البلاغة بطبيعة الحال.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir