• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رد الدليل الثالث

وأما دليلكم الثالث، وهو قول عمر بن الخطاب بأن النبوة والحكم لا تجتمعان في أهل بيت واحد، فبطلانه وزيفه واضح، بدليل قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)(38).
فالكلام إن كان ينسب إلى عمر فهو دليل على عدم إحاطته بالآيات القرآنية ومفاهيمها!
وان كان عمر يرويه عن رسول الله (ص) فهو حديث مجعول، لأنه مخالف لكتاب الله الحكيم.
ثم نحن نعتقد بأن الخلافة تالية للنبوة ولازمة لها، فلا يطلق عليها اسم الحكومة والسلطنة، لأن سلطنة الخليفة لا تكون كسلطة الملوك وحكومتهم.
ثم إن خلافة النبوة عندنا كخلافة هارون لأخيه موسى بن عمران حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه: (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي واصلح)(39).
فإن يكن عندكم، أنه يحق للمسلم أن ينفي خلافة هارون لموسى، فإنه يحق له أيضا عزل علي عليه السلام من خلافة خاتم النبيين (ص).
فكما إن النبوة والخلافة اجتمعتا في أهل بيت عمران والد موسى وهارون، كما ينص القرآن فيه، كذلك اجتمعتا للنبي (ص) وعلي عليه السلام في بيت عبد المطلب، بالنصوص الكثيرة، منها: حديث المنزلة، وقد ذكرنا مصادره وتكلمنا حوله في الليالي الماضية.
ثم إن عمر بن الخطاب لما جعل عليا عليه السلام أحد الستة الذين عينهم في شورى الخلافة من بعده، قد ناقض حديثه بعمله، وإضافة إلى تناقض عمر، تناقض اعتقادكم لهذا الحديث، إذ أنكم إن تعتقدون بصحة كلام عمر في هذا المجال، فكيف تعتقدون بخلافة علي عليه السلام في الدور الرابع؟!! وهذا تناقض بين(40).
الشيخ عبد السلام: إن الكلام والنقاش حول هذا الموضوع لا يزيد المسلمين إلا افتراقا، وابتعادا لذلك نقول: كيفما كان الأمر فنحن ما كنّا في ذلك اليوم، وما حضرنا السقيفة حتى نلمس الأمر ونتحسس الأحداث، فنجد أنفسنا اليوم أمام أمر واقع، وقد حصل عليه الإجماع تدريجيا، فلا يجوز لنا أن نخالفه، بل يجب على كل مسلم أن يخضع له ويستسلم للأمر الواقع.
قلت: أما نحن فنقول: لا يجوز لأحد من المسلمين أن يعتقد بشيء من غير دليل شرعي، ويجب على كل مسلم أن يتبع الحق لا أنه يستسلم للأمر الواقع، فكم من ضلال وباطل قائم في الدنيا، فهل يجوز لمسلم أن يتبعه ويتقبله، ثم يقول: إنه أمر واقع وليس لنا إلا أن نستسلم للأمر الواقع؟!
فالإسلام دين تحقيق لا دين تقليد.
قال سبحانه وتعالى: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)(41).
فهل قول عمر أحسن أم قول رسول الله (ص)؟!
فهل يجوز لمسلم أن يترك هذه النصوص الجلية، والأحاديث النبوية المروية عن طرقكم، والمذكورة في كتبكم المعتبرة عندكم في شأن الإمام علي عليه السلام، وأن الحق بجانبه وهو مع الحق متلازمان لا يفترقان، ثم يتمسك بقول عمر بن الخطاب فيعتقد بخلافة أبي بكر، مع العلم بأن عليا عليه السلام أعلن بطلانها، وهو علم الهدى والكمال، والفاروق، بين الحق والضلال، فلذلك تبعه بنو هاشم وكثير من الصحابة، فأبوا أن يبايعوا لأبي بكر.
[ علا صوت المؤذن لصلاة العشاء فقطعنا الحديث، وبعد الفراغ من صلاة العشاء وبعد تناول الشاي ]..
افتتح الحافظ الكلام قائلا: لقد كررتم الكلام بأن عليا كرم الله وجهه وبني هاشم وكثير من الصحابة رضي الله عنهم، لم يرضوا بخلافة أبي بكر ولم يبايعوه، ونحن نرى التواريخ كلها اتفقت على أن سيدنا عليا وبني هاشم وجميع أصحاب رسول الله (ص) بايعوا أبا بكر.
قلت: نعم بايعوا.. ولكن كيف تمت البيعة؟!
أما قرأتم في كتب التاريخ والحديث أن عليا عليه السلام وبني هاشم وكثيرا من كبار الصحابة، ما بايعوا إلا بعد ستة اشهر بالتهديد والجبر، إذ جردوا السيف على رأس الإمام علي عليه السلام وهددوه بالقتل إن لم يبايع!
الحافظ: إني أعجب من جنابك، كيف تتفوه بهذا الكلام الذي ما هو إلا أساطير جهلة الشيعة والعوام، وقد أكد غير واحد من المؤرخين أن سيدنا عليا كرم الله وجهه بايع أبا بكر في خطبة خطبها من غير جبر وإكراه.
قلت: ولكن الخبر الذي اتفق عليه أعلامكم من أصحاب الصحاح والمؤرخين، وصرح به البخاري في صحيحه 3/37 باب غزوة خيبر، ومسلم بن الحجاج في صحيحه 5/154 باب قول النبي (ص): لا نورث، مسلم بن قتيبة في الإمام ة والسياسة: 14، والمسعودي في مروج الذهب 1/414، وابن أعثم الكوفي في الفتوح، وابو نصر الحميدي في الجمع بين الصحيحين، أخرجوا: أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا إلا بعد ستة أشهر.
وروى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 6/46 عن الصحيحين عن الزهري، عن عائشة...... فهجرته [ أبا بكر ] فاطمة ولم تكلمه في ذلك حتى ماتت، فدفنها عليا ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وفي الخبر: فمكثت فاطمة ستة أشهر ثم توفيت.
فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي ستة اشهر؟!
قال: ولا أحد من بني هاشم، حتى بايعه علي.
وذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، صفحة 13(42)، تحت عنوان " كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه " قال: وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها!
فقيل له: يا أبا حفص! إن فيها فاطمة!
فقال: وإن....
وبعد عدة أسطر يقول: فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله! ما ذل لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة!
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا(43) عليا فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع.
فقال: إن لم أبايع فمه؟!
قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك!
قال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله.
قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا.
وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟!
فقال: لا أكرهه على شيء ما دامت فاطمة إلى جنبه.
فلحق علي بقبر رسول الله (ص) يصيح ويبكي وينادي (قال ابن أم إن القوم استضعفوني ثم كادوا يقتلونني)(44).
بعدما سمعت هذا الخبر، إعلم بأن كلامك كذب وزور وافتراء علينا ، لأنك تعلم بأن هذا الخبر ليست من أساطير جهلة الشيعة وعوامهم، بل مما نقله كثير من أعلامكم وعلمائكم في كتبهم المعتبرة لديكم.
واعلم أن مسؤوليتكم ـ أنتم العلماء ـ خطيرة تجاه الجهلة والعوام ، لأنهم يأخذون منكم وينقلون عنكم،وقد قيل: إذا فسد العالِم فسد العالَم.
الحافظ: مقصودنا من أساطير الشيعة، هي الأخبار الكاذبة التي وضعوها، مثل هجوم القوم على بيت فاطمة الزهراء، وحرق الباب، وضربها حتى سقط جنينها، وأن عليا أخرجوه من الدار قهرا، وأخذوا منه البيعة جبرا، وأمثال هذه الأخبار المجعولة التي تتناقلها الشيعة في مجالسها بلوعة وحنين وحرقة الواله الحزين.
قلت: إما أن معلوماتكم التاريخية ومطالعاتكم لهذه القضايا ضعيفة، وإما تعرفون وتحرفون!
ثم تبعا لأسلافكم، تتهمون الشيعة المظلومين بوضع الأخبار وجعل الحديث، وأتباعكم الغافلون يصدقونكم فيحسبون الشيعة كذلك، بينما هذه الأخبار التي تنكرها وتقول إنها أساطير الشيعة، كلها مذكورة في كتبكم، ومنقولة من طرقكم ورجالكم.
وسأنقل بعضها، حسب اقتضاء الوقت والمجلس، حتى يعرف الحاضرون المنصفون، صدق كلامي، ويتبين لهم، أنك حائف، وكلامك زائف، ومقالك جائف.

_______________________
38- سورة النساء، الآية 54.‏
39- سورة الأعراف، الآية 142.‏
40- قال ابن ابي الحديد في شرح النهج 12/52ـ54 ط دار إحياء التراث العربي: قال: ‏وروى عبد الله بن عمر، قال: كنت عند أبي يوما وعنده نفر من الناس، على أن قال: ‏ـ فقال [ أي أبوه عمر ]: يا بن عباس! أتدري ما منع الناس منكم؟!‏
قال: لا يا أمير المؤمنين.‏
قال: لكني أدري.‏
قال: ماهو يا أمير المؤمنين؟
قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة، فتجخفوا جخفا، فنظرت قريش ‏لنفسها فاختارت، ووفقت فأصابت.‏
فقال ابن عباس: أيميط أمير المؤمنين عني غضبه فيسمع؟!‏
قال: قل ما تشاء.‏
قال: أما قول أمير المؤمنين: [ إن قريشا كرهت ] فإن الله تعالى قال لقوم: (ذلك ‏بأنهم كرهوا ما أنزل اله فأحبط أعمالهم) سورة الاحزاب:19.‏
وأما قولك: [ إنا كنا نجخف] فلو جخفنا بالخلافة لجخفنا بالقرابة، ولكنا قوم أخلاقنا ‏مشتقة من خلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي قال الله تعالى: ( وإنك ‏لعلى خلق عظيم) سورة القلم: 4.‏
وقال له: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) سورة الشعراء 215.‏
وأما قولك: فإن قريشا اختارت: فإن الله تعالى يقول: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما ‏كان لهم الخيرة) سورة القصص:86. وقد علمت يا أمير المؤمنين ان الله اختار من ‏خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت قريش.‏
فقال عمر: على رسلك يا بن عباس، أبت قلوبكم يا بني هاشما الا غشا في أمر ‏قريش لا يزول، وحقدا عليها لا يحول.‏
فقال ابن عباس:مهلا يا أمير المؤمنين لا تنسب هاشما الى الغش، فإن قلوبهم من ‏قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي طهره الله وزكاه، وهم أهل البيت الذين ‏قال الله ‏تعالى لهم: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) سورة ‏الاحزاب:33.‏
وأما قولك " حقدا " فكيف لا يحقد من غصب شيئه ويراه في يد غيره ؟!‏
فقال عمر: أما أنت يا بن عباس، فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول ‏منزلتك عندي.‏
قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟! أخبرني به فإن يكن باطلا فمثلي أماط الباطل عن ‏نفسه، وإن يك حقا فإن منزلتي عندك لا تزول به.‏
قال: بلغني أنك لا تزال تقول: أخذ هذا الأمر منكم حسدا وظلما
قال: أما قولك يا أمير المؤمنين: " حسدا " فقد حسد ابليس آدم، فأخرجه من الجنة ‏فنحن بنو آدم المحسود.‏
وأما قولك: " ظلما " فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو!‏
ثم قال: يا أمير المؤمنين! ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله واحتجت ‏قريش على سائر العرب بحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنحن أحق برسول ‏الله من سائر قريش. ‏
((المترجم))
41- سورة الزمر، الآية 17ـ18.‏
42- من الطبعة القديمة، وفي ص 30 من الطبعة المصرية.‏
43- أيها القارئ الكريم! ان ابن قتيبة في نقله يراعي جانب الشيخين، فلا ينقل ‏الخبر بتمامه، فلا يقول كيف أخرجوا عليا، فالاخراج حصل بعدما اقتحموا الدار ‏وهجموا، وكانت فاطمة خلف الباب، فعصرت وصار ما صار، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ‏
((المترجم))
44- سورة الاعراف، الآية 150.‏


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page