سماحة الشيخ مصطفى الطائي:
بسم الله الرحمن الرحيم, المناظرة السابعة التي جرت في غرفة الشيخ عثمان الخميس.
الشيخ أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
أعتقد أن الصوت واضح, يا إخوان قبل كلّ شيء السلام عليكم, كان هنالك خطأً فنياً, طيب إذن جيد لعلنا نستمع إلى الشيخ عثمان وإن شاء الله كالعادة نبدأ, أنا أرى الوقت أيضاً قد تأخر, لكن يا حبذا نسمع أولاً من الشيخ عثمان, ثم من الشيخ الدكتور عصام ونبدأ إن شاء الله, تفضل يا دكتور, عفواً, تفضل يا شيخ عثمان لكم اللاقط.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وإمامنا وحبيبنا وقرّة عيننا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد؛ فحياكم الله جميعاً في هذه الغرفة, ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى, وأن نصل جميعاً إلى الحق, وأن نقول كلما ابتدأنا هذا الحوار: (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين), فلذلك أقول: حياكم الله تبارك وتعالى وأهلا وسهلاً بكم, وأهلا وسهلاً بالدكتور الشيخ عصام, نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياه إلى الحق والعمل بمقتضاه, وأترك له الآن المجال لكي يتكلم، فليتفضل.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, رب اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي, وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.
إخوانـي في البداية يجب أن أشكر الجميع, ويجب أن أقول: إن من حق الوحدة الإسلامية المقدسة علينا أن ندافع عنها ضد المطاعن التي وجهت إليها، لاسيما بعد أن تبين لنا أن هناك مؤامرة حاقدة صليبية لإثارة الفتنة بين الوهابية وبين الاثني عشرية من جهة وبين الوهابية وأهل السنة من جهة ثانية.
و قد رأينا أن فشل هذه المؤامرة لن يتم إلا من خلال الدعوة للتقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية.
فأنا أدعو ليس للتقريب بين السنة وبين الاثني عشرية فحسب, بل أطالب بالتقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية، وكذلك بين الوهابية وبين السنة أيضاً, ولن يتم التقريب إلا من خلال الحوار الأخوي الهادئ.
وما زلنا في هذه الجلسات نتحاور حول (آية التطهير) وحول (حديث الكساء)، والحوار بيني وبين الأخ سماحة الشيخ عثمان هو حوار أخوي يواجه الفكرة الوهابية المحترمة بالفكرة الاثني عشرية المحترمة, على سبيل الحكمة والمودة والأخوة الإسلامية العظيمة بين الاثني عشرية وبين الوهابية.
نسأل الله أن يوحد بين المسلمين من الاثني عشريين ومن أهل السنة، آمين يا رب العالمين.
الشيخ أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
طيب جزاكم الله خيراً, ما أدري إذا كان الشيخ عثمان يشير علينا ان نبتدئ حتى نكون حريصين على الوقت لعل الشيخ يبين إن شاء الله, وإذا أراد الشيخ يبتدئ إن شاء الله حتى لا نضّيع الوقت.
سماحة الشيخ عثمان الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم, كلام الشيخ الدكتور عصام في البداية عندما يقول عن التقريب بين الوهابية وأهل السنة والتقريب بين الشيعة والوهابية.
أولاً: لا بدّ أن يعرف الشيخ الدكتور عصام ويعرف كل أحد إننا لا ندعو إلى التقريب أبداً, ولكن ندعو إلى اتباع الحق, ندعو إلى اتباع الكتاب والسنة، لا ندعو أبداً إلى التقريب, لا نريد التقريب, ولكن نريد التوحّد على الحق، أن نتوحّد جميعاً على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله, نريد هذه المسألة.
وكذا الشيخ الدكتور عصام حول التقريب بين الوهابية وأهل السنة, وقد ورد كثيراً في كلام الشيخ الدكتور عصام من هذا الكلام؛ كأنه يقول للناس إن الوهابية غير أهل السنة, وإن هناك طائفة الوهابية ولها الأتباع وإن عثمان الخميس من الوهابية وفلان من الوهابية وفلان ليس من الوهابية, يعني هذا الكلام إني أرى فيه تلبيس على الناس؛ فأرجو أن يترك هذا الكلام، وأنا قلت أكثر من مرة: أنا لا أقول لكم أيّها الرافضة، ولكن أقول الشيعة الاثني عشرية كما تحبون أنتم، ولا ألبِّس على أحد شيئاً من هذا.
فرجاء! يعني إذا قلت: إنني من الوهابية, وقلت: إنّ هذا لا يضرني أبداً ولا أتضايق منه, ولكنك تدعي أن الوهابية غير أهل السنة, وإنه ستقرب بين الوهابية وأهل السنة أو السنة يتقربون من الوهابية! هذا كلام باطل قلباً وقالباً، الوهابية أهل السنة، وأهل السنة وهابية، هذا كلام باطل لا يوجد شيء اسمه وهابية! ولا دعوة وهابية! ولا ناس وهابيين! وإنما شخص نبه الناس على اتباع الكتاب السنة يقال له: محمد بن عبد الوهاب, فالتزم الناس بالكتاب والسنة، ولذلك لا تجد رجلاً يقول: أنا وهابي! إنما سمعناه من الدكتور الشيخ عصام العماد الذي يقول: أنا وهابي!
وأنا الآن وهابي في دعوى الشيخ الدكتور عصام ولا أذكر يوماً بأني قلت لشخص: إنني وهابي, ولا أعرف أحدا يقول: إنني وهابي، ولكن أعرف الكثيرين يقولون: نحن أهل السنة والجماعة, أو نحن سلفيون أو ما شابه ذلك من الكلمات الطيبة.
فلذلك أرجو أن لا يحاول الشيخ الدكتور عصام أن يفرق بين الوهابية وأهل السنّة بمثل هذه الكلمات التي لا يمكن أن نقبلها أبداً.
وحقيقة وكما قلت قبل قليل: يحتاج الشيخ الدكتور عصام إلى أن يبيّن لنا لماذا فرّق بين الإرادة هنا (يعني: في آية التطهير) والإرادة هناك (يعني: في غير آية التطهير)، ومَن مِن علماء الشيعة يفرق بين الإرادتين أصلاً؟
وهل الشيعة كذلك يقولون: إن الإرادة تكون بمعنى في مكان وتكون بمعنى آخر في مكان آخر؟ ومن ادعى ذلك؟ ولماذا خصّ هذه الآية (يعني: آية التطهير) بالإرادة الخاصّة وغيرها من الآيات بإرادات أخرى غير هذه الإرادة, وتفضل يا دكتور.
أبو أحمد البكري:
تفضل يا دكتور لك اللاقط.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, كما قال العلماء، من علماء أهل السنة ومن علماء الوهابية ومن علماء السلفية, ومن علماء الاثني عشرية: إنه لا مشاحة في المصطلحات. فأنا عندي من الأدلة الكثيرة والتي تميز بين الأشاعرة وبين الوهابية, والوهابية يرون أنهم أهل السنّة! والأشاعرة يرون أنهم أهل السنة! والماتريدية يرون أنهم أهل السنة! والسلفية يرون أنهم أهل السنة!!
المهم ليس قصدي التوهين، مجرد مصطلح فأرجو أن لا يأخذ أخي سماحة الشيخ عثمان إني في هذا أقصد توهين، والله ما أقصد توهين الشيخ, والله يعلم بسرائر القلوب, ولكن أريد أن تكون هنالك دقة علمية في التمييز بين المذاهب الإسلامية حتى لا يحدث خلط بين السلفية وبين الوهابية أو خلط بين الوهابية وبين أهل السنة, أو بين الأشعرية وبين الوهابية. حتى أنت تعرف بأنّه من مشايخك ومن زملائك الذين كتبوا في رسالات جامعية, في جامعة الإمام محمد بن سعود تحت عنوان (موقف الإمام ابن تيمية من الأشاعرة), فهناك أشياء كثيرة، وإن شاء الله في المستقبل نخصص جلسة كاملة أو جلسات عديدة في البحث في الفرق بين أهل السنة وبين الوهابية, وسأذكر لك بلغة الأرقام والأدلة أن الوهابية غير أهل السنّة, وإنّ هنالك خلافاً بين أهل السنة والوهابية, وهنالك خلافاً بين السلفية وبين الوهابية, وأثبت لك كذلك بأنك من الخط الوهابي, ولكن ليس الآن، فأنا في عقيدتي ـ لأنني أنا ليس من طبيعتي أن أجامل أحد ـ، أنت من الوهابية, وحتى مشايخك من الوهابيين, ولكن ذلك ليس موضوع الحوار هنا, موضوعنا الرئيسي هو (حديث الكساء) و(آية التطهير)؛ فأريد الآن أن أبدأ بالبحث, وأن أبيّن أنه يوجد فرق بين الإرادتين بسبب اختلاف السياق. أنا لا أريد أن أدخل معك في بحث جدلي كلامي عن الفرق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية.
أريد بكل بساطة وبلغة بسيطة يفهمها جميع الناس أن أقول لك: إنّ هنالك فرقاً لمن راجع القرآن الكريم وقرأ هذه الآية: (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، إن الله يفعل ما يريد), هذه آية ذكرت فيها الإرادة وهي لفظ (يريد) كما في الآية الكريمة.
آية أخرى: (إن ربك فعال لما يريد) كما في سورة هود الآية رقم (107).
وآية أخرى: (ذو العرش المجيد فعال لما يريد).
وآية أخرى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
هل هذه فيها فضيلة لأحد إنها مجرد إرادة مجردة ليس فيها أي فضيلة، فالآية الموجودة في أهل البيت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت..)، هنا فيها فضيلة لأهل البيت.
بغض النظر عن البحوث الكلامية والفلسفية أنا لا أريد أن أدخل معك في جدل عقيم في الفرق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية؛ لأننا قد تحدثنا كثيراً في هذا الموضوع, ولكن أريد أن أبيّن أن النظرة الأولية إلى سياقات هذه الآيات ـ كما يقول العلماء ـ سوف تجعل الإنسان يفهم أنّ هنالك فرقاً بين الإرادة في هذه الآية (آية التطهير) وبين غيرها.
مثلاً الآية الأخرى التي تقول: (يا أيّها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا أو كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) هل هذه فضيلة؟ هل في هذه الإرادة فضيلة؟ وهل عندما يقول الله: (ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته) هل هذه فضيلة؟ هل قال أحد إن هذه الآية من فضائل المؤمنين لأن الله قال: (يريد ليطهّركم وليتم نعمته)؟! وهل قال أحد: إن هذه الآية نزلت في فضائل المؤمنين أم أنّها نزلت من أجل مسألة تشريعية تتعلق بالصلاة.
أما آية (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) فأبسط عالم من المفسرين من القدماء، قال: إن هذه الآية فيها دلالة على فضيلة لأهل بيت النبوة. ومن هنا ذكرها الإمام مسلم صاحب الصحيح ـ رضوان الله عليه ـ في باب فضائل أهل البيت, ولو كانت الإرادة في هده الآية كالإرادة الموجودة في آية الصلاة. لما ذكر الإمام مسلم آية التطهير في باب فضائل أهل البيت, أنا أريد أن يكون الإنسان منصفاً, ودعك من قضية تكوينية أو تشريعية, و تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
نعم, أنا أبيّن إن شاء الله تعالى كلامه:
بالنسبة للأشاعرة بأنهم يقولون: نحن أهل السنة!
أنا لم أشكك بهذا, كل يدعي أنه صاحب الحق، إن الله تبارك وتعالى قال: (كل حزب بما لديهم فرحون), فإذا كان الأمر كذلك فالإسماعيليون يقولون إنهم الشيعة الحقيقيون, والقرامطة يقولون نحن الشيعة الحقيقيون, والزيدية يقولون: نحن الشيعة الحقيقيون, وغيرهم كثير من الشيعة.
وإذا كان أنا لم أتهمك بأنّك لست شيعياً وأسميك مثلاً رافضياً أيضا لتخالف أولئك, لأن أولئك يدّعون أنّهم شيعة.
وأرجو أن لا تفرق بين السنة والوهابية مرة ثانية.
وأنا سألتك مَن مِن علماء الشيعة يفرّق بين الإرادتين؟ مَن مِن علماء الشيعة يقول: الإرادة في كتاب الله تعالى لها في مكان معنى وفي مكان ثانٍ لها معنى آخر.
هذا كلام أهل السنة والجماعة، أهل السنة هم يقولون: بأن هناك إرادة شرعية وإرادة قدرية, لكن أنت هل تفرق بين الإرادتين؟ هل تعتقد أنت أن هناك إرادتين: إرادة شرعية وإرادة قدرية؟ تفضل يا دكتور.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ما ذكرته بالنسبة أن الإسماعيلية يدّعون بأن هم من الشيعة لكن أنت تعلم أنّهم لا يقولون نحن من الاثني عشرية، فهذا المثال خاطئ, يعني كما هو واضح لو سألت أي إسماعيلي في العالم لن يقول لك: أنا من الاثني عشرية ولو سألت أي زيدي لن يقول لك: أنا من الاثني عشرية, ولكن لو سألت أي أشعري سيقول لك: أنا من أهل السنة، ولو سألت أي (ماتريدي) سيقول لك: أنا من أهل السنة, ربما يوجد عندكم فهم خاطئ بالنسبة لهذه المسألة.
أما الوهابي يقول: أنا من أهل السنة والسلفي يقول: أنا من أهل السنة, والماتريدي يقول: أنا من أهل السنة! فلا يوجد أي إسماعيلي في العالم يقول: نحن من الاثني عشرية, ولا يوجد أي زيدي في العالم يقول: نحن من الاثني عشرية.
فهذه مسألة يجب أن تلتفت إليها, أما مسألة الفرق بين الإرادتين ففي الحقيقة يوجد الكثير من الذين حضروا في الجلسة الماضية فهموا من كلامك ذلك, يعني تبيّن أن فيها فضيلة؛ فلذلك أنا أردت أن توضح هذه المسألة, يعني إنك توضح أنّ هذه الآية فيها فضيلة لأهل البيت؛ لأنك من كثرة الإشكالات التي طرحتها حول هذه الآية أصبح المستمع يقول: إذن ليس في آية التطهير فضيلة لأهل البيت! في الحقيقة أنّ هذه الآية قُتلت بسبب كثرة الإشكالات التي طُرحت حولها, ولذلك أنا قلت لك أكثر من مرة: إنّ كيفية تعاملك مع هذه الآية يختلف عن كيفية تعامل أهل السنة مع هذه الآية, ولذلك أنا أؤكّد على مسألة التفريق بين الوهابية وبين أهل السنة, يعني كيفية تعامل علماء أهل السنة مع فضائل أهل البيت ـ رضوان الله عليهم ـ يختلف اختلافاً جذرياً عن كيفية تعامل الوهابية مع فضائل أهل البيت. وهذا ما سيتبين في البحوث بيني وبينك. الآن ربما تبين بشكل صغير, ولكن في المستقبل سوف يتبيّن بشكل كبير وسوف أذكر ذلك كدليل مؤكد، فأنا قد بينت في الجلسة الماضية ولم تجب, أنه لماذا خرجت عن منهج أهل السنة في التعامل مع آية التطهير؟ أنت مثلاً في محاضراتك وفي كتابك أيضاً (كشف الجاني محمد التيجاني) تذكر أنّ أهل السنة قالوا: إن هذه الآية في نساء النبي! وهذه ليست أمانة علمية, فأهل السنة كانوا أمناء في الحقيقة، كانوا إذا جاءوا إلى آية يذكرون الأقوال المختلفة حول الآية فيها ثم يأتي العالم السني ويرجّح رأيه.
يقول: ذهب أهل العلم إلى القول الأول والقول الثاني والقول الثالث وأنا أرجّح القول الأول, لكن الآن لم تعد هذه المسألة بهذا الشكل, لم يعد الأسلوب والمنهج والأمانة العلمية التي كانت موجودة عند أهل السنة في القديم موجودة عند الوهابية المعاصرة! لأن الجانب الإعلامي وجانب الرد وجانب مواجهة الخصم غلب على المتأخرين من الوهابيين, بينما كان قدماء أهل السنة يتعاملون مع الآية بعيداً عن الرد وعن مواجهة الآخر.
فلذلك لا تتألم بأنني أفرّق بين الوهابية وبين أهل السنّة, لأنني والله إنني أعتقد اعتقاداً جازماً أن أهل السنة كانوا أعدل منكم بكثير في التعامل مع فضائل أهل البيت وفي التعامل مع الاثني عشرية, وأننا كلما رأينا موقفكم من أهل البيت أو موقفكم من الاثني عشرية قلنا: رضي الله عن الإمام مجد الدين ابن الأثير, ورضي الله عن أئمة أهل السنة القدماء؛ لأن منهجكم يختلف عن منهجهم؛ سواء في طريقة التعامل مع أهل البيت أو في طريقة التعامل مع أتباع أهل البيت, وتفضلوا معكم المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, أنا ليس عندي أمانة علمية لأنني لم أذكر القول الثاني حول آية التطهير! أنا الآن أناقشك الآن هنا في هذه المحاضرات أو المناظرات أو المحاورات أو الجلسات, هذه التي تمت الآن, أنا ليس عندي أمانة علمية, أنا لا أريد أن أنتقم لنفسي, التيجاني هل كانت عنده أمانة علمية عندما رددت عليه؟ هل نقل نقولاً صحيحة من أهل السنة؟ ولا أريد الخوض في موضوعات التيجاني, فليس هو بحاضر الآن، ولكن موضوعي معك الآن.
أنا لا أريد أن أنتقم لنفسي، لا أريد أن أرد عليك في هذه, ولكن الآن أدخل في الموضوع هذه الحوارات شخصية لا يستفيد منها الناس، ماذا في (آية التطهير)؟ تفضل.
السيد أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
طيب دكتور لك اللاقط, إنه أخوة كثيرين كتبوا لنا إن شاء الله بعد انتهاء الوقت الضائع إذا وافق الشيخ طالما أن الشيخ الدكتور عصام يكرر التفريق بين أهل السنة والوهابية نريد أن كان مجالاً في نهاية الوقت يعطينا بعض الأمثلة في الأمور فيما يتعلق بالعقيدة، ما هو الفرق بينهما إن شاء الله، تفضل دكتور عصام لك اللاقط الآن.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, في الحقيقة أننا من خلال التزامنا بالسنة النبوية والتزامنا بحديث الكساء نرى أن عبارة أهل البيت في آية التطهير قد فسرها النبي من خلال حديث الكساء, وكان بالإمكان لولا حديث الكساء أننا نفسر أهل البيت في آية التطهير أنها تتعلق بصلة القرابة أو بالنسب أو بزوجات النبي أو أنها تشمل هؤلاء جميعاً والأبناء والذرية, لكننا نجد ونتساءل ـ وهذا للأسف ما لم أجد الجواب عنه إلى الآن عند سماحه الشيخ عثمان الخميس ـ هل إن عبارة أهل البيت في (حديث الكساء) وفي (آية التطهير) تنصرف إلى المعنى العرفي المتداول بين الناس في زماننا هذا الذي يطلق على عيال المرء وعلى زوجة المرء؟
إن كلمة أهل البيت في آية التطهير لولا (حديث الكساء) ولولا كلام النبي لأخذنا بالمعنى العرفي وقلنا: إنها تشمل الزوجات وتشمل بني هاشم وتشمل أبناء عمّ النبي وتشمل الجميع, لكننا نرى أن هذا المعنى العرفي المستفاد للزوجة قد صرفه النبي عندما أتى (بحديث الكساء), فنجد أن أقوال الشرّاح لحديث الكساء عندما تناولوا (حديث الكساء) وجدوا أن النبي ذكر كلمة أهل البيت ثم ذكر مصاديق أهل البيت؛ الإمام علي، فاطمة، الحسن، والحسين, ثم أدار الكساء عليهم, فبالتالي النبي هنا فسّر (آية التطهير), فلماذا نريد أن نفسر آية فسرها النبي؟!
هناك حديث أجمع المسلمون على صحته, وقد بيّنت في الجلسات الماضية إن هذا الحديث ثابت بإجماع المسلمين, وأنا أتعجب كثيراً لماذا نخالف كلام النبي؟!
إنّ كلمة أهل البيت في آية التطهير كلمة عامة ممكن تطلق على نساء النبي، تطلق على العباس تطلق على الجميع، لكن النبي جاء وفسر وأدخل هؤلاء, فبيّن لنا المراد من أهل البيت, ولكننا نجد أن تشكيكات وإشكالات سماحة الشيخ عثمان الخميس حول آية التطهير, وحول حديث الكساء شملت كثير من الأمور وخالفت في الحقيقة الكلام الصريح للنبي الأكرم؛ فنجد أن النبي يقول: [أذكركم الله في أهل بيتي] وأنا أرى أنّه لو التزمنا بقوله: [أذكركم الله في أهل بيتي] لقلنا إن حديث الكساء هو الذي فسّر آية التطهير لوا التزمنا بما قاله النبي في أهل البيت, فلو كان حديث الكساء يشمل غير الأربعة من أهل البيت، يعني أراد النبي من (حديث الكساء) غير هؤلاء الأربعة, لماذا لم يدخلهم النبي في الكساء؟ وما هو الفرق بين أهل البيت داخل الكساء وأهل البيت خارج الكساء؟ ولماذا أدخلهم النبي في كساء دون غيرهم وحصرهم وأكد على إدخالهم في ذلك؟ و أنا لا أدري إذا كان النبي يذكّر بأهل بيته ثم يبيّن من هم, فلماذا يتفنن هؤلاء في صرف كلام النبي إلى ما يريدون؟
وسوف أطرح في هذه الجلسة خلاصة الشبهات التي أثارها أخي الشيخ عثمان حول (آية التطهير) وحول (حديث الكساء), حتى يتبيّن لكم كيف يتعامل الشيخ عثمان مع فضائل أهل البيت.
وعلى الرغم من أنّ حديث الكساء دلّ على تخصيص علي وفاطمة والحسن والحسين, وإخراج غيرهم من الموجودين في زمن النبي, بدليل أنّ النبي دعا هؤلاء الأربعة, ولو شاركهم غيرهم في كونهم من أهل البيت حسب المعنى الشرعي لا المعنى العرفي المتداول بين الناس ـ والمعنى اللغوي الذي يشمل جميع الأقرباء ـ لكان النبي سيدعو غير هؤلاء الأربعة.
ومن الأدلة أنّ النبي أراد هؤلاء الأربعة لا غيرهم, إنّ النبي قال: [اللهم إن هؤلاء أهل بيتي] مؤكداً للحكم بحصر أهل بيته المطهّرين.
ومن الأدلة ـ أيضاً ـ على أنهم الأربعة أنه أدخلهم في الكساء دون غيرهم, ليكون بياناً بالفعل والحركة بعد البيان بالقول والكلمة.
و من الأدلة ـ أيضاً ـ على الحصر للمطهرين وأن هؤلاء هم الأربعة دون غيرهم؛ أنّه أدخلهم في الكساء دون غيرهم, ليكون بياناً بالفعل والحركة بعد البيان والكلمة, ومن الأدلة أيضاً على الخصوص للمطهرين, وأن هؤلاء هم الأربعة دون غيرهم أنّ النبي كرر جملة [اللهم هؤلاء أهل بيتي] من أجل التأكيد على حصر أهل البيت المطهرين في هؤلاء الأربعة ليرفع توهّم دخول غيرهم فيهم, وهذه طريقة التأكيد اللفظي عند جميع علماء اللغة من السنة ومن الوهابية ومن الاثني عشرية.
ومن الأدلة على الحصر ـ أيضاً ـ أننا نجد أن جملة [اللهم إنّ هؤلاء أهل بيتي] تحتوي على المسند إليه, وهي عبارة [أهل بيتي], هذا المسند إليه أشار إليه النبي باسم الإشارة (هؤلاء), وقد ذكر علماء المعاني في كل كتب المعاني أن تعريف المسند إليه باسم الإشارة يفيد تمييز المسند إليه، بأكمل أنواع التمييز والتخصيص كما هو ثابت عند علماء المعاني.
ومن الدلالة ـ أيضاً ـ على أن النبـي حصر أهل البيت في زمانه في هؤلاء الأربعة؛ عندما أرادت أم سلمة أن تدخل في الكساء فدفعها كما هي الروايات الكثيرة في ذلك بأن قال لها: [مكانك أنت إلى خير].
فقد صحح الإمام ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ رواية أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ , ومن الأدلة أيضاً أنه ورد في صحيح مسلم رواية صريحة في أنّ أهل البيت المطهّرين هم هؤلاء الأربعة, ولم يدخل النساء كما فـي رواية (حديث الكساء) في صحيح مسلم, لم يدخل النساء، ولم يدخل عائشة ـ رضي الله عنها ـ , انظر صحيح مسلم كما في رواية عائشة, وانظر ما قاله إمام أهل السنة في زمانه الآلوسي في تفسيره (روح المعاني) في الجزء (22) الصفحة (14), والآلوسي هذا لا يطعن فيه أحد من الوهابية وفي هذا يقول الآلوسي: [وأخبار إدخاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علياً وفاطمة وبنيهما الحسن والحسين ـ رضي الله عنهم ـ تحت الكساء وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم هؤلاء أهل بيتي), والدعاء لهم وعدم إدخال أم سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصة لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت].
فالمراد بأهل البيت من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه, ولكنني إلى الآن لم أعرف لماذا خالف الشيخ عثمان كبار أهل السنة؟ تفضل أجب عن ذلك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, أعيد: [عن زيد بن أرقم، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله ثم قال وأهل بيتي, فقال الحصين: ومن أهل بيته يا زيد؛ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال نساؤه من أهل بيته].
الطحاوي ذكر الحديث الذي يقول عن أم سلمة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع فاطمة والحسن والحسين ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جأر إلى الله تعالى: [ربي هؤلاء أهل بيتي] قالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله أتدخلني معهم؟ قال: أنت من أهلي!
ثم كذلك أنا سألت سؤالاً وأعيد وأكرر وأرجو أنا أسمع جواباً, هل كان علي وفاطمة والحسن والحسين مطهرين؟
ثم كذلك يقول: هذا دليل على الحصر.
أنا سألت أكثر مِن مرة مَنْ مِنْ علماء اللغة قال إن هذا المعنى يدل على الحصر؟ ولم تنقل إلى الآن قولاً سألت هذا السؤال الآن، وهذه سابع مرة أسألك: مَنْ مِنْ أهل اللغة تنقل عنه أنه يقول: إذا قال الرجل: [هؤلاء أهل بيتي] تدل على الحصر؟ فلم تنقل عن أحد منهم أبداً, فهل هذا قولك أنت؟ هل أنت من علماء اللغة الذين يعتمد قولهم ويكون هذا رأيك أنت وينسب إليك دون علماء اللغة؟
فالذي أقوله هنا: إن قضية هؤلاء هم أهل البيت فقط هذا كلام باطل, وأعيد وأكرر الآن إن كانوا هم أهل البيت ودعا لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونزلت فيهم (آية التطهير) لكان ماذا بعد ذلك؟.. نعم.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً: إنك قرأت الحديث بطريقة ليست فيها أمانة علمية, فالحديث كما هو في صحيح مسلم, وكما هو أيضاً في شرح صحيح مسلم للنووي، شرح صحيح مسلم في الشرح أقول لك, وأنا سأذكر لك الشرح حتى لا تقول كما قلت في الجلسة الماضية: إنّه لا يميز بين الشرح والمتن! سأذكر لك المتن من صحيح مسلم ـ أولاً ـ ثم أذكر لك ماذا قال النووي في شرح المتن الوارد في صحيح مسلم.
شرح صحيح مسلم للإمام النووي, الجزء (15), دار المعرفة, الطبعة السادسة لسنة 1420 هـ , تحقيق الشيخ مأمون شيحه, من الصفحة (169 ـ 177) باب فضائل الإمام علي: حديث الثقلين: [ألا وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله عز وجل, هو حبل من اتبعه كان على هدى... الخ, إلى أن يذكر وفيه:
فقلنا: (يعني نسأل زيد بن أرقم): من أهل بيته؛ نساؤه؟ قال: لا و ايم الله ـ هذا الكلام من المتن لا من الشرح ـ إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها, أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده].
هذا كلام رواية في صحيح مسلم, من المتن.
نأتي إلى شرح الإمام النووي, ماذا قال الإمام النووي في شرح لهذه الرواية؟
قال الإمام النووي ـ رضوان الله عليه ـ: (وأما قوله في الرواية الأخرى نساءه من أهل بيته...) وردت رواية تقول: نساؤه من أهل بيته, ووردت رواية أخرى تقول: نساؤه لسن من أهل بيته! فقال الإمام النووي في الجمع بين الروايتين: الرواية التي تقول إن نساءه من أهل بيته, والرواية التي تقول: نساؤه لسن من أهل بيته, قال الإمام النووي: يجمع بين هذا التناقض..
هنالك تناقض في الحقيقة, رواية تقول النساء من أهل بيته, ورواية أخرى تقول: النساء لسن من أهل بيته, قال الإمام النووي بالحرف الواحد: وأما قوله في الرواية الأخرى: النساء من أهل بيته, وقوله: نساؤه لسن من أهل بيته قال ـ انظر كيف يحل الإمام النووي التناقض فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض ـ , قال: [والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته], انظر وتأمل في قوله!
قال الإمام النووي: [والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساءه لسن من أهل بيته]!
إذن, زيد بن أرقم لا يمكن أن يخالف النبي، إذا كان النبي حدد أهل البيت المطهّرين في حديث الكساء، زيد بن أرقم معاذ الله أن يخالف النبي.
وكلامي في هذه المناظرة هو عن أهل البيت المطهرين لا عن أهل البيت بالمعنى العرفي!
مشكلتك ـ يا شيخ عثمان ـ إنك لا تميز بين معنى أهل البيت بالمعنى العرفي وبين أهل البيت بالمعنى الشرعي! وهذه هي المشكلة التي سنظل ندور في حلقة مفرغة حولها!
قال الإمام النووي في الجمع بين الروايات؛ فتتأول الرواية الأولى على أن المراد أنّهن من أهل بيته الذين يساكنهم ويعولهم. إذن, فيجب أن تكون المسألة واضحة.
أما مسألة أنك تقول: إن السيد عصام يقوّلني ما لم أقل! فهذه ليست حقيقة وأقول: جزاك الله خيراً, وأنه قال: كذا ويقول غيَّر الحقيقة، فهذه ليست حقيقة, ولكن كما قلت لك: إنك تُسيء، فهم بعض كلامي, كما أنني أحياناً كذلك ربما أفهمك خطأ وأنت تفهمني خطأ.
فوالله ما تقوّلت عليك ولا على غيرك! وهل بيني وبينك عداوة شخصية حتى أتقوَّل عليك؟! وتفضل معك المايك.
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب, تفضل يا شيخ.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, يقول الشيخ الدكتور: إني قرأت الحديث بدون أمانة علمية.
أنا قرأته من (مشكل الآثار) كيف ما في أمانة علمية؟ وإذا يريد الحديث (حديث الثقلين) هذا قرأته من كتب الشيعة وليس من كتب السنة, أنا قلت: جميع الأحاديث التي ذكرتها من كتب الشيعة, وحديث مسلم قرأته مرتين هنا, فكيف يقول: ما عندي أمانة علمية؟ وأنا سألتك الآن هل طهرهم الله تبارك وتعالى؟ فقد خلقوا مطهرين. هل تنزل على فاطمة الدماء قبل هذا الدعاء؟ هل ولدت الإمام الحسن والحسين ونزل عليها دم النفاس أو لم ينزل؟ لما ولدت الإمام الحسن والحسين هل حاضت هل حاضت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ؟! وقبل أن يتزوجها الإمام علي وبعد أن تزوجها هل كانت تحيض؟ هل تنزل عليها الدماء الثلاثة قبل هذا الدعاء أو لم تكن تنزل؟
بينما في الجسلة الماضية تقول: أنا دائماً أجيب ودائما أرد!
أسئلة كثيرة, الغلاة إلى الآن ما أجبت من هم، هل هم من الغلاة أم ليس من الغلاة، الخوئي والخميني والمجلسي والمفيد؟ ما تجيب.
كل هذا لا تجيب ثم تقول: يتهرَّب! يغيَّر الكلام, لا يفهم، لا يعي، عنده شدّة على الشيعة في الكويت.
الحمد الله علاقتنا مع الشيعة في الكويت جيدة, ما عندنا أي مشكلة معهم أبداً, ندعوهم ويدعوننا ونحاورهم ويحاوروننا, وكثير منهم الحمد لله صاروا سنة, والحمد لله.
ولهذا القضية وما فيها نحن نريد أن يكون النقاش علمياً دقيقاً نقلاً ثابتاً، لا يكون الكلام جزافاً, تفضل دكتور عصام.
أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
دكتور لك اللاقط, تفضل.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, يعني نحن لسنا في غرفة مغلقة حتى الناس تصدق هذا الكلام, نحن في غرفة يحضرها مئات الناس, كل سؤال سألته أجبت عليه.
بالنسبة لكلام ابن الجوزي أجبتك عنه, أجبتك, ولكن لا أدري راجع الأشرطة ستجد الإجابة عنه.
أنت في الحقيقة تدعي ادّعاءً عليّ وتقول لم يجب! أجبتك عن ابن الجوزى بالتفصيل.
أتريد الآن أن تضيَّع وقتنا كما ضيعت وقتنا في الجلسة الماضية؟
بالنسبة لكلام الطحاوي نقلته لك وقرأته لك بالتفصيل.
لكن أنت لم تجبنِ أنه لماذا أدخل النبي الأربعة في الكساء وأدار الكساء عليهم؟
أن تأتي وتقول لي: إنّك تميز بين المعنى العرفي وبين المعنى الشرعي لعبارة أهل البيت, النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ جاء وقال: [سلمان منا أهل البيت], كما في الرواية الصحيحة، هل سلمان مِنْ أهل البيت؟ هذا معنى عرفي, سلمان منا أهل البيت, معنى عرفي.
أما مسألة حمزة رضي الله عنه فأنا أقول لك: النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: تركت فيكم، يعني هل النبي ترك حمزة؟ تركت فيكم الثقلين, فالنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ترك حمزة؟ أنا أتكلم معك عن العلاقة بين حديث الكساء وبين (آية التطهير), هل أحد من أهل السنة يقول: إن حمزة يعتبر من الثقل الذين تركهم النبي؟ النبي عندما يقول: تركت فيكم, هل معنى ذلك أنه ترك حمزة؟
أنت تكلمني عن الذين ماتوا في زمن الرسول واستشهدوا في زمن الرسول! بينما نحن نكلمك عن هذا السؤال, هل إذا كان حمزة موجوداً في تلك الحادثة, هل كان سيدخله في الكساء؟ لقد كان عمّه - صلى الله عليه وآله- أيضاً العباس موجوداً, ولكن لم يدخل في حديث الكساء.
مما بيّن أن للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ هنا كلمة وهي: إنّ النبي أعطى خصوصية لهؤلاء الأربعة ليست موجودة في حمزة ولا موجودة في العباس.
إذا كان حمزة موجوداً فمما لا شك فيه أنه لن يدخله في الكساء, والدلالة على ذلك أنّ العباس كان موجوداً ولم يدخله في الكساء!
فالنبي كان هنا يبيّن من هم الثقل الأصغر؟ من هم الذين يكونون في الدرجة الثالثة بعد القرآن والسنّة.
وأنت تأتي لي إلى حمزة الذي مات في زمن الرسول واستشهد بزمن الرسول وتسأل عن حكمه, هل هو من المطهرين أو من غير المطهرين؟! فيجب أن تبحث عن العلاقة بين (حديث الكساء) وبين (آية التطهير), وأنت تدعي أني لم أجب, وهذا لا أقبله منك, أجبتك بكل شيء وأنا نقلت كلاماً بلغة الأرقام, كلام الإمام الطحاوي ونقلت كلام ابن الجوزي ولكنك تدعي أنّه لا يجيب! وما أدري ما هو الغرض منك بهذا الكلام؟! تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, قال: أجاب عن جميع الأسئلة.
كيف أجاب؟ نعم أنت لا تجيب على الأسئلة وتتهرب منها وتتقوّل عليّ أشياء لم أقلها, وإلى الآن لم تجب, وأنا مصر على هذا الكلام, والأشرطة موجودة, والناس تسمع, وإن شئت أسمعتك بعض هذا الأمر.
وأنا الآن سألتك عن فاطمة: هل كانت تحيض قبل أن يتزوجها علي وبعد أن تزوجها علي قبل حديث الكساء أو لم تكن تحيض؟ هل تنزل عليها الدماء الثلاثة أم لم تنزل عليها الدماء الثلاثة؟ حمزة هل هو من أهل البيت أم ليس من أهل البيت؟
ثم كذلك قولك: لماذا أدخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأربعة وأدار عليهم الكساء, أدخلهم ليظهر لهم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أدخلهم ليدعوا لهم وليبيّن مكانتهم عنده ومحبته لهم, نحن لا ننكر هذا أبداً, نحن نتقرَّب إلى الله بحبهم ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ.
الخصوصية الآن في دعاء النبي لهم أن يذهب عنهم الرّجس ويطهرهم ـ رضوان الله عليهم جميعاً ـ.
كذلك سلمان منا أهل البيت، سلمان لا تحرم عليه الصدقة, ولكنها تفضيل من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له؛ لبيان مكانته ومحبته في قلوب المؤمنين, النبي أوجب على المسلمين أن يعطوه حقاً؛ لأنه ذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل بيته.
ونساء النبي من أهل بيته, ولم تحرم عليهن الصدقة إلاّ باتباعهنّ النبي من حيث الزوجية, ولذلك عبيدهن لا تحرم عليهم الصدقة وعبيد النبي وعبيد وعلي يحرم عليهم الصدقة.
وتقول: أهل البيت في الدرجة الثالثة بعد القرآن والسنة!
مالك وللسنة النبوية؟ هو ترك الثقلين: الكتاب وأهل البيت ما دخلك بالسنة؟ الكتاب وأهل البيت عندكم فقط ما ذكروا السنة! أي سنة! دعوا السنة لنا أهل السنة وأنت تمسك بالكتاب وأهل البيت ودع السنة لغيرك!! تفضل معك المايك.
أبو أحمد البكري:
طيب دكتور شيخ عصام لك اللاقط.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أرجو من أخي عثمان أن يعذرني فأنا أرى أنه لا بركة في تكرار الإجابات, يعني لو استمريت تسأل وأنا أجيب، يعني بعض الأسئلة أنت كررتها عشرين مرة, وأحياناً تصدر منك أسئلة غريبة! والآن بدأت تسأل فاطمة تحيض أو لا تحيض؟ فأنت عندك أسئلة كثيرة وغريبة جداً!! يعني ستدخل في بحث الحيض وما أدراك ما الحيض!
فأنا أرى أن أسئلتك كثيرة وبعيدة عن موضوعنا.. فأنا أرى أنّه لا بركة في إجابة الكثير من أسئلتك!
لماذا يصر أخي الشيخ عثمان الخميس على الخروج عن الموضوع الرئيسي وهو البحث عن (حديث الكساء)؟!
أنا قلت منذ البداية: إنني أريد أن يكون البحث مركزياً ومتمركزاً, لم تأتِ هنا لنبحث عن مسألة الحيض وهل فاطمة تحيض أو لا تحيض؟ وأجيب عن قضيّة هامة أثارها الشيخ عثمان في الجلسات الماضية وأرى أنّ الإجابة عنها أهم من هذه الكلمات التي كررها الشيخ عثمان حتى مليتها، وهي الإثارة التي ذكرها الشيخ عثمان مِنْ قبل, وأنا أرى أنه أحيانا الشيخ عثمان يذكر قضايا مهمة تستحق الإجابة عليها, ولكن أحيانا يذكر مثل مسألة أنّها حاضت أو لم تحض؟ لا أعتقد بأنها تستحق الإجابة وهذه المسألة التي ذكرها الشيخ عثمان حيث قال: إن الأخبار التي أفادت أن النبي منع أم سلمة من الدخول ضمن الكساء لا تدل على أنها ليست من أهل البيت المطهرين!!
وهذا الكلام من أغرب ما قاله الشيخ عثمان! لأننا وجدنا بالبحث أنّ هنالك روايات كثيرة وصحيحة أنّ النبي دفع أم سلمة وعائشة من الدخول في الكساء.
ونحن نسأل الشيخ: أليس النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عندما دفعهن من الدخول في الكساء وعندما لم يدخل ـ أيضاً ـ العباس من بني هاشم, إنما دفع هؤلاء لحكمة, وأنه كان يريد ما قاله بعض أئمة أهل السنة من دفع النساء أو من دفع العباس أو من دفع عبد الله بن عباس كان يريد أمراً هاماً, فلم يدخل عبد الله بن عباس في الكساء، أراد النبي أن يختص هؤلاء الأربعة الذين شملهم الكساء بخصوصية لا توجد في غيرهم, وهذا فهم أبسط إنسان حتى البدوي الأعرابي يفهم هذا المعنى.
وإذا قلنا: بأنه لا فرق بين من أدخله النبي في الكساء, مثل: الإمام علي، وبين من لم يدخله في الكساء, مثل: العباس, وبين من أخرجه النبي من الكساء, مثل أم سلمه؛ فسوف نتهم النبي بأنه تصرف تصرفاً غير منطقي, وغير عقلي! هل يكون الذي داخل الكساء مثل الذي خارج الكساء؟! وإذا كان الذي داخل الكساء مثل الذي خارج الكساء, فلماذا لم يدخله النبي في الكساء؟!
فنريد الإجابة على أسئلتي؛ لأن هذه الأسئلة مهمة جداً بالنسبة لي!
ولو كان العباس كما تقول إنه من أهل البيت من دون تمييز بين دائرة المطهرين وبين دائرة غير المطهرين.. ولكن أنا أقول لك أكثر من مرة إنّ أهل البيت كلمة عامة تشمل حتى العباس, ولكن الله اصطفى هؤلاء الأربعة من بين سائر أهل البيت, كما أن الله ـ وأكثر من مرة كررت لك وأجبت عنك وأنت رجعت تسأل ـ في القرآن الكريم قد اصطفى هارون من آل موسى (هارون أخي أشدد به أزري), هل بإمكانك أن تقيس أي رجل من آل موسى بهارون؟ هل بإمكانك أن تختار أي امرأة أو رجل من آل عمران وتجعلهم كلهم مثل مريم التي طهرها الله واصطفاها من بين جميع آل عمران؟!
أنا أقول: إن هؤلاء اصطفاهم الله عندما أدخلهم في الكساء, وأدار عليهم الكساء, هؤلاء اصطفاهم الله, هؤلاء ميّزهم الله عن العباس، ولذلك لم يدخل العباس. هؤلاء لهم خصوصية وإلا لما جعل النبي البعض من أهل بيته في الكساء، والبعض الآخر منهم خارج الكساء, وإلا سيكون النبي قد قصّر وتساهل في التبليغ, إذا كان العباس يستحق أن يدخل في الكساء ويكون من أهل الكساء ويدخل ضمن دائرة المطهرين ولم يدخله فالنبي في الحقيقة يكون قد قصّر في التبليغ وحاشى رسول الله عن ذلك.
إذن, فحديث الكساء إذا لم يدل على شيء فدلني على ما هي وظيفة حديث الكساء إذن؟ ما هي وظيفته؟ أنت لم تجبني أبداً, تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
أنا أجبت على الكثير من أسئلتك المفيدة التي تستحق الجواب, إذن لم تجبني على كل أسئلتي! أنت قلت: في الماضي كل أسئلتك أجبت عليها. لعل هذا من العام المخصوص! لأن كل أسئلتك التي أعرف أنها مفيدة أجيب عليها أو بعض أسئلتك أرى أنّه لا يمكن الإجابة عليها أتركها, لعل هذه من العام المخصوص.
تقول: لا بركة في التكرار.
نحن لم نسمع الإجابة منك, والتكرار إنما هو من القهر! أسئلة كثيرة ولم أسمع الإجابة, وبذلك يأتي التكرار.
لو كنا نسمع إجابات ما كان التكرار، بالعكس لانتقلنا إلى أسئلة أخرى, لكن يكون التكرار هذا؛ لأنه لم نسمع إجابة, وسأكرر ولن أتوقف عن التكرار حتى أسمع إجابات على هذه الأسئلة.
يقول: لا ندخل في الحيض عند فاطمة, هل كانت تنزل عليها الدماء الثلاثة قبل الكساء؟ هل نفست عندما ولدت الإمام الحسن والحسين؟ هل حاضت قبل أن تلدهما وبعد ولادتهما؟ هذا سؤالي.
هل أنا أفرّ! أنا ما سمعتك, أنا ذكرت كل شيء.
أنت قلت: أول شيء عندي كلام مهم في حديث الكساء (تمخَّض الجبلُ فولد فأراً) ما سمعت إلاّ كلمة واحدة فقط عن (حديث الكساء) و(آية التطهير), وهي الإرادة، وجئت بكلام غريب جداً, لا أعرف أنّ أحداً من الشيعة يقول فيه وهو التفريق بين الإرادتين، وإن هذه إرادة تختلف عن الإرادات الثانية التي في كتاب الله تبارك وتعالى, ورددت عليك، فلماذا تهربت؟!
قلت: أنت على ماذا يدل حديث الكساء؟ أجبتك وقلت: يدل على فضيلتهم وعلى مكانتهم, وأنّهم من آل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماذا تريد؟
أيضاً قلت: لماذا أدار عليهم الكساء؟
أدار عليهم الكساء لأنهم أقرب الناس إليه, أقرب من العباس, وأقرب من عبد الله بن عباس, وأقرب من جعفر, وأقرب من جميع آل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
أقول هذا اليوم وغداً وقبل أن أسمعك وبعد أن سمعتك, أقول: هذا الكلام أنا ما سمعت شيئاً حتى أتهرّب! أنا أريد أن أسمع شيئاً عن (حديث الكساء), أريد أن أسمع شيئاً, يدل على ماذا؟ أنت عجزت! وأنا قلت: يدل على ماذا؟ يدل على ماذا؟
طيب, تقول: لماذا لم تقبل قول الطحاوي هذا؟
لماذا تأخذ قول عبد الله بن العباس ولا تأخذ قول عائشة؟ أنا الآن أضيّع الوقت؟
كذلك يقول: الاصطفاء لهم من الله تبارك وتعالى، الله اصطفى من الأنبياء، واصطفى سبحانه وتعالى من الملائكة.
نحن لا ننكر التخصيص, نحن ننكر التخصيص الذي تدعيه أنت, ولكن لا تنقل قول عن أهل اللغة, فأنا إلى الآن لم أسمع, أسئلة كثيرة والله لم نسمع الإجابات عليها, وسأكرر والله في كل جلسة, سأكرر هذه الأسئلة حتى أسمع إجابات عنها.
لا يمكن أبداً أن تكون مناظرة أو مناقشة بهذه الطريقة ولا أسمع إجابات، كل الأسئلة التي تسألني فيها أجيبك عليها, لماذا لا أسمع أنا إجابة؟ لماذا لا أسمع كلام الطحاوي الذي قلت صححه الطحاوي, وقلت: الألباني يعتمد على تصحيح الطحاوي ويعتمد ابن تيمية على تصحيح الطحاوي, بينما لما راجعت أنا الطحاوي وللأسف لم أجد صححه الطحاوي؟!
وابن الجوزي لما قلت لي: إنه ذكر إنّهما (يعني: عائشة وأم سلمة) تريان أنهما لسن ممن نزلت فيهن آية التطهير, فأنا لم أجد هذا الكلام!
تعود لتكرر لماذا أدار عليهم الكساء.
قلت: يكفي, انتقل إلى غيرها وأنت لا تجيب عن هذه الأسئلة التي ذكرتها, تفضل.
أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
طيب أنا أرى إن الشيخ الدكتور لعله يجيب حتّى لا ندور في حلقة مفرغة, أجبتك ولم تجبني, فالأخوة أيضاً يريدون أن يستمعوا, الآن جاءتني رسائل كثيره فأجب يا دكتور حتى نخرج من هذه الدائرة, تفضل لك اللاقط.
سماحة السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, إذن سأبين أنه للأسف الشديد سماحة الشيخ عثمان الخميس في مسألة الطحاوي يجب أن يبث الشريط ليعرف أنه أخطأ في حق أخيه, أنا أطلب منه بث الشريط.
يعني لأنه في الحقيقة أخطأ في فهم عبارتي, أنا لا أقول ـ معاذ الله ـ أن أتهم الرجل وأنا لا أعرفه! معاذ الله أن أتهم مسلم بالتقوّل عليّ وأنا لا أعرفه؛ لأنني أؤمن بأنّ الإصالة هي عدالة المسلم ما لم يثبت عليه العكس.
فأنا أقول: حسن الظن بالمسلم يستوجب عليّ أن أقول: إنّ الشيخ لا يفهمني, فلم أقل أنا الإمام الطحاوي تكلم حول مسألة تصحيح أو تضعيف حديث أم سلمه, قلت: إن الإمام معتبر في التصحيح, وهذه حقيقة, الألباني اعتبره بالتصحيح, أنا نقلت لك أن الإمام الطحاوي.. نقلت لك كلامه كاملاً, أتريد أن أعيد ما قاله؟ أتريد أن أعيد مرة أخرى.
قلت لك: إنّ الإمام الطحاوي قال في كتابه مشكل الآثار, باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المراد بقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً). ثم ذكر روايات, حدثنا الربيع المرادي.. حدثنا.. إلى أن يذكر: لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علياً وفاطمة وحسن وحسين وقال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي].
أقول: إنّ سماحة الشيخ عثمان في أكثر من مورد يفهمني خطأ! وما أدري لماذا سوء التفاهم بيننا؟ نسأل الله أن يجعله يفهم كلامي كما أنا أفهم كلامه.
قال في مناظرات سابقة: إنّ الشيخ عصام العماد قال: إنّ في كتاب العقيدة الطحاوية (حديث الكساء) فوالله لم أقل ذلك! راجعوا الأشرطة, قلت: إن الإمام الطحاوي ذكر (حديث الكساء) في كتابه الآخر, أعني غير العقيدة الطحاوية, يعني في كتابه [مشكل الآثار].
قال: إن الشيخ عصام العماد كفّر علماء الاثني عشرية, أو بعض علماء الاثني عشرية!
بالله عليكم هل يصح؟ وهل هذا من العدالة يا إخوان؟ هل هذا من العدالة يا شيخ عثمان؟ أنت دخلت من أول جلسة وقلت أنا لا اكفِّر الاثني عشرية, وأنا أأتي أنا من الاثني عشرية أكفّر علماء الاثني عشرية؟!
فانظر أنك أحياناً تفهمني خطأ، وسأظل ـ رغم كل ذلك ـ أقول: تفهمني خطأ، حتى لا أرتكب إثماً؛ لأنني لم أعرف أخلاقك وسلوكك حتى أحكم عليك.
أنا عرفت عثمان الخميس من هذه الغرف, ولم أعرفه من خلال التعامل العيني، ولكن أنا أحكم عليه أنه رجل دين, أنا دائماً والحمد لله أحسن الظن برجال الدين وذلك ليس لأنني من رجال الدين, بل لأسباب أخرى.
فهم في الغالب, الذين يرفعون شعائر الدين، أعني الدين بالمعنى العام, لا مسألة دين ودنيا، رجاءً لا تدخلنا يا شيخ عثمان في مبحث العلمانية واللادينيه! لا.. أنا أقصد الدين بالمعنى العام الذي يشمل الدين والدنيا؛ فلذلك أنا أقول: إنه أحياناً يخطئ في فهم كلامي.
قال: ابن الجوزي!
أنا ما ذكرت أن ابن الجوزي قال: إنها نزلت في أهل الكساء وإنما ذكرت أن ابن الجوزي ذكر ثلاثة أقوال, ثم ذكر رأيه, ثم ذكرت له في الجلسة الماضية كلام ابن الجوزي بالصفحة وبالرقم.
فكثير من الأمور هكذا, ومع ذلك سأضل أحسن الظن فيه؛ لأنني مسلم ولأن لدي من إخواني، وأختي، وعمي، وأقربائي من الوهابيين من هم أكثر مني تديناً, فلذلك أنا أحسن الظن بالوهابيين، لكن هو للأسف الشديد لم يدرك ذلك. أنا لو اتهمت سماحة الشيخ عثمان الخميس لأنه وهابي سأتهم أختي، سأتهم عمي، سأتهم أقربائي، سأتهم أصدقائي، ولي أناس من الذين أقدسّهم من الوهابيين الذين ذهبوا شهداء في سبيل الله, وأعتقد أنهم شهداء بالفعل؛ لأنهم استشهدوا في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن الإسلام.
ولذلك أنا أحسن الظن بالوهابية؛ لأنني كنت يوماً من الأيام من الوهابيين (وكذلك كنتم من قبل), فلذلك سيضل ويستمر يتهمني ويتهمني, وسأقول: جزاك الله خيراً, وسأستمر أقول: جزاك الله خيراً.. جزاك الله خيراً. وسأضل أؤل ما يقوله في, فأنا سأعود, وسوف يضيّع وقتي لأقرأ له مرة ثالثة ورابعة كلام الإمام الطحاوي, لعله يتذكر أو يخشى, قال, باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله في المراد بقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً), ثم ذكر روايات وذكر رواية بسنده لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ علياً وفاطمة وحسن وحسيناً وقال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي].
ثم النتيجة ماذا؟ قال الإمام الطحاوي في الأخير, بعد أن نقل الروايات, هذا هو الذي يهمني. قال الإمام الطحاوي: فدلَّ ما روينا من هذه الآثار مما كان من رسول الله إلى أم سلمة مما ذكرنا فيها, لم يرد بها أنها كانت مما أريد به.
فإذا كان الإمام الطحاوي يقول: إنّ الحديث هذا يدل ويستنبط منه دلالة أن نساء النبي لسن من المطهرات في آيه التطهير ألا يدل ذلك أنه صحّح الحديث؟ ما معنى أنّ الإمام الطحاوي يأتي يستخرج من الحديث (يعني: من حديث الكساء المروي عن أم سلمة) دلالة؟ هذا دليل أنه تجاوز مرحلة التصحيح وأصبح يُستخرج منه دلالات, قال الطحاوي: هكذا إنها كانت من ما لم يراد به في الآية المتلوة في هذا الباب, وإن المراد بما فيها، بما في (آية التطهير) هم رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين دون من سواهم, يدل على مراد رسول الله بقوله لأم سلمة في هذه الآثار.
ثم ذكر روايات كثيرة, حتى جاء بعض أهل السنة وذكروا ـ أيضاً ـ أن البعض عندما يذكرون آراء أهل السنة يقولون في كتب التفسير: ذهب بعض أهل السنة أن (آية التطهير) خاصة في أهل الكساء.
فأنا ما أدري لماذا تقول: إنني تقوّلت على الإمام الطحاوي وكذبت عليه في أنه يرى صحة حديث الكساء؟! وأنا ما كذبت عليه والعياذ بالله, تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, يقول: أنا لم أقل إنّ الطحاوي صحح الحديث؟
(البينة على من ادعى) إن شاء الله نأتي لنكمل, إن شاء الله تبارك وتعالى.
تقول: ابن الجوزي.
وإنما ذكر ابن الجوزي أن في تفسير قوله تبارك وتعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت), قال: [قال أبو سعيد الخدري: هم علي والحسن والحسين, وروي عن عائشة وأم سلمة).
هذا كلام ابن الجوزي أنت تتقَّول عليه ما لم يقل!!
هذا الذي قلناه نحن ولا أريدك أن تقرأ عليّ كلام الطحاوي ـ رحمه الله تعالى ـ , نحن نعرف كلام الطحاوي, ولكن أريدك أن تنقل نقلاً دقيقاً.
والآن هل علي والحسن والحسين وفاطمة كانوا مطهرين؟
ادخل في الموضوع يا دكتور يا شيخ عصام, تفضل.
أبو أحمد البكري مدير الحوار من طرف الوهابية:
طيب لك اللاقط يا دكتور يا شيخ, تفضل.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, هنالك نقطة ضرورية لا بدّ أن أشير إليها؛ لأنني أعتقد إنها تكتسب أهمية كبرى من النقاط التي رأيتها عندما راجعت الأشرطة المسجلة للمناظرات السابقة وجدت الشيخ عثمان الخميس قد نقل نقلاً حرفياً فيما يتعلق بآية التطهير, ما جاء في كتاب (منهاج السنة) لشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وأرى أنّ الشيخ عثمان في كتبه ـ ليس فقط في هذه الجلسة ـ أحياناً يؤوّل النص ليوافق فهم الإمام ابن تيمية عن (آية التطهير) أو فهمه في الآيات الأخرى.
والشيخ يعلم أنّ التقليد المطلق لغير المعصوم يعتبر خطراً كبيراً وهذا أريد أن أذكره؛ لأن لدينا جلسات كثيرة ربما تزيد عن مائة جلسة, حتى لا يصبح مقلداً لشخص معين.
وهو يعلم أنّ مفهوم ابن حجر الهيتمي لبعض آيات القرآن يختلف عن مفهوم ابن تيمية لهذه الآيات! فهنالك فهم الإمام ابن تيمية, وهناك فهم الإمام ابن حجر الهيتمي, وهناك فهم الإمام فخر الدين الرازي, وهناك فهم غيرهم من الأئمة الآخرين!!
وإذا أوجبنا تأويل الآية لتوافق رأي الإمام ابن تيمية أو توافق رأي الإمام الهيتمي أو توافق رأي الإمام الرازي, فإننا ننتهي إلى الفوضى في تفسير القرآن.
إنه لا بدّ أن تحترم رأي العلماء, لا شك في ذلك إلاّ إذا عارض كلامهم النّص النبوي.
لقد رأيتم في الجلسات الماضية كيف رفض الشيخ عثمان رأي الإمام الهيتمي في الخلفاء الاثني عشر الذين ذكرهم الإمام البخاري في صحيحه, ولو كان ذلك الرأي هو رأي الإمام ابن تيمية لما رفضه!
إننا يجب أن نتبع النّص المحكم من غير تأويل, وعلينا أن نلتزم بالنّص الصريح في حديث الكساء بغض النظر عن رأي بعض علماء الإسلام.
وإذا خالف أي عالم كان وهابياً أو كان اثني عشرياً أو سنياً, إذا خالف النص القرآني أو النبوي فلنرم برأيه عرض الحائط, ولا عزة له ولا كرامة, فلا عزة إلا للمعصوم ولا كرامة إلا للمعصوم.
إننا نعتقد أن سبب إخفاق الشيخ عثمان وعدم قدرته على الإجابة على كثير من الأسئلة التي طرحتها أنه حصر نفسه في دائرة عالم من علماء أهل السنّة, أعني في دائرة الإمام ابن تيمية. بل في كتاب (منهاج السنة) كنت أتمنى حتى لو رجع إلى كتب ابن تيمية الأخرى. أنت ترى أنه في كتابه كشف الجاني أو في شريطه عن أهل البيت، ينقل كلام الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ حرفياً!!
وأنا لا أقول ـ والعياذ بالله ـ في الإمام ابن تيمية شيئاً ولكن أقول ينبغي للمسلم أن يتحرر من التقليد، لا تقلد أحداً لا تقلد أحداً نتبع الكتاب والسنّة فحسب, ليس لنا اتباع أي أحد إلا الكتاب والسنة, وما عدا الكتاب والسنة لا نتبعه، حتى أهل البيت، أهل البيت ليسوا معارضي الكتاب والسنة.. أهل البيت نفسهم في روايات متواترة عن أهل البيت ـ إن شاء الله عندما نأتي إلى دراسة روايات أهل البيت ـ سنجدهم أمرونا بالتمسك بالقرآن والسنة في روايات متواترة, وقالوا: اعرضوا أقوالنا على القرآن والسنة الصحيحة, فما خالف القرآن والسنة فلا تأخذوا به.
وقال الإمام الصادق: إنّه قد دسَّ في رواية أبي المغيرة لعنه الله؛ فانظروا ما خالف الكتاب والسنة من روايات أبي فلا تأخذوا به. وهذه رواية ثابتة صحيحة عند الاثني عشرية.
فأنا أريد من الشيخ عثمان إن شاء الله في هذا البحث والبحوث الآتية أن لا يلتزم أو يقيد نفسه بشخصية معينة, بل يتحرر من التقليد, وإذا ألزمته وأتيت له بكلام الإمام الطحاوي أو بكلام ابن حجر الهيتمي ولديهما من الأدلة القوية الكافية؛ فيجب عليه أن يخضع للحق حتى ولو خالف الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية.
ولو كنت أنا حصرت نفسي في عالم واحد من علماء الإسلام لوقعت في نفس الخطأ الذي وقع فيه الشيخ عثمان الخميس, ومن هنا أنا أرى إنه يجب على الشيخ عثمان أن لا يلتزم بنفس عبارات ابن تيمية, حتى أسئلته، حتى كلماته نفس كلمات الإمام ابن تيمية.
ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ عندما كتب (منهاج السنة) كتبه للرد على العلامة الحلي ـ رضوان الله عليه ـ , وأثناء الرد يحدث بعض رد الفعل, ولذلك نجد أن كلام ابن تيمية في كتابه (منهاج السنة) عن أهل البيت ـ وسأثبت له بالأدلة ـ يختلف عن كلامه في كتبه الأخرى غير (منهاج السنة), كما هو ثابت في الكتاب الذي كتبه أحد علماء الوهابية (ابن تيمية وأهل البيت), بيّن أن هناك مفارقة بين رأى ابن تيمية في أهل البيت وفي رواية فضائل أهل البيت في (منهاج السنة)؛ لأن هذا كتبه في الرد على الاثني عشرية, وبيّن رأيه في أهل البيت في غير (منهاج السنة), وتفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب, تركنا البحث العلمي ودخلنا في كتاب المواعظ!
دكتور عصام, الآن نحن في مناظرة, في محاورة ومناقشه, الناس يستمعون ويريدون أن يعرفوا على ماذا يدل حديث الكساء؟ دع عنك موعضتي, الآن أنا أقلّد ابن تيمية شرف لي! أن أقلّد شيخ الإسلام الإمام ابن تيميه لو كنت أعتقد بجواز التقليد, لكن عندنا حكمه حكم أكل الميتة لا يجوز التقليد عندنا إلا عند الضرورة, هذا الذي أعتقده, وهذا الذي يراه شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ التقليد لغير المعصوم.