• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حب علي إيمان وبغضه كفر ونفاق

وذكر ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة نقلا عن كتاب " الآل " لابن خالويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال لعلي: حبك إيمان و بغضك نفاق و أول من يدخل الجنة محبك و أول من يدخل النار مبغضك.
وروى العلامة الهمداني في كتابه مودة القربى / المودة الثالثة، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، عن رسول الله (ص) قال: لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. وفي رواية أخرى خاطب عليا (ع) فقال: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق(19).
وروى محمد بن طلحة في مطالب السؤول، وابن الصباغ المالكي في الفصول عن الترمذي والنسائي عن ابي سعيد الخدري انه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا ببغضهم عليا.
الشيخ عبد السلام: هكذا أحاديث نبوية صدرت أيضا في حق الشيخين أبي بكر وعمر، وما كانت خاصة بسيدنا علي كرم الله وجهه!!
قلت: لو كان يحضر في بالك شيء من تلك الأحاديث، فبينها حتى ينكشف واقع الأمر للحاضرين.
الشيخ عبد السلام: روى عبد الرحمن بن مالك بسنده عن جابر عن النبي (ص) قال: لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق!!
قلت: لقد أثار بيانك تعجبي! وكأنك نسيت قرارنا في المجلس الأول على أن لا نستدل في احتجاجنا بالأحاديث غير المعتبرة لدى الخصم، بل يجب أن تأتي بالشاهد وتستدل علي بالأحاديث المقبولة عندنا، وهذا الحديث مردود وغير معتبر عندنا.
الشيخ عبد السلام: أظن بأنكم عزمتم أن لا تقبلوا منا حتى رواية واحدة في فصل الشيخين!
قلت: لقد بينت قبل هذا: أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل، وأما ظنك فباطل ولا يغني من الحق شيئا، لأني ما قبلت روايتك لا لكونها في فضل الشيخين، بل لأن الراوي متهم بالجعل والكذب حتى عند علمائكم كالخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد وغيره من الأعلام المشتهرين في علم الرواية والدراية قالوا فيه ذلك عند ترجمته، وهذا العلامة الذهبي المعتمد عليه في هذا الفن، فقد قال في ترجمة عبد الرحمن بن مالك في ميزان الاعتدال ج10/236 / قال: هو كذاب أفاك وضاع لا يشك فيه أحد.
فانصفوا.. بعد ما سمعتم هذا التصريح في رواية الحديث، هل يطمئن قلبكم وتسمح نفسكم أن تقبلوا رواياته؟! ثم فكروا.. أين حديث هذا الكذاب الأفاك الوضاع.. من حديث جابر وسلمان وأبي سعيد وابن عباس، وأبي ذر الصادق المصدق، فقد روى جماعة من الأعلام منهم: العلامة السيوطي في الجامع الكبير: ج6/390، والمحب الطبري في الرياض النضرة ج2/215، وفي جامع الترمذي ج2/299، وابن عبد البر في الاستيعاب ج3/46، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ج6/295،والعلامة محمد بن طلحة في مطالب السؤول /17، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة صفحة 126، كلهم رووا عن أبي ذر الغفاري رحمه الله تعالى بعبارات مختلفة والمعنى واحد قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا بثلاث: بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلاة، وبغضهم علي بن أبي طالب (ع).
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج4/83 / ط دار إحياء التراث العربي / نقل عن الشيخ أبي القاسم البلخي أنه قال: وقد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدثين، على أن النبي (ص) قال: لا يبغضك إلا منافق و لا يحبك إلا مؤمن، و روى حبة العرني عن علي (ع) أنه قال: إن الله عز و جل أخذ ميثاق كل مؤمن على حبي و ميثاق كل منافق على بغضي فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو صببت الدنيا على المنافق ما أحبني.
و روى عبد الكريم بن هلال عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا (ع) و هو يقول: لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو نثرت على المنافق ذهبا و فضة ما أحبني إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي و ميثاق المنافقين ببغضي فلا يبغضني مؤمن و لا يحبني منافق أبدا.
قال الشيخ أبو القاسم البلخي: و قد روى كثير من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة قالوا: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ص إلا ببغض علي بن أبي طالب... والأخبار من هذا القبيل كثيرة جدا في كتبكم واكتفينا بما نقلناه رعاية للاختصار.
والآن بعد استماعكم لهذه الروايات، فكروا.. وأنصفوا..! أما كان خروج عائشة على أمير المؤمنين وقتالها له (ع) قتالا لرسول الله وخروجا عليه (ص) ؟ أما كان حرب عائشة مع الإمام علي (ع) ناشئا عن بغضها له وينبئ عن عدائها له (ع)؟ وقد بين رسول الله (ص) كما ذكرنا أن بغض علي بن أبي طالب وعداؤه كفر ونفاق.
فلا أدري بماذا وكيف توجهون خروج عائشة على الإمام علي (ع)؟! وبماذا تعذرونها في القتال والحرب. مع وجود هذه الأخبار المعتبرة؟!
فكروا في هذا الأمر وانظروا بغض النظر عن الحب والبغض والرضا والسخط، بل انظروا نظر تحقيق وإنصاف! وأظهروا رأيكم بعيدين عن التعصب والاختلاف. وقبل أن تبدوا رأيكم اسمحوا لي أن أنقل لكم حديثا روته أم المؤمنين عائشة عن رسول الله (ص) وتذكرته الآن، وهم كما في كتاب مودة القربى للعلامة الهمداني الشافعي / المودة الثالثة / قالت: قال: رسول الله (ص) إن الله عهد إلي من خرج على علي فهو كافر في النار، قيل: لم خرجت عليه؟!
قالت: قد نسيت هذا الحديث يوم الجمل حتى ذكرته بالبصرة، وأنا أستغفر الله!!
الشيخ عبد السلام: إنني أتعجب من اعتراضك على أم المؤمنين عائشة بعدما علمت أنها كانت ناسية لكلام النبي (ص) وحديثه، ولما تذكرت استغفرت ربها، والله خير الغافرين.
قلت: يمكن أن نقول بأنها يوم الجمل نسيت هذا الحديث، ولكنكم تعلمون أنها من حين تحركها من مكة وخروجها على أمير المؤمنين نصحتها سائر زوجات رسول الله (ص) ومنعنها من الخروج، وذكّرنها بفضائل الإمام علي (ع)، وما قال رسول الله (ص) في حقه بأن حربه حربي وسلمه سلمي، ولكنها أبت إلا إثارة الفتنة!!
وإن أعلام مؤرخيكم الذين أرخوا واقعة الجمل وكبار محدثيكم ذكروا أن رسول الله (ص) حذرها أن تكون صاحبة الجمل الأحمر التي تنبحها كلاب حوأب، وحين خرجت إلى البصرة مرت بمنطقة تسمى الحوأب فنبحتها الكلاب، فسألت عن اسم المكان، فقالوا: تسمى الحوأب. فذكرت حديث النبي (ص) وتحذيره لها، فأرادت الرجوع، ولكن طلحة والزبير وابناهما غروها وغيروا إرادتها وثبطوها على عزمها الأول، وهو الخروج والفتنة، فتابعت طريقها حتى وصلت البصرة وألبت الجيوش لقتال الإمام علي (ع) وأججت نار الحرب وقتل بسببها آلاف المسلمين، فهل تعذروها بعد هذا، وتقبلون قولها بأنها نسيت؟! فأي نسيان هذا بعد التذكر؟!(20)
ألم تكن هذه المخالفات منها للقرآن الحكيم وللنبي الكريم (ص) وصمات عار في تاريخها؟!
هل أن خروجها على الإمام علي (ع) وقتالها له كان حقا أم باطلا؟ فإذا كان باطلا فكل باطل وصمة عار لفاعله، وان تقولوا كان حقا، ولستم بقائلين، فكيف التوفيق بينه وبين الأحاديث الشريفة التي مرت عن طرق محدثيكم وكبار علمائكم، أن النبي (ص) قال: من آذى عليا فقد آذاني، وقال: حربه حربي، وسلمه سلمي، ولا يبغضه إلا منافق.. وما إلى ذلك.
بالله عليكم أنصفوا!! هل حرب عائشة وطلحة والزبير لعلي (ع) وقتالهم له (ع) كان عن حبهم لعلي أم عن بغضهم له (ع)؟!
لم لا تنتقدونهم ولا تأخذون عليهم هذه الخطايا الكبرى والمعاصي العظمى؟! لماذا تمرون على هذه الحوادث مر الجاهلين والغافلين، ولكن تأخذون على الشيعة بأشد ما يكون، لأنهم ينتقدون أعمال الصحابة، ويميزون بين الحق والباطل فيمدحون أهل الحق ويفضحون أهل الباطل أيا كانوا؟ والجدير بالذكر أننا لا نروي في الصحابة وأفعالهم القبيحة إلا ما رواه محدثوكم وعلماؤكم، فلماذا لا تنتقمون عليهم ، ولا ترفضون رواياتهم ولا تنفون كتبهم ولا تردونها؟ بل هذه الكتب التي ننقل عنها كلها عندكم معتبرة ومقبولة وتطبع في البلاد السنية وعواصمهم، مثل مصر وبغداد ولبنان وغيرها، من باب المثال يقول العلامة المسعودي في كتابه مروج الذهب ج2 /7، وهو يتحدث عن وقعة الجمل، وهجوم أصحاب عائشة على أصحاب عثمان بن حنيف بعد المعاهدة كما ذكرنا فقال: فقتل منهم سبعون رجلا غير من جرح، وخمسون من السبعين ضربت رقابهم صبرا بعد الأسر، وهؤلاء أول من قتلوا ظلما في الإسلام.
هذا الخبر إذا نقله مؤرخوكم لا يحز في نفوسكم ولكن إذا نقله أحد الشيعة وقال إن هذا العمل كان ظلما قبيحا من عائشة وأصحابها، تثور نفوسكم وتنفجر غيرتكم وتشتعل نيران التعصب فيكم، فترموننا بالكفر والضلالة وتبيحون لأتباعكم دماء الشيعة وأمولهم!!
الشيخ عبد السلام: لا يجوز عندنا التدخل في الحوادث التي جرت بين صحابة رسول الله (ص)، فإنا ننظر إليهم جميعا بعين الإكبار والاحترام، فإنهم وإن اختلفوا بينهم ولكن الكل كانوا يدعون إلى الله، ومن توجه منهم إلى خطئه وانحراف مسيره عن الحق، فقد تاب واستغفر مثل الزبير (رض) في البصرة وكذلك أم المؤمنين عائشة (رض) فإنها تبعت طلحة والزبير وأخذت بقولهما، ولكنها بعد ذلك عرفت بطلان كلامهما وأنهما أغرياها وحملاها معهما إلى البصرة، فاستغفرت وتابت، والله خير الغافرين، وهو يقبل التوبة من عباده وهو أرحم الراحمين.
قلت: أولا: قولك: فإنهم وإن اختلفوا بينهم ولكن الكل كانوا يدعون إلى الله. فهو مغالطة وكلام باطل...، لأن سبيل الله عز وجل واحد وصراط الحق واحد كما قال تعالى:
(وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(21).
وقال سبحانه: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(22).
ثانيا...
وأما قولك: بأن الزبير بعدما توجه إلى خطئه وانحرافه عن الحق تاب واستغفر. فأقول: نعم تاب ولكن لم يعمل بشرائط التوبة، فقد كان الواجب عليه أن يسعى في رد من أغراهم فيهديهم إلى الحق الذي عرفه في جانب الإمام علي (ع)، وكان يلزم أن ينضم هو أيضا تحت راية الحق وجيش أمير المؤمنين (ع) ولا ينعزل عن الميدان والمجاهدة.
وأما عائشة فإن عصيانها وذنبها معلوم لكل الناس، ولكن توبتها غير معلومة، وهي كذلك ما عملت بشرائط التوبة بل ارتكبت بعد ذلك أيضا أشياء تكشف عن حقدها وبغضها لآل رسول الله (ص) ثم أن قولك: والله خير الغافرين وهو يقبل التوبة من عباده وهو أرحم الراحمين.
كل ذلك صحيح ومقبول ولكن حفظت شيئا وغابت عنك أشياء، فقد قال سبحانه: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)(23).
وكلنا نعلم أن عائشة كانت عالمة غير جاهلة وكانت في خروجها على الإمام وقتالها لعلي (ع) عامدة غير ساهية، وقد نصحتها أم سلمة قرينتها ، ونحها الإمام علي (ع)، وكثير من الصحابة، أن لا تخرج من بيتها ولا تغتر بطلحة والزبير ومروان وأمثالهم، وقد حذرها رسول الله (ص) قبلهم، وأمرها الله عز وجل في كتابه بقوله: (وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُْولى)(24) فما اعتنت بكل ذلك وخرجت وأحدثت ما أحدثت!! فكيف نحتم بأن الله سبحانه قبل توبتها وهي عالمة عامدة في المعصية؟!
ثالثا... قولك: بأن طلحة والزبير أغرياها وحملاها إلى البصرة ، وأنها عرفت بطلان كلامهما بعد ذلك... الخ فإن قولك هذا يكشف بأن الحديث الذي تروونه عن النبي (ص): " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " كذب وافتراء على رسول الله وهو حديث موضوع مجعول، لأن عائشة وآلاف المسلمين اقتدوا بطلحة والزبير وهما من كبار الصحابة وما اهتدوا بل ضلوا وخسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين!!!
النواب: سيدنا المكرم! قلتم خلال كلامكم أن أم المؤمنين (رض) بعد توبتها من حرب الجمل أيضا ارتكبت أشياء تكشف عن حقدها وبغضها لآل النبي (ص) فلو سمحت، بين لنا تلك الأشياء بشكل واضح حتى نعرف واقع الأمر.
يوما على جمل... ويوما على بغل
قلت: مما لا شك فيه أن عائشة كانت امرأة غير هادئة وغير رزينة فقد قامت بحركات لا يقبلها الدين القويم ولا العقل السليم، وإن كل حركة من تلك الحركات تكفي في تسويد تاريخها بوصمات الذنب والمعصية، منها واقعة الجمل، وكلكم تقبلون أنها بعملها في البصرة خالفت الله ورسوله، وهي أيضا قد اعترفت بخطئها، ولكن تقولون أنها تابت واستغفرت، فإذا هي ندمت وتابت، كان اللازم عليها أن توالي آل البيت النبوي، ولكنها خرجت مرة أخرى وكشفت عن ضميرها الممتلئ عداوة لآل محمد (ص) وذلك يوم تشييع جنازة الإمام الحسن بن علي (ع) سبط رسول الله (ص) ومنعت من دفنه عند جده كما روى كثير من علمائكم، منهم العلامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص 193، ط. بيروت، والعلامة ابن أبي الحديد في شرح النهج ج16 / 14، عن المدائني عن أبي هريرة، وأبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين / 74، وفي روضة الصفا لمحمد خاوند / ج2، قسم وفاة الحسن [ عليه السلام ]، وتاريخ ابن الأعثم الكوفي، وفي روضة المناظر ابن شحنة، وأبو الفداء إسماعيل في كتابه المختصر في أخبار البشر ج1 / 183 ط. مصر والعلامة المسعودي صاحب مروج الذهب، نقل في كتابه إثبات الوصية 136: أن ابن عباس قال لها ـ أي لعائشة ـ أ ما كفاك أن يقال يوم الجمل حتى يقال يوم البغل ، يوما على جمل و يوم على بغل بارزة عن حجاب رسول الله (ص) تريدين إطفاء نور الله وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ـ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
ونقل بعض المحدثين أنه قال لها:

•    تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت لك التسع من الثمن وفي الكل تصرفت
•    لك التسع من الثمن وفي الكل تصرفت لك التسع من الثمن وفي الكل تصرفت
وأراد الهاشميون أن يجردوا السلاح لأن بني أمية تسلحوا أيضا ليمنعوا من دفن الحسن المجتبى (ع) عند جده رسول الله (ص) بأمر عائشة، ولكن الحسين (ع) تدارك الموقف فقال: الله الله يا بني هاشم لا تضيعوا وصية أخي واعدلوا به إلى البقيع، والله لولا عهد إلي أن لا أريق في أمره محجمة دم لدفنته عند جدنا رسول الله (ص) مهما بلغ الأمر! فدفنوه في البقيع(25).
فرحة عائشة لشهادة الإمام علي (ع)
وإذا كانت عائشة نادمة على خروجها وتابت من قتالها وحربها للإمام علي (ع)، فلماذا أظهرت الفرح حين وصلها خبر شهادة أمير المؤمنين (ع) وسجدت شكرا لله تعالى؟!
كما أن أب الفرج الأصبهاني صاحب كتاب الأغاني، روى في كتابه مقاتل الطالبيين / 54 ـ 55 / باسناده إلى اسماعيل بن راشد وهو روى بالإسناد أيضا فقال: لما أتى عائشة نعي علي أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ تمثلت:

•    فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
•    كما قر عينا بالإياب المسافر كما قر عينا بالإياب المسافر
ثم قالت: فمن قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فقالت:
فإن يك نائيا فلقد نعاه غـــــلام ليس في فيه التراب
فقالت زينب بنت أبي سلمة: أ لعلي تقولين هذا؟!
فقالت: فإذا نسيت فذكروني!!
ثم روى أبو الفرج بإسناده عن أبي البختري قال:
لما أن جاء عائشة قتل علي (ع) سجدت!!(26).
أيها الحاضرون! أيها العلماء! هل بعد هذا الخبر، تصدقون توبتها؟ أم تقبلون أنها كانت خفيفة العقل، وغير رزينة ولا متوازنة في سلوكها ومعاشرتها مع آل رسول الله (ص)؟!
تناقضات عائشة في عثمان
والغريب أنكم لا تنقدون أم المؤمنين عائشة لموقفها السلبي تجاه عثمان، وتأخذون عليها جملاتها وكلماتها الشنيعة في حقه حتى رمته بالكفر، ولكن تصبون جام غضبكم على الشيعة وترمونهم بالكفر والضلال إذا نسبوا عثمان إلى سوء التدبير والإجحاف، أو نسبوه إلى إتلاف بيت المال وسوء التصرف، وهم ينقلون كل ذلك من كتب أعلامكم وروى أكثر محدثيكم وأكبر مؤرخيكم أن عائشة كانت تألب الناس وتحرضهم على قتل عثمان، منهم المسعودي في كتابه أخبار الزمان، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / 64، ط. بيروت، وأعلام المؤرخين: مثل ابن جرير وابن عساكر وابن الأثير وغيرهم، ذكروا في أحداث قتل عثمان أن عائشة كانت تحرض على قتله بالجملة المشهورة عنها: اقتلوا نعثلا فقد كفر!!
وذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج6 / 215، ط. إحياء التراث قال: قال كل من صنف في السير والأخبار: أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان، حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله (ص) فنصبته في منزلها، و كانت تقول للداخلين إليها: هذا ثوب رسول الله (ص) لم يبل، و عثمان قد أبلى سنته! قالوا: أول من سمى عثمان نعثلا عائشة، و النعثل: الكثير شعر اللحية و الجسد، و كانت تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا!!
قال: ورى المدائني في كتاب " الجمل " قال: لما قتل عثمان، كانت عائشة بمكة وبلغ قتله إليها وهي بشراف، قال: بعد النعثل وسحقا!!
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج6 صفحة 216 قال: وقد روي من طرق مختلفة أن عائشة لما بلغها قتل عثمان و هي بمكة، قالت: أبعده الله ! ذلك بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد!!
حينما تقرءون في التاريخ أن أم المؤمنين كانت تتفوه وتتكلم بهذه الجملات على عثمان، لا تحكمون بكفرها وضلالتها!! ولكن إذا سمعتم من شيعي يتكلم بأقل من هذا في عثمان، تكفروه وتأمرون بقتله!!
والجدير بالذكر أن أقوال عائشة في شأن عثمان متناقضة، فقد ذكر المؤرخون أنها لما سمعت بأن الناس يايعوا عليا بعد عثمان، غيرت كلامها وأظهرت بغضها وحقدها لعلي بن أبي طالب (ع) فقالت: لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا.. قتلوا ابن عثمان مظلوما!!
بالله عليكم فكروا في هذا التناقض البين، والتضارب الفاحش في كلام عائشة! أما يدل هذا التناقض والتضارب على عدم استقلاليتها؟ بل هو دليل ظاهر على تلونها وميولها مع أهوائها وتلبيتها لأغراضها النفسية، وإن النفس لأمارة بالسوء!
الشيخ عبدالسلام: نعم ذكر المؤرخون هذه التناقضات في سيرة أم المؤمنين (رض)، وهم ذكروا أيضا أنها ندمت وتابت واستغفرت، والله سبحانه وعد التائبين بقبول التوبة والجنة، ولذا نحن نعتقد أنها في أعلا درجات الجنان عند رسول الله (ص).
قلت: إن كلامك تكرار لمقالك السابق، وأنا لا أكرر كلامي، و جوابي لك، ولكن هل من المعقول أن الدماء التي سفكت في الجمل بسببها، والأموال التي نهبت بأمرها، والحرمات التي هتكت بنظرها.. تذهب أدراج الرياح، ولا يحاكمها الله على أعمالها؟!
أين إذا قول الله سبحانه: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(27)؟!
صحيح أن الله عز وجل أرحم الراحمين، ولكن في موضع العفو والرحمة، وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة.
ولا يخفى أن من شروط قبول التوبة، رد حقوق الناس وإرضائهم، فإن الله تعالى ربما يعفو عن حقه، ولكن لا يعفو عن حقوق الناس. وعائشة تابت بالقول واللسان، لا بالفعل والجنان، ولذلك ما كانت مطمئنة من قبول توبتها وغفران الله سبحانه لها وهي أعرف بنفسها، ولذا ذكر أكابر علمائكم مثل الحاكم في المستدرك ، وابن قتيبة في المعارف، والعلامة الزرندي في الأعلام بسيرة النبي (ص)، وكذلك ابن البيع النيسابوري، وغيرهم ذكروا أن عائشة أوصت إلى عبدالله بن الزبير وسائر محارمها فقالت: ادفنوني مع أخواتي بالبقيع فإني قد أحدثت أمورا بعد النبي (ص)!
أما قولكم بأنها نسيت بعض أحاديث الرسول الله (ص) في شأن الإمام علي (ع) وفضله ومناقبه، ونسيت تحذير النبي (ص) لها من خروجها على أمير المؤمنين ومحاربتها له (ع)، وبعدما وضعت الحرب أوزارها وانتهت المعركة بانتصار علي (ع) وجيشه وانكسار عائشة وجيشها، تذكرت أحاديث رسول الله (ص) وما سمعته من فمه المبارك في ذلك فتابت واستغفرت!!
أم سلمة تُذكّر عائشة
فقد روى كثير من أعلام محدثيكم وكبار علمائكم خلاف ذلك منهم:
ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ج6/217، ط دار إحياء التراث العربي روى عن أبي مخنف ـ لوط بن يحيى الأزدي ـ قال: جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان...
فقالت أم سلمة: إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان و تقولين فيه أخبث القول، و ما كان اسمه عندك إلا نعثلا، و إنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله (ص) أ فأذكرك؟ قالت: نعم، قالت: أ تذكرين يوم أقبل (ص) و نحن معه ، حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال، خلا بعلي يناجيه فأطال، فأردت أن تهجمي عليهما ، فنهيتك... فعصيتني، فهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ما شأنك؟ فقلت: إني هجمت عليهما و هما يتناجيان فقلت لعلي: ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام، أ فما تدعني يا ابن أبي طالب و يومي!
فأقبل رسول الله (ص) علي و هو غضبان محمر الوجه، فقال: ارجعي وراءك! و الله لا يبغضه أحد من أهل بيتي و لا من غيرهم من الناس إلا و هو خارج من الإيمان!
فرجعت نادمة ساقطة! قالت عائشة: نعم أذكر ذلك.
ويتابع ابن أبي الحديد رواية أبي مخنف في تذكير أم سلمة لعائشة قالت: و أذكرك أيضا.. كنت أنا و أنت مع رسول الله (ص) و أنت تغسلين رأسه، و أنا أحيس له حيسا، و كان الحيس يعجبه، فرفع (ص) رأسه، و قال: يا ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأذنب، تنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط؟! فرفعت يدي من الحيس، فقلت: أعوذ بالله و برسوله من ذلك. ثم ضرب (ص) على ظهرك، و قال: إياك أن تكونيها!! إياك أن تكونيها يا حميراء! أما أنا فقد أنذرتك!
قالت عائشة: نعم أذكر هذا.
قالت: و أذكرك أيضا... كنت أنا و أنت مع رسول الله (ص) في سفر له و كان علي يتعاهد نعلي رسول الله (ص) فيخصفها، و يتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل، فأخذها يومئذ يخصفها، و قعد في ظل سمرة، و جاء أبوك و معه عمر، فاستأذنا عليه (ص) فقمنا إلى الحجاب، و دخلا يحادثانه فيما أراد، ثم قالا: يا رسول الله! إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا، ليكون لنا بعدك مفزعا.
فقال (ص) لهما: أما إني قد أرى مكانه، و لو فعلت لتفرقتم عنه ، كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران.
فسكتا ثم خرجا، فلما خرجنا إلى رسول الله (ص) قلت له، و كنت أجرأ عليه (ص) منا: من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟
فقال (ص): خاصف النعل، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا، فقلتِ: يا رسول الله، ما أرى إلا عليا. فقال: هو ذاك. فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك.
فقالت أم سلمة: فأي خروج تخرجين بعد هذا؟!
فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الناس، و أرجو فيه الأجر إن شاء الله.
فقالت: أنت و رأيك، فانصرفت عائشة عنها.
أقول: فاعلموا أيها الحاضرون! عن عائشة ما كانت ناسية مكانة الإمام علي (ع) عند رسول الله (ص) ومنزلته منه، بل خرجت عالمة عامدة، ذاكرة للحق ، داعية للباطل، عازمة على الحرب والفتنة. وهدفها وغرضها إفساد الأمر على أبي الحسن أمير المؤمنين (سلام الله عليه)، وهي تعلم أنه أحق الناس بالأمر وأولاهم بالخلافة للنص الأخير الذي ذكرتها به أم سلمة (سلام الله عليها).
فإن حديث خاصف النعل الذي رواه كثير من أعلامكم بطرق عديدة صريح في تعيين رسول الله (ص) عليا للخلافة والإمامة.
لذلك نحن نعتقد بدليل هذا الحديث وعشرات الأحاديث الصحيحة من نوعه وبأدلة ثابتة من الكتاب الحكيم، بأن عليا (ع) هو الإمام المفترض الطاعة بعد رسول الله (ص)، وهو خليفته بلا فصل، ولكن مناوئيه وحاسديه غصبوا مقامه وأخروه بدسائس سياسية ومؤامرة شيطانية وعينوا أبا بكر للخلافة من غير نص ولا إجماع، فإن النزاع كان قائما في السقيفة من جراء ذلك جراء ذلك الانتصاب، وكلنا يعلم بأن سيد الخزرج سعد بن عبادة كان مخالفا لخلافة أبي بكر إلى آخر عمره وتبعه كثير من قومه. وكذلك الهاشميون كانوا مخالفين، وبعد خلافة أبي بكر جاء عمر بن الخطاب بانتصاب وتعيين من أبي بكر، فلا إجماع ولا شورى! وقد سبق أن بينا مخالفة طلحة وجمع آخر من الصحابة لتعيين عمر وانتصابه للخلافة، وأما عمر فقد أبدع طريقا آخر لتعيين خليفته ، إذ عين ستة نفر من الصحابة فيهم علي (ع) وعثمان، وأمر أن يختاروا من بينهم أحدهم ، فإذا لم يتم الوفاق على أحد منهم خلال ثلاثة أيام، أصدر حكم إعدامهم وقتلهم!! وقد آل الأمر إلى عثمان.
فنحن نعتقد أن هذه الطرق المتناقضة في تعيين الخلفاء الثلاثة، قبل الإمام علي (ع)، كلها طرق غير مشروعة ما سنها الله ولا رسوله لأنا لو فرضنا بأن النبي (ص) قال: " لا تجتمع أمتي على خطأ " فلم يلحظ إجماع الأمة في هذه الطرق الثلاثة، ولكن خلافة الإمام علي (ع) امتازت بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة.
الشيخ عبد السلام: لا شك أن الإجماع حصل على خلافة أبي بكر بالتدريج، ونحن نقبل بأن الإجماع ما حصل في السقيفة ولكن بعدها دخل الناس كلهم في طاعة أبي بكر (رض) وحتى الهاشميين بما فيهم علي والعباس بايعوا بعد وفاة فاطمة الزهراء (رضي الله عنها).
قلت: أولا.. فاطمة الزهراء (ع) وهي سيدة نساء المسلمين بإجماع الأمة، ما بايعت لابي بكر بل ماتت وهي ساخطة وناقمة عليه كما مر في المجالس السابقة، كما وقد أيضا في المجالس السابقة بأن سيد الخزرج سعد بن عبادة ما بايع أبا بكر إلى أن قتل غيلة. وهذا يكفي لبطلان الإجماع الذي تدعونه.
ثانيا: لقد أثبتنا في المجالس السالفة أن بيعة كثير من المسلمين في المدينة كانت بالجبر والإكراه لا عن الطوع والرضا، وهذا خلاف شرط صحة الإجماع.
ثم لو فرضنا تصحيح خلافة أبي بكر بالإجماع المزعوم، فكيف تصححون خلافة عمر الذي عينه أبو بكر بوصية منه كتبها عثمان؟!
الشيخ عبد السلام: بديهي بأن قول أبي بكر في تعيين عمر بن الخطاب بالخلافة أيضا مستند على إجماع الأمة،لأنهم اجمعوا على طاعته وقبول رأيه، وكان من رأيه تعيين عمر للخلافة بعده.
قلت: أولا.. إن كان كذلك، فلماذا ما أطعتم رسول الله (ص) في تعيين خليفته، وهو قد عين عليا وصرح به مرات وكرات من يوم الإنذار إلى يوم الغدير وما بعده، ولكنكم ترفضونه بحجة أن اختيار الخليفة وانتخابه من حق الأمة وأن نصوص النبي (ص) في علي بن أبي طالب كانت إرشادية، هذا مع أنه (ص) كان دائما يحذر الناس من مخالفة أمره ومخالفة الإمام علي (ع)، حتى أننا نرى في بعض الأحاديث المروية عنه (ص) في كتبكم، يصرح بأن مخالفة علي كفر، وبغضه نفاق، وطاعته إيمان.
ثانيا: بأي دليل عقلي أو نقلي تقولون بأن قول الفرد المنصوب بالإجماع، لا سيما في تعيين خليفته، يكون قوله لازما وماضيا على الناس! فإن هذا الأمر يخالف سيرة أهل العالم لا سيما العقلاء منهم. ولكي تعرفوا ذلك فطالعوا الكتب المدونة في قوانين الدول والانتخابات.
ثالثا: إن كان كلامكم صحيحا، فلماذا لم يعمل عمر بن الخطاب على ما خطه أبو بكر، بل قام بإبداع طريقة جديدة تخالف مبنى وأساس خلافته وخلافة أبي بكر من قبله. فإن الشورى الذي شكله عمر من ستة أفراد، لا يشابه مجالس الشورى البشرية، ولا يشابه الإنتخابات الجمهورية، بل أقرب ما يكون إلى الاستبداد والديكتاتورية.
وهنا شاط الشيخ عبد السلام ولاح الغضب في وجهه فصاح:
نحن لا نسمح لكم بهذا الكلام، والمس من شخصية الفاروق، إلا أن تأتوننا بدليل وبرهان.
قلت: ما ذكره المؤرخون في وصية عمر لأبي طلحة الأنصاري في تشكيل ورجحان الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف دليل ساطع وبرهان لامع على ما قلنا ، لأنه كان يعرف أن عبد الرحمن بن عوف يميل إلى عثمان وأن سعد بن أبي وقاص حاقد على أبي الحسن وحاسد له، فلا يميل إلى جانبه (ع)، فضمن عمر خلافة عثمان بهذه السياسة والكياسة وسماها شورى وما هي بشورى(28)!
شورى أم دكتاتورية!!
ولنا أن نعترض على حكم عمر وتفويضه الأمر النهائي إلى عبد الرحمن بن عوف، ونتساءل: بأي ملاك وعلى أي استناد شرعي وعرفي وعقلي ونظري يكون رأي ابن عوف مقدما على رأي الآخرين وأصوب؟ وكيف يكون رأي الثلاثة الذين فيهم ابن عوف نافذا، والثلاثة الأخرى إن لم توافق فمصيرهم القتل والإعدام؟!
ومن دواعي التعجب والاستغراب، تقديم رأي عبد الرحمن بن عوف على رأي أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع) في مثل هذا الأمر، مع روايتهم حديث رسول الله (ص): علي مع الحق والحق مع علي.
وقوله (ص): علي فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل.
وقد روى الحاكم في المستدرك، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء، والطبراني في الأوسط، وابن عساكر في تاريخه، والعلامة الكنجي في كفاية الطالب، والمحب الطبري في الرياض النضرة، والحمويني في فرائد السمطين، وابن أبي الحديد في شرح النهج، والسيوطي في الدر المنثور، عن ابن عباس، وسلمان، وابي ذر ، وحذيفة، أن النبي (ص) قال: ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يصافحني يوم القيامة، و هو الصديق الأكبر و هو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق و الباطل و هو يعسوب المؤمنين(29).


وقال (ص) في حديث مشهور لعمار بن ياسر ـ ونقلته لكم بإسناده وذكرت مصادره من كتبكم في الليالي الماضية ـ قال (ص): يا عمار! إن سلك الناس كلهم واديا و سلك علي وحده واديا، فاتبع عليا و خل عن الناس، يا عمار! علي لا يردك عن هدى، و لا يدلك على ردى يا عمار! طاعة علي طاعتي، و طاعتي طاعة الله.
مع هذا كله يقدم عمر عبد الرحمن بن عوف على الإمام علي (ع) ويقدم رأيه على رأي أمير المؤمنين سلام الله عليه، وهذا من الفحش الظلم في حق الإمام أبي الحسن (ع).
كل عاقل منصف، له أدنى إلمام بأمور الدولة والسياسة، يعرف سريرة عمر وغرضه من هذا الأمر، وهو الإطاحة بعلي (ع) وخذلانه والسعي لتنزيل مقامه الشامخ، ومكانه العلي.
وكل من له إطلاع وباع في كتب الرجال والأصحاب من قبيل الإصابة والاستيعاب، وحلية الأولياء وأمثالها، يعرف جيدا أن عليا (ع) لا يقاس بعبد الرحمن ، وأعلا من سائر أعضاء الشورى في الفضل والمناقب وفي المنزلة والمقام، وأنتم أيها الحاضرون!
راجعوا كتب الحديث والتواريخ والمناقب وطالعوها وأنصفوا وفكروا ثم احكموا في رأي عمر وتعيينه عبد الرحمن حكما في الشورى، وترجيح رأيه على الآخرين بما فيهم علي بن أبي طالب (ع)!
والله ما كانت الشورى العمرية إلا لعبة سياسية ومؤامرة تحزبية من مناوئي الإمام علي (ع) ومخالفيه، ليحرموه عن حقه ويبعدوه من مقامه للمرة الثالثة!!
فالخلفاء " الراشدون عندكم " نالوا الخلافة وتوصلوا إليها بأربعة طرق، كل واحد منهم وصل إلى الخلافة بشكل خاص وطريقة تخصه، فلا ندري أي طريقة منها وأي شكل من الأشكال مراد الله سبحانه ومقتضى شريعته ودينه! فإن تعينوا شكلا واحدا، فالأشكال الأخرى باطلة، وإن تقولوا: كل هذه الطرق والأشكال صحيحة وشرعية، نعرف أنكم لا تلتزمون لتعيين الخليفة والحاكم الشرعي، بطريق ثابت وقانون معين معلوم.
وأنتم الحاضرون ولا سيما العلماء الكرام، إذا تركتم التعصب والانحياز إلى مذهب أسلافكم ومعتقد آبائكم، ونظرتم إلى الحوادث والقضايا بعين الإنصاف والعدالة، وبنظر التحقيق والدلالة، لعرفتم أن الحق غير ما تلتزمون به وتعتقدونه.
الشيخ عبد السلام: نعم ولكن لو أمعنا النظر وتعمقنا في الموضوع على أساس بيانكم وغرار كلامكم، فإن خلافة سيدنا علي بن أبي طالب تتزلزل أيضا، لأن الناس نصبوه للخلافة وبايعوه هم الذين بايعوا من قبله من الخلفاء الثلاثة الراشدين ، ولا فرق بينه وبينهم.
خلافة الإمام علي عليه السلام منصوصة
قلت: هذا الإشكال يرد على من يعتقد بأن خلافة الإمام علي (ع) ومشروعيتها لإجماع الناس في المدينة بعد مقتل عثمان على خلافة الإمام وبيعتهم له، ولكنا نعتقد بالدليل والبرهان أن خلافة الإمام علي (ع) منصوصة من الله سبحانه بالأحاديث المكررة من رسول الله (ص)، وهو الخليفة الشرعي بعد رسول الله (ص) مباشرة وإن غصبوا حقه وأزالوه عن مقامه طيلة سنين عديدة. وحيث لم يجد أعوانا وأنصارا لإحقاق حقه، أمسى جليس الدار صابرا محتسبا، حتى أجمع الناس على بيعته بعد مقتل عثمان وألحوا وأصروا عليه، فقبل منهم البيعة وتعهد إدارة أمور المسلمين.
وقد بينا في المجالس السابقة وذكرنا لكم النصوص المروية في كتبكم ومسانيدكم المعتبرة، في تعيين النبي (ص) عليا خليفته على الأمة، وإن نسيتم حديثنا في موضوع الغدير وإمامة علي (ع) وخلافته، فراجعوا الصحف والمجلات التي نشرت حوارنا ومجالسنا السابقة، فقد استدللنا وأثبتنا ولاية علي (ع) وخلافته الشرعية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وإضافة إلى تواترها في كتب الشيعة فقد ذكرنا عشرات المصادر لها من كتب أعلامكم ومسانيد علمائكم، فالأحاديث التي ذكرناها في إثبات ولاية الإمام علي (ع) وخلافته متفق عليها وصحيحة بإجماع الشيعة والسنة.
ولكن لا يوجد حتى حديث واحد متفق على صحته بين الفريقين في ولاية وخلافة الثلاثة قبل الإمام علي (ع)، أو في خلافة أحد الأمويين والعباسيين.
الشيخ عبد السلام: لقد ورد عندنا عن رسول الله (ص) أنه قال: أبو بكر خليفتي في أمتي.
قلت: أولا... هذا الحديث غير مقبول عندنا ولم يروه أحد من علماء الشيعة، فضار غير متفق عليه.
ثانيا: لقد ذكرنا أقوال بعض أعلامكم في بطلان الأحاديث الموضوعة في فضل أبي بكر ومناقبه، وإضافة على ما مضى أنقل لكم قول أحد كبار علمائكم ومشاهير أعلامكم، وهو الشيخ مجد الدين الفيروز آبادي صاحب كتاب القاموس في اللغة، قال في كتابه " سفر السعادة ": إن ما ورد في فضائل أبي بكر، فهي من المفتريات التي يهد بديهة العقل بكذبها.

_____________________
19- ورد هذا المعنى: حب علي إيمان وبغضه نفاق، بعبارات شتى وعن طرق كثيرة ‏أخرجها المحدثون الكرام والعلماء الأعلام من أهل السنة في مسانيدهم وكتبهم ‏منهم: الإمام أحمد بن حنبل في المسند: ج6 / 192 ط. الميمنية بمصر، عن أم ‏سلمة سلام الله عليها، والعلامة البيهقي في كتاب المحاسن والمساي / 41، ط ‏بيروت / عن أم سلمة أيضا، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / 35، ط. ‏مؤسسة أهل البيت بيروت / قال: وأخرج الترمذي عن أم سلمة عن النبي (صلى ‏الله عليه وآله) قال: لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. حديث حسن ‏صحيح.‏
والمحب الطبري في الرياض النضرة: ج2 / 214، ط. مكتبة الخانجي بمصر وفي ‏ذخائر العقبي / 91، ط. مكتبة القدسي بمصر / رواه عن أم سلمة، والحافظ الذهبي ‏في ميزان الاعتدال: ج2 / 53، ط. القاهرة / عن أم سلمة والخطيب التبريزي في ‏مشكاة المصابيح / 564، ط. دهلي / عن أم سلمة والحافظ ابن حجر العسقلاني ‏في فتح الباري: ج7 / 57، ط. البهية بمصر / وفي تهذيب التهذيب: ج8 / 456، ط. ‏حيدر آباد / رواه عن أم سلمة، وروى عنها أيضا، الشيخ عبد القادر الخيراني في ‏سعد الشموس والأقمار / 210، ط. التقدم بالقاهرة، والعلامة النبهاني في الفتح ‏الكبير: ج3 / 355، والعلوي الحضرمي في القول الفصل: ج1 / 63، ط. جاوة، ‏والعلامة الامرتسري في أرجح المطالب / 512 و 523، ط. لاهور وروى ابن ابي ‏الحديد في شرح النهج: ج9 / 172 ، ط. دار إحياء التراث العربي قال: خطب النبي ‏‏(صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة فقال:... أيها الناس! أوصيكم بحب ذي قرباها، ‏أخي و ابن عمي علي بن ابي طالب، لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق، من ‏أحبه فقد أحبني و من أبغضه فقد أبغضني، و من أبغضني عذبه الله بالنار.‏
قال رواه أحمد (رضي الله عنه) في كتاب فضائل علي (عليه السلام)‏، وهو أخرجه ‏باسناده عن عبدالله بن حنطب عن ابيه ورواه العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة ‏‏/ 35، ط.مؤسسة أهل ‏البيت / بيروت، والعلامة محب الدين الطبري في ذخائر العقبي 91 /، ط. مكتبة ‏القدسي، وفي الرياض النضرة: ج2 / 214 ط. مصر، والحافظ الشيخ سليمان ‏القندوزي الحنفي في ينابيع المودة / 252، ط المطبعة الحيدرية، والعلامة ‏الامرتسري في أرجح المطالب / 41 و 513 428 ط. لاهور.‏
وفي رواية عن الإمام علي (عليه السلام) قال: عهد إلى النبي (صلى الله عليه ‏وآله) أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، رواه أحمد بن حنبل في المسند: ‏‏1/84، ط. مصر، وفي صحيح مسلم: ج1 / 60، ط محمد علي صبيح بمصر / باسناده ‏إلى الإمام علي (عليه السلام) قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي ‏الأمي (صلى الله عليه وآله) إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق، ورواه ‏الحافظ ابن ماجه في سنن المصطفى: ج1 / 55، ط. المطبعة التازيه بمصر ، ‏والحافظ الترمذي في صحيحه: ج13 / 177، ط. الصاوي بمصر، والنسائي في ‏الخصائص 27 / ط التقدم بمصر، والحافظ عبد الرحمن ابي حاتم في علل الحديث: ‏ج2 / 400 ط. السلفية بمصر، والحاكم في معرفة الحديث / 180 ط. القاهرة ‏والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: ج4 / 185، ط. السعادة بمصر، رواه باسناده عن ‏الإمام علي (عليه السلام) وقال: هذا حديث صحيح متفق عليه، وروى عنه (ع)، ‏الحافظ البيهقي في السنن: ج2 / 271 ط. الميمنية بمصر والخطيب البغدادي في ‏تاريخه: ج2 / 255، ط. السعادة بمصر، ورواه عن طريق آخر أيضا (ع) في ج8 / 418، ‏وعن طريق ثالث في ج 14 / 426 ورواه عن طريق رابع عنه (ع) في كتابه موضح ‏الجمع والتفريق / 468 ط. حيدر آباد، ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب: ج2 / 461 ‏ط. حيدر آباد، والقاضي محمد بن ابي يعلى في طبقات الحنابلة : ج1 / 320 ‏ط.القاهرة، والعلامة البغوي في مصابيح السنة: ج 1 / 201 ط. الخيرية بمصر، ‏والخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب: ج 228، ط. تبريز / روى باسناده ‏إلى الإمام علي (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ‏يحبك إلا مؤمن تقي ولا يبغضك إلا فاجر ردي، والحافظ ابن الجوزي في صفة الصفوة: ‏ج1 / 121 ط. حيدر آباد، وابن الأثير الجزري في جامع الأصول ج9 / 473 ط. السنة ‏المحمدية بمصر، وفي أسد الغابة: ج4 / 26 ط. مصر، والعلامة سبط ابن الجوزي ‏في التذكرة / 35، ط. مؤسسة أهل البيت بيروت، والشيخ محي الدين الدمشقي ‏في الأذكار / 355 ط. القاهرة، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبي / 91، ط. ‏القدسي بمصر، وفي الرياض النضرة: ج2 / 214، ط. مصر، والعلامة محمد بن مكرم ‏الافريقي في لسان العرب: ج3 / مادة عهد / وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد ‏السمطين، وابن تيمية الحراني في منهاج السنة: ج3 / 17 ، ط. القاهرة، وعلاء ‏الدين الخازن في تفسيره: ج2 / 180، ط. مصر، والعلامة الذهبي في دول الإسلام: ‏ج2 / 20، ط. حيدر آباد، وفي ميزان الاعتدال: ج1 / 334، ط. القاهرة وهو أيضا في ‏تاريخ الإسلام: ج2 / 189 ط. مصر، والعلامة الزرندي في نظم الدرر ط. مصر، والحافظ ‏أبو زرعة في طرح التثريب في شرح التقريب: ج1 / 86، ط. جمعية النشر بمصر، ‏والعلامة الشيخ تقي الحلبي في نزهة الناظرين / 39 ط. الميمنية بمصر، وابن حجر ‏العسقلاني في فتح الباري: ج7 / 57، وفي لسان الميزان: ج2 / 446 ، ط. حيدر ‏آباد، وفي الدرر الكامنة ج4 ص 308، ط. حيدر آباد، رواه بطرق شتى عن الإمام ‏علي (عليه السلام)‏. وجلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء / 66، ط. الميمنية ‏بمصر، والمتقي الهندي في كنز العمل المطبوع بهامش المسند: ج5 / 3 وابن حجر ‏المكي في الصواعق / 73 / ط. الميمنية بمصر، والشيخ أحمد بن يوسف الدمشقي ‏في أخبار الدول وآثار الأول / 102 ط. بغداد والعلامة المناوي في كنوز الحقائق / 46، ‏ط. بولاق بمصر ، وفي صفحة 192 و 203 من نفس الطبعة، ‏والعلامة عبد الغني النابلسي في ذخائر المواريث: ج3 / 15، والشيخ محمد الصبان ‏في اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار / 173، ورواه آخرون مثل النبهاني ‏في الشرف الموبد لآل محمد، والشيخ أحمد البناء في بدايع المنن، والشيخ محمد ‏العربي في إتحاف ذوي النجابة، ورواه كثير من ذكرنا، وروى العلامة العدوى ‏الحمزاوي في مشارق الأنوار / 122، طبع مصر عن عبد الله بن عباس عن النبي ‏‏(صلى الله عليه وآله): حب علي إيمان وبغضه كفر.‏
وروى الطحاوي في مشكل الآثار: ج1 / 48، ط. حيدر آباد، حديثا مسندا إلى عمران ‏بن حصين عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في علي: لا يبغضه إلا منافق.‏
وروى الحافظ الهيثمي في مجمع الزائد: ج9 / 133 ط. مكتبة القدسي بالقاهرة: ‏قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، وقال ‏رواه الطبراني في الأوسط، والقاضي ابن عياض رواه أيضا في كتابه الشفاء بتعريف ‏حقوق المصطفى: ج2 / 41 ومثله في تذكرة الحفاظ: ج1 / 10، ط. حيدر آباد، ومثله ‏في " نقد عين الميزان " للعلامة بهجت الدمشقي / 14، ط. مطبعة القيمرية، ‏والعلامة التونسي الكافي في السيف اليماني المسلول / 49.‏
وروى جماعة باسنادهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) من مات وفي قلبه بغض ‏لعلي ( رضي الله عنه)، فليمت يهوديا أو نصرانيا، رواه الحافظ الذهبي في ميزان ‏الاعتدال :ج 3 / 263، ط. حيدر آباد، وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان: ج4 / ‏‏251 و ج3 / 90 ط. حيدر آباد والعلامة الامر تسري في أرجح المطالب / 119، ط. ‏لاهور أو رووا بمعناه. وأخرج القندوزي في ينابيع المودة / 252 ط. المطبعة الحيدرية: ‏عن جابر قال : ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليا، قال: أخرجه أحمد وأخرج ‏الترمذي عن ابي سعيد الخدري ما هو معناه أيضا.‏
وفي صحيح الترمذي: ج13 / 168 ط. الصاوي بمصر، عن ابي سعيد الخدري قال: إنا ‏كنا لنعرف المنافقين ببغضهم علي بن ابي طالب، ورواه عن ابي سعيد ‏جماعة منهم: أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء: ج6 / 294 طبع مصر، والخطيب ‏البغدادي في تاريخه: ج13 / 153 ط. السعادة بمصر، والحافظ رزين بن معاوية ‏العبدري في الجمع بين الصحاح نقلا من سنن ابي دود بإسناده إلى ابي سعيد ‏الخدري. والعلامة ابن الأثير الجزري في جامع الأصول: ج9 / 473 ط. المحمدية ‏بمصر، وفي أسد الغابة: ج4 / 29 طبع مصر، والعلامة النووي في تهذيب الأسماء ‏واللغات / 248، ط. الميمنية بمصر، والعلامة الزرندي في نظم درر السمطين / 102، ‏ط. مطبعة القضاء، والعلامة الذهبي في تاريخ الإسلام: ج2 / 198 طبع مصر، ‏والعلامة السيوطي في تاريخ الخلفاء، / 170 ط. السعادة بمصر، وابن حجر المكي ‏في الصواعق / 73، ط. الميمنية بمصر، والمتقي الهندي في كنز العمال: ج6 / ‏‏152، والشيخ محمد الصبان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار / ‏‏174، ط. مصر، والشيخ عبد القادر الخيراني في سعد الشموس والأقمار / 210 ط. ‏التقدم بالقاهرة، والعلوي الحضرمي في القول الفصل / 448 ط. جاوا، والامرتسري ‏في أرجح المطالب / 513 طبع لاهور، والشيخ محمد العربي في إتحاف ذوي ‏النجابة / 154، طبع مصطفى الحلبي بمصر، كلهم أخرجوا رواية ابي سعيد الخدري، ‏وروى جمع من أعلام المحدثين باسنادهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال ‏أيضا مثل قول ابي سعيد وهذا نصه:‏
ما كنا نعرف منافقينا ـ معشر الأنصار ـ إلا ببغضهم عليا.‏
رواه الإمام احمد في المناقب /171، والخطيب البغدادي في كتابه موضح أوهام ‏الجمع والتفريق: ج1 / 41، ط حيدر آباد والحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب: الجمع ‏والتفريق: ج1 /41، ط حيدر آباد، والخطيب موفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب / ‏‏231، طبع تبريز، والمحب الطبري في ذخائر العقبى / 91، ط القدسي بمصر، ‏والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 / 132 ط القدسي بمصر، وقال: رواه ‏الطبراني في الاوسط والبزار مع تغيير في العبارة ورواه العلامة السيوطي في تاريخ ‏الخلفاء ‏/66، ط الميمنية بمصر، والعلوي الحضرمي في القول الفصل: ج1/448، ط جاوة، ‏وفي أرجح المطالب / 513، طبع لاهور، والعلامة الآلوسي في تفسير روح المعاني: ‏ج2/17، ط المنيرية بمصر، جاء فيه: ذكروا من علامات النفاق بغض علي كرم الله ‏وجهه فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا يبغضهم علي بن ابي طالب.‏
أقول: كل ذي إيمان وذي وجدان وإنصاف إذا نظر إلى هذه الروايات والعبارات وكثرتها ‏في كتب أهل العلم والحديث من أهل السنة وممن لا يشك في عدم انحيازهم ‏إلى علي بن ابي طالب بل يميلون إلى الجهة الأخرى، يتيقن بصدور هذا المعنى ‏كرارا من فم النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وفيما نقلنا في الباب تمام ‏الحجة وفصل الخطاب لمن أراد الحق والصواب، والسلام على من اتبع الهدى وسلك ‏سبيل الواحد الوهاب. ‏
((المترجم))
20- لكي يسمع القارئ الكريم شكوى إمامه أمير المؤمنين ‏(عليه السلام) ويعرف ‏حقيقة واقعة الجمل، اختطفت بعض النكات والجملات من نهج البلاغة وأنقلها في ‏هذا المجال: قال في الخطبة المرقمة /22 ـ حين بلغه خبر الناكثين طلحة والزبير ‏وأصحابهما، ومطالبتهم بدم عثمان: ـ ألا و إن الشيطان قد ذمر حزبه و استجلب ‏جلبه ليعود الجور إلى أوطانه و يرجع الباطل في نصابه و الله ما أنكروا علي منكرا و ‏لا جعلوا بيني و بينهم نصفا و إنهم ليطلبون دما هم سفكوه!! الخ. وقال (ع) في ‏كلام له في الخطبة رقم 148 من نهج البلاغة ـ يصف طلحة والزبير ـ: كلُّ وَاحِدٍ ‏مِنْهُمَا يَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ وَ يَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا يَمُتَّانِ إِلَى اللَّهِ بِحَبْلٍ وَلا يَمُدَّانِ ‏إِلَيْهِ بِسَبَبٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ وَ عَمَّا قَلِيلٍ يَكْشِفُ قِنَاعَهُ بِهِ!‏
وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا!‏
وَ لَيَأْتِيَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا! قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَأَيْنَ الْمُحْتَسِبُون؟ وقال (ع) في ‏خطبة ‏له من نهج البلاغة رقمها 172، في ذكر أصحاب الجمل: فخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ ‏اللَّهِ ص كَمَا تُجَرُّ الْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي ‏بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اللَّهِ ص لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلا وَ ‏قَدْ أَعْطَانِيَ الطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا ـ ‏بالبصرة ـ وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً ‏غَدْراً فَوَاللَّهِ إِنْ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلا جُرْمٍ ‏جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لا ‏بِيَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ!‏
وقال (ع) في كلام له خاطب به أهل البصرة / نهج البلاغة رقم 156 / قال (ع): وأما ‏فلانة ـ عائشة ـ فأدركها رأي النساء و ضغن غلا في صدرها كمرجل القين و لو ‏دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل و لها بعد حرمتها الأولى و الحساب ‏على الله تعالى.‏
والآن لكي يطمئن قلب القارئ الكريم إلى واقع الأمر ويعرف عائشة ونفسيتها أكثر ‏من ذي قبل، فأترك القلم بيد ابن قتيبة وهو من أعلام أهل السنة والمتوفى سنة ‏‏270 هجرية، فإنه كتب في كتابه الإمامة والسياسة /48، ط مطبعة الأمة بمصر / ‏تحت عنوان: خلافة عائشة (رض) على علي قال: وذكروا أن عائشة لما أتاها انه ‏بويع لعلي، وكانت خارجة عن المدينة فقيل لها قتل عثمان وبايع الناس عليا فقال: ‏ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض، فقتل والله مظلوما! وأنا طالبة بدمه!!‏
فقال لها عبيد أول من طمع الناس فيه أنت فقلت اقتلوا نعثلا فقد فجر!!‏
قالت: قد والله قلت و قاله الناس، وآخر قولي خير من أوله!‏
فقال عبيد: عذر والله ضعيف يا أم المؤمنين! ثم قال:‏

منك البداء و منك الغير     ومنك الرياح ومنك المطر
و أنت أمرت بقتل الإما     م وقلت لنا إنه قد فجر ((كفر))
و نحن أطعناك في قتله     وقاتله عندنا من أمــــر

قال: فلما أتى عائشة خبر أهل الشام أنهم ردوا بيعة علي وأبو أن يبايعوه، أمرت ‏فعمل لها هودج من حديد وجعل فيه موضع عينيها، ثم خرجت ومعها الزبير وطلحة ‏وعبدالله ومحمد بن طلحة.‏
أقول: وذكر ابن قتيبة في صفحة 52 تحت عنوان كتاب أم سلمة إلى عائشة.‏
قال: وذكروا أنه تحدث الناس بالمدينة بمسير عائشة مع طلحة والزبير ونصبهم ‏الحرب لعلي وتأليبهم الناس كتبت أم سلمة إلى عائشة: أما بعد فإنك سدة بين ‏رسول الله و بين أمته و حجابه المضروب على حرمته و قد جمع القرآن ذيلك فلا ‏تبذليه و سكن عقيرتك فلا تضيعيه الله من وراء هذه الأمة قد علم رسول الله مكانك ‏لو أراد أن يعهد إليك وقد علمت أن عمود الدين لا يثيب بالنساء ان مال، ولا يرأب ‏بهن ان انصدع، خمرات النساء غض الأبصار وضم الذيول، ما كنت قائلة لرسول الله لو ‏عارضك بأطراف الجبال والفلوات على قعود من الابل من منهل الى منهل. ان بعين ‏الله مهواك وعلى رسول الله تردين وقد هتكت حجابه الذي ضرب الله عليك عهيداه ‏ولو أتيت الذي تريدين ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييت أن ألقى رسول الله ‏هاتكة حجابا قد ضربه علي فاجعلي حجابك الذي ضرب عليك حصنك، فابغيه منزلا ‏لك حتى تلقيه فان أطوع ما تكونين اذا ما لزمته و أنصح ما تكونين اذا ما قعدت فيه ‏لو ذكرتك كلاما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنهشتني نهش الحيه ‏والسلام.‏
فكتبت إليها عائشة: ما أقبلني لوعظك و أعلمني بنصحك و ليس مسيري على ما ‏تظنين و لنعم المطلع مطلع فرقت فيه بين فئتين متناجزتين، فإن أقدر ففي غير ‏حرج و إن أحرج فلا غنى بي عن الازدياد منه والسلام!!‏
أقول وذكر ابن قتيبة في كتابه صفحة 57 قال: ولما نزل طلحة والزبير وعائشة ‏بأوطاس من أرض خيبر، أقبل عليهم سعيد بن العاص على نجيب له، فأشرف على ‏الناس ومعه المغيرة بن شعبة فنزل وتوكأ على قوس له سوداء، فأتى عائشة فقال ‏لها : أين تريدين يا أم المؤمنين؟ قالت: أريد البصرة قال: وما تصنعين بالبصرة؟ قالت : ‏أطلب بدم عثمان! فقال: هؤلاء قتلة عثمان معك!!‏
ثم أقبل على مروان فقال له: واين تريد أيضا؟ قال: البصرة.‏
قال: وما تصنع بها؟ قال: أطلب قتلة عثمان قال: فهؤلاء قتلة عثمان معك إن هذين ‏الرجلين ـ طلحة والزبير ـ قتلا عثمان وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، فلما غلبا عليه ‏قالا: نغسل الدم بالدم والحوبة بالتوبة!!‏
ثم قال المغيرة بن شعبة: أيها الناس ان كنتم إنما خرجتم مع أمكم فارجعوا بها خيرا ‏لكم وان كنتم غضبتم لعثمان فرؤساؤكم قتلوا عثمان!! وان كنتم نقمتم على علي ‏شيئا فبينوا ما نقمتم عليه.‏
أنشدكم الله فتنتين في عام واحد!! فأبوا إلا أن يمضوا بالناس، فلما انتهوا إلى ماء ‏الحوأب في بعض الطريق ومعهم عائشة نبحها كلاب الحوأب فقالت: لمحمد ابن ‏طلحة: أي ماء هذا؟ قال: هذا ماء الحوأب، فقالت: ما أراني إلا راجعة! قال: ولم؟ ‏قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لنسائه: كأني بإحداكن قد ‏نبحها كلاب الحوأب، وإياك أن تكوني أنت يا حميراء!!‏
فقال لها محمد بن طلحة: تقدمي رحمك الله ودعي هذا القول!‏
وأتى عبد الله بن الزبير فحلف لها بالله لقد خلفتيه أول الليل!!‏
أتاها ببينة زور من الأعراب فشهدوا بذلك!!فزعموا أنها أول شهادة زور شهد بها في ‏الإسلام!!‏
أقول هكذا عارضوا الحق بالباطل، هؤلاء الضّلال الذين ضلوا وأضلوا، فخالفوا كتاب الله ‏عز وجل اذ يقول:‏
(ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم) ‏البقرة 224.‏
فكيف اذ جعلوا الله سبحانه عرضة لأيمانهم ليشعلوا الفتنة ويشبوا القتال بين ‏المسلمين، لينالوا أمانيهم الفاسدة؟!‏
أقول: وذكر ابن قتيبة في صفحة 63 و64 تحت عنوان تعبئة الفئتين :.. ثم كتب علي ‏الى طلحة والزبير: أما بعد فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني و لم أبايعهم ‏حتى يبايعوني.. وزعمتم أني آويت قتلة عثمان، فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في ‏طاعتي ثم يخاصموا إلي قتلة ابيهم.‏
وما أنتما وعثمان، إن كان قتل ظالما أو مظلوما!!‏
ولقد بايعتماني، وأنتما بين خصلتين قبيحتين، نكث بيعتكما وإخراجكما أمكما.‏
و كتب إلى عائشة: أما بعد فإنك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى و لرسوله ‏تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ما بال النساء والحرب والإصلاح بين الناس؟! تطلبين ‏بدم عثمان!! و لعمري لمن عرضك للبلاء و حملك على المعصية أعظم إليك ذنبا من ‏قتلة عثمان و ما غضبت حتى أغضبت و ما هجت حتى هيجت فاتقي الله وارجعي ‏إلى بيتك.‏
فأجابه طلحة والزبير: إنك سرت مسيرا له ما بعده مسير ولست راجعا وفي نفسك ‏منه حاجة فامض لأمرك، أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك، ولسنا ‏بداخلين فيها أبدا، فاقض ما أنت قاض. وكتبت عائشة: جل الأمر عن العتاب ‏والسلام.‏
فانصف أيها القارئ... هل تعذر بالنسيان بعد هذا التذكير والتحذير؟! وهل لطلحة ‏والزبير عذر في عصيانهما وخروجهم؟! ‏
((المترجم))
21- سورة الأنعام، الآية 153.‏
22- سورة يوسف، الآية 108.‏
23- سورة النساء، 17.‏
24- سورة الأحزاب، الآية 33.‏
25- ذكر كثير من المؤرخين منع عائشة لدفن الإمام الحسن (ع) بجوار جده رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله) منهم أبو الفرج الاصبهاني في كتابه [ مقاتل الطالبين ] ‏‏74 قال: فأما يحيى بن الحسن صاحب كتاب " النسب " فإنه روى أن عائشة ركبت ‏ذلك اليوم بغلا. واستنفرت بنو أمية مروان بن الحكم ومن كان هناك منهم ومن ‏حشمهم وهو قول القائل فيوما على بغل ويوما على جمل.‏
ومنهم ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: ج16 / 14، ط. دار إحياء التراث ‏العربي نقل عن المدائني عن ابي هريرة... فلما رأت عائشة السلاح والرجال خافت ‏أن يعظم الشر بينهم وتسفك الدماء ـ هذا كله توجيه منه ـ قالت: البيت بيتي ولا ‏آذن لأحد أن يدفن فيه!‏
ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / 193، طبع بيروت وهذا نصه: ‏وقال ابن سعد عن الواقدي: لما احتضر الحسن قال: ادفنوني عند ابي يعني رسول ‏الله فأراد الحسين أن يدفنه في حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقامت بنو ‏أمية ومروان وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه!! قال ابن سعد: ‏ومنهم أيضا عائشة وقالت: لا يدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد!!‏
ومنهم أبو الفداء في " المختصر في أخبار البشر " ج1 / 183 طبع مصر قال: وكان ‏الحسن قد أوصى أن يدفن عند جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت ‏عائشة: البيت بيتي ولا آذن أن يدفن فيه.‏
ومنهم اليعقوبي في تاريخه وهو من أعلام القرن الثالث الهجري قال : وقيل: إن ‏عائشة ركبن بغلة شهباء وقالت: بيتي لا آذن فيه لأحد! فأتاها القاسم بن محمد بن ‏ابي بكر فقال لها: يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر، أتريدين أن يقال ‏يوم البغلة الشهباء؟! فرجعت.‏
ومنهم النيسابوري في روضة الواعظين / 143، ذكر أن ابن عباس خاطبها قائلا: وا ‏سوأتاه... يوما على بغل ويوما على جمل! أتريدين أن تطفئي نور الله، وتقابلين ‏أولياءه؟!‏
ولنا أن نتساءل: من أين جاء لها البيت الذي دفن فيه نبي الرحمة محمد (صلى الله ‏عليه وآله)؟ أما روى أبوها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: نحن معاشر ‏الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة، ولا دارا ولا عقارا، وبناء عليها منع سيدة النساء فاطمة ‏إرثها وحقها من ابيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولو فرضنا أن عائشة ردت ‏رواية ابيها وكذبته... فكم حصتها من الإرث؟ فقد قيل لها:‏
لك التسع من الثمن     و في الكل تصرفت
لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مات عن تسع زوجات وحصة الزوجة من الإرث ‏ثمن ما ترك الزوج من العمارات والأموال المنقولة... فأما الأرض فلا ترث، وعائشة ‏تصرفت في الأرض خلافا لحكم الله فدفنت أباها في بيت رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) وسكتت عن دفن عمر أيضا.‏
ونص بعض المؤرخين كما في كتاب " الدرر الثمينة في تاريخ المدينة ": / 404 أن ‏عائشة سمحت بدفن عبدالرحمن بن عوف في حجرة النبي (صلى الله عليه وآله).‏
فلنا أن نتساءل: هل أن عبدالرحمن أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله) من ‏سبطه الأكبر الإمام الحسن الذي كان يقبله في الملأ العام ويشمه ويضمه إلى ‏صدره ويقول: الحسن والحسين ريحانتي من الدنيا، ويقول (صلى الله عليه وآله): ‏اللهم إني أحبه وأحب من يحبه؟؟ فلا أدري لأي سبب تسمح عائشة لابن عوف أن ‏يدفن عند النبي (صلى الله عليه وآله) وتبعد ريحانته وفلذة كبده عنه (صلى الله ‏عليه وآله)؟! أكان ذلك استجابة منها لرغبة الأمويين!! أم للحقد الدفين؟ ‏
((المترجم))
26- نقل ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج9 / 198، ط. دار إحياء التراث ‏العربي عن الشيخ ابي يعقوب وقال فيه: أنه لم يكن يتشيع. قال: قال ثم ماتت ‏فاطمة، فجاء نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلهن إلى بني هاشم في ‏العزاء إلا عائشة فإنها لم تأت، و أظهرت مرضا، و نقل إلى علي (عليه السلام) عنها ‏كلام يدل على السرور!! ‏
((المترجم))
27- سورة الزلزلة، الآية 7 و 8.‏
28- ذكر ابن ابي الحديد قصة الشورى في شرح نهج البلاغة ج1/188 ط إحياء ‏التراث العربي، قال: وصورة هذه الواقعة أن عمر لما طعنه أبو لؤلؤة، وعلم أنه ميت.. ‏قال: إن رسول الله مات و هو راض عن هذه الستة من قريش: علي و عثمان و ‏طلحة و الزبير و سعد و عبد الرحمن بن عوف و قد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ‏ليختاروا لأنفسهم...‏
ثم قال ادعوا إلي أبا طلحة الأنصاري فدعوه له فقال انظر يا أبا طلحة إذا عدتم من ‏حفرتي فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم فخذ هؤلاء النفر بإمضاء ‏الأمر و تعجيله و اجمعهم في بيت و قف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا و ‏يختاروا واحدا منهم فإن اتفق خمسة و أبى واحد فاضرب عنقه و إن اتفق أربعة و ‏أبى اثنان فاضرب عنقيهما و إن اتفق ثلاثة و خالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد ‏الرحمن فارجع إلى ما قد اتفقت عليه فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب ‏أعناقهم و إن مضت ثلاثة أيام و لم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستة و دع ‏المسلمين يختاروا لأنفسهم.‏
أقول: إذا لم نسمي هذا الأمر القاطع والحكم الصادر من الخليفة في شأن أصحاب ‏الشورى بالهمجية والدكتاتورية، فماذا يسمى؟! ‏
((المترجم))
29- أيها القارئ الكريم لقد ورد هذا الحديث في كتب المحدثين ومسانيدهم ‏المعتبرة وأذكر لك بعضها من العامة وأعلام السنة حتى تسكن بها نفسك ويطمئن قلبك، ‏منها:‏
الاصابة لابن حجر: ج7/ القسم الاول ص167 قال: وأخرج أبو أحمد وابن مندة ‏وغيرهما من طريق اسحاق بن بشر الاسدي عن خالد بن الحارث عن عوف عن ‏الحسن عن ابي ليلى الغفارية قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ‏ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن ابي طالب، فإنه أول من آمن بي و ‏أول من يصافحني يوم القيامة و هو الصديق الأكبر و هو فاروق هذه الأمة و هو ‏يعسوب المؤمنين و المال يعسوب المنافقين.‏
وذكره ابن عبد البر أيضا في الاستيعاب:ج2/657، وابن الأثير أيضا في أسد الغابة: ‏ج5/ 287.‏
وفي مجمع الزوائد: ج9 /102 قال: وعن ابي ذر وسلمان قالا: اخذ النبي (صلى الله ‏عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فقال: ان هذا أول من آمن بي وهذا أول من ‏يصافحني يوم القيامة و هذا الصديق الأكبر و هذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق ‏والباطل، و هذا يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الظالمين.‏
ورواه الطبري والبزار عن ابي ذر وحده، وذكره المناوي أيضا في القدير في الشرح: ‏ج4/358، والمتقي في كنز العمال: ج6/156، وقال: رواه الطبراني عن سلمان وابي ‏ذر معا والبيهقي وابن عدي عن حذيفة. وفي الرياض النضرة للمحب الطبري : ‏ج2/155 قال: وعن ابي ذر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ‏لعلي (عليه السلام)‏: أنت الصديق الأكبر و أنت الفاروق الذي تفرق بين الحق ‏والباطل. (قال): وفي رواية وأنت يعسوب الدين. قال: خرجهما الحاكم.‏
وهناك مصادر اخرى كثيرة ذكرت بعضها في تعليقاتنا السابقة، وأكتفي بما ذكرت ‏فإن فيها الكفاية لمن أراد الحق والهداية. ‏
((المترجم))


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page