إن عليا (ع) كان متفانيا في الله سبحانه، فلا يريد شيئا لنفسه و لا يطلب المصالح الشخصية، بل أثبت في حياته وسلوكه أنه (ع) كان وراء المصالح العامة، وكان يبتغي مرضات الله تعالى بالحفاظ على الدين، وإبقاء شريعة سيد المرسلين، و لا يخفى أن الإسلام في ذلك الوقت كان بعد جديدا ولم ينفذ في قلوب كثير من معتنقيه، فكانوا مسلمين بألسنتهم ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، لذا كان الإمام علي (ع) يخشى من حرب تقع بين المسلمين إذا جرد السيف لمطالبة حقه بالخلافة التي كانت له لا لغيره، أو مطالبة فدك لفاطمة الزهراء (ع) أو مطالبة إرثها من أبيها رسول الله (ص)، الذي منعها أبو بكر بحجة الحديث الذي افتراه على النبي (ص): " نحن معاشر الأنبياء لا نورث "!
فسكت علي (ع) وسكن لكي لا تقع حرب داخلية، لأنه كان يرى في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين وإفناء الإسلام لو وقعت حرب بين المسلمين. وقد كان أكثرهم ينتظرون الفرصة حتى يرتدوا إلى الكفر.
لذلك جاء في روايات أهل البيت والعترة الطاهرة (ع) أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (ع) وهو جالس في البيت فقالت: يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، و قعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي و بلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألدّ في كلامي... الخ.
فأجابها علي (ع): نهنهي عن نفسك يا ابنة الصفوة، و بقية النبوّة، فما ونيت عن ديني، و لا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البُلْغةَ، فرزقك مضمون، و كفيلك مأمون، و ما أعدّ لك أفضل ممّا قطع عنك.
قالوا: فبينما علي (ع) يكلمها ويهدؤها وإذا بصوت المؤذن ارتفع ، فقال لها علي (ع): يا بنت رسول الله! إذا تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (ص) فاحتسبي الله واصبري.
فقالت: حسبي الله. وأمسكت.
فضحى علي (ع) بحقه وحق زوجته فاطمة وسكت عن المغتصبين، حفظا للدين وشريعة سيد المرسلين من الضياع والانهيار.
لماذا قعد علي عليه السلام ولم يطالب بحقه؟
- الزيارات: 2229