• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم رداً على الحشوية والمعتزلة

المناظرة الثامنة والاربعون(مناظرة الشيخ المفيد مع أبي بكر بن صراما)
حضر الشيخ المفيد مجلس أبي منصور بن المرزبان وكان بالحضرة جماعة من متكلّمي المعتزلة، فجرى كلام وخوض في شجاعة الامام ـ عليه السلام.
فقال أبو بكر بن صراما: عندي أنّ أبا بكر الصدّيق كان من شجعان العرب ومتقدّميهم في الشجاعة !
فقال الشيخ ـ أدام الله عزّه ـ: من أين حصل ذلك عندك ؟ وبأي وجه عرفته ؟
فقال: الدليل على ذلك أنّه رأى قتال أهل الردّة وحده في نفر معه، وخالفه على رأيه في ذلك جمهور الصحابة وتقاعدوا عن نصرته.
فقال: أما والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم، ولم يستوحش من اعتزال القوم له، ولا ضعّف ذلك نفسه، ولا منعه من التصميم على حربهم، فلولا أنّه كان من الشجاعة على حدّ يقصر الشجعان عنه لما أظهر هذا القول عند خذلان القوم له !
فقال الشيخ ـ أدام الله عزّه ـ: ما أنكرت على من قال لك: إنّك لم تلجأ إلى معتمد عليه في هذا الباب، وذلك أنّ الشجاعة لا تعرف بالحسّ لصاحبها فقط ولا بادّعائها، وإنّما هي شيء في الطبع يمدّه الاكتساب، والطريق إليها أحد الامرين: إمّا الخبر عنها من جهة علاّم الغيوب المطّلع على الضمائر جلّت عظمته، فيعلم خلقه حال الشجاع وإن لم يبدُ منه فعل يستدل به عليها.
والوجه الاخر: أن يظهر منه أفعال يعلم بها حاله كمبارزة الاقران، ومقاومة الشجعان، ومنازلة الابطال، والصبر عند اللّقاء، وترك الفرار عند تحقّق القتال، ولا يعلم ذلك أيضا بأوّل وهلة(1) ، ولا بواحدة من الفعل حتّى يتكرّر ذلك على حدّ يتميّز به صاحبه ممن حصل له ذلك اتّفاقا، أو على سبيل الهوج(2) والجهل بالتدبير، وإذا كان الخبر عن الله سبحانه بشجاعة أبي بكر معدوما وكان هذا الفعل الدالّ على الشجاعة غير موجود للرجل فكيف يجوز لعاقل أن يدّعي له الشجاعة بقول قاله ليس من دلالتها في شيء عند أحد من أهل النظر والتحصيل ؟ لاسيّما ودلائل جبنه وهلعه(3) وخوفه وضعفه أظهر من أن يحتاج فيها إلى التأمّل، وذلك أنّه لم يبارز قطّ قرنا(4) ولا قاوم بطلاً ولا سفك بيده دما، وقد شهد مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مشاهده، فكان لكلّ أحد من الصحابة أثر في الجهاد إلاّ له، وفرّ في يوم أحد، وانهزم في يوم خيبر، وولّى الدبر يوم التقى الجمعان، وأسلم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في هذه المواطن مع ما كتب الله عزّ وجلّ عليه من الجهاد ! فكيف تجتمع دلائل الجبن ودلائل الشجاعة لرجل واحد في وقت واحد لو لا أنّ العصبيّة تميل بالعبد إلى الهوى ؟
وقال رجل من طيّاب الشيعة كان حاضرا: عافاك الله أيّ دليل هذا ؟
وكيف يعتمد عليه وأنت تعلم أنّ الانسان قد يغضب فيقول: لو سامني السلطان هذا الامر ما قبلته، وإنّ عندنا لشيخا ضعيف الجسم، ظاهر الجبن، يصلّي بنا في مسجدنا فما يحدث أمر يضجره وينكره إلاّ قال: والله لاصبرنّ على هذا أو لاجاهدنّ فيه ولو اجتمعت فيه ربيعة ومضر !.
فقال: ليس الدليل على الشجاعة ما ذكرت دون غيره، والّذي اعتمدنا عليه يدلّ كما يدلّ الفعل والخبر، ووجه الدلالة فيه أنّ أبا بكر باتّفاق لم يكن مؤوف العقل، ولا غبيّا ناقصا، بل كان بالاجماع من العقلاء، وكان بالاتّفاق جيّد الاراء، فلولا أنّه كان واثقا من نفسه عالما بصبره وشجاعته لما قال هذا القول بحضرة المهاجرين والانصار وهو لا يأمن أن يقيم القوم على خلافه فيخذلونه، ويتأخّرون عنه ويعجز هو لجبنه أن لو كان الامر على ما ادّعيتموه عليه فيظهر منه الخلف في قوله، وليس يقع هذا من عاقل حكيم، فلمّا ثبتت حكمة أبي بكر دلّ مقاله الّذي حكيناه على شجاعته كما وصفناه.
فقال الشيخ ـ أدام الله عزّه ـ: ليس تسليمنا لعقل أبي بكر وجودة رأيه تسليما لما ادّعيت من شجاعته بما رويت عنه من القول، ولا يوجب ذلك في عرف ولا عقل ولا سنّة ولا كتاب، وذلك أنّه وإن كان ما ذكرت من الحكمة فليس يمنع أن يأتي بهذا القول من جبنه وخوفه وهلعه ليشجّع أصحابه، ويحضّ(5) المتأخّرين عنه على نصرته، ويحثّهم على جهاد عدوّه، ويقوي عزمهم في معونته، ويصرفهم عن رأيهم في خذلانه، وهكذا تصنع الحكماء في تدبيراتهم، فيظهرون من الصبر ما ليس عندهم، ومن الشجاعة ما ليس في طبائعهم حتّى يمتحنوا الامر وينظروا عواقبه، فإن استجاب المتأخّرون عنهم ونصرهم الخاذلون لهم وكلوا الحرب إليهم وعقلوا الكلفة بهم، وإن أقاموا على الخذلان واتّفقوا على ترك النصرة لهم والعدول عن معونتهم أظهروا من الرأي خلاف ما سلف، وقالوا: قد كانت الحال موجبة للقتال، وكان عزمنا على ذلك تامّا فلمّا رأينا أشياعنا وعامّة أتباعنا يكرهون ذلك أوجبت الضرورة إعفاءهم ممّا يكرهون، والتدبير لهم بما يؤثرون، وهذا أمر قد جرت به عادة الرؤساء في كلّ زمان، ولم يك تنقّلهم من رأي إلى رأي مسقطا لاقدارهم عند الانام، فلا ينكر أن يكون أبو بكر إنّما أظهر التصميم على الحرب لحثّ القوم على موافقته في ذلك، ولم يبد لهم جزعه لئلاّ يزيد ذلك في فشلهم، ويقوّي به رأيهم، واعتمد على أنّهم إن صاروا إلى أمره ونجع هذا التدبير في تمام غرضه فقد بلغ المراد، وإن لم ينجع ذلك عدل عن الرأي الاوّل ! كما وصفناه من حال الرؤساء في تدبيراتهم، على أنّ أبا بكر لم يقسم بالله تعالى في قتال أهل الردّة بنفسه، وإنّما أقسم بأنصاره الّذين اتّبعوه على رأيه، وليس في يمينه بالله سبحانه لينفذنّ خالدا وأصحابه ليصلوا بالحرب دليل على شجاعته في نفسه.
وشيء آخر: وهو أنّ أبا بكر قال هذا القول عند غضبه لمباينة القوم له، ولا خلاف بين ذوي العقول أنّ الغضبان يعتريه عند غضبه من هيجان الطباع ما يفسد عليه رأيه حتّى يقدم من القول على مالا يفي به عند سكون نفسه، ويعمل من الاعمال ما يندم عليه عند زوال الغضب عنه، ولا يكون وقوع ذلك منه دليلاً على فساد عقله، ووجوب إخراجه عن جملة أهل التدبير، وقد صرح بذلك الرجل في خطبته المشهورة عنه الّتي لا يختلف اثنان فيها، وأصحابه خاصّة يصولون بها، ويجعلونها من مفاخره، حيث يقول: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ خرج من الدنيا وليس أحد يطالبه بضربة سوط فما فوقها وكان ـ صلّى الله عليه وآله ـ معصوما من الخطأ، يأتيه الملائكة بالوحي، فلا تكلفوني ما كنتم تكلّفونه فإنّ لي شيطانا يعتريني عند غضبي، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني، لا أُوثر في أشعاركم وأبشاركم(6) فقد أعذر هذا الرجل إلى القوم فيما يأتيه عند غضبه من قول وفعل، ودلّهم على الحال فيه، فلذلك أمن من نكير المهاجرين والانصار عليه مقاله عند غضبه مع إحاطة العلم منهم بما لحقه في الحال من خلاف المخالفين عليه حتّى بعثه على ذلك المقال، فلم يأت بشيء(7) .
________________________________________
(1) يقال: لقيته أول وهلة او واهلة أى أول شيء.
(2) الهوج محركة: الطيش والتسرع.
(3) الهلع: الجبن عند اللقاء.
(4) القرن بالكسر: نظيرك في الشجاعة أو العلم.
(5) حضه على الامر: حمله عليه وأغراه به.
(6) تقدمت تخريجاته.
(7) الفصول المختارة ج1 ص85 ـ 89، البحار ج10 ص436 ح13. مناظرة المفيد «رحمه الله» مع شيخ من المعتزلة
المناظرة التاسعة والاربعون(مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم رداً على الحشوية والمعتزلة)
سأله بعض أصحابه فقال له: إن المعتزلة والحشوية يدعون أن جلوس أبي بكر وعمر مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في العريش كان أفضل من جهاد أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ(1) بالسيف لانهما كانا مع النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في مستقره يدبران الامر معه ولولا أنهما أفضل الخلق عنده لما اختصهما بالجلوس معه، فبأي شي يدفع هذا ؟
فقال له الشيخ ـ ادام الله عزه ـ: سبيل هذا القول أن يعكس وهذه القصة أن تقلب وذلك أن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لو علم أنهما لو كانا في جملة المجاهدين بأنفسهما يبارزان الاقران ويقتلان الابطال ويحصل لهما جهاد يستحقان به الثواب، لما حال بينهما وبين هذه المنزلة التي هي أجل وأشرف وأعلى وأسنى من القعود على كل حال بنص الكتاب حيث يقول الله سبحانه: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما)(2) .
فلما رأينا الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قد منعهما هذه الفضيلة وأجلسهما معه، علمنا أن ذلك لعلمه بأنهما لو تعرضا للقتال أو عرضا له لافسدا، إما بأن ينهزما أو يوليا الدبر، كما صنعا في يوم أحد(3) ، وخيبر(4) ، وحنين(5) ، فكان يكون في ذلك عظيم الضرر على المسلمين ولا يؤمن وقوع الوهن فيهم بهزيمة شيخين من جملتهم، أو كانا لفرط ما يلحقهما من الخوف والجزع يصيران إلى أهل الشرك مستأمنين أو غير ذلك من الفساد الذي يعلمه الله تعالى، ولعله لطف للامة بأن أمر نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بحبسهما عن القتال.
فأما ما توهموه من أنه حبسهما للاستعانة برأيهما فقد ثبت أنه كان كاملاً وأنهما كانا ناقصين عن كماله، وكان معصوما وكانا غير معصومين، وكان مؤيدا بالملائكة وكانا غير مؤيدين، وكان يوحى إليه وينزل القرآن عليه ولم يكونا كذلك، فأي فقر يحصل له مع ما وصفناه إليهما لولا عمى القلوب وضعف الرأي وقلة الدين، والذي يكشف لك عن صحة ما ذكرناه آنفا في وجه إجلاسهما معه في العريش قول الله سبحانه: (إنَّ الله اشترى من المؤمنين أَنفُسَهُم وأموالهم بأن لهُمُ الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلُون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن)(6) .
فلا يخلو الرجلان من أن يكونا مؤمنين أو غير مؤمنين، فإن كانا مؤمنين، فقد اشترى الله أنفسهما منهما بالجنة، على شرط القتال المؤدي إلى القتل منهما لغيرهما أو قتل غيرهما لهما، ولو كانا كذلك لما حال النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بينهما وبين الوفاء بشرط الله عليهما من القتل، وفي منعهما من ذلك دليل على أنهما بغير الصفة التي يعتقدها فيهما الجاهلون، فقد وضح بما بيّناه أن العريش وبال عليهما ودليل على نقصهما وأنه بالضد مما توهموه لهما والمنة لله(7) .
________________________________________
(1) وادّعى ذلك أيضا الجاحظ أبو عثمان وقال: إن فضل أبي بكر بمقامه في العريش مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يوم بدر أعظم من جهاد علي ـ عليه السلام ـ ذلك اليوم وقتله أبطال قريش.
وقد تصدى للردّ عليه أبو جعفر الاسكافي كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج ج13 ص281 وإليك جوابه نصا:
وكيف يقول الجاحظ: لا فضيلة لمباشرة الحرب، ولقاء الأقران، وقتْل أبطال الشرك ! وهل قامت عُمَدُ الاسلام إلاّ على ذلك ! وهل ثبت الدِّينُ واستقرّ إلا بذلك ! أتراه لم يسمع قول الله تعالى: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذيِنَ يُقاَتِلُونَ في سبيله صفّا كأنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) سورة الصف: الاية 4، والمحبّة من الله تعالى هي إرادة الثواب؛ فكلُّ مَنْ كان أشدّ ثبوتا في هذا الصفّ، وأعظم قتالاً، كان أحبّ إلى الله؛ ومعنى الافضل هو الاكثر ثوابا، فعلي ـ عليه السلام ـ إذا هو أحبُّ المسلمين إلى الله، لانّه أثبتُهم قدماً في الصفّ المرصوص، لم يفرّ قطُّ بإجماع الامّة، ولا بارزه قرْنٌ إلا قتله.
أتراه لم يسمع قول الله تعالى: (وفضَّل الله المُجاهدين على القاعِدِين أجْرا عظيما) ، سورة النساء: الاية 95 وقوله: (إنَّ الله اشتَرى مِنَ المُؤمِنِينَ أنفُسهُمْ وأموَالهُمْ بأنَّ لهُمُ الجنَّة يُقاتِلُون في سبيل الله فيقتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وعدا عليْهِ حقّا في التَّورَاةِ والانجيل والْقُرآنِ) ، ثم قال سبحانه مؤكِّدا لهذا البيع والشراء: (وَمَنْ أوفى بعهدِهِ مِنَ الله فاستبشرُوا ببيعكُمُ الَّذي بايعتُمْ به وذلك هُو الفوزُ العظيمُ) سورة التوبة الاية 111، وقال الله تعالى: (ذلك بأنَّهُم لا يُصيبُهُم ظمأ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطؤُون موطئا يغيظُ الكُفَّار ولا ينالُون من عدُوٍّ نيلاً إلاكُتب لهُمْ به عملٌ صالحٌ) سورة التوبة: الاية 120.
فمواقف النَّاس في الجهاد على أحوال؛ وبعضهم في ذلك أفضلُ من بعض؛ فمن دلف إلى الاقران، واستقبل السُّيُوف والاسنّة؛ كان أثقل على أكتاف الاعداء، لشدّة نكايته فيهم، ممّـن وقـف في المعركة، وأعان ولم يُقدم، وكذلك من وقف في المعركة، وأعان ولم يُقـدم؛ إلا أنه بحيث تنالُه السهام والنّبل أعظم عناء، وأفضل ممّن وقف حيث لا يناله ذلك، ولو كان الضَّعيف والجبان يستحقَّان الرياسة بقلّة بسط الكفّ وترك الحرب؛ وأنّ ذلك يشاكل فعل النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، لكان أوفر النّاس حظّا في الرياسة، وأشدّهم لها استحقاقا حسّان بن ثابت، وإن بطل فضلُ عليّ ـ عليه السلام ـ في الجهاد؛ لانّ النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كان أقلَّهم قتالاً، كما زعم الجاحظُ ليبطلنّ على هذا القياس فضلُ أبي بكر في الانفاق، لانّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كان أقلّهم مالاً !... الخ.
(2) سورة النساء: الاية 95.
(3) فرار أبي بكر يوم أحد:
راجع: شرح نهج البلاغة ج13 ص293، طبقات ابن سعد ج2 ص46 ـ 47، السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص58، تاريخ الخميس ج1 ص431، البداية والنهاية ج4 ص29، كنز العمال ج10 ص268 وص269.
فرار عمر يوم أحد:
راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج15 ص20 وص23 وص24، حياة محمد لهيكل ص265، كنز العمال ج2 ص242، حياة الصحابة ج3 ص497، المغازي للواقدي ج1 ص199، الكامل في التاريخ ج2 ص148.
وقال الفخر الرازي في تفسيره ج9 ص50 في ذيل تفسير قوله تعالى: (إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهم الشيطانُ ببعض ما كسبُوا) سورة آل عمران: الاية 155، قال: ومن المنهزمين ـ يعني يوم أُحد ـ عمر، إلا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين...
ومنهم: عثمان، انهزم مع رجلين من الانصار يقال لهما: سعد وعقبة، انهزموا حتى بلغوا موضعا بعيدا، ثمَّ رجعوا بعد ثلاثة أيّام، فقال لهم النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: لقد ذهبتم فيها عريضة.
(4) فرار أبي بكر وعمر يوم خيبر:
راجع: اُسد الغابة ج4 ص21، مسند أحمد ج6 ص353، البداية والنهاية ج4 ص186، مجمع الزوائد ج9 ص122 وص124، الكامل لابن الاثير ج2 ص216، المستدرك للحاكم ج3 ص37.
(5) فرار أبي بكر يوم حنين:
راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج13 ص293، الصحيح من سيرة النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ج3 ص282.
فرار عمر يوم حنين:
راجع: صحيح البخاري ج6 ص80، كتاب التفسير باب قوله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) سورة التوبة: الاية 25، سيرة المصطفى لهاشم معروف الحسيني ص618.
(6) سورة التوبة: الاية 111.
(7) الفصول المختارة ص14 ـ 16، بحار الانوار ج10 ص417 ح7.
المناظرة الخمسون(مناظرة المفيد (ره) مع شيخ من المعتزلة)
وذكرت بحضرة الشيخ أبي عبدالله ـ أدام الله عزه ـ ما ذكره أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ـ رحمه الله ـ في كتاب (الانصاف) حيث ذكر أن شيخا من المعتزلة أنكر أن تكون العرب تعرف المولى سيدا وإماما، قال: فأنشدته قول الاخطل(1) :

•    فما وجدت فيها قريش لامرهــا وأورى بزنديه ولو كان غيــره فأصبحت مولاها من الناس كلهم وأحرى قريش أن تهاب وتحمـدا
•    أعف وأولى مـن أبيـك وأمجـدا بغداة اختلاف الناس أكدى وأصلدا وأحرى قريش أن تهاب وتحمـدا وأحرى قريش أن تهاب وتحمـدا
قال أبو جعفر: فأسكت الشيخ كأنما ألقم حجرا، وجعلت أستحسن ذلك.
فقال لي الشيخ أبو عبد الله ـ أدام الله عزه ـ: قد قال لي أيضا شيخ من المعتزلة: إن الذي تدعونه من النص الجلي على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ شيء حادث، ولم يك معروفا عند متقدمي الشيعة ولا اعتمده أحد منهم وإنما بدأ به وادعاه ابن الراوندي في كتابه في الامامة، وناضل عليه ولم يسبقه إليه أحد، ولو كان معروفا فيما سلف لما أخلّ السيد إسماعيل بن محمد(2) ـ رحمه الله ـ به في شعره ولا ترك ذكره في نظمه مع إغراقه في ذكر فضائل أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ومناقبه حتى تعلق بشاذ الحديث وأورد من الفضائل ما لا نسمع به إلا منه، فما باله إن كنتم صادقين لم يذكر النص الجلي ولا اعتمده في شيء من مقاله وهو الاصل المعول عليه لو ثبت.
فقلت له: قد ذهب عنك أيها الشيخ مواضع مقاله في ذلك لعدولك عن العناية برواية شعر هذا الرجل، ولو كنت ممن صرف همته إلى تصفح قصائده لعرفت ما ذهب عليك من ذلك، وأسكنتك المعرفة به عن الاعتماد على ما اعتمدته من خلو شعره على ما وصفت في استدلالك بذلك، وقد قال السيد إسماعيل بن محمد ـ رحمه الله ـ في قصيدته الرائية التي يقول في أولها:

•    ألا الحمد للّه حمدا كثير اوليّ المحامد ربا غفورا
•    اوليّ المحامد ربا غفورا اوليّ المحامد ربا غفورا
حتى انتهى إلى قوله:

•    وفيهــم علـي وصي النبــي وكان الخصيص به في الحيــاة وصاهره واجتبـاه عشيـرا(3)
•    بمحضرهم قـد دعـاه أميــرا وصاهره واجتبـاه عشيـرا(3) وصاهره واجتبـاه عشيـرا(3)
أفلا ترى أنه قد أخبر في نظمه أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ دعا عليا ـ عليه السلام ـ في حياته بإمرة المؤمنين واحتج بذلك فيما ذكره من مناقبه ـ عليه السلام ـ فسكت الشيخ وكان منصفا(4) .
________________________________________
(1) هو أبو مالك غياث بن غوث التغلبي، من شعراء الدولة الاموية البارزين مات سنة 92 هـ.
(2) هو السيد الحميري، الشاعر الطائر الصيت المولود سنة 105 والمتوفى سنة 173 أو سنة 179. صاحب القصيدة المشهورة:

•    لام عمرو باللوى مربع طامسة اعلامهـا بلقـع
•    طامسة اعلامهـا بلقـع طامسة اعلامهـا بلقـع
من اصحاب الصادق ـ عليه السلام ـ، ومن شعراء اهل البيت ـ عليهم السلام ـ المجاهرين، حاله في الجلالة ظاهر، ومجده باهر، قال العلامة في حقه: ثقة جليل القدر عظيمُ الشأن والمنزلة، وكان في بدء الامر كيسانياً ثم إمامياً، وقيل له كيف تشيعت وأنت شامي حميري فقال: صبت عليَّ الرحمة صبّاً فكنت كمؤمن آل فرعون، وروي ان الصادق ـ عليه السلام ـ لقاه، فقال: سمتك امك سيّداً ووفقت في ذلك أنت سيّد الشعراء، وقيل ان له في اهل البيت ـ عليهم السلام ـ نحو الفين وثلاثمائة قصيدة.
انظر ترجمته في تنقيح المقال للمامقاني ج1 ص142ـ144،سفينة البحارج1 ص335ـ337.
(3) ديوان السيد الحميري ص224، رقم القصيدة: 78 باختلاف في البيت الثاني والمذكور هكذا.
علي إمام وصيّ النبي بمحضره قد دعاه أميرا والبيت الاول قد ذكر في ص210 قصيدة رقم: 75، راجع: مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص56، أعيان الشيعة ج3 ص423.
(4) الفصول المختارة ص4 ـ 5.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page